الإيديولوجيا الحيوية :لمعالجة اعتلال بداهة التيار القومي: البعث نموذجا؟

logoكتب رائق علي  النقري..بمناسبة إثارة قديمة – جديدة حول الدليل النظري في البعث الحاكم في سوريا:الإيديولوجيا الحيوية لمعالجة  اعتلال البداهة في التيارات السياسية العربية -البعث القومي نموذجا.. لكون مخاضات تأسيس وبلورة  مدرسة دمشق المنطق الحيوي كتيار انطلق من مخاضات البعث في سوريا  لتجاوز التحويات الجوهرانية القومية والماركسية والطائفية التي تحوت مصالح السلطة السورية  وساهمت في تحولها إلى مصالح دولة فاشلة بسبب استمرار احتلال اجزاء من أرضها  وعجزها عن تحقيق الأمن بغير قوانين طوارئ تعوق مشاركة  كل مواطنيها في تحمل مسؤلية قرارها السياسي..

طبعا السلطة في  القطر السوري وحزب البعث فيها  ليسا  استثناءا في ذلك .. فالعالم العربي الإسلامي بلا استثناء.. يتحوى مصالح جوهرانية أحادية .. غالبا ماتكون بيد العسكر ومن يقودهم في الداخل أو من الخارج .. وكل الدول العربية والاسلامية تعاني من كونها دولة فاشلة بالمقارنة مع دول العولمة الحيوية

والمبادرة الحيوية التي اطلقتها مدرسة دمشق منذ هزيمة حزيران تعود خلفيتها الى جيلين :

1- جيل الأربعينات و الخمسنيات  الذي قاد  النهوض لتحوى مصالح  دول قطرية مستقلة باتجاه الدولة العربية الموحدة  من المغرب إلى العراق عبر محطات ستبقى لامعة وحيوية جدا ..  بدأها الإستقلال السوري الناجز عام 1946  كأول دولة تستقل في العالم الثالث قبل الهند وقبل الصين .. وأهمية ذلك ماتزال تقاس بكونه حدث  قبل أستفلال أي دولة عربية أخرى بعشر سنوات ..  ولكن ليس بدون فقدان اجزاء شامية  أخرى  مثل : فلسطين, و لبنان,  والموصول,  واسكندرون ..وبعد عشر سنوات من الأستقلال السوري تم استقلال مصر  والمغرب في 1956 , وتمت  وحدة بين سوريا ومصر .. واستقلت العراق باسقاط حلف بغداد 1958 و بدأن حركة التحرير الجزائري مفاوضات الاستقلال واشعلت الثورات في عمان وظفار وعدن ..  وكانت فعلا مرحلة لخصها شاعر العرب الصديق” سليمان العيسى” ..من المحيط الهادر الى الخليج الثائر .. لبيك عبد الناصر .. الذي كان فعلا رمز تلك النهضة  ..

2- جيل الستينات والسبعينات الذي قاد النكوص إلى التنافس على استئصال اقرب المقربين (صراع عبد الناصر وأكرم الحوراني نموذجا سيتكرر في سوريا والعراق والجزائر واليمن وعدن ..والسودان ولبنان..الخ ) .. و الإنفصال عنه , (انفصال سوريا عن مصر)  ونحره (قتل الناصريين في 18 تموز 1963) (وئد ميثاق وحدة مصر وسوريا والعراق)  التنافس المافيوي الحزبي  للإسئثار بالسلطة وتمجيد الدكتاتورية وإثارة  العنصريات الإقليمية والحزبية والطائفية التي شارك فيها الجميع وبخاصة القوميين من ناصريين وبعثين في كل من مصر وسويا والعراق بشكل انجز هزيمة مدوية في  الخامس من حزيران عام 1967 الي  ستبقى رمزا لسقوط صلاحيات الدول النافية بأجهوة القمع والاعلام .. والإلتحاق بالدول الفاشلة بسبب نقص السيادة  والعجز عن الدفاع عن امنها .. والعجز عن رفع مستوى المواطنة المشاركة في تحمل أعباء الدولة..

هذه هي الخلفية بسلبياتها وايجابياتها هي التي حرضت مبادرة مدرسة دمشق المنطق الحيوي لبلورة إيديولوجيا حيوية لتجاوز واحتواء المصالح الجوهرانية الأحادية  وتفتح الطريق النظري والسياسي  لمنطق البداهة الكونية للمصالح المشتركة بدءا من سوريا .. وليس انتهاء بها … ولحل إشكالات فشل التيار القومي العربي ولكن ليس اقتصارا عليه ..

 فهل يمكن للمنطق الحيوي أن  يشخص ويسهل تجاوز قصورنا المعيش والموروث منذ عصور الانحطاط والملون بمخلفات الحربين العالميتين التي تشكلت الدول القطرية من رحم إرادة ومصالح المنتصرين فيها بزرع دولة اسرائيل في قلب الوطن العربي .. ومن  مرحلة  الحرب العالمية الباردة التي  نقلت حروبها الساخنة إلينا لنخوضها بالنيابة..

وإذا  كتفينا بأهم معالم القصور النظري والسياسي منذ مرحلة النكوص في الستينات فإننا يمكن اختزالها في أربع وقائع : 

  1.  الحكم بالإعدام على سيد قطب تعبيرا عن عجز القوميين العرب في مواجهة أفكار ..( مجرد أفكار) اسلامية  لولاها لما كان  ثمة ذكر للعرب إلا كمستعمرات هيلينية او فارسية ..
  2. التهافت بين عشية وضحاها للمزوادة في تبني الماركسية لكونها تشرع الإستبداد باسم علم العلوم ..وتسترضي السوفييت (الميثاق القومي في مصر والمنطلقات النظرية في سوريا ..نموذجا)
  3. انهاء  المشروع النووي والصاروخي المصري بعد اتفاق السوفييت والأمريكان  حول منع انتشار الأسلحة النووية سنة 1968  .. وماجره من فقدان أي مصدر ذاتي لمواجهة التهديدات الخارجية او على الأقل ردعها
  4. طرح شعار حرب التحرير الشعبية في سوريا كذريعة للمزاودة  وتخوين الخصوم داخليا وخارجيا بدلا من أن تكون ذريعة للتلاقي الوطني والعربي على أهداف الحد الأدني الواقعي .. (استرجاع الأراضي المحتله عام 1967)    لتفعيل مقاومة وطنية تعددية ساسية  سورية ممثلة في السلطة..  تمهيدا لنيل دعم تعددية عربية   ودولية.. والهدف الأخير تم إغلاق الباب أمامه في معاهدة فض الإشتباك..

منذ تلك المرحلة اتضح انغلاق الأفق في الفكر والعمل  الحزبي  و السياسي  والاجتماعي  والحضاري  بدءا من جذورها النظرية ..ومع اغلاق الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي فتح المجال للصراع الداخلي ووضع البلاد على حافة حرب أهلية..ماكان من الممكن ان تحدث في ظل جبهة مقاومة مفتوحة .. كما تم التعبير عنها في كتاب “طريقنا الى الحضارة  والذي نشر عام 1974 ونشر باسم أحد مؤسسي المبادرة الحيوية  ” للشهيد حسن محمد “ ونشركمقالات كمقالات مجزأة  في جيش الشعب بعنوان “الحرب طريق بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد

في تلك الفترة ومباشرة بعد الهزيمة  تنادى شباب بمباردة من رائق النقري إلى العمل من أجل تجاوز إشكالات الدليل النظري والسياسي  لتجاوز الأزمات بدءا من واقعها السوري .. وبجكم كون  معظم أولئك الشباب كانوا من التيار القومي .. والبعث خصوصا .. فقد حاولوا  تقديم جهودهم لتكون ورقة عمل لحوار الدليل النظري في حزب البعث … دون أي وهم .. ولكن ليس لرفع العتب

واليوم .. ومع إثارة مشكلة التجديد السياسي النظري في حزب البعث لابأس من تعرف سبل التجديد وامكاناته دون أي وهم بكون أي حاكم سيتخلى عن السلطة .. وبالتالي دون وهم بكون الأفكار –لوحدها- مهما كانت حيوية  قادرة على  التجديد السياسي..

كما أنه من الوهم أيضا أن اية مبادرة حيوية  من سلطة مقبولة جماهيريا يمكنها النجاح لمجرد كونها كذلك .. بقرينة حضور المعوقات العدوانية الاسرائبية والتدخل الدولي المساند من الشرق والغرب معا.. القادر على الأقل بفرض عقوبات اقتصادية تعيد بلدا غنيا وحافلا بالعلماء وبسلطة داخلية قوية ألى مانتهى اليه العراق .. وهو أمر لايشفع له مجرد كونه ديموقراطيا وبمراقبة دولية ..كما حدث مع “حماس” .. ولايردع قوى الهيمة عن محاصرته ولو كان بحجم إيران..فكيف إذا كان بقدرات سورية فقط  ويمكن لكل القوى اللعب بمتناقضاتها الموروثة..؟ 

ولكن إذا كانت الإيديولوجيا الحيوية ليست فقط شكلا نظريا يشف  البداهة الكونية  ! .. إذن..  كيف يمكن ان تكون  الإيديولوجية الحيوية شكلا عمليا للتغيير السياسي وقوى سياسية ..؟  في واقع لايجرؤ  فيه معظم الناس التفكير في الهم العام .. مجرد تفكير ..

ولكن ولكون المبادرة الحيوية –أساسا- انطلقت من رحم البعث .. أليس من قبيل الوفاء والواجب الوطني تجاه التيارات غير البعثية أيضا  تجشم محاولة الإجابة .. لكون ليس البعث وحده مصابا بمرض نقص البداهة بل كل اشكال العمل السياسي الجوهراني محليا اقليميا وعالميا .. ولذلك في محاولة الإجابة فإن الأمر لايعني البعثيين فقط ولايعني السلطة السورية فقط

هذا هو السؤال فمن يجيب عنه..

27 تعليق

  1. نشرت شبكة النبأ المعلوماتية
    http://www.annabaa.org/nbanews/62/245.htm
    مقالا بدون تحديد اسم الكاتب موضوعا يتناول الأيديولوجيا الحيوية تحت عنوان

    مصطلحات اجتماعية: الايديولوجية .. وهي مقالة تعرض لتعريف كلمة ايديولوجيا ومن ثم الأييديولوجيا الحيوية …. ومن ثم الأيديولوجيا اليبرالية .. فهل ثمة رابط ؟؟ أو ان المنطق الحيوي هو أعلى من أية ايديولوجيا؟؟
    الايديولوجية

    Ideology

    أول من استعمل هذا الاصطلاح الفيلسوف الفرنسي ديستات تريسي (1755 – 1836) (Destutt Tracy) في كتابه عناصر الايديولوجية. يعني تريسي بالايديولوجية علم الأفكار أو العلم الذي يدرس مدى صحة أو خطأ الأفكار التي يحملها الناس، هذه الأفكار التي تبنى منها النظريات والفرضيات التي تتلاءم مع العمليات العقلية لأعضاء المجتمع.

    وانتشر استعمال هذا الاصطلاح بحيث أصبح لا يعني علم الأفكار فحسب بل النظام الفكري والعاطفي الشامل الذي يعبر عن مواقف الأفراد حول العالم والمجتمع والإنسان. وقد طبق هذا الاصطلاح بصورة خاصة على الأفكار والعواطف والمواقف السياسية التي هي أساس العمل السياسي وأساس تنفيذه وشرعيته.

    والاديولوجية السياسية هي الايديولوجية التي يلتزم ويتقيد بها رجال السياسة والمفكرون السياسيون إلى درجة كبيرة بحيث تؤثر على كلامهم وسلوكهم السياسي وتحدد إطار علاقتهم السياسية بالفئات والعناصر الأخرى. والايديولوجيات السياسية التي تؤمن بها الفئات والعناصر المختلفة في المجتمع دائماً ما تتضارب مع بعضها أو تتسم بالأسلوب الإصلاحي أو الثوري الذي يهدف إلى تغيير واقع وظروف المجتمع. لكن جميع الايديولوجيات تكون متشابهة في شيء واحد ألا وهو أسلوبها العاطفي وطبيعتها المحركة لعقول الجماهير.

    تعبر الايديولوجية بصورة عامة عن أفكار يعجز العلم الموضوعي برهان حقيقتها وشرعيتها لكن قوة هذه الأفكار تظهر من خلال نغمتها العاطفية وتكتيكها المحرك للجماهير والذي يتناسب مع الحدث الاجتماعي الذي ترمي القيام به.

    إن المفهوم الماركسي للايديولوجية يعبر عن شكل وطبيعة الأفكار التي تعكس مصالح الطبقة الحاكمة التي تتناقض مع طموحات وأهداف الطبقة المحكومة خصوصاً في المجتمع الرأسمالي. ويحدد البروفسور كارل منهايم (Karl Mannheim) معنى الايديولوجية في كتابه الايديولوجية والطوبائية الذي نشره عام 1936 فيقول بأنها الأفكار المشوهة التي تطلقها الطبقة الحاكمة لتحافظ على النظام الاجتماعي الحالي أو النظام الاجتماعي السابق أو هي التعبير الفكري لجماعة من الجماعات وهذا التعبير يساعدها على تحقيق أهدافها وطموحاتها. والايديولوجية حسب آراء وتعاليم البروفسور منهايم هي كلمة معاكسة للطوبائية التي يعني بها المثالية أو العمل من أجل المجموع، إن دراسة الايديولوجية هي من الدراسات الأساسية التي يهتم بها علم الاجتماع خصوصاً علم اجتماع الدين وعلم اجتماع السياسة، وتشكل الموضوع الأساسي الذي يدور حوله علم اجتماع المعرفة.

    ………………………………………

    متعلقات

    حول ” الأيديولوجية الحيوية ” الدليل النظري والمسائل التطبيقية(1)

    ما هي ” الأيديولوجية الحيوية ” ؟

    ينطلق المؤلف من التساؤل الأساسي : لماذا نعيش ؟ فالحياة بحاجة إلى تفسير وتبرير . ويستبعد المؤلف نوعين من الإجابة الجاهزة كما يقول . النظرية الدينية التقليدية والنظرية اللادينية . فالأيديولوجية الحيوية شيء غير هذين الأثنين ، وعلى الأصح هي بديل لهما . إنها بديل للفكر الغيبي السائد وللفكر العلمي المعروف على حد سواء . وهذا ما تطمح إليه “الأيديولوجية الحيوية ” فما هي هذه النظرة أو هذه النظرية الجديدة ؟
    الحياة لا تفنى وإنما تتحول من شكل إلى آخر … كتلة المادة إلى طاقة والطاقة إلى مادة “والخاصية التي نسميها كتلة ما هي إلا طاقة مركزة” (أينشتاين ) والحياة ليست ” كائناً وإنما هي وصف لعملية هي الخلق وتتجلى الحياة في جميع الكائنات ” وليست هذه الكائنات هي الكائنات الحية وحسب بل تشمل الكائن غير الحي ” فإذا قبلنا بكلمة كائنات حية وكانت صفاتها التنبه والانفعال والتحرك والتجدد والتكاثر ، فإننا نجد هذه الصفات لدى ما يسمى الجمادات …” والكائنات كلها شكل من أشكال إرادة الحياة . ولكل شكل أو نوع قانون خاص أرادته الحياة ، أو طريقة لوجوده وحركته .

    ما هي إرادة الحياة ؟ ” ببساطة أن إرادة الحياة هي الحياة .. ” وجدت الكائنات لكي تحيا . ويحقق الوجود حياته بتنفيذه إرادة الحياة وإرادة الحياة للكائنات هي الحرية ” إنها شرط تحقيق وجود الكائن وهي التي تصله بجوهر كينونته ، بالحياة ، الحرية “ وما هي الحرية ؟ إنها ليست صفة للإرادة . إنها تمام عمل الكائن . فحياة الكائن تتحقق بتمام شرط وجوده . الحرية . والحرية دعوة إلى مزيد من الالتصاق بشرط وجود الكائن ( محيطه ) والعبودية هي عدم توافر شرط وجود الكائن . وهي مفهوم نمطي . ويقصد بالنمطية ” أنسنة الأشياء وإرجاع المظاهر المختلفة كافة إلى قانون واحد ” والتأثير النمطي هو انعكاس وعي الإنسان لوجوده .. وكلما ازدادت وتعمقت تجربة الإنسان خف تأثير الأنماط وبدأ تأثير العلم . ولما كان العقل الإنساني جزءاً من الحياة وليس كلاً ، ولهذا فإن الجزء ليس بمقدوره أن يضع نفسه مكان الكل إنما يمكنه الكشف حسب قدرته على وعي أحداث الكل وإن أية محاولة لحشر العقل في قضايا ثي أكبر من أبعاد وجوده تعتبر لاغية . فالعقل الإنساني جزء من الحياة وليس كل الحياة ، ويمكنه بإمكانياته الكشف عن أحداث الحياة ويطالبنا المؤلف بأن ” لا نحشر عقلنا في أمور ليست من مهامه .. ؟؟

    هكذا تنطلق “الأيديولوجية الحيوية ” .. من المعطيات العلمية لتستخلص مقولة ” الحياة ” ولتضع هذه المقولة في أبعاد تتجاوز “العقل ” و ” المادية الديالكتيكية ” في آن واحد . فالعقل قاصر على فهم الحياة لأنه جزء منها . والديالكتيك في الطبيعة ” غير شامل ” والتناقض في الأصل لا يحدث إلا في الكائنات التي تعي معنى التناقض كالبشر وبعض الحيوانات الراقية ، ويحدث الصراع نتيجة وعي لهذه التناقضات … فالسالب والموجب داخل الذرة ليسا في حالة صراع وما بينهما ليس تناقضاً وإنما اختلاف في التكوين وفي الوظيفة والذرة مؤلفة منهما معاً ، ولا يمكن وجودها بدون أحدهما وليس من الضرورة أن يكون في كائن آخر غير الذرة أشياء متضادة … ” وتذهب الأيديولوجية الحيوية إلى نقض الداروينية ” فالتنازع ليس ضرورة وإنما حالة .. وحركة الكائنات العامة تتم وفق القانون الحيوي للكائنات ” وهو أن كل كائن يتحرك وأن الحركة تغير تركيبه والتركيب يؤدي إلى تغير الحركة ” فكل كائن يتحرك إلى الحرية أو العبودية حسب قوانينه الخاصة التي أرادتها الحياة وحركته تتناسب مع عمرانه ( بنيته ) الذي يتغير هو الآخر بتأثير حركته وكلما ازدادت هذه الحركة تقلصت مدة التركيب ليتحول إلى تركيب آخر إما باتجاه الحرية أو العبودية . وكلما أبطأت الحركة ازدادت المدة بين تحول التركيب إلى تركيب آخر … ” فالكون حركة . ولا انفصال بين الكائن والحركة . وليست لهذا الكون صفة جوهرية مستقلة ثابتة سواء أكانت مادية أو روحية . كما أن الكون ليس بحاجة إلى محرك لأنه عندما لا توجد حركة لا توجد كينونة . والديالكتيك الهيغلي المثالي والماركسي المادي هما ” تزوير للكون وافتراء على التاريخ

    أسئلة الليبرالية: الفلسفة والأيديولوجية(2)

    ما يهمنا في هذا المقال هو العلاقة بين الفكر والسلوك …. الفكر كتعبير معقد عن الخبرة ، والفكر السياسي ( خصوصاً ) كحصيلة للخبرة في الحياة الاجتماعية الاقتصادية ، وعلاقته بالسلوك السياسي الموجه نحو تغيير أو إعادة إنتاج شروط هذه الحياة ، فالبشر يعيشون ويعانون ويدركون ويكونوا معارف وخبرات يتم تلخيصها وتداولها على شكل أفكار ، ثم من هذا العالم الذهني المثالي ينطلقون نحو السلوك الذي يخدم مصالحهم وإرادتهم . وهكذا يصبح الذهن الاجتماعي مكان تجمع الأفكار العامة ، و تأطير أنماط الرأي العام ، لكن تنظيم محتوى هذا الذهن يتم عبر الفلسفة ، فالفلسفة هي الموقف الوظيفي من عالم مختلط وغير منظم من المعارف والأفكار والقيم والأحكام ، الفلسفة تنظم عالم المفكر في سياق عقلي منطقي متماسك ، وتضعه في قالب لغوي منضبط ، لتسهل اختيار أنماط السلوك بناء على معرفة ودراية وترابط معقول بين المعرفة والغاية ، وبذلك تسهل الفلسفة عملية بلورة وإنتاج أيديولوجيا تتوجه نحو الواقع للتأثير فيه ، فتكون الأيديولوجية عندها تعبيراً عن الانتقال من عالم الفلسفة وقبله الفكر والذهن ، نحو السلوك والبرنامج التنفيذي الذي رغم كونه ينطلق من عالم الفكر لكنه يصل به عالم التنفيذ ، فيحسب الإمكانات وينظم الجهود ويضع البرامج الكفيلة بالتأثير المادي على وقائع الحياة وشروطها ، كما أن الأيديولوجية من جهة ثانية هي أيضا مشروع يتم بواسطته الانتقال من الفردي نحو الجماعي ، من الخاص نحو العام ، لأنها تقوم بصياغة المصالح الفردية المختلفة في مشروع عام يحققها جميعاً ومعاً .
    وأداة الأيديولوجيا هي الجماعة السياسية التي تؤمن بها وتعمل من أجلها وتراكم الجهود في سياقها . فيشعر جميع المنضمين إلى أيديولوجيا ما أن مصالحهم المباشرة ( بما فيها رغباتهم ) سوف تجد طريقها للتحقق بطريقة ما , وبنسب مقبولة ضمن الهدف السياسي العام الذي تضعه الأيديولوجية ( فهدف الديمقراطية مثلاً سوف يعني للكاتب وللعامل معاني مختلفة لأن كل منهما سوف يستخدمه لتحقيق غاية مختلفة ) ومع ذلك يجتمع كلاهما عليه ، وكذا الحال في الليبرالية ( كمفهوم للحرية ) فهي تعني للرأسمالي حرية التنافس والإنتاج والتبادل ، وقد تعني للمجتمع المقموع الخلاص من الشمولية التي يعاني من آثارها كل فرد من أفراده بطرق ونسب مختلفة ، ليصبح مشروع الخلاص منها هو مشروع جميع من ضاق ذرعاً بالتعسف والاستبداد وعبادة الفرد والظلم … وهكذا وصولاً نحو أيديولوجيات أكثر تحديداً وخصوصية مصممة لتخدم شرائح اجتماعية محددة وصغيرة ، وهو ما يسود بعد انجاز المهام الوطنية الكبرى ، وبعد استقرار الحياة السياسية الديمقراطية .

    فالليبرالية هي أولاً فلسفة .. ومع ذلك يمكنها أن تتبلور في أيديولوجيا سياسية عامة ثم مخصصة ، فهي بشكل ما يمكنها أن تكون أيضاً أيديولوجيا بالتعريف العملي العلمي ، وهي أيضاً تريد أن تقيم الدولة والدستور على أساسها , مثلها مثل بقية الأيديولوجيات الشمولية وغير الشمولية ، والفارق يكمن في أن الليبرالية تقيم الدولة على أساس حرية الفرد وحقوقه وحق الاختلاف ، وهو ما يؤسس للمواطنة الحرة ، بعكس الأيديولوجيات الشمولية التي تصادر حق الفرد لو تعارض معها .. وعندما تحدثنا في الوثيقة التأسيسية عن الدولة الأيديولوجية الشمولية قصدنا تلك التي ترفض الاعتراف بالفرد ، ولم نقصد أن الليبرالية ليست أيديولوجية هي الأخرى بشكل من الأشكال ..

