الوطن بين منطق أرسطو طاليس ومنطق رائق النقري

أرسطوالسؤال دائما أهم من الإجابة
السؤال الصائب قد يتبعه جواب صائب أما السؤال الخاطئ فليس له الا جواب خاطئ
يطرح الصديق حمزة السؤال التالي :هل الوطن جوهر نادر ؟!
كمقدمة لحوار افتراضي بفقرة واحدة بين الجوهر الأرسطي و الشكل الحيوي.
فهل السؤال صائب ؟
رائق تاماراالإجابة : هي نعم ولكن ثمة ملاحظات عليه وعلى إجابة حمزة في تعريف المنطق الجوهراني الأرسطي للمواطنة بالمقارنة مع تعريف منطق الشكل الحيوي لها ..وهو موضوع هام جدا لكونه يتعلق بماهو اكثر من الوطن كمكان جغرافي الى الوطن كنظام سياسي ..
بداية وباختصار , ماهي – بأسطر – مبادئ المنطق الحيوي الخنس للمواطنة ؟
الرد هو

أن الوطنية هو تعبير عن مصالح مشتركة بين البشر , وهي ايجابية عندما لايحمل اي تمايز استعلائي عنصري , ولكن حتى لو تحوى مصالح عنصرية جوهرانية فإن الوطن يبقى خاضعا للمنطق الحيوي تفسير وتقيما :
1- المواطنة شكل أو طريقة تشكل بدلالة عدم وجود هوية جوهرانية ثاتة لمعمارية التوطن , حيث يمكن تغيير ظروف طرائق مصالح وصلاحيات المواطنة – بقليل او كثير –
2- المواطنة حركة بدلالة فروق الجهد بين الوطن المعيش واقعيا والوطن الحلم
3- المواطنة احتوائية بدلالة عدم وجود مواطنة ميتة حتى ولو اكره عليها , وبقرينة كل يحب وطنه ويتعلق بوطنه حتى ولو كان فقيرا مجدبا صجروايا ويسوده نظام فاسد او حتى عندما يهجر عنه ظلما
4- المواكنة احتمالية بدلالة تعدد احتمالات ومسارات الوطن أي بحسب تنوع امكانات ظروف وأبعاد تشكل الأوطان والمواطنة الحيوية تسعى الى الى تجاوز القصور في المواطنة ليثبح الوكن متحررا من القصور
5- المواطنة نسبية بدلالة خصوصية المصالح النفسية والمادية والتاريخية
التي تربط كل انسان بوطنه الخاص به ضمن قانون محبة الأوطان والبحث عن المواطنة اللألأكثر حيوية التي تسود البشر بشكل عام .. الذي يعبر عنه بأقول
يا منازال كم لك في القب منازل
ووطني وإن جار علي عزيو

ومن هنا فإن االاختلاف الأول بين منطق الشكل الحيوي للوطن ومنطق الجوهر الصوري هو أنه ليس ثمة جوهر ثابت احادي المصالح حتمي مطلق لمصالح الوطن وصلاحية المواطنة
ومن ذلك تختلف مواطنة عن

دعونا اولا نتعرف على إجابة الباحث الحيوي حمزة رستناوي عن الفوارق بين المنطقين الحيوي والصوري :

7 تعليقات

  1. هل الوطن جوهر نادر ؟! حوار بين الجوهر الأرسطي و الشكل الحيوي.
    الوطن “وطن ما ” هو جوهر من النوع الجزئي استنادا للمنطق الأرسطي , و هو جوهر لأنه يقوم بذاته فليس للوطن ضد, و لا يقبل الوطن الأكثر و الأقل, فليس ثمَّة وطن بأكثر وطنيّة أو أقل من وطن آخر.
    *تعقيب من منظور المنطق الحيوي: ليس ثمّة جوهر للوطن يقوم بنفسه بمعزل عن أعراض الجغرافيا و التاريخ و السكان و الإدارة السياسية و المشاعر الإنسانية ..الخ ؟! . و قابلية الوطن لتوارد الصفات المتضادة عليه: جميل /قبيح, وطن حر / محتل..الخ ,لا يعني أن لهذا الوطن ماهية ثابتة ليست في موضوع. فإذا سلمنا – جدلا ً- بأن الوطن جوهر , و بأن الأعراض مساحته كذا , و عدد سكانه كذا, و يتكلم قاطنوه اللغة الفلانية , و هو تحت الاحتلال أو حر, و هو ذو نظام حكم ديمقراطي أو استبدادي., و هو ذو طبيعة مناخية كذا..الخ. فإنَّ هذه الأعراض- أبعاد وجود الكينونة بما فيها الأبعاد النفسية – و طريقة تشكّلها هي في حقيقة الأمر تُشكِّل “جوهر” الوطن. و الوطن يزول – زمنيا- بزوال أعراضه, فمفاهيم مثل الوطن الروماني: نسبة للإمبراطورية الرومانية القديمة , زال بزوال أعراضه. و هكذا كل وطن..الخ ,فالأوطان يُعاد تشكّلها تاريخيا من خلال صيرورة حركية احتوائية احتمالية نسبية. و لكن ماذا نقول لمن يضحّي بنفسه في سبيل الوطن “وطنه” ! و هذا حدث متكرر في تاريخ التجربة الإنسانية ؟ أليست هذه التضحية و الاعتقاد بالوطن برهان جوهرانية الوطن؟ إجابتي: صلاحية و حيوية مفهوم “الوطن” و “التضحية في سبيل الوطن “عبر التاريخ,لا يقتضي الإيمان بجوهرانية الوطن. بل إن هذه “الاعتقادية الجوهرانية” قد تكون مسئولة على مُصَادَرة مفهوم الوطن لصالح شخص أو فئة..الخ و بالتالي تجريد هذا الوطن عن سياقات تشكّله و صيرورته الحركية الاحتوائية الاحتمالية النسبية.
    “حمزة رستناوي”