    إن ساحة صراع الأيديولوجيات هي الفلسفة , ونقد الأيديولوجيا يتم بالفلسفة ، وتطورها يتم بتطور الفلسفة .. وكل نقد ونقاش سياسي هو جهد فلسفي يهدف لإعادة تنظيم الأفكار لتنتج نمطاً معيناً من السلوك , يحقق غاية مبطنة مسبقا وموقف محدد . وتقع ضمن هذا السياق عملية اعتبار أن الليبرالية هي مجرد أيديولوجيا اقتصادية خاصة بطبقة من المستثمرين الذي يريدون التحرر قدر الإمكان من التزاماتهم الاجتماعية ، وإطلاق حرية السوق وحدها بعد إلغاء دور الدولة في الضمان الاجتماعي ، وهذه العملية لا تخفي الرغبة في إلغاء وجود الليبرالية كفلسفة و كآيديولوجيا للحرية ، عبر قيامها بتعميم الخاص ( المرتبط بنوع معين من الليبرالية ) على العام , وبالتالي إلغاء مشروعية وجودها ، ومثل هكذا عملية تأتي ضمن سياق فكري فلسفي يضع مقدماته بشكل تعسفي ومبرمج . تعبر عنه الماركسية الأصولية المدرسية التي رغم ادعائها بالجدل لكنها كانت أقرب إلى اللاهوت الصنمي .

    بين قوة الحق وحق القوة الطبيعة الأيديولوجية للقانون الدولي العام(3)

    يقصد بالطبيعة الأيديولوجية للقانون الدولي في هذا السياق أن قواعد هذا القانون ومبادئه تأتي تعبيراً ليس بالضرورة عن الحق والعدل وما ينبغي أن يكون، وإنما عن توازنات القوى والمصالح والأفكار والأيديولوجيات السائدة في كل عصر وحين، وإذا كان الراجح في الفقه والقضاء الدوليين أن القانون الدولي قانون واحد موحد المحتوى، عالمي السريان وأن مضمون قواعده العامة المجردة لا يختلف البته باختلاف الخاضع لأحكامها من أشخاصه المتعددين، فالراجح كذلك أن لكل دولة ـ باعتبار الدول هي أشخاص القانون الدولي الأساسية ـ موقفها المتميز ومفهومها الخاص لأحكامها، والمرتبط أساساً بتراثها الحضاري، وتاريخها السياسي ومصالحها القومية، وما تؤمن به من قيم وأفكار. وواقع هذا الأمر أن هذه الطبيعة أو السمة الأيديولوجية للقانون الدولي، إنما تتجلى في كل جزئية من جزئياته، وفي كل مرحلة من مراحل نشأته وتطوره، ومعنى ذلك أن القانون الدولي شأنه، شأن كل قانون وصفي يحكم العلاقات البشرية ـ ينشأ معبراً ـ عن توازنات القوى والأفكار ومصالح “الجماعة المسيطرة” في المجتمع الدولي وبظروف وشروط الزمان والمكان أيضاً.

    لقد تجلى الطابع الأيديولوجي للقانون الدولي، بصورة أكثر وضوحاً في المعاهدات ـ رغم طبائعها الرضائية ـ كأبرز مصادر القاعدة القانونية الدولية. ولعل المناقشات الحامية والنتائج الضخمة، التي تمخضت عنها اتفاقية “فينا” لقانون المعاهدات 1969، تعبر عن هذا المعنى أوضح تعبير لذا شكل بعض الفقهاء في شرعية معاهدات الديون التي عقدتها الدول النامية مع غيرها من الدول المتقدمة. فقرروا حق الدول النامية في التحلل من هذه المعاهدات، وما ترتب عليها من ديون استناداً إلى مبدأ التغير الجوهري في الظروف، أو إلى مبدأ استحالة تنفيذ الاتفاق. ويعتبر العرف المصدر التاريخي لمعظم قواعد القانون الدولي العام بركنيه: المادي، الذي يتمثل في تكرار حدوث الفعل، من قبل أعضاء المجتمع الدولي، أو بعضهم على الأقل، والمعنوي والذي يتمثل في شعور القائمين بالفعل بالزاميته لهم. وهو ما يعد مبرراً كافياً للقول بتأثير العُرف بموازين القوى وتعبيره عن القيم والأفكار، والأيديولوجيات…
    ………………………….

    1-جلال فاروق الشريف، موقع مدرسة دمشق المنطق الحيوي

    2- كمال اللبواني، شبكة الصحافة غير المنحازة

    3- خليل حسونة، مجلة رؤية

    إعجاب

  2. تثار اسئلة مشروعة تخيف الناس من المنطق الحيوي اولها :
    وسنضع مع الوقت إجابات على أهم تلك المخاوف والشبهات
    السؤال الأول : إذا كان الكتاب الأول الصادر عام 1970 اسمه الأيديولوجيا الحيوية .. ونحن نعبش سقوط الأيديولوجيات.. فما الذي يجعل مدرسة دمشق تراهن أنها بوصفها حركة ايديولوجيا اساسا .. فهي لن تكون ساقطة كغيرها؟؟
    جواب السؤال الأول هو : السؤال مشروع .. ويمكن تفهمه ولكنه لايشمل الأيديولوجيا الحيوية .. لكون الأيديولوجيا الحيوية ليست كتابا ولا نظرية بل هي ممارسة كونية بدهية كونية قبل ان يكون هناك اي كتاب واي بشر واي شجر واي حجر
    الأيديولوجيا الحيوية هي منطق الحياة بكل تحوياتها ومنها البشرية والنظرية .. ولكن لاتتوقف على تنظير محدد وعصر محددد ومجتمع محدد بل تعبر عن نفسها في الكائنات والافكار والممارسات جميعا من خلال وحدة طرائق تشكلها واختلاف ظروف تشكل كل منها
    الأيديولوجية ككلمة يعني “علم الفكر” وماسقط من الأيديولوجيات هو مزاعمها “العلمية” او “المنطقية” إلى درجة سمت الماركسية نفسها”علم العلوم ”

    فكل إدعاء ب : علم للفكر, أو وغير الفكر .. يتحوى جذر منطق مصالح شكل جوهراني .. فهو مناف للبرهان ويعمم ازدواجية معاييره .. ولذلك هو ببساطة ليس علما.. بل تجهيلا وتجاهلا وجهلا لأسس العلم الذي لايقوم إلا على الشكل البرهاني التجريبي .. المؤسس على وحدة المعايير

    و صفة الحيوية عندما تأتي نرافقة للأيديولوجيا تنفي التحويات الجوهرانية الثابتة المستقلة الأحادية الحتميه الإطلاقية لصالح شكل حركي حيوي احتمالي نسبي .. والتحوي هو الاحتواء المتبادل المتجدد ..
    والحيوية هي أية طريقة تشكل حركية تشكل صبرورة قادرة على تجديد واعادة انتاج ذاتها ..
    وأساس الصيروة الحيوية هي تحوي الشكل الفعال والضروري المؤسس على وحدة معايير التماثل والإختلاف الكوني من خلال تحوي الوحدة في التنوع وتحوي التنوع في الوحدة.
    حيث
    1- تتماثل الكائنات بوصفها طرائق تشكل
    2-وتختلف الكائنات بوصفها تتشكل وفق ظروف متعددة ظهورا وتنوعا وزالا..الأيديولوجيا الحيوية لاتنافس العلوم ولكنها تقدم نفسها كمنطق يشمل ماهو علم .. بالإضافة إلى ماهو جهل بآن واحد.

    ولذلك فإن تطور كشف الأيديولوجيا الحيوية منذ انطلق عشية هزيمة 1967 وعبر مخاضات بحث عملي ونظري ل مدرسة دمشق كمشيمة ابداعية حامية ومولدة .. لأكثر من أريعين سنة الماضية تبلور أداة قياسة منطقية ملزمة بالضرورة البرهانية والبداهة الكونية للمصالح المشتركة
    وتم تدريسها في جامعات باريس والجزائر و واشنطن والقاهرة.. لطلبة من مختلف اللغات و الدول والأديان كهندسة معرفية .. وليس كفلسفة .. لكون الهندسة المعرفية للمنطق الحيوي تشمل مختلف الصيغ والمنظومات المنطقية للفلسفات والأيديولوجيات والإختصاصات .. فكيف يكون ذلك مقبولا إذا كان على مما تعودناه من مزاعم علموية ايديولوجية ؟؟

    أليس في ذلك برهان كون الأيديولوجيا الحيوية ليست أحادية المصالح.. ؟
    ولا رؤية اقصائية للأبعاد المختلفة لصيرورة أي كائن بوصفه طريقة تشكل أو شكل ؟

    الأيديولوجيا الحيوي هي علم الشكل .. ولاعلم إلا بشكل
    وهي منطق الشكل الحيوي وكل كائن يحيا بشكل ويموت بشكل
    هي تتحوى كل شكل بوصفه محتوى بشكل ويحتوي – بدوره شكلا
    شمولية منطق الشكل الحيوي هي تطبيق لمقولة لاعلم إلا بالكليات
    والكلية الكونية الحيوي هي : الشكل

    الأيديولو جيا لاتحتاج إلى اقناع الناس بها ولكن اكتشافها في مصالحهم .. وهم يمارسون بوعي او بدون وعي على الدوام .. كصلاحيات متعددة القيم والدرجات
    الحيوية صلاحية بداهة الحياة كما تتحوها مختلف الكائنات من بشر وشجر وحجر
    وكل منها يتحوى طريقة تشكله الحيوي بقنوانات مختلفة تؤكد باختلافها وحدة المنطق الحيوي المشترك

    فهل في ذلك ماهو غير برهاني؟
    هل يوجد برهان يناقض ذلك..؟
    فلماذا – إذن – الحذر والخوف من تعبير الأيديولوجيا مادمت حيوية ؟
    وهل ثمة مايخيف ببرهانية وشمولية وحدة معايير منطق شكل حركي حيوي احتمالي نسبي.؟
    أم ان هذا هو معيار حيوية أي فكرة وأي علم واي مصلحة واي صلاحية؟؟

    السؤال الثاني: هل المنطق الحيوي هو دين جديد؟ وماهو موقفه من الأديان؟
    جواب السؤال الثاني هو: .. ؟؟
    زورنا بعد فترة ستجدون مزيدا من التوضيحات

    إعجاب

  3. عزمي بشارة : المعارضة وتقديم المشورة للأنظمة الحاكمة

    عزمي بشارة- الجزيرة نت
    24/ 05/ 2009
    يتناول هذا المقال ميل بعض المعارضات العربية أن تنقد سياسة الأنظمة بالادعاء أن خط هذه الأنظمة لا يخدم مصلحتها، وكأنها تعرف مصلحة الأنظمة أكثر منها.
    هذا النوع من الطرح السياسي دليل عجز، إذ ليس من واجب المعارضة تقديم النصيحة للأنظمة عن مصلحتها. فالمنطلق هو أن الأنظمة أدرى بمصلحتها من معارضيها. تحسن المعارضة صنعا إذا انطلقت في نقدها من مصلحة البلد والشعب، وليس من مصلحة النظام الذي تعارض.
    1- لا توجد في السياسة معارضة لذاتها، اللهم إلا نقد يمارسه عدد محدود جدا من المثقفين الذين يجعلون الفحص والنقد المستمر مهمتهم. ومع أنه يلعب دورا سياسيا إلا أنه غالبا ليس مسيسا. ولكنه يبقى دورا ضروريا مكملا للحركة السياسية.
    ولكي يلعب هذا الدور يجب على أصحابه تجنب ما يجعله يبدو غير جدي مثل الإصابة المنتشرة بالذاتية والسطحية والنرجسية والاستعراضية النقدية. وهم أعداؤه الرئيسيون. وأقصد بالذاتية هنا الدوافع الذاتية الفردية مثل الوقوع في غرام بدور الضحية، والحب والكره والحسد والمرارات والرغبة الفردية بالانتقام من أفراد بعينهم لأسباب فردية.
    وبالاستعراضية النقدية أقصد الاهتمام ليس بالنقد وموضوعه وقيمته ووظيفته التي يؤديها، بل بتقديم صورة للناقد عن ذاته تتلخص بأنه متحد دائم وغير مكترث بشيء.
    فيما عدا ذلك ليس في السياسة معارضة لذاتها. وطبعا هنالك من يعارض لسبب ذاتي مثل الوصول إلى منصب في الدولة عبر لفت النظر ودفع النظام إلى محاولة احتواء المعارض بإسناد وظيفة.
    وقد تجد من يعارض لأسباب وصولية متطابقة مع أهداف المعارضة ذاتها، بمعنى أن مصلحة الفرد الذاتية تنطبق مع مصلحة الحركة التي يمثل عبر ازدياد نفوذها أو وصولها إلى الحكم، وغير ذلك. وهذه دوافع فردية تعتبر مشروعة في أي عمل سياسي، حسب درجتها. ولكننا لن نخوض هنا بدوافع الأفراد في إطار الحركة السياسية ذاتها.
    ما يهمنا في هذا المقال هو الحركة المعارضة السياسية، أو الحزب السياسي. وفي الدول الديمقراطية التعددية التي تسمح بتداول السلطة تقدم المعارضة برنامجا يتعارض مع سياسة الحكومة. وتدعي أنه لا بد من الوصول إلى السلطة لتنفيذه، وذلك إما بالمشاركة في الحكم أو بانتزاعه.
    أما في حالة حركات الاحتجاج وجماعات الضغط فهي تعارض أو تحاول أن تؤثر لتحصيل مطالب أو للتأثير على النظام الحاكم دون أن تصل إلى الحكم. فحركة الاحتجاج لا تطرح نفسها بديلا، بل تعارض سياسته مطالبة أن يقوم الحكم القائم بتغييرها وبتنفيذ مطالب حركة الاحتجاج.
    وتعرف الدول الديمقراطية حركات احتجاج تستخدمها المعارضة السياسية أو تخترقها محاولة تسخيرها كأدوات سياسية بيد المعارضة، وذلك إما لأن الحكم غير قادر على الاستجابة لمطالبها، ما يفضح النظام ويعبئ ضده لصالحها، فيتحول الاحتجاج إلى أدوات تغيير، أو لقناعة لديها أن النظام إذا تجاوب مع المطالب المطروحة سوف يسجل تراجعا يضعفه ويمكن تعميق هذا التراجع ليستمر حتى الهزيمة في الانتخابات القادمة.
    وتحاول حركات الاحتجاج أحيانا أن تتجنب تأثير المعارضة السياسية والأحزاب لأنها تخشى رد فعل السلطة التي تدرك الآليات أعلاه.
    فهدف المعارضة السياسية في الدولة الديمقراطية هو الوصول إلى الحكم و/أو المشاركة فيه، ولا معنى آخر لتأسيس وتنظيم حزب سياسي.
    ولا شك أن هنالك أحزابا سياسية طرفية هامشية في الدول الديمقراطية لا تسعى إلى ذلك، إما لأنها تدعو لقلب نظام الحكم برمته -وهذا يعني أنها تسعى للوصول إلى السلطة ولكن من خارج قواعد اللعبة- أو لأنها تسعى فقط لنشر فكر مختلف عن ما هو سائد بين التيارات المتنافسة. ولكنها في هذه الحالة الأخيرة تتحول بالتدريج إلى ما يشبه النادي الفكري أو الجمعية، وحتى الطريقة الدينية في بعض الحالات.
    2- حسنا، يصح ما نقوله أعلاه في الدولة الديمقراطية. ونضيف أن الحزب السياسي المعارض لا يرى من وظيفته تقديم المشورة للحكم من أجل مصلحة الحكم القائم، بل يفترض أن الحكم القائم يعرف مصلحته، ولكنه يختلف معه على مصلحة البلد.
    فالحزب المعارض يدعي أن مصلحة الحكم القائم لا تلتقي مع مصلحة البلد. وهو يفضح ذلك ولا يقدم له النصائح. ونستثني للدقة الحالات المتطرفة جدا، التي يسود فيها إجماع قومي مثل تعرض البلاد إلى حرب أو كارثة طبيعية أو غيرها. عندها يتشاور الحكم حسب الحكمة التي يتمتع بها مع المعارضة ويتبادلان النصائح في قضايا أمن قومي عليا متفق عليها نتيجة لطبيعة النظام المشترك بينهما والذي يحتضن تنافسهما.
    ولكن ماذا بشأن المعارضة في دولة غير ديمقراطية، أليس هدفها الوصول إلى الحكم؟ لا شك بذلك. فالمعارضة في الدولة غير الديمقراطية الحديثة تنظِّم نفسها طبعا في حزب أو أحزاب سرية أو شبه علنية لكي تصل إلى السلطة وذلك لتنفيذ برنامجها، بغض النظر عن كونه ديمقراطيا أو غير ديمقراطي.
    وطبعا تعرف الأنظمة غير الديمقراطية تغيرات في الحكم من داخله دون دور مباشر للأحزاب المعارضة، وذلك إما بالإصلاح أو بالانقلاب، يقوم به الحزب الحاكم أو الجيش أو الأجهزة وغيرها، وقد تنتهي بإشراك الأحزاب المعارضة، وقد تنتهي بزيادة قمعها وحظرها.
    وليس هذا موضوعنا في هذا المقال. فالحالتان منتشرتان ونتائجهما متفاوتة. ما يهمنا هنا هو حالة الأحزاب المعارضة في الدول غير الديمقراطية، ومنها الدول العربية.
    حين يطول وجود الأحزاب في المعارضة ويثبِّت النظام نفسه بقوة بواسطة توسيع القواعد الاجتماعية المستفيدة منه وخلق قطاعات جديدة مرتبطة به، أو بواسطة قمع واستنزاف قوى المعارضة وتفتيتها بنجاعة و/أو بواسطة إنهاك كوادرها في السجون والمعتقلات والمنافي فإن المعارضة التي تستمر تثبت نفسها. لكن بعضها يميل إلى قبول صفقة مع النظام الحاكم تمكِّنُه من العمل كحزب معارض على هامش الحياة السياسية، ولكن كمعارضة أبدية تمنع نفسها من التفكير بالوصول إلى الحكم.
    وكما قلنا أعلاه إذا قبل الحزب خانة المعارض الأبدي وتحول إلى العمل من منطلق الحفاظ على نفسه في وضع شبه قانوني ولكن بشروط النظام وعدم الاعتراض على النظام، فإنه يفقد بالتدريج صفته الحزبية وتسيّسه، فيعيش بقوة الاستمرارية منتظرا فرصا لن تأتي لأنه تنازل في بنيته وفكره وبرنامجه وعبر شروط اللعبة التي قبلها عن السعي للحكم.
    ومن أطرف ما تنتجه هذه الحالة خطابٌ سياسيٌ نقدي للنظام، ولكنه يلف ويقدم كرزمة من النصائح لكي لا تثور ثائرة النظام فيغضب، أو يتهم المعارضة بمناكفة النظام.
    ولذلك تطرح المعارضة خطابها بالقول مثلا إن مصلحة النظام هي أن يغير سياسته، فيقف إلى جانب المقاومة، أو إن مصلحة النظام هي في البحث عن المشترك مع الدول العربية الأخرى، ومن مصلحة النظام قطع العلاقات مع إسرائيل.
    وليس لدي شك أن النظام الحاكم وأقطابه يبتسمون باكتفاء حين يسمعون هذا النوع من النقد. فهو يؤدي خدمة لهم، إذ يسلِّم هذا الخطاب أن منطلق المعارضة هو مصلحة النظام. فهي تجعله مسلّمة وطنية فوق النقاش. أي أنها تجهض مهمتها السياسية والاجتماعية منذ البداية وتتنازل عنها.
    فتقديم المشورة أمر خليق بمنطلق مستشار وليس منطلق حزب معارض يرغب بإثبات فساد أو تهافت سياسة الحكم، وعدم قدرة هذا الحكم على تبني سياسة لصالح المجتمع والشعب.
    كما تميل القوى السياسية الناقدة غير القادرة على المواجهة إلى التعامل مع الخلاف مع السلطة الحاكمة كأنه خلاف داخل العائلة العربية الواحدة. فهي تميل إلى محاولة التوفيق كأن مهمتها التوحيد بين أنظمة وليس بين الشعوب. ولا بأس بهذا كهدف، فهنالك إيجابيات للتعاون العربي بغض النظر عن طبيعة الأنظمة.
    تبرز المشكلة حين تتصرف المعارضة، القومية بشكل خاص، بوصاية مفتعلة لا أساس لها، في محاولتها أن تبدو وكأنها تأخذ بيد النظام أو الملك أو الرئيس وترشده إلى الطريق الصواب، وكأنه قاصر وهي ناضجة.
    وعلينا أن نسلم أن نظاما يحكم بلده منذ عقود يعرف مصلحته. والدليل قدرته على الحفاظ على حكمه فترة طويلة بهذا الشكل. أما المعارضة المؤبدة فهي لم تثبت أنها قادرة على الحكم ناهيك بمنح المشورة لمن يحكم.
    وربما يعرف النظام كيف يحكم ويحافظ على حكمه. ولكن ما يفترض أن يهم الطرف المعارض هو الإثبات وتعبئة الشعب على أن حكمه يتعارض ومصلحة الشعب والبلد، كما يتعارض مع المبادئ التي يقوم عليها الإجماع الوطني أو فهمه لذاته، أو لما يجب أن يكون.
    ماذا لو رأى نظام ما أن العلاقة مع إسرائيل تقوي علاقته مع الولايات المتحدة، وأنه وضع بلده في ذلك المعسكر إستراتيجيا، وهذه مصلحة نظامه؟ هل تدعي المعارضة أنها أدرى منه بمصلحة النظام، أم تدعي أن سياسته هذه ضد مصلحة البلد والشعب.
    فهل يمكن إقناع رئيس السلطة الفلسطينية الحالي أن مصلحته تتحقق من خلال التعاون مع المقاومة بغض النظر عن هويتها الحزبية؟ هو يعرف أفضل من معارضيه أن مصلحته للاستمرار في السلطة بهذا الخط وهذه السياسة تكمن بالتحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن تغيير سياسته بحيث تتوافق مع الوحدة الوطنية تعني تغييره وتغيير الأساس الأمني الذي عليه هذه السلطة.
    وإذا كانت هذه هي حال سلطة ليست ذات سيادة، فعن الدول العربية حدث ولا حرج، حيث الخبرة في الحفاظ على النظام في سياسته القائمة مستمرة تثبت نفسها منذ عقود.
    ربما تبنى مصلحة النظام على غير تصور المعارضة لمصلحة البلد ومكانة البلد وموقعه، وكشف هذا الواقع والسبيل إلى تغييره هو دور النقد السياسي المعارض فعلا من منطلقات مبدئية.
    وعليها أن توضح ذلك حتى عندما لا يكون بوسعها ولا على أجندتها طرح مسألة الحكم.
    يبقى المنطلق هو الموقف ومصلحة البلد وفي السعي نحو تغيير السياسة، وهذا لا يمر بتقديم النصائح للنظام الحاكم في كيفية الحفاظ على مصالحه.

    إعجاب

  4. تم نشر المداخلة في موقع كلناشركاء بعنوان

    معالجة حيوية لاعتلال حزب البعث القومي في سوريا ؟!

    http://all4syria.info/content/view/9256/38/
    رائق علي النقري- كلنا شركاء
    25/ 05/ 2009

    إعجاب

  5. تم نشر هذا اللقاء في نشرة “كلنا شركاء” و على جزأين.

    وصلة اللقاء بجزئه الأول على موقع “كلنا شركاء”:
    http://www.all4syria.org/show_letter.php?issue=20040722#5

    أجرى اللقاء طارق القدّاح : ( كلنا شركاء ) 22/7/2004
    تناولت وسائل الإعلام مؤخرا تصريحاً من مستشار وزير الإعلام الدكتور احمد الحاج علي عن تمنياته بوجود ” معارضه إيجابية ” في سورية فهل ذلك يعني اعترافا بالمعارضة الحيوية ودعوة للاستفادة من مؤسسها الدكتور رائق النقري؟.

    وفيما يلي نص لقاء حول نقاط محددة حول مدرسة دمشق المنطق الحيوي طالما بقيت لغزا في تبيان الإسقاطات السياسية للمنطق الحيوي على الساحة السورية. وبخاصة إن الكاتب السوري جمال باروت يقدم الحيويين في كتابه حول الحركات القومية في سوريا الحديثة والصادر عن مركز الرئيس اليمني السابق على ناصر محمد في دمشق(( المعهد العربي للدراسات الاستراتيجية-دمشق – 2000 ))والموضوع نفسه الخاص بالتنظيم الحيوي الثوري نشره الكاتب جمال باروت ايضا في جريدة الحياة بعد وفاة الاسد أيام 21و22و23 حزيران
    ويقدم جمال باروت معلومات مثيرة حول النقري والتنظيم الحيوي بوصفه أهم
    تنظيم انقلابي عسكري. في حقبة الرئيس السوري الراحل الأسد.
    والمحير في الأمر أن النقري بالرغم من خلفيته و آرائه السياسية المعارضة وبالرغم من الكتب الحيوية ممنوعة من النشر في سوريا. فانه يقيّم الراحل الأسد تقييماً إيجابياً يضعه في مصاف عبد الناصر والخميني
    والقوتلي . كما انه يشيد بالرئيس بشار بوصفه رئيسا واعداً للتطوير الهادئ وسط العواصف.