    إعجاب

    • يسأل الكاتب حمزة :
      هل الوطن جوهر نادر ؟!
      والرد هو كما بقول لليس ثمة جوهر ثابت للوطن لامن حيث الحدود ولامن حيث صلاحية المواطنة , ولكن ادخال كلمة نادر قد تشوش القارئ , فالندرة هي صفة لماهو غال الثمن , وبالتأكيد الوطن غالي ولكون غلاوته ليست من ندرته , بل من مدى صلاحية التعلق به من حيث المعيشة وتحوي ابعاده الاجتماعية المختلفة
      ولذلك فالإتماء الوطني مع غلاوته ليس استصنائيا ولا نادرا بل هو فطرة محبة شائعة .. كما يحب أو يألف المرأ أهله ونفسه
      ولذلك فالانتماء الوطني هو انتماء للذات .. نعدما تعناني الذات اغترابا ا او تهجيرا او ظلما فو جوعا او تهديدا فإن المرء يصاب بالغضب والحزن إما إذا تم اختلاله وتومحاولة تعيير لغة وعقائد سكانه فإن الناس قد تفضل الهرب او المواجهة ان استطاعت , وقد تتحول المواجهة الى عصيان وتمرد مسلح في سبيل الدفاع عن مصالح الوطن التي تتعرض الى التهديد
      ولكن الدفاع عن مصالح وصلاحية الوطن لاتصل – مهما تعاظمت سلبياتها الى درجة الخيانة انتقاما عما يراه بعضهم ظلما ..
      ولذلك فإن خيانة الأوطان والتحالف مع العدو من أجل تمزيق وقتل وحدة الوطن وأمنه والسلم الأهلي فيه هو أمر مدان في كل الشرائع التي يقرها عامة الناس عبر العصور

      ولذلك فمن يخون يندم ندما شيديدا بينه وبين نفسه ويحس ان العار يجلله

      ولذلك فإن الأمم تمجد ابطالهها الذين يرفعون راية الحياة والعدل والحرية فيها ولها على الأقل

      ومن ذلك فاللحظة الأصعب على نفس أي مهاجر هي الموت خارج الوطن حتى وان استوطن لعشرات السنوات بلدا آخر وحتى ولو كان منعما فيه , ويتمتع بكل حقوق المواطنة المحترمة فيه
      الوطن اغنية تهز النفس في كل حين ولا نمل منها

      ولكن ومع ذلك فالهوية الوكنية ليست جوهرا ثابتا وليسا أحادية حتمية مطلقة ويمكن مقايستها بمربع المصالح .. فالمصلحة التوحيدية هي المصلحة الأكثر وطنية حتى ولو كانت التوحيد بين أوطان مختلفة اللغات والعقائد والعرق والثروات .. لكون وطن الانسان الأكثر حيوي هو مواطنة انسانية عالمية تعبر عن نفسها بخصوصيات ومسارات وتحويات وحركات وأشكال متعددة .