    و لقد حاولنا استبيان رأي الدكتور النقري حول ذلك كله وحول الفارق بين التنظيم الحيوي ومدرسة دمشق المنطق الحيوي وعلاقة كل ذلك بتطورات ومخاضات الواقع السوري والعربي.

    آراءً أقل ما يقال عنها أنها مثيرة للجدل ومدعاة لإعادة التفكير في ما يحب الدكتور النقري أن يسميه منطق البداهة الكونية للمصالح المشتركة تتزامن مع استضافة “نادي الفكر العربي” للدكتور رائق النقري في لقاء مفتوح للتعرف بشكل أفضل على أطروحاته الجديدة كلياً في الفكر العربي المعاصر. والتي شملت مقاربات مختلفة وخلافية لحل موضوعات معقدة تاريخياً و متعددة شملت قضايا متنوعة من مسائل تتعلق بالذات الإلهية إلى قضايا الأديان والحقائق متعددة القيم بالمقارنة مع الحقائق الثنائية . مروراً بمسائل الإسلام السياسي والواقع العربي بما فيه مسائل الحركات الإسلامية ومسائل الحجاب والأوضاع على الساحتين الفلسطينية والعراقية مع وقفة مطولة على المشهد السوري, واقعه وعلاقة المعارضة الحيوية و موقفها من كلٍّ من السلطة والمعارضة.

    أجري اللقاء طارق القدّاح على خلفية أسئلة كثيرة أخرى طرحها معه موقع “نادي الفكر العربي” :
    http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?tid=20005
    ليكون لقاء البداهة الكونية مع المفكر العربي السوري د. رائق النقري في لحظات خطرة من تحويات الواقع السوري والاستحقاقات المتعلقة بلبنان والعقوبات الأمريكية وما يطرح حول تطوير حزب البعث الاشتراكي.وتطوير عمل الحركات المعارضة باتجاه حيوي.

    1- ما موقفكم من المعارضة السورية – و أين تصنفون حركتكم الحيوية أو دوركم بين النظام السوري و المعارضة السورية ؟

    أميز في المعارضة السورية بين أربعة أشكال متمايزة :

    الأولى: هي المعارضة الثأرية
    الثانية: هي المعارضة الانترنيتيه
    الثالثة : هي المعارضة الصفرية
    الرابعه: هي المعارضة الحيوية

    المعارضة السلبية -المعارضة الثأرية :أولا إن المعارضة السلبية والتي تعيش على حساب تضخيم أخطاء السلطة وتشويه سمعتها هي حالة موجودة في كل بلاد العالم ولا تخلو من إيجابيات من حيث تخويف السلطة من نتائج عملها إلا أنها في سوريا ليس لها إيجابية واحدة?? إلا في دعم السلطة بشكل غير مباشر?? لكونها – في جميع أشكالها تحمل خلفيات حاقدة وتنزع نحو الثأرية و العودة إلى التسلط لو كان حرب أهلية وهذه المعارضة الثأرية لا تمثل -فقط! – وجها من وجوه النظام السياسي بل هي الوجه الآخر والأسوأ للسلطة لكونها بقايا شرائح وتحويات متساقطة عن السلطة في مراحل سابقه وتعيش بوصفها تمثل رمزيا سلطات بدأت تنهار منذ بداية القرن الماضي مع سقوط التحوي الطائفي العثملي في 1916 ومن ثم سقوط التحوي القومي في 1967 وسقوط التحوي الماركسي 1970 وهي تعاني من فشل ذريع أما كونها تعبر عن النظام السياسي نفسه فيعود إلى كونها تشارك السلطة في تحوي منطق أحادى عنصري نافي للآخرين و قياداتها مثل قيادات السلطة تعيش على الاحتراف السياسي وهي مثل السلطة في كونها تعد علاقاتها الخارجية العامل الحاسم في نجاحها وفشلها .
    وهذه المعارضة التقليدية- الثأرية ليست فقط الوجه الآخر للنظام بل هي الفزاعة التي يخيف النظام – بها ومن مجرد ذكرها بوصفها من امتدادات الخوزقه التي كان ينصبها العثمانيون. – كثيرا من الأطراف الداخلية والخارجية. بكونها البديل عنه في حال إسقاطه أم انهياره ولذلك فإنها تمثل الوجه الأسوأ للسلطة . و تحرص السلطة على تمديد حياة المعارضة التقليدية- الثأرية. على الأقل من من خلال استمرار اعتقال الناس بحجة انهم ينتمون إليها. القول بأن – المعارضة التقليدية- الثأرية- هي الوجه الأسوأ للسلطة فان ذلك يعود لكون تحوياتها الثأرية لم تأت بأي عائد مجزي لها أو للوطن. وأدت إلى خسارة معظم مصادر دعمها في الخارج والداخل. وذلك على العكس من السلطة التي يبدو أنها -بحكم عبقرية الجغرافيا السياسة السورية ما تزل تعطي من يتحوى عبقريتها السياسية-الجغرافية الكثير من إمكانات التهديد والمقايضة. ولذلك غلب طابع التاجر المحترف على العمل السياسي الشامي تاريخيا .
    المعارضة (العصمليه ) الطائفية العنصرية – أحد أشكال المعارضة التقليدية- الثأرية ما تزال تعتمد على شرائح اجتماعيه عاجزة عن التحوي الحيوي للتراث الإسلامي وما تزال تتحوى ضمن منطق إعادة الإقطاع الاقتصادي والديني ومع أنها تتمتع ب”أوقاف” لاستمرار تحويها إلا أن تلك الأوقاف خاوية من أي غثاء احوى. ومازالت تتحوى التراث بصيغ ثأرية لإعادة العالم إلى حظيرة الأسلمة العنصرية – وهذه المعارضة الطائفية الثأرية لكونها من مخلفات السلطات العثمانية المنهارة. فإنها كادت أن تنمحي قبل الموجة الناصرية في سوريا .. إلا أنها بسبب عبد الناصر ونفوذه المتعاظم في مقاومة الاستعمار القديم والجديد أُعيد نفخها بالبترو- دولار على يد الملك حسين والسعودية لتصبح فقاعات– كرة قدم . – تم تلعيبها في تصفية ما عجزت السلطة عنه في تصفية الناصرية و تسعير أجواء الحرب الثأرية الأهلية في سوريا.
    أما الشكل الآخر للمعارضة التقليدية- الثأرية فانه يضم بعضا من ابناء الأقليات التي عانت من تقزيم قومي أم طائفي . ومعظمها وجد في منطق الماركسية- السوفيتية حواءا لتطلعاتهم الثأرية بحيث أصبحوا عاجزين عن التحوي الحيوي للتراث والمحيط العربي أم الإسلامي ويعانون من استعرار في معايشة تراث أهليهم الذين ورثوا عنهم الفقر والتهميش. ولقد استفاد بعض هؤلاء من هذه الأشكال – بالرغم من شعاراتهم الماركسية من الدعم الغربي و الشرقي معا لمواجهة وإضعاف وتوريط عبد الناصر. وعدم إعادة الوحدة مع مصر وضمان عدم تحقيق أي شكل للتقارب مع العراق. ويمكن الإشارة إلى هؤلاء في بعض مخلفات التهجين القومي -الماركسي ( سلطه الاتاسي – جديد ) وفي أيتام السفارة السوفيتية المنهارة بعد أن تم إبعادهم عن منافع السلطة التي فضلت ( بكداش الكردي الأصل) على غيره بحكم خلفيته الكردية التي أمكن تلعيبها بسهوله للشغب على صدام و تركيا .
    لن نتحدث -هنا- عن الإنشقاقات و الاستنساخات الطفولية التقليدية في الشرذمات الماركسية التي لم تتعدى شرائح طلابية هامشيه. بعد انفراط عقد تنظيماتها وسقوطها عن السلطة الأم وعانت من عمى رؤية لمخاطر تسعير الحرب الأهلية الطائفية ومن مراهقة سياسية في مشاعر الاستعرار من تراث أهلها برفعها شعار الثورة حمراء. مباشرة للمزاودة على كل الماركسيات. ببقية شعارات تروتسكية سقطت منذ زمن بعيد عالميا.

    وفي مقابل النظام الأحادي السياسي السوري الذي يجمع السلطة والمعارضة التقليدية- الثأرية توجد ثلاث أنواع من المعارضة:
    المعارضة الصامتة -المعارضة الصفرية
    المعارضة الانترنيتيه- المعارضة المهججة
    المعارضة الحيوية- المعارضة الإيجابية

    المعارضة الصامتة -المعارضة الصفرية وهي تشمل الأغلبية العظمى من المواطنين ولأسباب بينها اللامبالاة و القرف. وبينها الخوف والترويع . واخطرها هو الشعور بعدم الأهلية والأهمية . لكل هذه الأسباب فهي قوى اجتماعية عاطلة ومعطلة . ولكن هذه القوى المعطلة والصامتة يمكن لها أن تغير المعادلات السياسية إذا توفر لها قادة حيويين قادرين على إخراجها من القمقم و احتواء مصالحها على أرضية البداهة الكونية للمصالح المشتركة.

    ولذلك فان الأرض السورية الإبداعية وبخاصة شبابها – حيث الذكاء المتفرد المشهود عالميا- الظامئ لدور حيوي إبداعي طال غيابه. والذي يمكن أن يعيد إلى لدمشق الق نبضها العروبي كأول دول تستقل من الاستعمار. و وروحها الإسلامي الذي أعطى الإمبراطورية الأموية عاصمتها. وطريقها العالمي الذي أعطى بشارة المحبة إلهية المسيحية عن طريقها.
    وما لم نلمس مشاركة شعبية جماهيرية بقيادة نقدية حيوية فان هذه المعارضة الصامتة -المعارضة الصفرية ستبقى العلامة الشؤم على درجة الموات و اليباس السوري.

    أما المعارضة الانترنيتية- المعارضة المهججه فانها تشمل خليطا من المعارضين الأكثر حيوية بالمقارنة مع رموزهم التقليدية لكونهم على الأقل اكثر ثقافة وأقدر على استعمال تقنيات العصر ومع أن أكثر نتاج هذه المعارضة هم من يتامى صدام والانشقاقات الماركسية فان دعمها الأساس يأتي من الخارج وبشكل خاص العناصر الكردية وبقايا حركات التسعير الطائفي كما أن جريدة النهار المعبرة عن تيار انفصالي وثأري لعبت دورا في الترويج لملفاتها الثأرية وما يميز هذه المعارضة الانترنيتية عن مجرد المعارضة الثأرية هو أن أصحابها وقد بدؤوا يحظون ببعض الشهرة بعد أن حجب عنهم ذلك رموزهم الخاويين إلى من دعم السفارات التي فرضتهم وسوقتهم؟؟ كما بدأت تمتد لتشمل عناصر تنتمي إلى السلطة بشكل هامشي.. حيث وجدت فرصة لإعادة الظهور..
    و مرة أخرى نلاحظ أن تعبير هؤلاء ما يزال امتدادا لتحويات منطق أحادى عنصري وان تبرقع بشعارات حقوق الإنسان والمجتمع المدني فيما عدا استثناءات عبرت عن مصداقية نقدية عمليه لم تتبلور حيويتها بعد بشكل غير قابل للانتكاس و مازال بعضها خجولا للاحتفاظ بخط الرجعة لكن الكثير منها أوضح عن أصالة حيوية يمكن التمييز في درجاتها كل على حدة ولكن الأهم أنها مما يمكن الرهان على تطورها وبخاصة بين أفراد يعانون أزمة مع خلفياتهم التنظيمية ومع السلطة ومع المعارضة السلبية وهم في اغلبهم أما ممنوعين من السفر أم مهججين يخافون من العودة يمكن الإشارة إلى هؤلاء في خلفيات متعددة و مساهمات جدية من أمثال أكثم نعيسه وجاد الجباعي و ميشيل كيلو و محمد رعدون ومحمد سيد رصاص الخ كما يجب ملاحظة أن هذه المعارضة الانترنيتية تفيد في التوثيق والحوار وهي افضل بكثير من فشات الخلق التي تعارض وتشتم من وراء أسماء مستعارة وتعبر بشكل قيحي عن تحويات منطقها الأحادي ومن يقرأ حجم البذاءة في الحوارات الانترنيتيه الغفل من الأسماء الصريحة يعرف ما أعني وهذه المعارضة الانترنيتيه- المعارضة المهججه اقل سلبية من المعارضة الثأرية التقليدية واقل سلبية من التحويات السلطوية المسعورة باللهاث للحفاظ على سبل ارتزاقها و يمكن الرهان على تطورها حيويا على الرغم من كونها لأنها ما تزال فردية و خلبية إلى الآن على الأقل إلا أنها قد تتطور بالاستفادة من العقلية الحوارية النقدية التي لا يمكنها إلا أن تؤثر فيها إيجابيا وقد تمتلك حضورا مؤثرا مع ازدياد وسهولة التواصل الانترنيتي.

    المعارضة الحيوية – المعارضة الإيجابية هي التي أسستها منذ 1967 لتنتشر وتنتصر بغير منطق القوة بل – أولا و أساساً- بالاعتماد على قوة المنطق الحيوي وهي معارضه لا تتصيد أخطاء السلطة ولكنها تشكل المعيار الموضوعي والبوصلة الأمينة لاحتياجات الوطن وتعتمد منطق البداهة الكونية للمصالح المشتركة لإقناع الآخرين.

    2- كيف ذلك ؟ هل أطروحات المنطق الحيوي معروفة وشائعة ومقبولة إلى هذا الحد ؟

    أنت محق في هذا التساؤل ولكن المنطق الحيوي ليس مجرد اطروحات نظرية فقط. و لا ينحصر في ممارسات سياسية لمجموعة التنظيم الحيوي . واكثر من ذلك فالمنطق الحيوي ليس اختراعا أبدعته مدرسة دمشق وليس خبطة شعر نثري عبقرية فردية يمكنني زعمها. بل هو كشف ممكن للجميع ويلاحظه الجميع بدرجات . ويعبرون عنه بدرجات بحسب تحويهم منطق الحياة بما تتيحه إمكانات ومستلزمات ومخاطر في عصرنا. ويعبر عن نفسه على الأقل بإحساس نقدي متعاظم بأننا لا نرى طريقنا إلى العصر ولا نعرف أولويات مصالحنا بالوضوح الذي كنا في مراحل سيادة منطق الجوهر. أما مسالة اكتشاف منطق الشكل بجلاء وبلورة فكريه وسياسية فإن الأمر مرة أخرى ليس مسألة نظرية بل عملية سياسية أولا. وهو أمر يتقدم ويشق طريقه تحت السطح وفوقها. نعم ببطء. ولكن بثبات في الاتجاه الحيوي لأنه لا يقبل النكوص تحت طائلة الفناء للجميع . محليا وإقليميا وعالميا .

    3- ولكن كيف تراهن على منطق ما يزال غامضا حتى بالنسبة لكثيرين ممن اطلعوا عليه ؟

    مرة أخرى علينا أن نتذكر أن المنطق الحيوي ليس محصورا في كتب المنطق الحيوي كما أن فهمه وتحويه لا يتم فقط من خلال قراءة اطروحات نظرية تطلق على نفسها هذه الصفة أو تلك .
    بل هو منطق الحياة في عصرنا ويتحوي العالم من حولنا وفينا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية من امتلاك تحويات أسلحة الدمار الشامل إلى تحويات الفضاء والاتصالات من الترانسزستور إلى الانترنيت وحقوق الإنسان هذه التحويات ليست نظرية فقط بل عملية وحاسمة سياسيا وتقاس حيوية المجتمعات بمدى تحويها كما أن هذه التحويات مقروءة من العالم أجمع ليس من خلال الكتب فقط. بل أولا و أساسا من خلال قراءة الأحداث الكبرى التي تعصف بنا من الثورة الإيرانية الإسلامية إلى سقوط الاتحاد السوفيتي إلى الاحتلال الأمريكي للعراق ولنتوقف عند أثار أحداث معينه لنرى حجم
    تأثيرها من زيارة السادات للقدس إلى زيارة الرئيس بشار الأسد إلى استنبول لنرى كيف أن كل زيارة مسحت آلاف الكتب في الصراع العربي-الإسرائيلي والصراع العربي – التركي .

    4- هل تقصد أن زيارة السادات إلى القدس التي كانت وما تزال محتلة وزيارة الأسد إلى استنبول حيث إسكندرونه ما تزال محتلة لهما ذات المعنى وذات القيمة الحيوية؟

    الإجابة هي النفي. فزيارة السادات لم تكن حيوية لأنها أمدت بعمر منطق الجوهر العنصري الصهيوني ولم تساعد اليهود ولا العرب على قراءة منطق العصر المتجاوز للعنصرية . أما زيارة الرئيس بشار فهي حيوية جدا بهذا المعنى . وخلافنا على اسكندرونة ليس خلاف وجود بل خلاف حدود يمكن تسويته بسهولة. المشكلة في إسرائيل إنها ترفض أية حدود ويراد لها أن تكون المهدد لوجود سوريا والعرب أجمعين . ولذلك تم إيجاد سايكس-بيكو. ولذلك تطرح الآن صيغ تغيب الهوية العربية والإسلامية. ولو أن الأمر غير ذلك؟؟ لما كان هناك مشكلة في وجود دولة إسرائيلية ضمن المحيط السوري ؟ على كل, وبدون الابتعاد عن السؤال فان الزيارتين اتسمتا بطابع تاريخي هائل التأثير. اكثر من آلاف الكتب . كما أن سقوط الاتحاد السوفيتي جعل ملايين الكتب الماركسية بلا معنى فان زيارة الأسد التاريخية يمكن أن تجعل آلاف الكتب التي تتحدث بمنطق عنصري عن الخلاف التركي – العربي بلا معنى.
    ولنلاحظ -هنا- إن سياسة الأسد الراحل التي يتابعها ابنه في نزع النزاع المفتعل بين كل من الهويات السورية و العربية والإسلامية لها قيمه اكثر من آلاف الكتب في الموضوع. كما أن ظهور وزير الثقافة محمود السيد(و هو من أكثر المسؤولين بعصر بشار الأسد استنارة و انشغالا بالتجديد) في مهرجان جمعه مع البطريرك مار زكا الأول عيواص (بطريرك إنطاكية وسائر المشرق والرئيس العلي للكنيسة السريانية الأرثوذكسية) للاحتفال بالتراث السوري- السرياني يعد رسالة بالاتجاه الصحيح جدا, فتراثنا السرياني رفد عروبتنا و إسلامنا وما يزال. عفوا للاستطراد , ولكن اقصد أن الأحداث- كما قال الشاعر- أهم من الكتب. ففي حدها الحد. بين الجد واللعب.

    5- إذاً أنت تعتقد أن المعارضة الحيوية هي تلك التي تتبلور و تقوم على مجرد قراءة الأحداث التاريخية؟ وكشف منطق الشكل الحيوي فيها ؟

    الإجابة هي النفي أيضا. لأن كشف منطق الشكل الحيوي لا يعبر عن نفسه بمجرد ردود أفعال ولو اتخذت صيغ تنظيرات أكاديمية أم صحفية بل يعبر عن نفسه في مبادرات عملية سياسية قادرة على التجاوز العملي لازدواجية المعايير. بوصفها التعبير الأبسط و الأشمل عن منطق الجوهر العنصري.
    وبهذا المعنى فإن كل من يتجاوز -عمليا وليس نظريا فقط – سياسات وممارسات ازدواجية المعايير بين الرجل والمرأة فإنه يعبر عن المعارضة الحيوية للتمييز العنصري الجنسي. وكل من يتجاوز سياسة ازدواجية المعايير بين الأفراد بصرف النظر عن خلفياتهم فإنه ينتمي إلى المعارضة الحيوية لانتهاك حقوق الإنسان . وكل من يسعى إلى تحرير بلاده من الاستعمار والاستغلال فإنه ينتمي إلى المعارضة الحيوية للعبودية. وكل من يعارض الأحادية والتسلط السياسي والاجتماعي فإنه ينتمي إلى المعارضة الحيوية.. وهكذا وبجملة واحدة فإن المعارضة الحيوية هي معارضة منطق ازدواجية المعايير لكونها أمُّ العنصرية وأبوها عمليا ونظريا
    _________________
    .. لتحقيق ارادة الحياة الحريه

    مدرسة دمشق المنطق الحيوي
    __بيان المعارضه الحيويه
    وللمزيد يرجى زيارة موقع مدرسة دمشق المنطق الحيوي

    http://www.damascusschool.com

    إعجاب

  6. http://www.all4syria.org/show_letter.ph … 20040724#8

    لقاء مع د. رائق النقري حول المعارضات السورية و إصلاح النظام ( 2/2 )
    أجرى اللقاء طارق القدّاح : ( كلنا شركاء ) 24/7/2004

    6- إذاً المعارضة الحيوية ليست معارضة يقوم بها حزب واحد ووحيد??, أي متميز عن كل ما سواه ؟

    إذا كان الأمر – كذلك – فعلى من تعتمد قوى المعارضة الحيوية سياسياً في سوريا ؟ وما الفارق بين المعارضة الحيوية الثورية والمعارضة الحيوية الإيجابية ؟

    الإجابة هي أن المعارضة الحيوية في سوريا مرت في مرحلتين:
    المرحلة الأولى منذ نشأتها سرا 1967 بعد هزيمة حزيران إلى عام 1974 حيث تم توقيع اتفاق فض القوات في الجولان

    وفي هذه المرحلة فان المعارضة الحيوية كانت تعتمد التنظيم الحيوي السري وتسعى لتحويل القطر السوري ثوريا إلى قلاع إنتاجية ثقافية مقاتله يتم إنشاءها بقوة ووظيفة السلطة بحكم التزاماتها الرسمي لمواجهة الاحتلال. ومواجهة احتمالات توسعه .. وقد عبر التنظيم الحيوي عن برامجه في صيغتين طرحت لتحضير الراي العام ::

    الاول :كتاب( طريقنا إلى الحضارة) للشهيد حسن محمد نشر في دمشق عام 1974 بمقدمه لشاعر العرب الاكبر سليمان العيسى . الثاني: دراسات مطولة للواقع السورية نشرت كحلقات في مجلة جيش الشعب عام 1974 لإيضاح تلك (القلاع الإنتاجية الثقافية المقاتلة) التي أطلق عليها اسم( المختبرات الحيوية لتحقيق المجتمع العربي الاشتراكي الموحد) لتكون قادرة على تجاوز منطق التمييز العنصري داخليا ؟؟ ولتكون قادرة على التصدي الفعال لمصدره الخارجي والمتمثل اساسا بالاحتلال والتهديد بتويسع الاحتلال وذلك من خلال استخدام رافعة التصدي الطويلة المدى للاحتلال ومنع هزيمة جديده كنا نتوقعها قبل بعد 1974 ؟؟

    وقد صرح ديفيد اليعازر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل كانت تعد لضربة وقائية لسوريا في عام 74 لولا حرب تشرين التي استشهد فيها الكثير من المناضلين الحيويين .
    المرحلة الثانية فانها تمتد بشكل عملي منذ اطلاق سراح المناضلين الحيوين في نهاية 1982 الى اليوم

    فهي مرحلة ما بعد ضياع القدرة على استخدام مواجهة الاحتلال كرافعة حيوية ثوريه للتحول الاجتماعي الحيوي السريع بحيث أصبحت سوريا بوحدتها الترابية و الوطنية على كف عفريت ؟؟. عندئذ رأينا فإن أي تفعيل ثوري كان من شأنه الفشل
    و تسريع وتائر الوقوع في الصوملة واللبننة وعلى الأقل الجزأرة . حتى ولو نجح في الوصول إلى السلطة

    7- كيف ذلك ؟ هل تقصد أن إغلاق الصراع أو مهادنة العدوان الخارجي كانت المسؤولة عن فتح أبواب الفساد والصراع الداخلي؟ وهل تقصد أن للصراع ومقاومة الاحتلال فوائد للتحول الاجتماعي بوتيرة أسرع ؟ وكيف تم تضييع تلك الرافعة ؟

    نعم إن القوى والمجتمعات والدول التي دخلت في صراع يسعى للندية العلمية والتقنية والعسكرية والاجتماعية والسياسية مع عدو متقدم كإسرائيل كان وضعها افضل خلال السنوات التي كانت تسمى دول مواجهه .

    أما عندما أصبحت دول طوق الحرير؟؟ فإنها فقدت كل عوامل التقدم وحتى السيادة الداخليه ؟؟ فالمنطق الحيوي يعلمنا : ان المقاومة المشروعة العاقلة هي رافعة ثورية للتقدم الداخلي وتساعد على التطور في كل المجالات إذا اُستخدِم بعقلانية وهدوء وطول نفس؟؟.

    نعم لقد تم تضييع تلك الرافعة الحيوية الاستثنائية في أربع أحداث مفصلية في تاريخ سوريا والعرب عامة بدأت مع توقيع اتفاقية فصل القوات في سيناء و اتفاقية فض الاشتباك في الجولان واتفاقية كامب ديفيد إلا أن أسوأ المفاصل إطلاقا هو استخدام صدام لأسلحة الدمار الشامل لقمع معارضيه وإبادتهم .

    تلك المحطات أنهت أية إمكانات للمواجهة الحيوية الثورية لمصادر التحوي العنصري الداخلي والخارجي ولذلك رافقها فتح الجبهة الداخلية العربية والسورية إلى زلزال لم تنتهي بعد ؟؟ والقادم أسوأ إذا بقينا في السياقات ذاتها؟؟ .
    ومانريد قوله هو ان سياقات المهادنة – تلك – وإيقاف الصراع العسكري – ولو بعمليات رمزيه ولكن مباشرة – فان هذه الهدنه اسهمت في إضاعة رافعة الصراع مع عدو يرفض العيش بسلام ضمن حدود ما قبل 1967 ويدعو علنا لتأسيس دوله عنصريه يهودية ويسعى إلى تشظية المنطقة عنصريا
    وفي هذه السياقات اشتعلت الأحداث في صورة حرب أهلية لبنانية. و تم تسعير الحرب الأهلية في سوريا. وتم هدر ما تبقى من الق حيوي للمقاومة الفلسطينية في تحويات عرفات المشبوهة؟؟
    من تخليه المجاني عن المقاومة والابحار الى مصايف تونس. والى عودته الكارثية عن طريق أوسلو ليضع نفسه و من معه في خدمة الموساد . وعندما اكتشف سوء مناورته كان الوقت قد تأخر. وانتهت اللعبة .
    وليس أخر ما حدث في هذه السياقات : تدمير العراق بعد توريطه في حرب مشبوهة ومدانة ضد إيران وفي دخول المصيدة الكويتية الأمر الذي سهل انتشار القواعد العسكرية في معظم أرجاء الأرض العربية بل أن مصير العراق كله الآن تحت الاحتلال هو جزء من هذه السياقات.

    8- هل تقصد أن إغلاق الصراع قد انتهى تماما ؟ ألا يمكن إنهاء الهدنة؟

    الإجابة هي النفي عن الجزء الأول من السؤال فالصراع لم ينته ؟؟ كما لا بأس من الإشارة إلى أن الراحل الأسد استدرك الأمر سريعا وبذكاء في مد الجبهة السورية إلى الحدود اللبنانية.

    وبالمناسبة فإن المعطى اللبناني الذي كان للراحل الأسد اليد الطولى فيه ؟؟هو النقطة الوحيدة التي ما تزال تقلق الاحتلال و تجعله يتردد في توسيع الاحتلال.؟؟ وهذه الشمعة اللبنانية التي اُضيئت في حقبة عودة الظلام إلى العالم العربي هي ما تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل بإطفائها أو حصرها تماما في ظل وضع لم يعد للعرب صديقا . ولم يعد رؤساؤهم يجرؤون حتى على الاحتفاظ بالجامعة العربية.
    ولذلك – علينا أن نلاحظ أن إغلاق الجبهات هو الآن من الطرف العربي فط.؟؟ وليس من الجانب الإسرائيلي ؟؟؟. الذي يرتكب المذابح يوميا ويقتل عاجزا كالشيخ احمد ياسين بطائرة فانتوم لا أكثر ولا أقل.؟؟؟

    أي أننا وقد أغلقنا الجبهات فإن إسرائيل لم تغلقها بل تفتحها باستمرار ؟؟؟ وما حدث في عين الصاحب السورية مؤخرا يوضح ذلك؟؟

    أما إنهاء الهدنة فهو ما تحلم به إسرائيل حاليا في ظل تفوق ماحق لصالحها على كل العرب والمسلمين أجمعين.

    9- ولكن ما تأثير مهادنة العدو في تغيير صيغ المقاربة السياسية الداخلية ؟ وكيف يستدعي ذلك تغيراً لصيغ المعارضة الحيوية ؟

    انه تأثير مؤقت بدوام اختلال الميزان بشكل هائل لصالح إسرائيل. الأمر الذي يفرض علينا اما كتم الأنفاس ؟؟ واما تفجير المشاعر لمجرد فش الخلق وتنفيس مشاعر القهر المستشرية ؟؟

    . المعارضة الحيوية الإيجابية هي الوجه الآخر للمعارضة الحيوية الثورية في ظروف تفرضها مثل هذه اللحظات المصيرية التي نعيشها في سوريا منذ بدء الحرب الأهلية اللبنانية إلى الآن وقد تضاعفت الخطورة إلى درجة حاسمة بعد احتلال العراق.

    10- ألا يعني ذلك إعطاء أعذاراً وذرائع لاستمرار الجمود والتقهقر الداخلي في ظل استبداد الأحادية السلطوية و تبريراً للانهزامية السياسية و تأجيلاً لمسائلة النظام ؟

    لا أستطيع أن امنع أحدا من تفسير ذلك على هذا النحو؟؟.

    ولكن ألا تلاحظ انه لم يعد أحد في سوريا يطالب التغيير بالعنف إننا في مدرسة دمشق المنطق الحيوي اكتشفنا ذلك منذ زمن بعيد وأعلناه مرارا في برامجنا السياسية في 1978 و 1989 حيث أعلنا ضرورة مقاربة سياسية بصيغ علنية سلمية تدريجية تراهن على تطوير العقلية النقدية لمختلف القوى والاتجاهات والأحزاب بدءاً من الساحة السورية . ؟؟ وذلك اعتمادا على قوة المنطق الحيوي– بوصفه منطق العصر الذي سندخله مرغمين؟؟ — تحت طائلة الفناء كأمه وكعالم كحكام وكمحكومين ألا نلاحظ أن أَسر صدام المهين جعل كل الحكام العرب و أولهم وكلاء أمريكا برسم الأسر .
    ألا نلاحظ أن الحديث عن الإصلاح اصبح ضرورة تتلعثم بها أفواه جميع الحكام وكأنهم اكتشفوا ضرورته اليوم ؟؟

    ولذلك فان مسالة التخلي عن منطق الجوهر العنصري والأحادية السلطوية هي طريق الحكام لعدم مواجهة مصير صدام.؟؟

    وهي – بالتالي – مسالة زمن ليس إلا ؟؟ وبهذا فإن نشر ومفاعلة الوعي النقدي الحيوي بكل الاتجاهات ولكل الفئات الحاكمة والمعارضة هو الطريق الأسلم والأضمن و الأشمل وبالتالي الأقصر إلى تجاوز الجوهر العنصري في تحوينا الفكري والسياسي والتنظيمي .. لتحقيق المجتمع الحيوي مجتمع الوحدة في التنوع.

    11- ما الفارق بين التنظيم الحيوي وبين مدرسة دمشق المنطق الحيوي؟

    التنظيم الحيوي هو مبادرة فكرية سياسية تنظيمية تستلهم المنطق الحيوي لتحقيق مستوى اكبر من الحرية السياسية والاجتماعية بأسرع طريق وبأقل كلفة وفي قطر محدد. لأن لكل ساحة سياسية ظروفها. ولكل تغيير سياسي اجتماعي جوانبه المؤلمة والسلبية . و يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار المعطيات القطرية والإقليمية والعالمية . ولذلك.. فان أي تنظيم حيوي يجب أن يكون محكوما بمراجعة صيغه التكتيكية باستمرار. بما يتناسب ومهامه وأهدافه ويتم الانتساب والتنسيب والعمل فيه ضمن تراتبية تنظيمية محددة تتفق وأهدافه.

    أما مدرسة دمشق فهي مبادرة حضارية إستراتيجية شاملة ليس لها قطرٌ محدد وليست محددة بحدود مجتمع ما. بل ببداهة كونيه للمصالح المشتركة . ولذلك فهي مقاربة إنسانية بأوسع ما للكلمة من معنى ضمن معطيات عصرنا. وتشكل إطارا غير ملزم بالتشابه الفكري والسياسي التكتيكي بين من يرون أنفسهم منضوين ضمن خطها ؟؟ فيما عدا ضرورات الالتزام الذاتي العلني ؟؟ في العمل لاكتشاف و بلورة و نشر منطق البداهة الكونية للمصالح المشتركة ؟؟

    و مدرسة دمشق ليس لها تراتبية إلزامية غير الالتزام بتنشيط العقل النقدي لتجاوز ازدواجية المعايير ضمن تحوياتنا المعيشة محليا وإقليميا وعالميا؟؟ و يمكن لأي شخص أن يعد نفسه معبرا عنها وفق تلك الأسس العريضة.. ويتحوى منطقها بدون أية قيود ومدرسة دمشق هي التيار الاستراتيجي الذي يمكن أن ينشأ بالاستناد إليها تنظيمات حيوية محددة متعددة سياسية وغير سياسية .

    12- ولماذا تم التخلي عن الخيار الحيوي الثوري؟ كيف ومتى جرى التعبير عن هذه المعارضة الحيوية الإيجابية ؟

    تم التخلي عنها لسببين:

    الأول :

    هو سقوط الرهان على التغيير من فوق حتى في حال النجاح باستلام السلطة ووضوح الحاجة إلى بلورة ميثاق حيوي مقبول ومفهوم من الغالبية العظمى كخلفية دستورية لتوليد تعددية تنظيمية حيوية تتناسب مع منطق العصر .

    و الثاني

    أن صيغ العنف السياسي بعد مراحل الحرب الأهلية اللبنانية والتسعير الطائفي لحرب أهلية سورية ؟؟ لم يعد بالإمكان المراهنة على أي عنف سياسي أو حل أمني لإشكالاتنا المحلية.؟؟ كما أن حدود التصدي الأمني- العسكري لتغيير واقعنا بالعنف أصبحت عقيمة حتى بالنسبة للسلطات الحاكمة ومصير صدام – كما أسلفنا اصبح أمثولة وعبرة — بعد استخدامه – أي صدام- لأسلحة الدمار في قمع معارضيه وبعد إغلاق الحدود في سيناء والجولان فان الوظيفة الوحيده المتبقية للجيوش هي حماية الأنظمة ولذلك كان لابد من تغيير المقاربة الثورية والتخلي كليا وبدون مواربة عن المراهنة على عنف الميزان العسكري فقط لمواجهة قوى وتحويات ومصالح منطق الجوهر العنصري والمصالح الأحادية داخليا وخارجيا .

    وكما ذكرنا فقد جرى التعبير عن هذه المعارضة الحيوية في البرمجة السياسية الحيوية التي صدرت في بغداد وبيروت 1978وتم مناقشتها وتبليغها للسلطتين السورية والعراقية ؟؟ بوصفها الطريق المضمون لتجاوز إخفاقات التيار القومي ولجعله ينتقل إلى مستوى منطق الشكل الحيوي بدلا من البقاء أسير تحويات منطق الجوهر الأحادي العنصري.

    13- هل يعني ذلك أن المعارضة الحيوية الإيجابية تراهن على السلطات القائمة والأحزاب الحاكمة؟

    ليس ذلك بالضرورة ممكنا؟؟ ولكن يجب عدم إهمال هذه الإمكانية؟؟ التي يمكنها – لو توفرت – إن توفر الكثير من الجهود والآلام وفي النهاية …فان أهل الحكم والمعارضة — بكل أشكالهما— هم أهلنا وعلينا أن نجد صيغ لتحوي أهداف ومصالح مشتركة للخروج مما نحن فيه.

    14- كيف ذلك ؟

    بالاستناد إلى منطق البداهة الكونية للمصالح المشتركة .


    15- هل تعني أن المعارضة الحيوية تنبذ كل أشكال العنف على الطريقة الغانديه؟

    للإجابة يجب الانتباه أن الصيغة الغانديه كانت عنيفة في التزامها السلمي وكذلك الصيغة الخمينيية في مقاومة رصاص الشاه بباقات الزهور هذا عنف هائل ويحتاج إلي نفسيات جبارة لكتم الغيظ وعدم الانجرار إلى لعبة السلطة للمواجهة الساخنة حيث الغلبة لها مضمونه.

    16 – ولكن ألا يمكن أن نفهم من قولك بالبداهة الكونية للمصالح المشتركة بأن الحيوية دعوة سلمية وتنبذ العنف؟

    الإجابة هي النفي مع انه لا يعيب الحيوية التحقق سلميا؟؟ بل إن ذلك– أي تحقيق المصالح العادلة سلميا — هو الحالة الأكثر حيوية؟؟ إلا أن السلم شيء والعنف شئ آخر ؟؟ فالحركة السلمية هي ممارسة للعنف بشكل إيجابي؟؟ أي للعنف أشكال منها السلبي ومنها الإيجابي ك :الحب العنيف؟؟ و الوطنية العنيفة ؟؟

    وهناك – في المقابل الصورة الاكثر شيوعا للعنف وتتمثل في : بغض عنيف للآخرين؟؟ واستعرار عنيف من الذات؟؟
    ويعبر العنف عن نفسه في ميادين متنوعة بحيث يمكن الحديث عن عنف إعلامي وعنف سياسي؟؟

    بل أن المعارضة الحيوية الإيجابية تعتمد على العنف الحيوي؟؟ عنف منطق البداهة الكونية للمصالح المشتركة في مقابل تفاهة و هشاشة المصالح العنصرية سواء أكانت طفيلية أم انتحارية والتي ما تزال منتشرة محليا وإقليميا وعالميا والمنطق الحيوي يقوم على بداهات لا يستطيع أحد مقاومة الاقتناع الذاتي بها والإيمان فيها.. في حال تيسر له فهمها واستجلاء ضروراتها و آفاقها .
    كما أن من ركائز المنطق الحيوي في عصرنا هو امتلاك عنف الردع المتبادل لكي يضع الجميع سلاحهم ويبحثوا عن المصالح المشتركة كما حدث لدول شمال ارض التي توقفت عن التحارب لأول مرة في تاريخها بسبب كونها تهدد الجميع بالفناء.
    وفي هذا المعنى فإننا بحاجة إلى تحقيق توازن ردعي يسمح بالتوازن داخليا وإقليميا وعالميا وهذا التوازن هو العنف الحيوي أي الفعال والضروري لاحتواء مصالحنا وادخالها إلى منطق العصر لتحقيق إرادة الحياة الحرية.

    17- ولكن كيف يمكن جعل ما تصفه بعنف “البداهات الكونية للمصالح المشتركة” ميثاقا حيويا مقبولاً على الصعيدين الشعبي و الرسمي ؟

    أعود إلى التذكير بأن المنطق الحيوي ليس مجرد اطروحات نظرية بل هو منطق الحياة والممارسة الحيوية في عصر معين وظروف محددة وفي عصرنا لم يعد منطق الجوهر العنصري قادر على أن يكون طريقا إلى أية منافع وفي واقعنا السوري و العربي والإسلامي .
    بل ثبت ويثبت يوميا ان تحوي منطق الجوهر العنصري يمثل طريقا مضمونا للخروج من العصر والانتحار الجماعي؟؟

    فلنلاحظ كم تأخرت سوريا بالمقارنة عما كانت عليه في الخمسينات بين دول العالم الثالث ؟؟ فلنتذكر ما جرى من أفول للدور المصري وعجزه الكلي حاليا؟؟ بالمقارنه مع دوره الناصري؟؟ وان نتذكر الانتحار الجماعي لماركسي عدن؟؟ و إسلاميي الجزائر والسودان و طالبان؟؟ و ما جرى لقوميي العراق؟؟ والحبل على الجرار ؟؟إذا استمرت الأنظمة الحاكمة والمعارضة في واقعنا السوري والعربي والإسلامي أسيرة تحويات عنصريه انتحارية .

    18- هل التحويات العنصرية مقصورة على العالمين العربي والإسلامي ؟

    الإجابة هي النفي. فالعنصرية تتجلى بشكل اكثر سوءاً وعدوانية في التحويات الصهيونية؟؟ ومعظم السياسات الخارجية الغربية الموجهة لعالمنا؟؟ وهذه التحويات العنصرية الخارجية مسؤولة – جزئيا – عن منعنا من الخروج من شرانق عنصريتنا الانحطاطية وتدفعنا للتعلق بأوهام وانفعالات انتحارية لا تسمن ولا تغني.

    19- كف ترى صيغ عمل المعارضة الحيوية الإيجابية؟

    لقد تم التعبير عنها في بيانها الصادر من دمشق عام 1989.
    حيث ذكرنا في تصريحات نشرتها وكالة الانباء الفرنسيه وتصدرت الصحف العربيه كحبر اول في الصفحه الاولى؟؟ :المعارضة الحيوية تهدف إلى تطوير إمكانيات تعميق الهامش الديمقراطي ، وتعزيز أجواء الانفراج الداخلي بلا استفزاز أو رخص .
    وحول علاقة هذه المعارضة بأشكال المعارضة الكلاسيكية أجاب النقري : تتميز هذه المعارضة عن غيرها بأنها تدين كل معارضة تعتمد على عداوات السلطات العربية ، أو تستند على الأنظمة العربية، أو التي تستهدف تغيير الأشخاص من دون الأنظمة . أما نحن فلا نعتقد أن القصور قائم في الأشخاص بل في النظام نفسه ، والنظام المطبق في سوريا هو النظام نفسه المطبق في العالم الاشتراكي والدول التي يهيمن عليها حزب واحد ، وقد استنفذ هذا النظام أغراضه وهو موضع تساؤل في هذه الدول . والمعارضة الحيوية هي محاولة للخروج من هذا النظام بشكل يجنب المجتمع السوري التشنجات والتمزقات التي تحدث مع أي تغيير.

    وعن كيفية عمل هذه المعارضة وبرنامجها ذكرنا إبان ذلك يمكن أن يكون من خلال استقطاب مجموعة من المفكرين والسياسيين الذين يلتقون على أرضية وطنية مشتركة تقبل (( المنطق الحيوي )) كورقة عمل وتضم المجموعة إضافة إلى الحيويين باحثين ومفكرين عرب ومسلمين ، ذلك أن المعارضة الحيوية لا تشمل الظواهر المعاشة في سوريه بل في المجتمع العربي بأسره
    للمزيد يرجى زيارة
    http://www.damascusschool.com/page/manifest.htm

    20- تناولت وسائل الإعلام مؤخرا تصريحاً من مستشار وزير الإعلام أحمد الحاج علي عن تمنياته بوجود ” معارضه إيجابية ” في سورية فهل ذلك يعني اعترافاً بالمعارضة الحيوية؟

    السؤال يوجه له وللسلطة .؟؟ مع العلم أن وزارة الإعلام والقيادة القطرية واتحاد الكتاب ووزارة التفافه ما تزال — إلى اليوم– تمنع نشر أي من الكتب الحيوية النظرية حتى وإن كانت لا تتعلق بالهم السياسي السوري. كما أن السلطة ما تزال تهمش الحيويين .

    وأساساً فالمعارضة الحيوية يجب أن لا تتوقف بانتظار الترخيص لنشاطها .

    وهذا لا يعني مناطحة الجدران أيضاً .

    كما أننا نرى ونلمس حضور المعارضة الحيوية بين صفوف مناضلي حزب البعث نفسه أكثر مما هو خارجه . ومشكلتهم هو في تطوير اتجاههم السياسي بما يتناسب مع معطيات العصر واضحة جدا. وقد تبنت افتتاحيات ومقالات الملحق الفكري لجريدة البعث الكثير من الاطروحات الحيوية تنظيميا وفكريا. وكان قد حاول ذلك بجرأة و أصالة المرحوم محمود سلامه قبل عزله – وقد كان عزله خسارة وطنيه وغباء مؤسفا- عن رئاسة تحرير جريدة الثورة . كما أننا لمسنا في حوارات اللجان الحزبية إرهاصات حيوية جداً.

    21- هل هذا يعني انك تعتقد بامكانات تحول حزب البعث حيويا؟
    ولمَ لا. فقسم كبير من الحيويين أتى من خلفيه قومية ومن حزب البعث تحديدا.؟؟ وقد حاولنا مرارا تقديم الدليل النظري الحيوي – حتى قبل نشره عام 1970 آملين بعرضه ومناقشته في مجلة “المناضل” التي كانت تنشر دليلا ماركسيا صبيانيا من تأليف “سليمان الخش وانطون مقدسي ومصطفى رستم” وهذا الأخير تهرب مراراً – حتى من مقابلتي – رغم انه أبدى لي تلفونيا إعجابه بالطروحات الحيوية.

    وقد حاولنا ذلك في مرحلة(صلاح جديد ) بطلب رسمي من داخل الحزب. ؟؟ وفي لقاءات شخصية مع أعضاء القيادة القومية والقطرية منهم “مالك الأمين” و آخرين .؟؟ بدون جدوى؟؟ وقد اصدر انطون مقدسي منذ ذلك الوقت منعا لتداول الكتب الحيويه في وزارة الثقافة .

    وقد حاولنا تقديم جهودنا لتطوير البعث أيضا في مرحلة الأسد . ولكن الأسد الراحل كانت له أولويات سياسية أهم من الحزب نفسه فجرى تهميشه مع أحزاب الجبهة الى مجرد ديكور سياسي. لتجاوز النق الثورجي. وترك البعث لبقايا صلاح جديد والماركسين لتضييع وقتهم وبقية عقلهم.؟؟ في جدل بيزنطي حول المادة والروح والحتمية التاريخية والاشتراكية العلمية والتنظيم الثوري.

    22- ولكن أليست هذه صورة اكثر سلبية من الواقع؟

    إذا كانت السلطة نفسها تعترف بضرورة تطوير الحزب والجبهة والأحزاب والعمل السياسي كله . فلماذا لا يكون ذلك دلالة واعتراف بسلبية ما آلت إليه أمورنا. وأنا لا أستطيع أن أتشاءم . فإرادة الحياة تمنعي من الاستسلام للسلبية والموت . ولذلك اركز على ما هو إيجابي وأنا أرى إيجابيات وبوادر حيوية كثيرة ما تزال قادرة على مقاومة سلبيات واقعنا. وأنا أرى الاتجاه الحيوي يشق طريقه في كل أشكال العمل السياسي الحاكم والمعارض في حزب البعث وغيره.

    وارى أن البيان الحيوي الذي خونه كثيرون منذ 15 عاما قد اصبح مفهوما ومقبولا إلى حد كبير.

    23- ولكن لم يحدث شيء بهذا الاتجاه الحيوي منذ وقت صدور البيان وقد مضى 15 عاما ؟

    بالعكس من ذلك تماما؟؟ فالساحة السورية في معظمها — بما فهيا أشكال المعارضة والسلطة — أصبحت تتبنى هذا المنطق نظريا و لو كان الامر مجرد تكتكه –عند كثير من رموزهما — الا ان علينا اخذ الظاهر وعدم اغفال الضرورات التي تجعل عتاة الماركسيين والقوميين والطائفيين يصبحون فجأة يقبلون التعدد والمرونه والحوار؟؟ وهذا امر ايجابي ولو كان في الظاهر ؟؟لانه بشكل دلالة حيويه؟؟ نظريه؟؟ على الأقل؟؟ فلا أحد الآن ينادي بالعنف والسلطة تخلت عن أسلوب التخوين والبحث جار علنا في كل الأحزاب والاتجاهات الحاكمة والمعارضة لتحوي رؤية اكثر حيوية.