      إعجاب

      • أوضح أرسطو طاليس موقفه عن الوطن والمواطنة في مستويين
        وقصور منطق أرسطو للمواطنة يمكن أن يستدل بشكل نظري من خلال اسقاطات مبدأ الهوية الجوهرانية الثابتة او مايسمه المقولة الأولى
        وعلى هذا المستوى فإن الوطن جوهر ثابت وحق او صلاحية المواطنة ثابتى وهي هنا تتجدسد عمليا بكون الدولة اأرسطية هي دولة سادة وعبيد , فالسادة هم اهل اثينا والمقدونيين والاغريق وماعدا عذا لك فهم عبيد ,

        ورد منطق رائق النقري للوطن والمواطنة يمكن أن يستدل قصور المنطقي الأرسطي لمصالح الوطن والمواطنة من خلال تعريف المواطنة بوصفها شكل حيوي بوصفه فطرة انسانية وحق لكل البشر على أساس مساواتهم أمام القانون الحيوي

        منطق رائق النقري يشخص قصور منطق أرسطو من خلال تطبيق قياس سريان بداهة المصالح التي يعرضها منطق ارسكو حول جوهر الوطن والمواطنة حيث الحكم هو تعطيل سريان البداهة بقرينة مفالطة المبدأ الأول للقانون الحيوي للكون

        كما يمكن لمنطق رائق النقري أن يفسر قصور منطق أرسطو من خلال تعرف قيم بداهة كعبة المصالح التي يطوف حولها , ومن خلال خلال إعادة تسويق مصالح أرسطو بتعرف سياق المصالح السببية والقيمية والوظيفية والظرفية التي أملت على أرسطو ذلك القصور ويمكننا من الخروج بدروس حيوية في مصالح الوطن والمواطنة

        ولابأس هنا من عرض لمحة منشورة عن كتاب السياسية لآرسطو الذي يشرح فيه افكارا ذات صلة بالموصوع :

        “كتاب السياسة لأرسطو وصلنا ناقصا ومضطرب الفصول. وقد عرض فيه أرسطو نظريته في الدولة ، فعارض في آن معا، شيوعية سقراط وأفلاطون المبنية على حب العقل، ومذهب السفسطائيين الذين اعتبروا الدولة حصيلة اتفاق يبرم بين الناس، ودعوى الكلبيين الفردية والكوزموبوليتية النزعة. فالدولة، في نظره، هي أعلى أشكال المجتمع، ولئن سبقتها في الزمن موجودات وكيانات أخرى، فهي تسبق بالمقابل، وفق المنظور المطلق، الفرد والأسرة والقرية، إذ لا الإنسان بمفرده ولا تجمعاته يكتفيان بذاتهما، في حين أن الدولة وحدها تحوز قيمتها بذاتهما، في حين أن الدولة وحدها تحوز قيمتها بذاتها. الإنسان إذن “حيوان سياسي” بطبيعته. وما دامت الدولة تتألف من أسر، يتعين بالتالي دراسة العناصر التي تألف منها الأسرة وهي: الزوج والزوجة ، الأب والأولاد، السيد والعبيد. يدرس أرسطو، أول ما يدرس، العلاقات بين السيد والعبد ويرى في العبودية عنصرا أساسيا من عناصر الاقتصاد ، عنصرا يستحيل إلغاؤه “نظرا إلى أن المكاكيك لا تحوك النسيج من تلقاء ذاتها”. ولا يكتفي أرسطو باعتبار التفاوت بين من يأمر ومن يطيع طبيعيا وعادلا، بل إنه يذهب إلى حد القول بأن العبد عبد بطبيعته. لكن قد يحصل أن يتحول أحرار إلى عبيد من جراء الحروب، هه الواقعة قادت أرسطو إلى إدخال مفهوم العبدية القانونية الخالصة: لا، فإن ما يميز الحر عن العبد، في المقام الأخير، هو التمايز بين الفضيلة والرذيلة. أما وجه الاختلاف بيبن سلطة الدولة وسلطة السيد فتكمن في أن الدولة تمارس سلطتها على كائنات حرة.
        فيما يتعلق بالسلطة التي يمارسها للسيد على أفراد أسرته الأحرار، يقيم أرسطو تمايزا بين وضع الزوجه ووضع الأولاد. فالسلطة الممارسة على الزوجة شبيهة بالسطلة التي يمارسها حكم جمهوري . أما السلطة الممارسة على الأولاد، فشبيهة بسلطة النظام الملكي. وينتقل المؤلف بعد ذلك إلى تعريف المواطن الحقيقي، فيرى أن المواطنية الحقة لا تتمثل بالإقامة في المدينة وبالتمتع بحق رفع دوعى، على سبيل المثال، وإنما بالمشاركة في العدل والقضاء. إذن فخاصة المواطن أن يعرف كيف يطيع ويأمر في آن معا. ولا يستطيع الحرفيون والتجار أن يكونوا مواطني دولة كاملة، لأن الفضيلة السياسية تتطلب وقت فراغ. والسيادة، في الدولة، هي خاصة الحكم. وثمة أنماط ثلاثة قبل فرد واحد، أو من قبل عدد محدود من الأفراد، أو من قبل مجموعة كبيرة من الأفراد: وهكذا تكون لدينا على التوالي الملكية والأرستقراطية والجمهورية. وتناظر هذه النماذج الثلاثة الأشكال المنحطة التالي: الاستبدادية والأوليغارشية والديموقرايطة . والجمهورية هي، إلى حد مان تركيب بين الأوليغارشية والديموقراطية: فهي تحتفظ بفوائدهما وتسقط سيئاتهما، نظرا إلى أن التوازن فيها يتحقق عن طريق طبقة وسطى ويستحيل تحديد أيها الأفضل بين الأشكال الثلاثة غير المنحطة: فلا بد من أن تؤخذ بعين الاعتبار الخصائص المميزة لكل شعب لتحديد هوية الشكل الذي يناسبه أكثر. لكن ما يمكن الجزم به بالمقابل، هو أن ما من شعب قابل للتكيف مع الاستبدادية أو مع أي شكل آخر من أشكال الحكم المنحطة، لأن هذه الأشكال تتنافى مع الطبيعة، وللدول وظائف ثلاث: المداولة، والإدارة والمقاضاة. وهي وظائف تتناسب، في خطوطها العريضة، مع التمييز العصري بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وإمبريالية بعض الأمم مبررة، فهذه الأمم، ومنها الأمة الإغريقية، تمثل بطبيعتها قمة الحضارة، وهي مخولة بالتالي حق فرض حكمها وإرادتها على “الهمج”. لكن ما عدا ذلك، فإن ما من شكل من أشكال السيطرة مشروع. وحرصا على مصلحة الأفراد، يتعين أن تتولى الدولة شؤون التربية .
        إن دراسة أرسطو المسبقة لدساتير مئة وثماني وخمسين دولة مكنته من أن يعطي كتاب السياسة شموية جعلت من قراءته، حتى في هذه الأيام، أمرا مفيدا.”
        http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9_(%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8)