    وعندما يرفعون رؤوسهم ويفتحون عيونهم بصدق وجرأة وتجاوز للمصالح العنصرية؟؟ فسوف يجدون مدرسة دمشق المنطق الحيوي سعيده جدا بقدومهم بعد ان طال انتظارهم؟؟ –و لينبض المنطق الحيوي في قلوبهم بثقة ومحبه للمشاركة في مصالح الاتساق مع العصر لتحقيق إرادة الحياة : الحرية .

    ولكن لنتذكر أن للواقع والتغيير الحيوي السلمي العلني التدريجي شروطه؟؟ فأنت لا تستطيع أن تعطي المريض كل ما تريده من الصحة ؟؟ ولا يجوز الركون إلى الزمن فقط ؟؟ وليست مشكلة سوريا محلية فقط يل إقليمية وعالمية.

    و لا يمكن الركون إلى المعطيات الحالية للواقع السوري الرسمي والشعبي ؟؟ لأنها تتعرض للزلزال العراقي الذي ما يزال يجتاح المنطقة والعالم بآثاره.

    والى أن نتعرف إلى أين يتجه البركان ؟؟ وما هي المعالم التي يراد فرضها؟؟ أو يمكن مقاومتها؟؟ فإن المعارضة الحيوية في هذا الظرف تقتصر على تقديم رؤاها إلى الجميع سلطة ومعارضات بمحبه ؟؟والتطلع بإيجابية لنجاح الرئيس بشار الأسد في تحقيق ما يعد به .

    وبعد ذلك ومن قبل فأُمُّ الولد تتمسك بابنها إذا تعرض للشد ولكن ليس إلى درجة خلع يديه.
    يدنا مفتوحة ونشد على أيدي الشرفاء في الوطن وبصرف النظر عن موقفهم السابق منا
    ولكن ليس إلى درجة خلع أيديهم.

    24- وهل يمكن توقع دعوتك والحيويين للمشاركة في تطوير البعث والساحة السياسية السورية؟.

    وهل يمكن الرهان على اي تطوير حيوي جدي وحقيقي بلا حيويين؟.فالحيوية أساسا مصداقية منطقية فكرية وسياسية. أوهي البوصله على اي تغيير حيوي ؟؟ ولذلك فان من حق المراقب ان يتساءل عن اصالة اي اصلاح بموقف الحيويين منه؟؟ وموقعهم فيه؟؟ فمن أمضى عمره في عيش هذه الهموم وسبح عكس التيارات جميعا؟؟ لاكنشاف بداهات المنطق الحيوي ووبرهن على اصالتها قلاع فكريه وسياسيه وعلميه عالمية من دمشق الى بغداد الى باريس ومن الجزائر الى واشنطن فالقاهرة ؟؟
    اقول: من امضي حياته عمليا ونظريا في بلورة منطق البداهه الكونيه للمصالح المشتركه؟؟ ليس,كمن اكتشف إمكانات انتهازها لمصالح ضيقة؟؟ تمليها تكتيكات يظمنها عابرة ؟؟او تعلقا في أوهام ما عرف بخطاب القسم.
    _________________
    .. لتحقيق ارادة الحياة الحريه

    مدرسة دمشق المنطق الحيوي
    __بيان المعارضه الحيويه
    وللمزيد يرجى زيارة موقع مدرسة دمشق المنطق الحيوي

    http://www.damascusschool.com

    إعجاب

  7. المسيحيه لم تمنع الغرب من التقدم ??فلم ننفي عن الاسلام ذلك؟؟

    سؤال المنطق الحيوي الى المستعرين من تراثهم العربي – الاسلامي

    الاصدقاء الكرام
    تحية الحياة وبعد
    فلقد كان الصديق فائز البرازي لفت انتباهي الى كاتب لم يعجبه وهو السيد محمد توما وعند البحث عنه وجدت موقعه
    http://www.alhurria.jeeran.com/
    ورسائله المتتاليه باسم طريق الحقيقه؟؟ وهي في مجملهلها تنضح بحماس للتعدديه وتستخدم مخلفات فلسفيه ماديه-ماركسيه؟؟بدائيه؟؟الا انهالاتخلو من مقلربه نقديه حيويه؟؟
    وهي حالة رايت فيها حالة ايجابيه وبخاصه ان السيد محمد توما ليس من محترفي الثقافه المسبقه الصنع ؟؟ ولايعيش من الارتزاق السياسي؟؟- ولكنه -مع ذلك – يقدم نفسه وصور لاصدقائه وعائلته بحيث يمكن استشار الصدق والاعتزاز بتاريخه السياسي- وهو يوضح بالصور؟؟ان له تاريخ انتماء للحزب الشيوعي العراقي والسوري يعلنه في موقعه؟؟ وما اعجبني فيه انه يسعى بجهد حماسي نبيل بدون شك للتصدي لازمات منطقتنا العربيه والايرانيه والتركيه والكرديه؟؟ الا انني وجدت من المناسب ان اثير في رسالة جوابيه عليه سؤالا عن غياب البعد العربي والاسلامي الحيوي عن حقائقه؟؟ وفي ايجابته سيلاحظ القارئ كم هو معبر عن من امضوا عمرهم من يتامى السفارات الاشتراكيه؟؟ يزرعون اوهام علم العلوم الداعم للاستبداد والاحاديه السياسيه؟؟ والذين تحولوا اليوم الى دعاة متحمسين للتعدديه الديموقراطيه؟؟ وفي الحالتين لم يكلفوا انفسهم بالاشارة الى الاحاديه الماركسيه والتعدديه الراسماليه التي شهدها الغرب غير مفصوله عن تحوياته التراثيه؟؟
    واننا اذا كنا صادقين في البحث عن طريق التقدم فاننه يتوجب علينا- اولا- ان نتحوى بشكل نقدي حيوي تراثاتنا العربيه والاسلاميه
    كان ذلك منذ اكثر من شهر ولم اتلقى اية ايجابه؟؟ وعن طريق الصدفه وجدت اليوم في موقع عفرين
    http://www.kniff.de/cgi-bin/cgiproxy/np … 8/11-1.htm