        إعجاب

  2. “أعوذ بالله من السياسة، ومن لفظ السياسة، ومن معنى السياسة، ومن كل حرف يلفظ من كلمة سياسة، ومن خيال يخطر ببالى من السياسة، ومن كل أرض تذكر فيها السياسة، ومن كل شخص يتكلم أو يتعلم أو يجن أو يعقل في السياسة، ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس”
    بهذه الألفاظ عبر الأستاذ الإمام، الشيخ محمد عبده عن رأيه في السياسة، وهو رأى كما ترى واضح صريح بعيد عن كل مواربة أو تلميح، والشيخ محمد عبده علم من أعلام الفكر فى تاريخنا الحديث، ومصلح من أعظم المصلحين، وإمام من أئمة الدين، فهو من يعتمد بآرائهم، ويعتمد علي حسن تقديرهم.
    ولكن، هل تستحق السياسة حقاً هذا السخط، فيستعاذ بالله منها كما يستعاذ من الشيطان الرجيم، أم أن هذا الذي كتبه الشيخ محمد عبده فيها ينطوي على شيء كثير من المغالاة، وربما ينطوي أيضاً على شيء كثير أو قليل من الدعابة وخفة الروح ورشاقة الأسلوب؟
    إن لفظ سياسة اليوم لا يزال اليوم كما كان أيام الشيخ محمد عبده، يحمل معه طائفة من المعانى التى بعث الريبة وتدعو إلى الحذر، فالنفوس لا تطمئن إلى لفظة السياسة ولا إلى معنى السياسة، والقلوب لا تستسلم إلى ساس ويسوس وسائس ومسوس، وهذا مؤسف حقا ومحزن حقا، لأن السياسة في الواقع ونفس الأمر هى أرفع الفنون البشرية منزلة، وأعلاها قدراً.. والسبب في ذلك واضح وبسيط، فكل فن من الفنون إنما يرمى إلى تحقيق فائدة لنفر من الناس أو جماعة من الجماعات، أما فن السياسة فغرضه نفع الناس جميعا وفى ذلك يقول ارسطوطاليس في أول كتابة المسمى “بوليتيكا” أو “السياسة”: إذا كانت كل جماعة من الجماعات، إنما يقصد بها قسط من الخير، فإن الدولية أو الجماعة السياسية، وهى التى تنتظم فيها كلها.. هى أرفعها جميعا. ولذلك كانت الخير الذي يقصد بها أعظم درجه من أى خير أخر، فهو أعلى مراتب الخير. وقد خص ارسطوطاليس “البوليتيكا” أو أو “السياسة” بمؤلف كامل من مؤلفاته الخالدة، مقسم إلى ثمانية كتب، شرح فيها طرائف الحكم، وأغراضه، ووسائله، وبين الأنواع المختلفة للحكومات، وخصائصها، وفاضل بين مزاياها، ووازن بين عيوبها.