    إعجاب

  8. نجد هنا نصا ل: الصديق محمد تومة: يتضمن رده على سؤالي وبالفعل وجدته في موقعه واحببت ان اشرك القراء به ومن ثم متابعة الحوارحول مسائل في غاية الاهميه اقتباس: طريق الحقيقة رقم 15/ وسنتابع النقل دون تدخل؟؟.. مدرسة أخرى تعالج قضية الهوية – قراءتها – وأفكارها وحلولها ورأي طريق الحقيقة: المصدر: مدرســــــــــة دمشق المنطق الحيوي. http://www.damascusschool.com الدكتور رائق النقري. من الموقع الالكتروني (( رسالة جوابية )). الصديق العزيز أبو إلياس: تحية وبعد تشرفت بمعرفة تفاصيل حياتك كمناضل وإن كنت أعد خلفيتك الشيوعية في خانة التزام الاستبداد بشكل أيديولوجي وسياسي وشعار الحرية الذي ترفعه هو أنبل شعار ولكن رفع من قلب كل الطغاة. ولكن مع تقييمي السلبي للماركسية بوصفها تمثل منطق جوهر نافي للآخر استنفذت أغراضها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية أي قبل أن تكون قد ولدت كانت الماركسية تحفر القبر لخونة الاشتراكية وأمل الجماهير الفقيرة في رفع مستوى معيشتها. أقول رغم ذلك فإن الماركسية كانت وربما لا تزال تستقبل أناساً صادقين في نواياهم الثورية ولا شك أنك منهم وإنني لا أحترم فقط توجهاتك السابقة واللاحقة. بل أشد على أيديك ومن معك بدءاً بعائلتك الرائعة تحياتي الخاصة لزوجك المصونة راجياً أن أتعرف عليكم عند عودتي قريباً إلى الوطن. ملاحظة: ألا تلاحظ أن حقائقك بعيدة عن تعرف التراث الحيوي الإسلامي؟ وبما أنك تناضل مع واقع عالم إسلامي في غالبيته العظمى. فكيف تفسر ذلك مع انتظاري لقرائتك لأطروحات المنطق الحيوي وفق المصالح ودمتم لتحقيق إرادة الحياة: الحرية. الدكتور رائق النقري. جواب طريق الحقيقة – تقول: الصديق العزيز الدكتور رائق النقري لقد قرأنا أطروحاتك لنظرية المنطق الحيوي المنشورة على الموقع الإلكتروني http://www.damascusschool.com . بكل اهتمام وعمق وننظر لطروحاتك ولكل الأطروحات الأخرى وفق مبادئ طريق الحقيقة التي التزمنا بها وهي: 1- لا أحد يملك الحقيقة. 2- أنا أبحث عن الحقيقة. 3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها. لا فيتو ضد الفكر. إننا نحترم كل كلمة وكل فكرة كتبتها في أطروحاتك. فهذا حق مقدس لك ولكل إنسان. إننا لا نرفض ولا نقبل كل ما كتبت. كما أننا لا نريد من الآخرين أن يقبلوا أو يرفضوا كل ما نكتب، كل واحد منا يملك جزءاً من الحقيقة. أما هل الحقيقة في ما تقول وتكتب أو فيما نقول ونكتب هذا الحق لا نملكه لا نحن ولا أنت. صاحب الحق هو الممارسة التاريخية الاجتماعية. إننا نعتقد إن مأساة تخلفنا نحن الأمم الأربعة في الشرق الأوسط تكمن في مشكلة الحقيقة. لكون كل فرد منا في الأمم الأربعة يدعي أنه يملك الحقيقة المطلقة ويحاول فرضها على الآخرين. إن هذه الحقيقة المطلقة التي ندعي أننا نملكها هي سبب كل أزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية. إننا في طريق الحقيقة نلمس بأنك تملك حساً وطنياً صادقاً وتشعر بمرارة الألم الذي يعانيه وطنك وأبناء وطنك. هذه العاطفة والإحساس الصادق وراء كتابتك لأطروحاتك المعقدة والطويلة والشاقة محاولاً تشخيص الداء للوصول إلى وصف الدواء. لم تترك شاردة ولا واردة ولا زاوية من زوايا الحياة والواقع إلا ووضعتها تحت المجهر. فكان لك رؤيتك وتشخيصك وطرح الحلول للخروج من الظلام والتخلف. لقد رأينا أن نأخذ الأفكار والتشخيصات للمرض والأفكار المطروحة للحل الآتية… التي نراها هامة جداً والتي يمكن للقارئ أن يتوقف عليها. إننا سنبدي رأينا لهذه الأفكار التي تستدعي الرأي. لا على أساس القبول أو الرضى بل على أساس الوصول إلى الحقيقة. لقد بذلت جهداً مضنياً. وقدمت أفكاراً وفق مرحلتين: 1- مرحلة التشخيص مع النقد. 2- مرحلة طرح الحلول وفق نظرية المنطق الحيوي. كل ذلك ضمن الهوية العربية الإسلامية الموروثة. لقد عالجت كل الأمور السياسية والاجتماعية والأيديولوجية والقومية والحقوقية والثقافية والعسكرية والتكنولوجية والعلمية والتاريخية كل ذلك وفق الهوية العربية الإسلامية. وطرحت العنوان المستقبلي لمنطقة الشرق الأوسط. الولايات العربية الإسلامية. وأحياناً أشرت إلى الهلال الخصيب والتزمت بهذه الهوية من بداية طروحاتك حتى النهاية ووجدت فيها الحقيقة. ولا حقيقة خارج هذه الهوية. ووجهت تساؤلاً أو نقداً لطريق الحقيقة في نهاية رسالتك بالعبارة التالية: (( ألا تلاحظ أن حقائقك بعيدة عن تعرف التراث الحيوي الإسلامي. وبما أنك تناضل من واقع عالم إسلامي في غالبيته العظمى فكيف تفسر ذلك )). ولتفسير ذلك نفيدك بما هو آت: إن كل تلك الأفكار التي طرحتها للحل هي أفكار عصرية وحديثة تتماشى مع منطق العصر. ولكن إطلاق الهوية العربية الإسلامية على تلك الأفكار تكون النتيجة مرفوضة داخلياً وخارجياً على السواء. لأن كلا الهويتين لها تاريخ طويل من السلبيات. فالهوية الإسلامية منذ وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وحتى تاريخه لم تكن الهوية السياسية العربية الإسلامية سوى تاريخ طويل من الانقسامات والقتل والصراع على السلطة. والفقر والجهل والمصيبة الأكبر التي حلت بهذه الهوية والأيديولوجية هو انقسام أتباع الدين الإسلامي إلى ثلاثة وسبعين فرقة أي ثلاثة وسبعون هوية بدءاً من السني والشيعي والعلوي والقادري والنقشبندي الخ… وإن كل فرقة تدعي أنها الناجية وتملك الحقيقة المطلقة وتكفر الآخر وبالتالي تحلل سفك دمه. لقد زرعت هذه الفرق ثقافة الحقد والكراهية فيما بينها وامتدت جذورها إلى أعماق الأرض. إن تاريخ الراشدين والأمويين والعباسيين والعثمانيين قديماً. وحديثاً الخمينيون والسودانيون والطالبان، وما نشاهده من عمليات قطع الرؤوس باسم الإسلام في العراق. إن هذا التاريخ للهوية الإسلامية مليء بالقتل والذبح والاختلاف وكذلك التاريخ القومي العربي بدءاً من الأمويين. وخلال القرن العشرين وإنشاء دول ذات هوية قومية. جرت على شعوبها من تناحرات ومذابح كبيرة ونتيجة للتفاوت الحضاري بيننا نحن الشعوب العربية والإسلامية والعالم المتقدم ألا ترى أن رفع شعار أسلمة العالم وفق الهوية الإسلامية وتعريب العالم وفق الهوية القومية شعاران خطيران. قد يقلب العالم كله ضدنا؟ ترى أي شعب في العالم ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين عصر الحضارة المتلألئة أن يقبل بأن نفرض عليهم ديننا. أو قوميتنا العربية وذلك رحمة بهم لأن لغة أهل الجنة العربية كما أشار أحد الكتاب في حلقة “طريق الحقيقة رقم 14”. وحالما تطلق هذه الهوية على مشروعك السياسي والثقافي سوف يظهر آلاف المفكرين يكتبون آلاف المقالات عن كل تاريخ الهوية العربية الإسلامية. فكيف يمكن أن تدافع عن هذه الهوية أمام هذا الكم الهائل قبل أن تسعى لإقناع الجماهير. فإذا كان المقصود هو الحفاظ على الدين كعقيدة لنا أو القومية العربية كهوية لنا. نحن لا نعتقد أن هناك خطراً على ديننا الإسلامي ولا على عروبتنا. إن الأمر المهم هو أن نخرج من تخلفنا السياسي والاقتصادي والحضاري. وإن التقدم السياسي والاقتصادي والحضاري لا يعني إلغاء الدين والقومية. إن المشكلة الرئيسية في الهوية الدينية والقومية والشيوعية هذه الهويات الثلاث هويات شمولية مطلقة تنفي وجود الآخر المختلف عنها ولا تقبل أي نقد أو تغيير. ولا تقبل مبدأ تداول السلطة بالتناوب عن طريق الانتخاب المتعدد. ولا تقبل الديمقراطية كشكل لنظام سياسي. إن مجرد إطلاق الهوية العربية الإسلامية على الولايات العربية الإسلامية المتحدة يعني هذا من الناحية القومية أن كل من يعيش على أرض هذه الولايات المتحدة الغير عربي والغير إسلامي مواطنون من الدرجة الثانية. لا يحق لهم المشاركة السياسية وهذا يعني أن الأكراد والأمازيغيين والقوميات الأخرى في السودان والآشوريين والكلدان هم مواطنون وافدون ليس لهم أي حقوق سياسية ولا حقوق ثقافية وإن الأرض التي يعيشون عليها أرض عربية وإسلامية ليس لهم سوى حق العبيد. أما المواطنون المختلفون دينياً كالمسيحيين واليهود يعتبرون أهل الذمة، فلهم حقوق أهل الذمة. ترى هل يمكن تطبيق هذه الهوية القومية والدينية في القرن الحادي والعشرين بعد ظهور شريعة حقوق الإنسان والتي باتت شريعة كونية يتزايد أنصارها يوماً بعد يوم ولا بد أن يأتي اليوم الذي سيكون فيه دستوراً ونظاماً حقوقياً لكل الدول على الأرض. ترى كيف يمكن لنظرية المنطق الحيوي الإسلامي العربي أن تقنع الأكراد في الوطن العربي وتركيا وإيران والأمازيغيين في الجزائر والأفارقة في السودان بعد كل المذابح الرهيبة التي ارتكبت بحقهم من قبل الحكومات التي اتخذت الهوية القومية والإسلامية على السواء؟ ترى كيف يمكن إقناع المسيحيين في لبنان ومصر وتركيا وإيران بعد كل المذابح الرهيبة التي ارتكبت بحقهم بمنطق نظرية المنطق الحيوي للهوية العربية الإسلامية ليعيشوا بأمان وسلام وبحقوق متساوية في ظل الولايات العربية الإسلامية المتحدة؟ إن الذي يجب أن يشغل بالنا ليس الخوف على ديننا أو عروبتنا لأننا سنبقى مسلمين وعرباً بل يجب أن نخاف على فقدان مأكلنا وملبسنا ومسكننا وفقدان حريتنا وإرادتنا الوطنية في أوطاننا. إن الذين يريدون أن نبقى متخلفين يخططون لسرقة أموالنا وعقولنا المبدعة من أجل تجويعنا ولنكون بحاجة إليهم على الدوام. إنهم ليسوا بحاجة إلى ديننا ولا إلى قوميتنا. إن مجرد إطلاق اسم الهوية العربية الإسلامية لا يوفر المأكل والملبس والمسكن والحاجيات لنا. إن تأمين كل ذلك لا يكون إلا بالعلم. ونحن لا زلنا بعيدين عن العلم بعد الأرض عن كوكب المريخ. إن كل ممارستنا العملية قائمة على العاطفة والخرافات والأساطير. والعلم لا يعطيك شيئاً ما لم يكن هناك مناخ سياسي وثقافي وحقوقي خاص يوفر فيه الأمن والسلام الاجتماعي أولاً وقبل كل شيء إن الهويات الدينية والقومية والشيوعية لا تحقق سوى العنف ولا تزرع سوى ثقافة العنف ولا يمكن أن تستمر هذه الهويات إلا بالعنف وقطع الرقبة. لقد حاول الكاتب إجراء عملية تجميلية للهوية العربية الإسلامية عن طريق مفهوم المنطق الحيوي وعن طريق توجيه النقد. كل ذلك لا يغير من جوهر الهوية العربية الإسلامية شيئاً. ونظراً لاختلاط الشعوب ببعضها البعض وهجرة الملايين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية إلى الغرب واتخاذهم الجنسية الغربية والزواج منهم وولادة جيل كامل من الأبناء لم تعد هناك إمكانية الانفصال عن العالم الخارجي أو اتخاذ هوية لا تتوافق مع هذا الوضع التاريخي الاجتماعي الثقافي الذي نشأ… ولذلك بات الأمر بحاجة إلى هوية جديدة يراعي الظرف التاريخي الذي حل وقد طرحنا هوية الشرق الأوسطي الجغرافي وفق فلسفة حقوق الإنسان بصرف النظر عن دينه وقوميته ومذهبه ولونه. كل إنسان له الحق الإنساني في المأكل والملبس والمسكن والحاجيات ويمارس حريته وحقوقه الإنسانية وفق مشروعية عقد متفق عليها. إن الدفاع عن قضية خاسرة مضيعة للوقت والجهد ويعني مزيداً من التخلف الحضاري. لقد أعطى التاريخ فرصة للهوية الدينية والقومية والشيوعية. ولم تستطع هذه الهويات أن تجدد نفسها لتبقى.. ونستطيع أن نقول أننا سنبقى إسلاميين وعرباً فلا خوف على ديننا وعروبتنا على الإطلاق. ولنتابع في الإطلاع على أفكار الكاتب كيف عالج موضوع الهوية وكيف طرح أفكاره للحل. أ- مرحلة التشخيص والنقد: مشكلة الأقليات: 1- يقول الكاتب: (( يتوجب أن نخصص وقتاً وجهداً حيوياً ونظرياً وسياسياً للاستفادة مما للأقليات من دروس تاريخية على المستوى الثقافي والعقائدي والسياسي وكيف ظهرت وكيف استطاعت الاستمرار. وكيف يمكن أن نستفيد من الجوانب الإيجابية في تجربتنا وذلك باستبعاد صيغ الاتهام المسبق باليهودية والصهيونية إذ من المعروف أن الشخصية الإسلامية تصور أن الأقليات هي دسائس اليهود لهدم الإسلام من الداخل. والملاحظ في هذه العقلية هو أنه وبكل بساطة عقلية كاريكاتورية فضائحية تبسط الأمر لأن عقليتها ومصالحها الاجتماعية تملي عليها إتباع الطريق الذي يجعل من هذه الأقليات مصدراً للاسترزاق والاستثمار المتعدد الأوجه وذلك بالدعوة لمحاربتها أو محاصرتها أو تكيفها بالأعمال القذرة والتباري في إظهار عبرة الدين ضدها وهو أمر لا يكلف شيئاً غير تهييج الناس وهم الأكثرية على خوض معركة الانتصار فيها مضمون من هذه الأقلية البائسة المقهورة الفقيرة المعزولة والتاريخ القديم والحديث مليء بهذه الأمثلة. وهذه الحالة من الضغط والإرهاب هي بذاتها تجعل عوامل الانفلاق الداخلي أكبر لدى هذه الأقليات ويجعلها تشك في وجود إمكانية الخروج من هذه المعركة. وبما أنها مفروضة فلتكن ولنسعى إلى الانفصال لتكون لنا دول نعيش فيها بكرامتنا ودون شعور بالخوف أو الذل وإذا كان الاستعمار سيستفيد من الانفصال ليكن فالاستعمار أرحم وهذه الحالة من التبرير للانفصال يمكن أن تتم ضمن الطائفة الواحدة والقومية الواحدة كما جرى في الانفصال السوري عن مصر، حيث كانت التبريرات، أن المصريين أكلوا الأخضر واليابس، وأن المصريين يعاملون السوريين بفوقية وعقلية فرعونية أقسى ألف مرة من عقلية الاستعمار الغربي (وبما أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة) فإن تبرير الانفصال والانعزال بدويلات كرتونية يمكن أن يحدث باستمرار بوصفه ردود فعل متشجنة، فالإرهاب يولد الإرهاب، والنقمة تولد الحقد والانتقام وهذه الحالة من الصراع الانتحاري، كفيلة بإدامة نمط وجود الأقليات إلى قرون أخرى)) 2- (( ولحسن الحظ فإن التاريخ المعاصر يعطينا مثالاً واحداً يسفه مرة واحدة، كل المنطق الذي يقول إن اليهود هم وراء كل الأقليات والفرق الإسلامية أو المسيحية… وخلال أقل من ثلاثين عاماً يمكننا ملاحظة أن معظم الحكومات العربية المتعاقبة في العالم العربي الإسلامي كانت متواطئة بشكل أو بأخر مع المصالح الصهيونية وهؤلاء الحكام في معظمهم ينتمون إلى الأغلبية بحيث يجوز التساؤل هنا أيا كان يعمل لصالح الصهيونية، الأغلبية أم الأقلية؟ ثم لماذا نتهم الأقليات باليهودية المبطنة، مع أن اليهودية المعلنة كان معترفاً بها على مر التاريخ الإسلامي، حيث لم تحدث مجزرة واحدة ضد اليهود كيهود أو المسيحيين كمسيحيين والمجازر كانت كلها ضد الأقليات الإسلامية ترى؟ ألم يكن من المنطقي التوجه مباشرة إلى راس الأفعى ما دامت هي راس الداء، والعقلية التآمرية التي تضع اليهود وراء كل فتنة على الأرض متفشية فقط في الأديان التي نقلت عن اليهودية كل شيء: من فكرة التوحيد، إلى طقوس الختان وتحريم لحم الخنزير والحجاب، وربط الدين بشؤون السياسة والاعتقاد بمشروعية احتكار حاكمية الله وبقصة آدم والأنبياء الإبراهيميين جمعياً، بحيث لا يوجد بيت مسيحي أو إسلامي إلا وفيه اسم من اصل يهودي، وفكرة من أصل يهودي، ومع ذلك فإن كل كتل المسيحية والإسلام تتهم غيرها بوصفها دسيسة يهودية، ترى هل حقاً اليهود هم بهذه العظمة والحيوية؟ ليؤثروا- وهم في العالم كله لا يزيدون عن (15) مليوناً فقط بمصير المليارات، إنه إذن توفيق رب العالمين لهم، وخذلانه لأعدائهم لو تعلمون)). 3- قوى التفرد والشخصنة ( إما أبيض وإما أسود ): يقول الكاتب: (( أما قوى التفرد فإن الصعوبات تنجم عن صورة المستقبل المنشود، وعن صورة الوسائل والصعوبة تكمن في أن الفكرنات المستقبلية التجديدية تحتاج إلى صورة، ورؤية براقة للمستقبل، وهذه إما أن تستعار من الماضي السحيق، وإما أن تنسج من الخيال. وصور الماضي، هي التي بقي لنا منها المظاهر الإيجابية، ولكن هذه القيم يمكن أن تكون أرضاً مشتركة مع قوى الشخصنة، التي ترضى بتقديس هذه المراحل التي مرت في الماضي وبالتالي فإن الأمر قد يجرها إلى منزلقات الانضواء تحت قيادة قوى الشخصنة، أما صور المستقبل المنسوجة من الخيال، فهي تقوم على مستقبل يزول فيه الظلم والضعف والعقم والفاقة ويصبح كل شيء جميلاً على وجه الأرض. وفكرنات قوى التفرد الباحثة عن استعادة نموذجها من الماضي الذهبي وتلك التي تبحث عن نموذج مستقبلي جديد كلياً وتحقيق الجنة على الأرض، كلاهما سيعاني من أزمة المصداقية التي تجعل الماضي الذهبي قابلاً للإحلال على الأرض والمصاعب الممكنة في حالة هذه الفكرنات، هو أن تؤدي إلى مقاطعة فكرنات الشخصنة، وعدم الاستفادة من فاعليتها وإلا فإنها بكل بساطة ستصبح تقليدية وتكرس الواقع الذي ترفضه.)) 4- الإمام الحيوي جمال عبد الناصر وروح التقليد والعاطفة: ( (قيل قديما أن الناس على دين ملوكها ولاحظ ابن خلدون ان الناس يتأثرون بملبسهم وأفكارهم بمن هو أقوى منهم وكما أن الدول والمجتمعات القوية الأوربية غدت قاعدة محرضة موجهة للنهضة في واقعنا العربي الإسلامي فان الدول القوية في أي من الأقطار العربية والإسلامية غدت بدورها قابلة للتأثير في باقي أقطار العالم العربي والإسلامي وتعد الفنون عامة بما فيها من أزياء وأغاني ورقصات ودبكات الأسهل والأكثر قابلية للانتشار والنفوذ في حال نهضة وقوة الدولة المنتجة. وأخذت القاهرة هذا الدور مع عبد الناصر بشكل غدت فيه دبكة الصعيد أجمل ما تهفو النفس العربية والإسلامية للمشاركة فيها. ومن ذلك عد عبد الناصر، بالنسبة لقطاع كبير من الرأي العام العربي، يستحق صفه الإمام الأكثر حيوية)) ويسأل الكاتب كيف تحقق ذلك لعبد الناصر: (( برغم أن أي ناصري اليوم، ومن قبل، يستطيع أن يسرد لك مئات الأخطاء التي وقع فيها عبد الناصر وبالطبع، يستطيع غير الناصريين أن يسوقوا أسماء كثيرة، لا تقل حيوية عنه. فلماذا إذاً له تلك المكانة؟ للإجابة عن هذا السؤال، فإننا يمكن أن نلخصه، بما يمكن تسميته بـ “الفقه الإسلامي الناصري” الذي عبر عنه في مجمل خطبه وأعماله التي سعى بها لإيجاد أساس فقهي إسلامي للحرية، والاشتراكية والوحدة، ومحاربة الظلم والاستعمار ( ارفع رأسك ياأخي العربي فقد ولى عهد الاستعمار ))) تلاميذ عبد الناصر في التقليد: دبكة تكريت ودبكة سيرت. صدام حسين. والقذافي. يقول الكاتب (( من هؤلاء التلاميذ الذين قلدوا أستاذهم القوي عبد الناصر إمام الشعارات ترى ماذا كانت النتيجة لنرى؟ ويقول الكاتب عن ذلك (( فقد حاول رفع الراية من بعده وتحقيق الإقليم والقاعدة. كل من صدام حسين في العراق، والقذافي في ليبيا. ولم يستطع أي منهما أن يمتد شبراً واحداً خارج العراق أو ليبيا، بل إنهما معاً الآن يعانيان الحصار الشامل. ورغم ثرواتهما النفطية الهائلة فإن بلديهما نماذج عن الفقر والتخلف. ترى هل يعود ذلك إلى كونهما اتبعا طريق عبد الناصر؟ الإجابة هي النفي والإيجاب معاً. فالناحية الإيجابية، تعود إلى فهم كل منهما إلى أن عبد الناصر كان مجرد إذاعة وصور لا يجرؤ أحد على عدم رفعها، حتى في غرف النوم والى أن عبد الناصر كان مجرد زعيم لمعتقل كبير، يضع فيه الناس والخبرات باسم القطاع العام. وزنزانات يضع فيها خصومه. إن لم يعدمهم. )) [[ أو يذوبهم بالأسيد ]] طريق الحقيقة. ((هذه الناحية ليست بعيدة عن الصحة، في مرحلة من مراحل عبد الناصر.. وقد ورثها وضخمها نفط صدام والقذافي. وكان سبباً في المصائب التي وصلا إليها. ولم يتعظا بوصول عبد الناصر قبلهما إليها في الانفصال وهزيمة 1967. أما الناحية السلبية التي تنفي كونهما سارا على طريق عبد الناصر.. فهو عدم انتباههما إلى الدروس التي استفادها عبد الناصر، بعد الهزيمة وكانت في غاية الوضوح وهي أن معركة العرب الأولى هي الوحدة ضد قوى الهيمنة الصهيونية. وأن العرب، في هذه المعركة، يجب أن ينطلقوا من مواقع عقلانية، تقبل التعاطي معه معطيات العولمة الدولية السياسية المتمثل بالأمم المتحدة.)). ((ولهذا السبب، فإن تصيده في هزيمة 1967 كان المقصود به استنزاف قوة الجذب الحيوي للإقليم المصري، والتحطيم السريع لصناعة الصواريخ التي كانت في بدايتها ولم يستطع إعلامه السيطرة على رغبته في التباهي بها. وهي ما زالت قيد الإنشاء )). 5- تجربة صدام والقذافي ونتيجة رقصاتهما: ((والمتأمل في تجربة العراق وليبيا يلاحظ بعداً كبيراً عن هذا الدرس. فشعارات المواجهة مجانبة، وتخوين حتى اللذين قبلوا القرار (242) لا يهتز لها رمش )) (( ولسنا بحاجة إلى متابعة رقصات صدام حسين والقذافي لأنها رقصات داميه تراجيديه بامتياز فرقصة صدام سببت بقتل مليونين عراقي وإيراني خدمة للغرب والولايات المتحدة وأمراء النفط وبعد أن انتهى من تلك الرقصة بخيلاء وبهاء غنت له سعاد الصباح وكل الكويت والسعودية والغرب وجد نفسه يذبح على المرقص العراقي ويسلم العراق ليصبح مرقصاً للأمريكان وبعد ثلاثة عشر عاماً من الرقص ذو الإيقاع الهادئ مع الأمريكان والأكراد وجد نفسه فجأة في قفص من الأقفاص الأمريكية التي تتسع له ولمن يحب من مشاهدي التلفزة عالميا أن يتمتع بمتابعة القمل يرقص بين شعره رقصة تكريت الأخيرة. أما القذافي فكانت رقصاته أكثر إثارة إذ طلق العروبة والقضية الفلسطينية وذهب منذ سنوات يتعلم الرقص الإفريقي )). 6- آخر الراقصين أسامة بن لادن: (( قبل أن تصبح كلمة القاعدة عالميه وتلفظ بأصلها العربي للدلالة على الإرهاب الدولي والدلالة على أسامة بن لادن بوصفه المسؤول الأول عن القاعدة في أفغانستان والمسؤول عن أحداث تدمير برجي نيويورك في 11 من أيلول 2001. نقول : قبل ذلك بعشرات السنين فان تعبير القاعدة كان أثيرا عند العرب الباحثين عن دوله تصح أن تكون منطلقا لنشاطهم التثويري ومع أن حركات إسلاميه عنصريه استطاعت أن ترث عن الأمريكان جزءاً كبيراً من دولة أفغانستان بعد أن تحالفوا مع الأمريكان لطرد السوفيت منها ومع أن أسامه المليونير السعودي- استطاع بالتعاون مع حركة طالبان أن يعيد إنتاج دولة القاعدة بالمفهوم الذي أراده كل من عبد الناصر)). ((وعلى الرغم من أن أسامة بن لادن استطاع أن ينشأ “دولة قاعدة” في أفغانستان إلا انه وبسبب عدم منعة أفغانستان كدوله سرعان ما انهارت دولة طالبان الأضعف في العالم أمام الهجوم الأمريكي الأقوى عالميا )). ويختتم الكاتب رأيه عن رقصة أسامة بن لادن بالسؤال التالي: ((هل لقاعدة ابن لادن مستقبل حيوي؟ ويجاوب الكاتب بنفسه (من المؤكد أن منطقه النظري الطائفي العنصري يخلو من أية حيوية ))). ((ومع أن خطوة هذا النموذج على العالم العربي والإسلامي واضحة للعيان وتؤدي إلى إعادة العالم العربي والإسلامي إلى الاحتلال )) (( وهذا ما تم بالفعل )). (( ومرة أخرى ومع أننا لا نرى في تحويات بن لادن النظرية أكثر من تحويات طائفية عنصريه متخلفة عن فهم مستلزمات العصر فإننا نلاحظ أن تحوياته العملية لا تصلح أن تكون أكثر من عبرة لمن يريد أن يعتبر)). 7- احتواء هيمنة الأنظمة المحلية: (( المبادرة الحيوية على المستوى السياسي المحلي )) يقول الكاتب: ((كلنا يدرك أن المبادرة الحيوية، كي تشهد النور، لابد لها، من الانتقال، من المستوى الفردي والنظري، إلى المستوى الجماعي والعملي، وبالتالي، عليها أن تأخذ بعداً سياسياً وفئوياً على التنوع، بين اتجاهات قوى الشخصنة والتفرد، من موقع محدد عربياً وإسلامياً )). ويجيب الكاتب على نفسه ويقول: (( ولكن المشكلة تبقى هنا، يمكن لنا أن نتقدم باتجاه المبادرة الحيوية أو أن نبقى أسرى أزماتنا وهزائمنا، لا نستطيع إلا أن نكون ضحايا آخرين في سياقها )). 8- المشكلة التي تجابه الكاتب في نظرية المنطق الحيوي في الأسئلة التالية: يقول: (( ولكن، ما المقصود بذلك بالضبط المقصود وباللغة العربية الفصحى هو من سينهض لتحقيق هذه المبادرة ومن الفئة التي ستحمل لواء مفاعلتها مع الجماهير ومن هي السلطة التي تسترشد بها، وتطورها إلى التنفيذ ؟ وفي أي الساحات العربية ستجد هذه المبادرة إمكانية المباشرة في التطبيق )). 9- جواب الكاتب على هذه الأسئلة أتت كالتالي: ((ومثل هذه الأسئلة تطرح قضايا إشكالية خطيرة.. فالعمل السياسي الشعبي الحر ممنوع ومصادر في معظم الأنظمة العربية.. ومعظم الاتجاهات الفئوية السياسية وصلت إلى الإفلاس. والعجز عن تحقيق أي من أهدافها المعلنة وبدلاً من امتلاك شجاعة الاعتذار والنقد الذاتي فإنها انغلقت على مصالح أحادية توفرت من خلال تحولها إلى شخصنات سلطوية تحقق مكاسب على المستوى النفسي والفئوي وربما المادي للذين انضموا تحت لوائها )). ويقول الكاتب متسائلاً: ((ولكن هل يخلو المجتمع العربي من الأنظمة والسلطات والفئات السياسية؟ وهل مصالحها متعارضة كلياً مع المبادرة الحيوية؟ )). ويجيب الكاتب نفسه: (( ويجب الاعتراف أولاً بأهمية السلطة الرسمية. لتحقيق هذه المبادرة، ومع اعترافنا، بأنه ما من تقدم أو تخلف عن المبادرة الحيوية، يتم إلا عن طريق السلطة الرسمية ّ في المحصلة النهائية على الأقل )) ويقول الكاتب عن السلطات الموجودة بهوياتها الدينية والقومية مايلي: ((فإن معظم السلطات القائمة، وصلت إلى ذروة الإفلاس في حل أي من المشاكل، التي تواجهها على المستوى الداخلي والخارجي. ومعظم السلطات القائمة لم تعد مهددة بالسقوط لصالح قوى المعارضة، لكنها مهددة بالعجز الذاتي، والمطلوب.. هو دفع السلطات القائمة للتصريح بذلك )). (( والإعلان، بشكل صريح وواضح، عن عدم جدوى العقلية التآمرية الانقلابية للتغيير السياسي، وهذا الإعلان، ليس مطلوباً لتطمين السلطات من مبررات إتباع سياسات حمقاء، بحجة البحث عن المتآمرين، وإجبارها على إتباع سياسة أكثر مرونة وانفراجاً، واحتراماً لشعوبها، ولحقوق الإنسان دون خوف)). ,وسنتابع العرض؟؟ 10- هل نحن موحدين أم غير موحدين في أوطاننا: يسأل الكاتب ويجيب: ((هل يعني هذا، أننا غير موحدين في أوطاننا ؟ الإجابة هي النفي، فوحدتنا السياسية الكرتونية، التي فرضها الاستعمار قائمة على عناصر تفرقة إقليمية وطائفية، تجد تعبيرها في مصالح أقليات حاكمة، في هذه الكيانات. وعلى هذا الأساس، فالولايات الحيوية العربية الإسلامية المتحدة يمكن ويجب أن تباشر بدءاً من الصيغة الاجتماعية والسياسية والثقافية، في كل إقليم.. فلا يصح أن نقمع اللغة الكردية، أو البربرية، أو العربية ونمنع أهلها من النطق بها، وتعلمها، وندعى أننا وحدويون وحيويون )). ((ولكن، لنعترف بأنفسنا أولاً. ولنعترف أن لا طريق للوحدة إلا بالتنوع. وأن لا حق بالثروات والحياة، إلا بامتلاك لغة العصر، التي بدونها لم تكن هذه الثروات لتظهر أو تستعمل. لنتوقف عن استبدال تحديات العصر بعيش أوهام التاريخ السحرية وانتصارات الملائكة، التي تنتظر استدعاءها بقليل من البخور.. والدوران حول القبور. إذا كان من حاجة للقبور. فهي لأخذ عبرة الموت؟ فطالما أننا سنموت يوماً، فمن العيب أن نقبل الموت قبل حينه. خوفاً ويأساً وإذا كان العدو الأول، هو اليأس والخوف. فإن الغرور والاستهانة بالآخر، وسوء النية، به هو الوجه الآخر، لهذا العدو.. وعلينا المباشرة في مواجهته من كل زاوية )). 11- ويكتب الكاتب بنفسه عن محازير الهوية العربية الإسلامية التي يطرحها: (( بعد أن تعرفنا أبعاد هويتنا الحيوية، وسبل عولمتها، لتتسق مع المنطق الموحد، فإننا، وعلى الرغم من شعورنا بكونها بديهية، فإن الشعور بالعجز عن تحقيقها قد يشل الكثيرين عن مجرد التفكير جدياً بإمكانات تحققها.. ومثل هذا اليأس لا يعود فقط لمصالح قوى الهيمنة في تمزيقنا.. بل يعود أولاً وقبل كل شيء إلى كون الهوية العربية الإسلامية مجرد موروث عن القفا العثماني!! الذي انغمر رأسه قروناً مديدة من الانحطاط وعندما صحى على هذه المأساة التي بدأت تظهر أكثر فأكثر مع نهوض حثيث وشامل للغرب.. ظن سلاطين بني عثمان أن مجرد استيراد الطربوش الأحمر من النمسا وارتدائه بفخار يجعل الرأس أكثر طولاً وبالتالي يجعل التفكير أكثر رقياً.. ولكنه ما إن ارتداه جيداً حتى شعر بأن قوى الغرب تنتف ما بقي من شعر!! وتستألب عليه كل الشعوب التي كان يربطها بقفاه بعيداً عن الطربوش )). 12- بخصوص الهوية رفضاً وقبولاً ولماذا: (( وعلى الرغم من أن هذه المبادرة الحيوية لاستعادة وحدة سوريا [[ الهلال الخصيب ]] وفتح الحدود باتجاه مصر والعراق ستبدو غير مقبولة للبعض كثمن لعضوية إسرائيل في المنطقة. وسوف ينظر إلى ذلك كنوع من التنازل والخيانة.. ولكننا سنواجه هذه العقلية الاتهامية الغوغائية ونشير إلى مسؤوليتها – أيضاً – عن كل ما حدث من هزائم.. وأن هذه الغوغائية هي التي سمحت وتسمح للمزاودات الانتحارية بالاستمرار حول المنطق الجوهر العنصري الديالكتيكي )). (( وأن ما يمنعنا عن تحقيق ذلك هو أن قوى الهيمنة الصهيونية والغربية، هي التي لا تعترف بنا. هي التي لا تقبل التساكن معنا. وأن المطلوب أولاً هو اعترافها بوحدتنا وبحقنا في الحياة والحرية. وعندما نستطيع أن نصل إلى هذا المستوى، نكون قد وفرنا على أنفسنا الكثير من الأهداف الوهمية، التي لا تؤدي إلا إلى مزيد من النكسات والهزائم.. وبالطبع فنحن – هنا – لا نبرر سياسة الركوع والاستسلام، ولا نطالب بالتخلي عن الحقوق الحيوية المتوازنة [[ سلام الشجعان ]] .. وأكثر من ذلك، فإننا لن نستطيع تقديم أي عرض جدي بالتعايش الحيوي المشترك إقليمياً وعالمياً مع اليهود والغرب، إلا عندما نملك القدرات الذاتية الدفاعية، الرادعة والمشجعة على تنامي القوى الحيوية اليهودية المراهنة على السلام طريقاً وغاية.. وفتح الطريق أمام تحولات داخلية للاعتراف بنا وبضرورة المواطنة الحيوية معنا.. وهذه أهم وأكثر فعالية من كل أسلحتنا، وصيغ إعلامنا الديماغوجية العنترية، الجوفاء حيناً والذليلة المبحوحة أكثر الأحيان، وعلى الموجه نفسها. ويسأل الكاتب: ترى هل سيشعر اليهود بالأمان في مثل هذا البحر العربي الإسلامي؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن لا نقع ضحية المتاجرة بهلوسات الهولوكست الذي يواجه اليهود جراء عيشهم خارج ارض أنبيائهم.. كما يجب أن لا نقع ضحية المتاجرة بهلوسة الخوف من احتمالات الغدر و الخيانة التي يهلوس بها بعض العرب تجاه اليهود مستندين إلى قراءة أحادية للتاريخ .. والهلوسات المماثلة الرائجة عند اليهود حول العرب ونبيهم )). 13- المناهج التعليمية ومسيرة التاريخ والنتائج: (( فإن المناهج الثقافية الرسمية تقدم للتدريس مخططاً كاريكاتورية.. عن تاريخنا المجيد بحيث.. تحتفظ ( بأسماء أخناتون نبوخذ نصر وحمورابي وآشور وامرئ القيس وزهير بن أبي سلمى وعنترة ) وقبل أن تأتي كوكبة الإسلام. التي تبدأ بالاضمحلال بعد قرنين وتتلاشى كلية منذ عشرة قرون. ويغيب التاريخ حيث يبرز لنا ( سايكس بيكو ) و( التتار )، و(المماليك) و(الأتراك)، وتقف لحظة عند فتح القسطنطينة، ونغيب لنستيقظ على اتفاقية ( سايكس بيكو ) والاستعمار الغربي.. وإسرائيل وقوات التدخل السريع )). (( هذه الصورة لمسيرة التاريخ تعاش بشعور من الألم والتحدي والقدرة على المواجهة اعتماداً على التاريخ. ولكن أي تاريخ.. يثبت أننا قادرون على التحدي؟ ولماذا لا تمر فينا قرون التتار والمماليك والأتراك من جديد؟! وخلال هذه الفترة الطويلة كم من جيل ولد ومات. ولم يعرف من زمانه، غير اسم الأتابك، والخديوي، والمملوك.. وكم من جيل ولد ومات وهو لا يعرف من زمانه، ولم يعرف عن (محمد) إلا أنه امتطى البراق إلى السماء بأسرع من الصواريخ. ولم يعرف عن (علي) غير ضربته لباب خيبر بأقوى من الديناميت )). (( ماذا نريد القول من هذه التساؤلات؟! إنما نريد قوله ببساطة.. إن الثقافة والإعلام والتعليم تعطينا على المستوى الرسمي والشعبي شعوراً مخدراً بقرب النصر. لا على إسرائيل بل على جد إسرائيل. ونسمع في الأخبار، بين الحين والآخر، ضجة وفرحة كبرى بدخول أحد المسيحيين إلى الإسلام؟! وأن الإسلام قادم لإنهاء كل من يتخلف عنه لأنه الوحيد الذي يدل على طريق الخير في الحياة والممات. والنصر معقود من عند الله للمؤمنين.. أما لماذا غاب الخير عنا.. خلال قرون وقرون، لماذا؟. لم نعرف غير المزيد من الظلام والتقهقر.. فالأمر لا يستحق حتى البحث؟؟ ولا يرقى إلى مستوى اللغز الذي يجب أن تتحرك العقول لحله.. إنها هنيهة في عمر الأبدية.. الإسلامية. وماذا تساوى عشرة قرون من عمر الزمان. إنها غفوة. والآن استيقظنا.. وفي كل بيت كتاب اللغة العربية ونسخة من القرآن )). ((هنا المشكلة الحقيقية في امتلاك تقنيات العصر التي تحتكرها إلى الآن قوى الهيمنة، وليس لدينا لمواجهتها غير الضعف وغير النفسية استسلامية قدرية )). 14- والكاتب يقارن بين الغباء العربي الإسلامي – والذكاء الياباني والألماني: ويقول الكاتب: (( أم أن هناك صيغة أخرى؟ يمكن أن نواجه بها قوى الهيمنة؟ وبالتالي الحصول على مستلزمات التقنية المعاصرة؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بأس من البحث في الأسباب التي جعلت من اليابان وألمانيا قادرتين على تطوير قدراتهما التقنية، رغم هزيمتهما الساحقة في الحرب.. ورغم المعاهدات المفروضة على التقنيات العسكرية. بمعنى آخر، ما الذي يجعل العالم العربي والإسلامي، قادراً على مواجهة قوى الهيمنة؟ كما واجهتها اليابان وألمانيا المهزومتان عسكرياً؟!.. أليس واقع كل من ألمانيا واليابان يعطيهما قدرات على خرق المعاهدات ومباشرة التحدي العسكري؟. أكبر من أية دولة عربية؟ ومع ذلك، لماذا لا نلمس التدمير الشامل، والعتاد العسكري المنافس؟! قد يرد بعضهم، بأن اليابان وألمانيا ليستا مهددتين بالاحتلال والتجزئة ونهب الثروات كما هو حال العرب والمسلمين. للإجابة، نرد: أن الهيمنة التي تمارس على كل من اليابان وألمانيا. أخطر من التجزئة ونهب الثروات، لأنهما محتلتان عملياً بقواعد عسكرية.. ولأن القرار السياسي المستقل، ليس بيد قادتهما، في كل المسائل.. ومع ذلك، وضمن هذا الوضع فإن اليابان وألمانيا، تدان الصاع صاعين، المرة تلو المرة.. فكيف ذلك؟!. وهل بإمكاننا- نحن- تحقيق ذلك؟ )). 15- الكاتب يرى أن أخطر الأمراض التي أصابتنا تكمن في الأهداف والاستراتيجية التالية: تعريب العالم وأسلمة العالم وللإجابة على التساؤلات السابقة يقول الكاتب: (( الإجابة، تكمن- أساساً- في روح الغزو والتوسع للتعريب والأسلمة التي نجتر شعاراتها، ليل نهار. وكأنها مهمة مقدسة وتكليف من الله لتحقيق ما يعجز أنبياؤه عن تحقيقه!؟.. وكأنه لا يوجد في القرآن (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) إن ما لا يشاؤه الله .. نشاؤه- نحن- نيابة عنه، وليس لدينا غير التمائم؟ وعقلية السحر المنتصرة )). (( وثمة نقطة يمكن أن تفضح عقلية المواجهة هذه وأهدافها.. فلنفترض، كما ذكرنا سابقاً، إن فلسطين لم تحتل، ولنفترض أنه لا يوجد لدينا نفط، ترى ماذا سيكون حالنا.. هل ستنتهي العقلية الأحادية؟ الإجابة بالتأكيد هي النفي.. ولسوف، يكون حالنا، في ذلك، أقرب ما يكون إلى حال أفغانستان والسودان، لا من حيث التخلف والضعف بل أيضاً من حيث شدة التعصب وانغلاق العقلية والسعي لأسلمة العالم !؟!.. بالخطابات العنترية تجاه الخارج وبالحروب الأهلية في الداخل. هنا الجرح.. فلنشر إليه مجدداً وهنا، سبب مواجهتنا المهزومة مع قوى الهيمنة الدولية )). 16- وأخيراً ننهي مرحلة تشخيص الداء للكاتب بسرد قائمة طويلة من الأمراض: يقول الكاتب (( هنا المواجهة الأشمل، ومع العدو الأكبر.. أي عقليتنا المتسلطة الأحادية التي تزيد نفي الآخرين )) (( يحق لنا أن نتساءل.. عمن يهدد من في العالم العربي؟ بصرف النظر عن المداخلات الخارجية. فماذا نجد ؟!! )). 1- التفاوت في الثروة بين بعض الفئات وغيرها.. وبين بعض الأقطار وغيرها.. 2- والمسلمين المشتتين في عالم شاسع من الفقر أمام دويلات (مكرسكوبية) تحتكر ثروات فلكية. 3- التمايز بين المدينة والريف. 4- الجو مشحوناً بجو حرب بين عائلات وعشائر، تبحث عن الثأر والانتقام، من بعضها بعضاً، لأتفه الأسباب. 5- فإن إثبات الرجولة والشرف والبطولة تجاه حركة غير متزنة من إحدى بنات أو نساء البيت، ما زالت مصدراً للانشغال وطرد الملل من أجواء القرية. 6- فلا بد أن نتوقع إشكالات تهدد الأمن الاجتماعي!!.. بسبب طموحات الفئات المهملة الضائعة بين أحياء الصفيح! أو أحياء المقابر! المسكونة فعلاً في القاهرة.. تشكل، هذه الأوساط، مرتعاً للتمرد الاجتماعي والعنف لتسوية أوضاعها عن طريق أية دعوة تسهل لها طريق العنف. 7- وثمة مصدر آخر لتهديد الأمن الاجتماعي يكن في الفروق بين الأقليات الحاكمة، والأغلبية المحكومة، وبين الأغلبية القومية والدينية والأقليات التي تعيش في كنفها. 8- وما دام الأمر، كذلك، فإننا دون وجود إسرائيل، ودون وجود قوى هيمنة دولية.. سنكون في حالة أزمات وحروب مستمرة. 9- وبتعبير آخر، عندما يصبح كل منا سيداً في وطنه، تزول الحروب التي تحدثها حالة الانقسام بين سادة وعبيد. 10- وما ينقصنا بالمقارنة معها هو إيجاد طرق قانونية حيوية سليمة فعالة متوازنة للصراع السياسي والاجتماعي والثقافي، لإزالة الغبن. 11- فلإزالة حالة الدونية والتبعية والتخلف، علينا مقاومة العقلية الأحادية والعنصرية فينا أولاً. 12- إن معظم خبراء البناء والتسلح الذين يأتون إلى بلادنا، ويخرجون بصورة سلبية عن حقيقة مشاعرنا العدوانية تجاه بعضنا وتجاه العالم.. يذهبون لتزويد مراكز الاختصاص، بما يلزم لإحكام السيطرة ضدنا.. لضرب وتخريب ما لدنيا من قدرات.. 13- ولذلك فإن سبل امتلاك تقنية العصر، وإن كانت ممكنة جزئياً عن طريق استقدام الخبرات الأجنبية، والحصول على بعض المساعدات، من الدول الصديقة.. إلا أن هذه الخبرات لا يمكن أن تكون إيجابية ، في أعماقها، ولا يمكن ضمان استمرارها بفاعلية.. وبخاصة، إذا كانت مرتبطة بحكومات قابلة للسقوط عند كل دورة انتخابية. أما الصداقة مع الحكومات غير المرتبطة بدورات انتخابات.. فمصيرها أسود.. لأن مصيرها يخضع لمزاج الفرد الحاكم. 14- وبالطبع، فإن مصاعب أي حل تكمن في سيادة عقلية المصالح الأحادية القطرية. وهي مصالح يمكن أن تتضاءل مع ازدياد الحاجة إلى تكتلات اقتصادية سياسية تستطيع المشاركة في النظم الاقتصادية والسياسية العالمية الآخذة بالولادة في العالم، كالوحدة الأوربية، التي ستنتهي معها مبررات التناحر على الأسواق العربية. 15- مدرسة دمشق المنطق الحيوي: أسسها الدكتور رائق علي النقري لتكون تذكيراً لمنطق الحياة بوصفه بداهة لإصلاح و تجديد وتحرير صيغها من الفاسد والميت والمستنفذ أغراضه الحيوية. 16- ولتكون استلهاما نقديا للتراث العربي الإسلامي لبلورة الميثاق الحيوي للولايات العربية والإسلامية المتحدة. 17- والتوقف عند أطروحات هذا التقرير وتوصياته لا يعود فقط إلى أهميته الإستثنائيه من حيث كونه يعد كارثة تدمير العراق تعبيراً يلخص السياقات الفكرية والسياسية للهزائم المتتالية التي أوصلتنا إلى تلك النهاية الوخيمة وأعادت العرب جميعا إلى مرحلة الاستعمار .. بل إن أهميته الإستثنانئه تكمن في كونه يوضح حجم الصعاب والتحديات التي يواجهها أي رأي يقول لا لجميع التيارات العنصرية القومية والطائفية والعلمانية والتي كانت وما تزال مهيمنة على الخطاب الإعلامي العربي وما تزال مدعومة من الانظمه المتاجرة بالعلف العروبي والإسلامي والماركسي؟؟ 18- نحن هنا من الذين يؤكدون أولوية مقاومة الهزيمة تبدأ من مقاومة عوامل الهزيمة الداخلية، في ديار العرب والمسلمين، وأن أول معالم الهزيمة في العالم العربي والإسلامي هو غياب الوعي العملي و النقدي. 19- إننا وان كنا فعلاً ورثنا ثقافتنا والاسلاميه من قرون الانحطاط إلا أن الحيوي من التراث الإسلامي.. كاف لإحداث إصلاح هائل في شعوب العالم العربي والإسلامي بدون الحاجة إلى تغيير قناعات الجماهير؟؟ بل فقط من خلال احتواء الثقافة والاسلاميه ضمن المنطق الحيوي لهندسة وإدارة المعرفية.. ولذلك كان لابد من وضع أسس هذه الهندسة لتكون أداة تفهم وتحقيق الميثاق الحيوي. 20- ومن هنا فإننا – هنا- لا نريد التأكيد – مجدداً – على ريادة المبادرة الحيوية التي انطلقت عام 1967 لتعميق العقلية النقدية وتجاوز العنصريات القومية والطائفية والعلمانية. 21- ويناقض الكاتب نفسه بنفسه في تحقيق هذه المبادرة ويقول: (( هل هذا يعني أن تفاؤلنا سيكون ملموساً في هذا الجيل؟ وقد يفاجأ الكثيرون، إذا قلنا، إن أي حل يستهدف الخروج مما نحن فيه من أزمات، لابد أن يعتمد خططاً تمتد إلى عشرات السنين، وإذا قلنا أجيالاً؟؟ فإننا قد نكون متفائلين )). 22- (( أيعقل هذا؟ أسنبقى في هذه التخطبات والهزائم والآلام فترات طويلة أخرى! هذا ما سوف يزعج الكثيرين من القراء المتعطشين إلى الخلاص السريع! ولكنها الحقيقة المرة )). 23- صحيح أنها فترة بسيطة في عمر التاريخ وصحيح أن الأجيال التي ولدت في بداية القرن ما تزال تعيش عقلية ما قبل الحرب العالمية الثانية، وما تزال تحكم وتتحكم بنفسها وبعالمها، ضمن تلك العقلية. وطريق الحقيقة تسأل [[ ترى لماذا لا زالت تعيش في هذه العقلية؟ وما السبب في ذلك ]]. 24- وغياب الوعي العملي في ديار العرب والمسلمين يتضح من كون معظم سمات الفقه الموروث عن عهود الانحطاط بكونه فقهاً يقوم على العنصرية الأقوامية أو الطوائفية أو اللغوية بينما المطلوب بلورة فقه مصالح التوحيد الحيوي لتحييد الأصنام الموروثة عن عهود الانحطاط وعن التأثير في التيار الأقوامي والطوائفي. 25- فالفئوية القومية العربية في تركيا، أو الكردية في إيران، تجد نفسها تسعى لتحقيق مصالحها الإيديولوجية القومية مع امتداداتها الفئوية العربية أو الكردية.. الخ. كما أن الفئوية الطائفية السنية أو الشيعية في السعودية تجد نفسها تسعى لتحقيق مصالحها الأيديولوجية الطائفية، مع امتداداتها الفئوية في إيران وتركيا. 26- وحالات اختلاف النزوع الفئوي المصلحي ليس فيها- مبدئياً- ما هو غير مشروع، إلا أنها في وضعنا البائس تعني مزيداً من التقسيم والتناحر، لكل هذه الفئويات ضمن اتجاهين عريضين في كل قطر وهو التيار القومي والطائفي. 27- فإن الغرب- نفسه- بدأ التخلي عن هذه الأقوامية إلى الوحدة الأوروبية. 28- كما أن التيار الأقوامي- على الأخص غير العربي- يغرس الشعور بالعار من تراثه الإسلامي.. ولذلك، فإن هذا التيار الأقوامي- مرة أخرى غير العربي- يفتقر القدرة على التواصل التراثي.. وفي حين يتوفر للتيار الطائفي التواصل مع التراث المصنوع – أساساً- في مراحل الانحطاط فإنه يفتقد القدرة على استلهام الروح المتجددة للثورة الإسلامية في قرونها الأولى.. ويحنطها ضمن أصنام طقوسية سحرية ميتة!!. وكلا الجناحين يخوض صراعاً مريراً يساهم في استنزاف ديار العرب والمسلمين بلا طائل.. 29- وفي الجانب العربي- على سبيل المثال- فإن التيار القومي العربي والتيار الديني هما الاتجاهان الأكثر حضوراً في الفقه السياسي التناحري، الذي شهدناه ونشهده في تناحر الاتجاهين بين بعضهما بعضاً، وتناحر كل منهما مع نفسه. 30- وفقه المصالح التوحيدية.. أو الحيوية الإسلامية، التي نعرض ها في هذا الموقع، ليس جديداً ولا فريداً.. ولن يكون الأخير.. لأنه اجتهاد يتجدد بتجدد الظروف.. 31- بيان مرشح مدرسة دمشق المنطق الحيوي”مستقل” – محمود محمد أنور استانبولي- قطاع / أ /1990- ملخص جريدة الثورة يقول: (( التصدي لمحاولات الاغتراب عن التراث العربي والإسلامي ، والمطالبة بإعادة التواصل معه بعقل نقدي يستلهم روح العصر)). وهكذا نكون قد أوردنا الأفكار التي نراها مهمة للكاتب في تشخيص المرض وكشف الأمراض. والآن مرحلة وصف الدواء ولنرى كيف طرح الكاتب أفكاره لمعالجة كافة هذه الأمراض التي أصابت جسد الأمة العربية الإسلامية. مشروع الحل: 1- التعددية السياسية في الميثاق الحيوي: (( والمخرج الحيوي من مأزق العقلية الاتهامية التآمرية هو السعي إلى بلورة أغلبية باتجاه حيوي عربي إسلامي متعددة في صيغ تعبيرها الفئوي السياسي، بحيث يصبح مفهوم الأغلبية والأقلية مفهوماً سياسياً فقط )). (( وضمن هذا الاتجاه الفئوي يمكن أن نتوقع قيام اتجاهين عامين انطلاقاً من هوية حيوية عربية إسلامية )). 1- الاتجاه الفئوي الأول: هو اتجاه (قوى الشخصنة) التي تجسد الموروث الاجتماعي وتغلقه. [[ التيار المحافظ ]] طريق الحقيقة. 2- الاتجاه الفئوي الثاني: هو الذي يرفض الموروث الاجتماعي بوصفه انحطاطياً، ويسعى للتجديد وهؤلاء (قوى التفرد). [[ التيار الإصلاحي ]] طريق الحقيقة. [[ وطريق الحقيقة تقول: وهذا ما قسمته الثورة الخمينية في إيران بعد استلامه السلطة وممارسة السياسة ترى ماذا كانت النتيجة؟ هل فعلاً هذا التقسيم أدى إلى تغيير ثوري في حياة الشعب الإيراني أم زاد الطين بلة ]]. (( ويركز المدرسة الحيوية على الفئة الثانية كمشروع للحل ويقول أن الاتجاه الفئوي الثاني الممكن هو اتجاه قوى التفرق فإنه على العكس من ذلك يضم النزعات التجديدية ويتميز بالسعي لتجاوز الموروث السائد والزعامات التقليدية )) (( وبالطبع فإن قطاع المبدعين يشكل مجالاً خصباً لاتجاه قوى التفرد، خاصة بين الفنانين والشعراء والكتاب والمثقفين، لأن التجديد هو هاجس الإبداع في كل ال إعجابإعجاب
  9. * إنهم ليسوا يهود إنهم إسرائيليون.. ومن حقنا أن نقول: لا