    فالسياسة التى يتكلم عنها ارسطوطاليس ليست السياسة التى تحمل معها تلك المعانى المؤسفة المحزنة حقاً، التى أشرت إليها، والتى استعاذ منها المرحوم الشيخ محمد عبده، و”البوليتيكا” في نظر أرسطوطاليس ليست كما يفهمها العامة نوعا من الدجل أو الشعوذة أو الضحك على الدقون، بل إن السياسة أو البوليتيكا علم من أرفع العلوم، وفن يسمو على جميع الفنون، يُقصد به الخير الذي ليس بعدة خير والنفع الذي ليس فوقه نفع، لأنة خير عميم لجميع البشر، ونفع جزيل يشمل البرية قاطبة والإنسانية جمعاء،

    وإلى جانب مؤلف أرسطوطاليس في السياسة نجد مؤلفاً آخر لا يقل عنه أهمية وشهرة، كتبه حكيم أخر من حكماء الإغريق، هو الفيلسوف بلاتون أو أفلاطون، تلميذ سقراط العظيم، ويعرف هذا المؤلف باسم “الجمهورية” أو “الدولية”، كتبه أفلاطون على شكل حوار بين سقراط وبين نفر من أصحابه، وفى هذا الحوار يناقش أفلاطون على لسان سقراط وأصحابه فكرة العدالة واتصالها بحياة الفرد وحياة المجتمع، ثم يتطرق من ذلك إلى البحث في نظم الحكم وأنواع الحكومات ويتكلم عن السياسة وعن الغرض من السياسة، وعما يشترط في رجال السياسة من صفات، وما ينبغى أن تكون علية حياتهم الخاصة وحياتهم العامة، كل هذا في أسلوب ممتع وتفكير عميق، حتى إن كتابة ليعد بحق من الكتب الخالدة في تاريخ الفكر البشرى، ويستخلص سقراط من صور الحكم المختلف صورة مثالية، يجعلها خير الصور جميعا، وأقربها إلى الكمال، بل هى في نظرة الصورة الكاملة، يتمثل فيها ما يجب أن تكون علية الدولة، وما ينبغى أن يكون عليها نظامها، فالدولة أو الجماعة السياسة إنما يقصد بها خير الجماعة في أعلى درجاته. ولذلك فإن الذين يتولون أمور الدولة ويحكمون المجتمع يجب أن يكونوا أعرف الناس بمعنى الخير وأقدرهم على إدراك القيم الروحية للحياة البشرية، وهؤلاء هم الحكام أو العلماء، ويسمى سقراط هذه الدولة المثالية باسم “الأرستقراطية” أو “حكومة العلماء”. فالعلماء يمتازون بأنهم يطلبون الحقيقة ويحبون الحق، ومن أحب الحق كان صادقاً متعلقاً بالفضيلة، متحليا بالمروءة والأخلاق الكريمة، ولذلك كانت الأرستقراطية أو حكومة العلماء خير الحكومات وأكملها جميعاً، ويحرم سقراط على الحكماء في الدولة المثالية اقتناء الثروة، فهم ينفقون الأرزاق التى تخصصها لهم الدولة في قضاء حاجاتهم المعيشية، والمال في نظرهم يجب أن يكون وسيلة للعيش لا غاية، أما الغاية التى يعيشون من أجلها، فهى خدمة المجتمع، يكرسون لها حياتهم.

    ويلاحظ أن أفلاطون يحل الثراء في جمهوريته لغير الحكام، فالثراء في ذاته مباح لأربابه، وإنما يحرم على رجال الحكم ورجال السياسة، لأنهم حكماء يقيسون أمور المجتمع بمقياس الخير، ويوجهون شئونه نحو النفع العام، فإذا أفرغ سقراط من وصف دولته المثالية، فإنه يتحدث عن أربع أنواع أخرى من النظم السياسية، وهذه كلها ناقصة في نظرة – وإن كانت تتفاوت فيما بينها.. فمنها

    1- الثيموقراطية حكومة العظماء،
    2- الأوليجارشيه أو حكومة الأغنياء،
    3-الديمقراطية أو حكومة الفقراء –

    ثم إن أسوأ الحكومات جميعا وأظلمها هى :
    4- الاستبداد أو حكومة الفرد.

    وقد ولد أفلاطون عام 427 قبل الميلاد، وأسس الأكاديمية أو مجمع العلوم عام 386، وتوفى عام 347 قبل الميلاد، فيكون قد مضى على وفاته ما يقرب من ثلاثة وعشرين قرنا.. ومع ذلك فإن آراءه وتعاليمه لا تزال أساساً من أسس الدراسات السياسية، كما أن الألفاظ التى استخدمها في وصف أنواع الحكومات كالأرستقراطية والديمقراطية لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا، وإن كانت معانيها قد تغيرت عن الأصل المقصود منها، متأثرة بالتطورات و الأحداث التاريخية من ناجيه، وبالمباحث السياسية لمن جاء بعدة من ناحية أخرى.
    ولعل من حكم المقادير أن يكون مؤلف كتاب “الجمهورية” هو نفس مؤسس مجمع العلوم.
    فالعلم والسياسة متحدان في الأصل والمنبع، مشتركان في سمو الغاية، وكما أن الإنسان لا يكون إنسانا إلا إذا سما فكره، واتسع إدراكه، وتفتق ذهنه، فكذلك حياته الاجتماعية ونظمه السياسية يجب أن تبنى على مثل عليا من العدالة الاجتماعية، ورغبة في خير البشرية..

    فلا يعيش الناس كالأنعام، يفترس قويها ضعيفها،
    ويجور كبيرها على صغيرها.. فينتشر الضلال وتعم الجهالة.
    يقول سقراط في حواره مع جلوكون: “اعلم يا جلوكون أنه لا خلاص للدولة، بل ولا للبشرية من الشرور إلا إذا صار العلماء حكاماً أو صار الأمراء والحكام علماء وفلاسفة”. فتجتمع القوة السياسية بالعلم والحكمة وقد بدأ العالم يدرك المغزى العميق لهذه العبارة البليغة. فخلاص الأمم اليوم ونجاة البشرية رهينان بهذا الاجتماع بين القوة السياسية وبين قوة العلم وحكمه،

    وليس معنى هذا أن يكون العلماء حكاما أو الحكام فلاسفة كما تصور سقراط، بل إن اجتماع العلم والسياسة يتخذ شكلا آخر هو التعاون والتآزر بينهما، خذ مثلاً على ذلك موقف انجلترا عام 1940 لقد كان الموقف رهيباً، فالبلاد مهدده بالغزو، وفى حاجة إلى السلاح والذخيرة، والأمة مهددة بالمجاعة فماذا حدث؟ لقد قام رجال السياسة بتنظيم الجهود وإنهاض الهمم وتقوية الروح المعنوية، وضربوا المثل العليا في الشجاعة والصبر والتضامن المبنى على العدالة الاجتماعية، ولكن هل كان هذا يكفى؟ كلا فقد اعترف رئيس وزرائهم بأن العلم قد أنقذ انجلترا من المجاعة، ذلك بأن مشكلة التموين لم تترك للصدف، بل أدرك رجال السياسة أن عليهم أن يتعاونوا مع رجال العلم. فأحصيت المؤن إحصاءً دقيقاً، وحسبت قيمتها الغذائية ومحتوياتها من الفيتامينات ووزعت بين الصغار والكبار على أساس علمى، روعيت فيه صحة الأجسام ومقدرتها على العمل فنجت الأمة من الجوع، وشأن مشكلة التموين شأن جميع المشاكل الأخرى، فمنها الزراعة، ومنها الصناعة، ومنها مقاومة الأسلحة السرية، كالألغام المغناطيسية، وكاستخدام الراديو في تحديد أماكن الطائرات المغيرة.. وهو اختراع مهم، ربما كان أعظم اختراع منذ التخاطب اللاسلكى.

    إن عصرنا الحديث عصر علمى، من أهم مميزاته استخدام الآلات والمحركات الآلية، ويمكن قياس حضارة الأمم اليوم بقدرة محركاتها، لذلك كان استنباط منابع جديدة للقدرة من أهم ما تتسابق فيه الأمم اليوم، فاكتشاف آبار البترول في بلد من البلاد حدث له نتائجه السياسية، لذلك كان من الواجب على رجال السياسة أن يعنوا بهذه المسألة وأن يتصلوا برجال العلم، ليكونوا على بينة من أمرهم، ولما كان البترول المدخر في العالم كله لا يكفى، بمعدل الاستهلاك الحالى، لأكثر من 70 سنة، كان من المهم استنباط موارد أخرى للقدرة.
    والقدرة المائية الناشئة عن حركات المياه في الأنهار وهبوطها من الشلالات والمنحدرات هى موضع تفكير السياسة ورجال العلم في الأمم اليوم، وقد حسب أن مقدار القدرة الممكن استخدمها من المياه المتحركة في قارة أفريقيا هو 190 مليون حصان ميكانيكى أو ما يعادل استهلاك 10 مليون طن من الفحم في اليوم، تضيع كلها هباء منثورا. ومن مصادر القدرة التى تضيع دون جدوى حرارة الشمس، فقد قدر أن ما يقع منها على الجزء المسكون من الأراضى المصرية وقدرة نحو 9000 ميل مربع يكفى لإدارة المحركات الآلية في العالم، سواء منها ما يدار بالفحم أو بالبترول أو بمساقط المياه، وليست هذه القوى على عظمتها إلا جزءاً يسيراً مما يستطيع العلم أن يضمه في يد البشر من القدرة الميكانيكية. فقد دلت الأبحاث العلمية على أن المادة تتحول إلى طاقة.. فالجرام الواحد من المادة يحتوى على ما يعادل 25 مليون كيلو وات/ ساعة ثمنها اليوم في القاهرة أكثر من نصف مليون جنية.
    أليس من واجب السياسة وهى التى تسعى لخير البشر وإسعادهم أن تتعاون مع العلم على تسخير القوى لخدمة الإنسانية ورفاهيتها؟ وهل ترى أن هذا التعاون بين العلم والسياسة يرفع من شأن السياسة وينفى عن الأذهان تلك المعانى الغريبة المريبة المؤسفة حقاً، المحزنة حقاً، فلا يتسعاذ بالله من السياسة ولا يشك في أمرها، بل تصير كما أراد لها أرسطوطاليس، وكما اراد لها سقراط، أرفع الفنون البشرية وأعلاها قدراً، يقصد بها أعظم النفع، وأعلى مراتب الخير؟