    بقلم: زهير سالم *

    – 28 أيار/ مايو 2009

    بترحاب كبير استقبل المواطنون السوريون والأتراك عودة الدفء إلى العلاقات التركية – السورية. مسيرة التقارب المتبادل تعني بشكل مباشر عودة المياه إلى مجاريها الحقيقية، بعد أن قطعتها أو مزقتها التوجهات الشيفونية التي ثبت أنها لم تورث أمتنا إلا المزيد من التشتت والبلاء.

    وبنفس الترحاب ينظر الشعبان التركي والسوري على طرفي الحدود إلى عملية نزع الألغام المادية بعد أن سبقت السياسات إلى نزع الألغام المعنوية. ست مائة وخمسة عشر ألف لغم مزروعة على مسافة (510) كم، وهو طول الحدود السورية – التركية. ست مائة وخمسة عشر ألف لغم زرعت على الحدود المشتركة، قيل يومها من أجل منع التهريب أو لقطع الطريق على متسللي الإرهاب من رجال حزب العمال الكردستاني. عدد من الألغام كاف ليحول أخوة العقيدة والحضارة والتاريخ المشترك إلى أخوة تراب!!

    سيكون مرحبا به أكثر أن تنزع هذه الألغام، وأن يزرع مكان كل لغم شجرة للحياة تضفي على المنطقة مزيدا من الحيوية والجمال. بل سيكون عيداً حقيقياً للشعبين إذا استطاعت السياسات المتواثقة أن تخفف من صرامة خط الحدود، لإيجاد نوع من الشراكة أو التماهي تعيد العلاقات إلى أفقها الحقيقي، وتعوض البلدين عن اللهاث وراء العوالم التي لا تريدهما ولو في ذيل القطار. العوالم التي ما تزال تشترط لمجرد العلاقة اشتراطات لولبية لانهائية تستتبع الكثير مما يُعاف.

    الترحيب بنزع الألغام، والتشجيع على تحويل الشريط الحدودي إلى بستان للورد، والعمل على توظيف هذا المشروع كجزء من استراتيجية اقتصادية، أو نافذة لتوظيف الجهد التركي واليد العاملة التركية كما يقال شيء.. وإسناد هذا العمل إلى شركة (إسرائيلية) مهما كان الثمن أو الفائدة شيء آخر. إن كل مقولات أو أطروحات التبرير أو التسويغ لا تصمد لحظة أمام قواعد الالتزام والانتماء..

    على الذين يقولون، وهم صادقون، إن الخلافة العثمانية كانت تشمل برعايتها المسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء، أن يتذكروا أن هؤلاء الذين سيجدون لأنفسهم موطئ قدم على حدود سورية الشمالية ليسوا يهود فقط بل هم أساساً (إسرائيليون)، وهناك في البعد الاستراتيجي فرق كبير بين اليهودي والإسرائيلي.

    وعلى الذين يزعمون أن رأس المال لا دين له أن يذكروا أن رأس المال هذا له أهدافه القريبة والبعيدة. وأن دولة إسرائيل مستعدة أن تدفع لتركية اليوم مبالغ أكبر بكثير من تلك التي عرضتها الإدارة الأمريكية يوم أرادت من تركية معبراً لجنودها إلى أرض للعراق؛ مقابل موطئ قدم على حدود جيرانها الشمالية. ولقد سجل البرلمان التركي يومها موقفه المشرف في قوله: لا.. لكل العروض والإغراءات الأمريكية.

    إنه من التبسيط بمكان أن ينظر إلى موضوع بخطورة الموضوع المطروح (منح موطئ قدم لقاعدة إسرائيلية – ولو اقتصادية – على الحدود السورية الشمالية)، من زاويته الاقتصادية فقط.

    إن للموضوع أبعاده الاستراتيجية والأمنية. وإن منح الترخيص لوجود إسرائيلي في هذه المنطقة تحت أي عنوان سيفتح المجال واسعاً أمام أشكال من الاختراقات السياسية والأمنية وربما العسكرية، تبقى المنطقة والعلاقة الوثيقة الواعدة في غنى عنها..

    إعجاب

  10. [السابق] [عودة] [التالي]
    الوحدة تبقى هدفاً وتأتي تدريجياً وديموقراطياً
    مسـؤول الإعلام فـي البعـث السـوري لـ«الـسفير»: الحـزب يعمل على إعادة صياغة علاقته بالسلطة
    زياد حيدر: السفير 28/5/2009
    أعلن مسؤول مكتب الإعداد والثقافة والإعلام في حزب البعث الحاكم في سوريا هيثم سطايحي لـ«السفير»، أمس، أن الحزب يعمل على إعادة صياغة علاقته بالسلطة بحيث تصبح أقل تركيزاً على التفاصيل وتعنى بالإشراف والرقابة، مع تعزيز قدرته على الحكم.
    ويأتي هذا الكلام فيما تنكبّ قيادات الحزب، قبل مؤتمره القطري المقبل العام 2010، على إعادة رسم المنطلقات النظرية للحزب والتي تتمثل في أهدافه: الوحدة والحرية الاشتراكية.
    ويقول سطايحي، عضو القيادة القطرية للحزب ومسؤول مكتب الإعداد والثقافة والإعلام، إن الأهداف لن تتغير، وإنما ستصبح أكثر واقعية، بحيث يصبح العمل من أجل الوحدة تدريجياً، عبر التركيز على تحقيق التضامن العربي والتكامل الاقتصادي بين الدول العربية، فيما يصبح مفهوم الاشتراكية عنواناً لتطبيق مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يعني بالدرجة الأولى، من وجهة نظر الحزب، تحقيق العدالة الاجتماعية خصوصاً لشرائح المجتمع التي تأسس الحزب عليها، وهي الفلاحون والعمال وصغار الكسبة.
    ويوضح سطايحي، في اللقاء مع «السفير»، أن تطوير المنطلقات النظرية للحزب طرحت قبل انعقاد المؤتمر القطري العاشر في العام 2005، إلا أن القيادة الحزبية تحفظت على الدراسات التي قدمت حينها، وجرى استكمال النقاش لاحقاً حول هذه المنطلقات، والذي استند لفكرة «تطوير مفاهيم الوحدة والحرية والاشتراكية بما ينسجم والتطورات الجارية على المستويات المختلفة، سواء على المستوى الداخلي، عبر التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي حصلت، أو التطورات العالمية، أو تجارب الأحزاب والقوى السياسية المختلفة».
    ويضيف سطايحي أنه حين يتم الحديث عن الوحدة على سبيل المثال، وهي احد الأعمدة الثلاثة لشعار الحزب التاريخي (وحدة حرية اشتراكية) فإن الهدف هو «إعادة تأسيس مفهومك للوحدة العربية، بمعنى أن تنزع الطابع الرومانسي أو العاطفي عنها». ويوضح أن الوحدة «ستبقى هدفاً». ولكن ليس برومانسية العام 1963، مضيفاً «الآن نركز على التضامن والتكامل الاقتصادي العربي، وحتى النظر للدولة القطرية سابقاً كنا نعتبره أمراً مصطنعاً، والآن نعتبر أنه في العمل الوحدوي لا يجوز تجاوز الدور القطري، ونبرز أهمية العامل الديموقراطي، أي أن الوحدة خيار ديموقراطي وتدرجي، والوحدة السياسية هي ختام مسيرة طويلة».
    ويبين سطايحي، رداً على سؤال عما إذا كان الشعار هنا يتخطى بحدود واسعة السعي الجديد لتطبيقه، أن «الشعار أو الهدف هو خاتمة مطاف الوحدة، حتى لو حكيت عن الاتحاد أو التنسيق أو التكامل العربي المشترك، أي صيغة من هذه الصيغ هي عبارة عن عملية تنتهي بالوصول إلى هذا الهدف أو هذا الشعار».
    ويشرح أكثر حين التطرق لمفهوم الاشتراكية التي يقول إنها خضعت لنقاش أعمق في كوادر الحزب من غيرها من الشعارات، حيث تمّ الاتفاق في المؤتمر القطري العاشر على اعتماد مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي. ويقول إن «فكرة اقتصاد السوق الاجتماعي لا تتعارض مع مفهوم الاشتراكية، لأن اقتصاد السوق لا يعني أنه مخالف للاشتراكية». ويؤكد، في هذا السياق، أن «أهم شيء بالنسبة لنا هو تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان مصالح الجماهير الشعبية التي نسميها حزبياً الجماهير الكادحة، وهي فئات العمال والفلاحين وصغار الكسبة». ويوضح ما يعنيه الحزب بذلك وهو «الغطاء الاجتماعي للناس كمجانية التعليم والصحة وأن تكفل (الدولة) الشرائح المستضعفة في المجتمع وتشجع الإنفاق العام ونظام ضريبي أكثر عدالة لا يحابي الأغنياء».
    ويضيف سطايحي أن الأمر الآخر الخاضع للنقاش حالياً في اجتماعات الحزب هو العمل على إقرار «الصيغة الأفضل لعلاقة الحزب بالسلطة»، ويعني بذلك «أن لا يغرق (الحزب) في تفاصيل العمل اليومي والإداري، وأن تكون مسؤوليته رسم التوجهات العامة والرقابة على المؤسسات»، وهو أمر خاضع للنقاش منذ المؤتمر القطري السابق، لكن «المحك في التطبيق»، باعتبار أن الحزب يرغب في الابتعاد عن تفاصيل الحياة اليومية لعمل الدولة إلى الإشراف والرقابة، ولكن من دون أن يعني ذلك الفصل بين السلطتين. على العكس «نحن نتجه أكثر فأكثر نحو زج الحزب أكثر فأكثر في العمل التنفيذي، لكي يصبح قائداً للدولة والمجتمع وحزباً حاكماً بمعنى الكلمة».
    ولكن ألا يعني هذا الغرق في التفاصيل؟ فيجيب بالنفي، معتبراً أن هذا يعني «أن لا تغرق المؤسسة الحزبية باعتبارها مؤسسة حزبية في قضايا العمل الإجرائي كقيادة قطرية، أو قيادة فرع، أو فرقة. أي أن لا تغرق قيادة شعبة (حزبية) في مدينة بالعمل التنفيذي في مجال عمل البلدية، لكن بالتأكيد هي التي تقود العمل السياسي في المدينة». ويوضح أنه من الطبيعي للمسؤولين في القيادتين الحزبية والحكومية أن يقوموا بالعمل التنفيذي و«لكن المؤسسة الحزبية لا تغرق في التفاصيل، ويكون دورها كما حددتها قرارات الحزب كمؤتمرات أو قيادات مهمة الرقابة والإشراف والتوجيه والمحاسبة».
    ويؤكد سطايحي على بقاء مبدأ قيادة الحزب للدولة والمجتمع في هذا السياق، وهو ما يعني أنه حتى في حال وجود قانون أحزاب (وهو أمر معلق حالياً) فإن علاقة الحزب بالناس والمؤسسات ستبقى كما هي.
    ويأتي هنا الكلام تعقيباً على سؤال عما إذا كان ثمة أي توجه لتعديل المناهج التربوية في سوريا التي تتضمّن فكر الحزب. ويقول المسؤول الحزبي إن المناهج الحالية «ليست مرتبطة بفكر الحزب فقط، وإنما بالفكر القومي الذي هو فلسفة النظام. طالما الحزب متمسك بقيادته للدولة والمجتمع وليس فقط للدولة، ومن موقع قيادته للمجتمع فإن الشيء الطبيعي أن الكثير من الأفكار التي ينادي بها، أن يعمل على نشرها وإشاعتها في المجتمع وتنشئة الأجيال عليها».
    وإذ يكشف أن ثمة مشروعاً في وزارة التربية لتطوير المناهج إلا أن هذا لا يعني التخلي عن هذا النهج الذي يكرس النظر إلى التاريخ العربي من خلفية قومية استناداً لقيم المواطنة والعلمانية.
    وفي هذا السياق، نسأل عما إذا كان سيطرأ أي تعديل على القيادة القومية للحزب، وهي أعلى مؤسسة حزبية، وكانت تعنى بانتشار حزب البعث في العالم العربي، فيؤكد سطايحي أن ثمة أفكاراً يتم تداولها لتحقيق «صيغة تحقق فعالية للعمل القومي، وفي الوقت ذاته تراعي واقع الأقطار العربية وظروفها»، ولكن ليشدد على أنه ليس ثمة اتجاه لإلغائها كما سبق وأشيع، إذ ستبقى هناك «هيئة معنية بالعمل القومي» في سوريا.