    د. على مصطفى مشرفة – من كتاب العلم والحياة 1946

    إعجاب

  3. د. وائل العجي: الفاشية الدينية والفاشية القومية وجهان لعملة واحدة

    شكلت الظواهر الدينية و القومية المفرطة في فسادها و عنفها تحديات كبيرة للمجتمعات العربية المعاصرة بسبب النتائج الكارثية التي مازالت تجلبها هذه الظواهر فلا يوجد مجتمع عربي واحد يخلو منها أو بعيد عن تأثيرها.

    تتشابه هذه الظواهر في أنها مرت بمراحل نشوء متشابهة بدأ” من مرحلة اﻹعداد و التأصيل الفكري و النظري مرورا” بمرحلة التمكين التي سبقتها مرحلة القمع و وصولا” إلى مرحلة الانحدار و الانفصام الأخلاقي عند استلام السلطة و هي المرحلة التي أفضت إلى الكارثة.

    فالمتتبع للفكر القومي في منطقتنا يرى أنه ظهر مع مفكرين مثل ساطع الحصري و زكي اﻷرسوزي و أنطون سعادة و صلاح البيطار و ميشيل عفلق و غيرهم الذين وضعوا اﻷسس الفكرية و المنطلقات النظرية للأحزاب التي أسسوها. هذه اﻷحزاب مرت بفترة من القمع على أيدي اﻷنظمة القائمة قبل أن تستولي على السلطة على أيدي مغامرين ذوي خبرات سياسية و مؤهلات متواضعة مثل جمال عبد الناصر و حافظ اﻷسد و القذافي و صدام حسين و غيرهم، هؤلاء قادوا مجتمعاتهم إلى هزائم متلاحقة على كافة اﻷصعدة.

    في المقابل، فقد بدأت الفاشية الدينية بمفهومها المعاصر في منطقتنا على يد الحركة الوهابية في نجد و الحجاز ثم أخذت بعدا” أكثر عالمية على يد سيد قطب و تقي الدين النبهاني حتى وصلنا إلى مرحلة فكر القاعدة و النصرة و داعش. و طبعا” ﻻبد من أن نذكر في هذا السياق المارونية السياسية و صعود الشيعية السياسية التي تأثرت بمبدأ الولي الفقيه و حاليا” ظهور العلوية السياسية على أيديي الطغمة اﻷسدية.

    من الواضح تماما” أن مايجري في منطقتنا هو نموذج لما مرت به المجتمعات اﻷوروبية في القرون الوسطى إبان سيطرة رجال الدين على الحياة العامة و أيضا” خلال فترة الصراعات القومية في القرن الماضي و التي خفف من حدتها صعود الفكر الليبرالي ذو البعد الإنساني. و مع السقوط المريع للفاشية القومية نظريا” و عمليا” تبقى الفاشية الدينية هي التحدي اﻷكبر أمام مجتمعاتنا لارتباطها بالمقدس بطريقة ذرائعية استغلالية لتبرير غاياتها السلطوية. و لذلك فإن أي محاولة لمعالجة هذه الظواهر المرضية معالجة أمنية محكومٌ عليها بالفشل ﻷنها تتناول اﻷعراض فقط دون الوصول إلى أصل الداء و لن تؤدي إﻻ إلى إطالة أمد المشكلة أو تأجيلها إلى أن تنفجر كمن يعالج آﻻم الخراج بالمسكنات بدل فتحه و تنظيفه و تهويته. إذا” مانحن حقا” بحاجته هو ظهور جيل جديد من الفقهاء المصلحين و المجددين الذين ﻻ يتهيبون المواجهة و التضحية للقيام بمهمة التأصيل الفقهي للفكر المدني المتحضر المتصالح مع ذاته و مع اﻵخر و الذي يتماشى مع روح العصر، تماما” كما فعل لوثر و كالفن و إيراسموس عندما واجهوا طغيان البابوات و رجال الدين و هدموا اﻷسس الفكرية للفاشية الدينية التي كانت سائدة في أيامهم.

    إن الصهيونية هي أبلغ مثال على الوحشية التي يمكن أن يبلغها الفكر الفاشي بشقيه القومي و الديني و لذلك فإن الصهيونية ليست حكرا” على اليهود فقط فأي جماعة بشرية يمكن لها أن تتصهين إن هي آمنت بامتلاكها للحقيقة المطلقة و بتفوقها الفكري و اﻷخلاقي على اﻵخرين و بأحقيتها بامتيازات قانونية و سياسية تنتقص مع حقوق اﻵخرين و كرامتهم اﻹنسانية.

    إن ما نحتاجه حقا” في مجتمعاتنا للخروج من هذا المأزق المصيري هو صياغة دساتير و مناهج تربوية قادرة على إنتاج أجيال جديدة تؤمن بقيمة اﻹنسان و كرامته كفرد أولا” و ليس كجزء من جماعة دينية أو عرقية معينة، أجيال تضع الحياة و الكرامة اﻹنسانية فوق كل اعتبار و تؤمن بحرية التفكير و العقيدة دون احتكار أو رقابة أو وساطة بين المخلوق و خالقه.

    *اختصاصي في أساليب العلاج النفسي و السلوكي و البرمجة العصبية

    إعجاب

    • المواطنة تبعا لمنطق رائق النقري يتميز ويتجاوز عن المواطنة في منطق ارسطو طاليس
      حيث يرى منطق رائق أن كل مواطنة جوهرانية سواء أكانت ارسطية ام اسلامية أم ماركسية هي مواطنة استعبادية , أي صالحة لأستعباد الناس وتكريس الظلم في الذات قبل الأخر
      المواطنتى الحيوية ليست خارد الظروف
      ظروف ومتطلبات ومخاطر عصرنا تتطلب المواطنة على البداهة الحيوية الكونية , فتكون المواطنة حيوية بدعم تزازن قوى التفرد .. أو لاتكون

      إعجاب

  4. قدم الصديق جهاد خضر على موقعه الشخص لقطات حيوية جدا ومنها ما قدمه بوصفه :نص جميل وطريف عن أزمة الهوية
    ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
    مشهد مثير لشخص تاه عن منزل وجوده في صحراء قاحلة وافتقد لكل أثر يمكن أن يقوده إلى منزل وجوده الأصلي.
    يقوم التائه بجهود مضنية للبحث عن طريق العودة، لكن الصحراء المقفرة تخفي كل آثر أو معالم، تتعدد المحاولات وتتكرر لكنها تنتهي إلى الفشل.
    بعد تفكير طويل يهتدي هذا الشخص إلى تقليد أصوات كلاب القبيلة أملا في أن ترد عليه للاهتداء إلى موطنه.
    يبذل الشخص جهودا مضنية للعودة إلى موطن وجوده الأصلي ولو عبر تقليد لغة /صوت الكلاب، لكن هاته الحيلة نفسها تعترضها عوائق من قبيل وجود كلاب أخرى ضالة ومضللة..
    الحكاية على طرافتها تطرح مشكلة التيه عن الموطن الأصلي والرغبة في العودة مهما كلف الأمر.
    المشهد الروائي يختزل سؤالا وجوديا يرتبط بلماذا هاته الرغبة الجامحة في العودة إلى الأصل؟
    لماذا هذا الجهد الجبار المبذول للعودة إلى موطن الوجود الأصلي؟
    لماذا هذا التشبث القوي بالعودة إلى الأصل هل هو عجز عن التكيف مع معطيات الواقع الجديد؟
    أم مجرد حنين مأساوي يرتبط برغبة نفسية مسنودة بذلك الخوف الفطري من المجهول؟
    ألا يمكن أن نحيا إلا بهاته العودة ؟
    هل العجز عن التكيف مع المعطيات الجديدة في الصحراء يولد الحنين إلى الحضن الأول حيث العشيرة والقبيلة والعادات والتقاليد،و الموطن الجغرافي، واللغة المتداولة والدين المعروف؟
    هاته الأسئلة على بساطتها الظاهرة تختزل كل مقومات التعقيد والقلق التي يختزنها سؤال الهوية وتختزل أيضا سؤال المنطلق:
    من أين يمكن لخطاب الهوية أن ينطلق؟
    يصبح الأمر أكثر تعقيدا حينما نسقط هاته الأسئلة على حالة المجتمعات العربية؟
    عزيز مشواط
    …………….

    إعجاب