    إعجاب

  11. لو لم تخنق المعارضه الحيويه في عهد الاسد الراحل??? لو لم تخنق اول — و ربما آخر?? — محاولة صادقه للاصلاح السياسي في سوريا

    مقابله مع الدكتور رائق النقري مؤسس المعارضه الحيويه- المعارضه المنطقيه.. في سوريا
    مقابله نشرت الوطن JUNE-27-2004
    http://www.al-watan.com/data/20040627/index.asp?content=compre
    وفي 10 تموز 2004 نشرت كلنا شركاء في الوطن
    http://all4syria.org/show_letter.php?issue=20040710

    مشاريع الإصلاح الغربية كلها موضع ريبة تاريخيا
    دمشق- الوطن – غسان يوسف

    في عام 2003 صدرت في سوريا نشرة الكترونية بعنوان «كلنا شركاء» بشكل يثير الاستغراب والتساؤل لكونها تنشر من قلب سوريا وتوزع الى عشرات آلاف السوريين موضوعات تخص السياسة السورية بعضها انتقادي جدا وغير مألوف حتى ان بعض القراء كانوا يخشون من فتح رسالة هذه النشرة التي تأتي الى بريدهم دون ان يكونوا قد اعطوا عنوانهم الالكتروني لاحد ومنذ فترة بدأت هذه النشرة تعنى بطرح ملفات للاصلاح اصلاح البعث اصلاح الاحزاب السياسية اصلاح الدولة وقد نشرت مواد ومطبوعات ممنوعة من الدخول ونخـــــص بالذكر ملفات «مدرسة دمشق للمنطق الحيوي وموضوعات لمؤسس هذه المدرسة الدكتور رائق النقري

    في تاريخ 30-3-2004 نشر الموقع رسالة مفتوحة من الدكتور رائق النقري الى الرئيس السوري بشار الاسد.. والى قادة القمة العربية.. والى قمة الدول الصناعية الثماني..
    وكان لافتا ان هذه الرسالة تتحدث عن مفهوم الاصلاح بمعنى الدعوة لاقامة فيدرالية عربية اسلامية سبق ان نشرها المؤلف في كتابه «فقه المصالح» الصادر عن دار الامين في القاهرة1999
    الدكتور رائق النقري فاعل سياسي معروف على الساحة الفكرية والسياسية السورية والعربية والعالمية وله اكثر من عشرة مؤلفات في «المنطق الحيوي» بالاضافة الى اعمال ادبية وفنية كما انه كان قد دعا عام 1989 في محاضرات مكثفة في «مكتبة الاسد الوطنية» وفي اتحاد الكتاب العرب الى تغيير النظام في سوريا سلميا وتدريجيا???

    وفيما يلي حوار معه:

    رجاء قبل أن تكمل أرجو منك ان تشرح ماذا تقصد بكلمتي تحوّي وحيوي؟
    ============================================ التحوّي مستمدة من الجذر حوا الذي يدل على اصغر قاموس مدرسي «مختار الصحاح» على النحو التالي «الحوايا» الامعاء جمع حوية والحواء جماعة بيوت من الناس والجمع احوية وحواه يحويه والتحوي هو المنظومة التي تلتف بها الحوية حول نفسها وحول ما فيها وما في محيطها وصيغة الامعاء بوصفها حوايا تحتوي على ما فيها من غذاء تحول الغذاء الى ما يجعله قابلا للتحول الى حواء كقوله تعالى «فجعله غثاء احوى
    ============================================

    الآن لنعد إلى منظومات التحوي التي تقول انها كانت ضمن منطق الجوهر العنصري فكريا وسياسيا وقد استنفدت اغراضها ما هي هذه التحويات؟

    ============================================
    – هذه التحويات هي التحويات العزلة والانغلاق تحويات التعاون والتكامل تحويات الصراع والتنافس وتحويات العولمة وتحويات التوحيد عبر التنوع
    ============================================

    حضرت محاضرة لك 1989 كنت تتحدث فيها بنقد جريء جدا ??والناس تساءلت وقتها من اين هذه القوة التي تصرح بها بتصريحات كان يؤخذ الى السجن من يقول اقل منها بكثير؟
    ============================================
    – هذا خطأ فالرئيس الراحل حافظ الاسد كان يقدر المبادرات الحيوية ويعمل على تنميتها ولكن كان محكوما ضمن منظومة منطقية سياسية تقوم على نظرية الحزب القائد وهي منظومة استنفدت اغراضها منذ فترة طويلة

    هل التقيته؟
    ============================================
    – نعم التقيته في 1989 وكان اطول لقاء حيث استمر لمدة اربع ساعات ونصف

    ماذا دار في هذا اللقاء؟

    ============================================
    لا يهمني الآن ان ادخل في تفاصيل اللقاء ولكن يمكن القول ان الراحل عرض علي ان ادخل في «الجبهة» ويسمح للحيويين بوزراء يشاركون في الحكم
    فشكرته قائلا اننا لا نرى ان مشكلة سوريا هي في اضافة حزب جديد ??موضحا: ان المطلوب بشكل حيوي وملح هو تعريض الهامش الديمقراطي والسماح بوجود المعارضة الايجابية لان مشكلاتنا المرتبطة بالموروث الانحطاطي والعجز عن الالتحاق بالعصر يتطلب منا مناخا للتفاعل الحر لكي نصل الى المعالجة الشاملة والمصالحة الحقيقية مع مختلف اشكال موروثنا الفئوي والمساهمة الفعالة في تحويات العصر

    وقد ابدى الرئيس الاسد تقديره للفكرة ولكنه اضاف سائلا:
    هل تعتقد اني اذا تركت الشارع فسوف تستطيع ان تستقطبه كله؟
    .. اجبته: لا
    فانا ابحث عن تحريك الشارع ليتفاعل مع المنطق الحيوي سلبا وايجابا لبلورة وتعميق وتأصيل الحيوية في واقعنا المعاش وبالتالي نخدم امتنا خدمة لا يمكن لها ان تباشر من المستوى الرسمي ولا تنفع فيها الاوامر الادارية بل يجب ان يتم ذلك من مواقع شعبية غير ملزمة وقابلة للتطوير فيما بعد الى ما يسمح بالتعددية على ارضية حيوية مقبولة

    ولربما ان الانهيارات السريعة جدا والمفاجئة في العالم الاشتراكي بالاضافة الى تدمير العراق بعد غزو الكويت جعل الرئيس الاسد يتمهل في اتخاذ قرارات بهذا المستوى من التحول السياسي مع انه في اكثر من تصريح علني عبر عن وعيه بضرورة تطوير صيغة الجبهة الوطنية

    ولكن المشكلة الآن وبعد 15 سنة من ذلك اللقاء وتلك التصريحات التي كانت جرئية جدا مازال الشارع السوري يتساءل اذا كان الإصلاح ممكنا واذا كان بالامكان تجاوز المنظومات الاحادية المغلقة؟
    ============================================

    – هذا صحيح ونحن في سوريا والعالم العربي والاسلامي ورثنا اوضاعا من عصور الانحطاط ومن صراع الدول علينا وحولنا ما يجعلنا معرضين لهزات كالتي حدثت في الجزائر والسودان
    على الرغم من ان مسائل الاصلاح طرحت في قمة «الثماني» ونوقشت في مؤتمر القمة العربي الا ان هناك من يستنكر اي اصلاح يأتي من الخارج؟
    – وبين هذه وتلك تدور تساؤلات متكاثرة ومبررة حول صحة وجود نوايا رسمية للاصلاح السياسي سواء اكان في الخارج ام الداخل وحول كون مسيرة الاصلاح ان صح وجودها بطيئة ام سريعة ترقيعية ام جذرية وعلى اهمية هذه الاسئلة فان الاهم منها هو هل تخدم الانظمة الحالية مصالح عامة العرب والمسلمين؟ وهل التغيرات التي يخططون لها ستكون لتلبية مصالح مشتركة عالميا واقليميا ومحليا ام لمصالح قوى الهيمنة الحالية الداخلية والخارجية؟

    لكن هل ترى أن القادة العرب وضعوا أمام المحك عندما طرح الرئيس الاميركي جورج بوش مشروع الشرق الاوسط الكبير؟
    ============================================

    – لا شأن لي الآن في مصداقية الانظمة العربية وكل همها التمديد لحكمها دون اي افق حيوي ولكن حتى الشعوب التي لا توافق على حكامها تنظر بريبة الى هذا المشروع وتعلل شكلها ورفضها بان كل الحملات الاستعمارية بدأت سابقا باسم نشر الحضارة المدنية في البلاد المستعمرة وتبعتها قرارات دولية بشرعية الاستعمار فما الذي سيجعل الآن الامر مختلفا وبما ان كل الحريات والانقلابات التي بدأت وانتهت في معظم الانظمة السائدة من طلب الاستقلال والاصلاح والعدل والحق والحرية انتهت الى ما يمكن الاجماع بوصفه الاستبداد والتبعية والافقار والاحتلال السجون الكبيرة مرتعا لتوليد حروب اهلية ارضا للمقابر الجماعية نقول اذا كان الحال كذلك في الماضي فما الذي يمنع ان يكون الحال نفسه في المستقبل؟

    ما هو البديل كيف يمكن الخروج من هذه الحالة؟

    ============================================
    – ان الاصلاح ليس ممكنا فقط بل ضروري ؟؟ ولكن علينا ان نبدأ اصلاحا ينتهي الى اصلاح حقيقي وليس الى اخفاقات كارثية؟؟
    وبما ان اي اصلاح لا يكون مضمونا الا اذا ضمنه دستور واضح وشامل تقبله وتلتزم به الغالبية العظمى في اطار دولة محددة فان اي جهد جدي يجب ان يبدأ في بلورة ذلك الدستور الحيوي؟؟ وبما ان الدساتير سواء اكانت مكتوبة ام لا تختلف صيغها من دولة لاخرى
    وبما ان دساتير اعتى الانظمة الاستبدادية والعنصرية يمكن ان تمتلىء باعظم عبارات الحرية والانسانية وسيادة القانون واستقلال القضاء ؟؟وبما ان ذلك يمكن استخدامه لتكريس منطق الجوهر العنصري
    لذلك فاننا بحاجة الى صيغة دستورية تضمن امكانات الاتساق مع مستلزمات العصر ومخاطره لتحقيق المجتمع الحيوي مجتمع الوحد ه عبر التنوع.. مجتمع الحريه..بالاستناد الى البداهه الكونيه للمصالح المشتركه..

    اذن انت ترفض التدخل الخارجي في الاصلاح وكأننا نعيش في جزيرة منعزلة وان مصالحنا غير مرتبطة مع مصالح العالم؟

    ============================================
    – على العكس من ذلك انا ادعو للاهتمام الخارجي الحيوي بقضايانا وليس الاهتمام العنصري والثاني لمصالحنا والذي يعرضها لخاطر ليس اقلها ظاهرة الارهاب والتطرف الديني من اسبانيا الى نيويورك

    كيف ذلك وكيف تبرر امكانية التدخل الخارجي؟
    ============================================
    – بما ان القوى الخارجية هي التي حددت حدودنا وساهمت في صنع انظمتنا وتحزباتنا ولديها مصالح تتأثر في اي تغيير في عالمنا العربي والاسلامي وبما انها تملك مصالح وامكانات للتأثير والتغيير لا حدود لها بالمقارنة مع امكاناتنا لذلك فان ترتيب الاولويات السياسية يلوم القوى الخارجية قبل الداخلية والقوى الرسمية المحلية قبل الشعبية ذلك لرفع المسؤولية عن انظمتنا الرسمية المحلية لتهميش وتخدير قوانا الشعبية الداخلية?? بل لاعطائها فرصة لتجاوز ما ترسب فينا من مخلفات منطق الجوهر العنصري?? بكل اشكاله?
    ولترتيب اوضاعنا بشكل يمكننا بشكل حيوي وسلمي ان نعلو عن اخطائنا ??وندمل جروحنا?? ونعوض ما فات قطرنا وامتنا للاتساق مع معطيات ومستلزمات ومخاطر عصرنا ولنصبح اقدر على متابعة السير على طريق ارادة الحياة: الحرية??

    إعجاب

  12. معارضة سورية ببعد وطني. ,لا طائفي…,؟

    موقع الشرق الأوسط الالكتروني
    03/ 06/ 2009

    1 ‬صديق سوري‮ ‬معارض طرح عليّ‮ ‬سؤالاً‮ ‬أعيد طرحه ومناقشته‮: ‬هل من الممكن أن تتم مصالحة وطنية في‮ ‬سورية بين النظام وأطياف المعارضة بافتراض حرص الفريقين المشترك على مستقبل الوطن وتجنيبه لعبة الدم‮.. ‬أم أن الفرصة ولّت ولم‮ ‬يبق إلا الصراع حتى النهاية‮ ‬،‮ ‬أي‮ ‬نهاية النظام وما‮ ‬يمثله من استمرار‮ ‬،‮ ‬أو نهاية المعارضة وما تمثله من آمال‮..‬؟
    السؤال صحيح وهو‮ ‬يعيد طرح القضية ببعديها البسيطين لا بتفاصيلها المعقدة‮ . ‬فمن خلف تعبير‮ “‬النظام‮” ‬ثمة تاريخ ومسؤوليات وواقع جديد لم‮ ‬يعد ذاته واقع سورية بالأمس‮. ‬ثمة الكثير من التغيير والتراكم في‮ ‬أدوات الحكم وسياسته‮ ‬يوشك أن‮ ‬ينفجر‮. ‬ومن خلف المعارضة ثمة الكثير من الأسئلة عما تريد تحديداً‮ ‬لا تعميماً‮ ‬وهل رأس النظام ومقوماته هو الهدف أم تصحيحه أم تغييره‮.. ‬وحذفه أم مشاركته‮ ‬،‮ ‬ولأي‮ ‬ثقافة ومشروع تنتمي‮.‬؟
    في‮ ‬أدبيات النظام وسلوكه لا شيء‮ ‬يوحي‮ ‬بالتغيير أو التصحيح‮ . ‬فالأبد والأبدية والتأبيد هو المضمر والمعلن‮ . ‬غير أن ما‮ ‬يريده النظام أو بعض أهله ليس بالضرورة هو ما‮ ‬يمكن تنفيذه أو‮ ‬يستطيع المحافظة عليه من واقعه أو آماله وأوهامه‮.‬
    كذلك فليس في‮ ‬معظم أدبيات المعارضة‮ ‬غير الشكوى ومشروع‮ ‬غائم للحرية والديموقراطية‮ . ‬ومع المشروع أحلام مشاركة للبعض وأحلام دور أو حضور سياسي‮ ‬للبعض الآخر‮ . ‬وربما كان في‮ ‬المعارضة شيء من معارضة المعارضة بما هي‮ ‬منقسمة وأشتات‮ ‬،‮ ‬أو بما هي‮ ‬أحلام ليالي‮ ‬صيف‮..!‬
    وإذن‮ ‬،‮ ‬فليس في‮ ‬المعلن من سياسة النظام أو من معارضيه ما‮ ‬يجعل التغيير ممكناً‮ ‬أو أملاً‮ ‬أو مشروعاً‮. ‬شكوى المعارضة من القمع لا أحد‮ ‬يستطيع أن‮ ‬ينكره فهو مشهود ومرصود ‬،‮ ‬وشكوى النظام من مؤامرات بعض أسبابها سياسة النظام وأدواته واقع ملموس ويتصل بأحد سببين‮: ‬سياسة أجهزة النظام‮ ‬،‮ ‬أو الخوف من البديل الوطني‮.‬
    غير أن أخطر ما في‮ ‬اللعبة بين النظام والمعارضة هو ذلك الحديث المعلن‮ ‬،‮ ‬أو الصامت‮ – ‬الهامس عن الطائفية والمذهبية‮ . ‬وإذا كان بعض هذا الحديث صحيحاً‮ ‬فإن مجرد تسلله للخطاب السياسي‮ ‬وتعميمه‮ ‬يغدو خطراً‮ ‬وطنياً‮ ‬يهدد ما تعارفنا على الانتماء إليه‮ . ‬فسورية شعب وليست شعوباً‮ . ‬ووطن وليست أوطاناً‮ . ‬ومشكلاتها ليست في‮ ‬علاقات طوائفها ومذاهبها بل في‮ ‬علاقات شعبها‮ ‬،‮ ‬ككلّ‮ ‬،‮ ‬بالسلطة‮ ‬،‮ ‬وعلاقة السلطة‮ ‬،‮ ‬ككلّ‮ ‬،‮ ‬بالشعب‮ . ‬وإذن فليس الموضوع سلطة منطقة أو طائفة ولا خطأ أو صواب وباطل أو حق طائفة أو منطقة‮ . ‬إنه موضوع واقع ومستقبل وطن وشعب لا‮ ‬يمنع موروثه التاريخي‮ ‬من وحدته ولا إقامة دولته الحديثة التي‮ ‬يحكم فيها الحاضر‮ ‬،‮ ‬لا الماضي‮ ‬،‮ ‬حاجات المستقبل‮.‬
    لقد تحررت سورية واستقلت ليس من أجل أسرة أو طائفة أو جماعة‮ . ‬بل من أجل شعبها كله بأطيافه ومناطقه وهوياته الموروثة‮.‬ إن كل نظرة للمعارضة أو السلطة في‮ ‬سورية وللعلاقة بينهما في‮ ‬غير هذا الإطار نظرة متخلفة تعزز الانقسام الوطني‮ ‬وتمنع سورية من أن تلعب دورها القومي‮ ‬أو الإقليمي‮ ‬الذي‮ ‬تنتمي‮ ‬إليه‮.‬
    2‮‬ إن أكبر خطأ يرتكبه أي فريق من المعارضة السورية في‮ ‬الداخل أو الخارج هو أن‮ ‬يطرح مواقفه ومشروعه من زاوية دينية أو طائفية وأن‮ ‬يكون اعتراضه على النظام اعتراضاً‮ ‬طائفياً‮ ‬لا وطنياً‮ ‬،‮ ‬ومذهبياً‮ – ‬فارسي‮ ‬المحتوى‮ – ‬لا عربياً‮.‬
    صحيح أن العديد من أركان النظام‮ ‬ينتمي‮ ‬إلى الطائفة العلوية‮ ‬،‮ ‬ولكن من قال إن الطائفة مسؤولة بمجموعها عن سياسات النظام ومواقفه أو أنها تؤيده أو أنها المستفيد منه‮..‬؟‮ . ‬ينطبق هذا على أهل السنة كما‮ ‬غيرهم من طوائف المجتمع‮ . ‬فليس كل سني‮ ‬أو درزي‮ ‬أو إسماعيلي‮ ‬أو كردي‮ ‬مسؤولاً‮ ‬عن سلوك فرد منه أو فريق سياسي‮.‬

    ثمة واقع‮ . ‬فالفريق الحاكم صاحب القرار وصاحب النهب الكبير‮ ‬ينتمي‮ ‬للطائفة إياها‮ ‬،‮ ‬ولكن هل‮ ‬يكفي‮ ‬انتماء فريق من طائفة لنظام معين حتى نتهم طائفته بما‮ ‬يرتكب‮..‬؟
    ثمة شركاء‮ – ‬ولو أنهم صغار صغار‮ – ‬للنظام من أهل السنة ومن طوائف أخرى‮.. ‬من دعاة العروبة ومن دعاة اليسار والعلمانية‮ . ‬فهل ندين كل ما ومن‮ ‬ينتمي‮ ‬إليه جميع هؤلاء بالولادة بالمسؤولية ونعتبر طوائفهم ومذاهبهم ومدنهم وقراهم وأهلهم شركاء في‮ ‬جرائم السلطة‮..‬؟
    ثمة علويون جائعون وعلويون مظلومون وعلويون مهمشون وعلويون مطاردون وعلويون‮ ‬يُقتلون‮ . ‬إنهم كبقية مواطني‮ ‬المجتمع السوري‮ ‬يؤكل باسمهم ويدفعون الثمن‮.‬ ثمة أكراد وقبائل عربية‮ ‬ينخرطون وتنخرط في‮ ‬اللعبة هنا وهنالك ‬،‮ ‬فهل نعتبر طوائفهم وانتماءاتهم جزءاً‮ ‬من المسؤولية أو جزءاً‮ ‬من الحل‮..‬؟
    3‬ لأهل المعارضة من كل أطيافها ومشاريعها وأحلامها نقول‮: ‬لا تظلموا طائفةً‮ ‬بجريمة فريق منها‮‬،‮ ‬ولا شعباً‮ ‬بما‮ ‬يرتكب حكامه وجلاوزتهم‮.. ‬وليكن العلويون وغيرهم على أرض الوطن‮ ‬،‮ ‬ممن صدق ويصدق وطنياً‮ ‬وعربياً‮ ‬،‮ ‬شركاء في‮ ‬التغيير والتصحيح‮‬،‮ ‬شركاء في‮ ‬الوطن الذي‮ ‬لا‮ ‬يقوم بغير وحدة شعبه ورسوخ انتمائه للأرض‮.‬
    ليكن خطابنا بعد اليوم وطنياً‮ ‬لا طائفياً‮ ‬ولا مذهبياً‮ ‬فليس كخطاب المذاهب والطوائف ما‮ ‬يمزق الأرض التي‮ ‬ولدنا عليها وتعارفنا على تسميتها سورية . ‬ليس كخطاب المذهبية ما‮ ‬يذهب باستقرارها وآمالها ومستقبلها‮.. ‬وقد‮ ‬يقسمها جزراً‮ ‬ومشاريع ويقتطعها مراعي‮ ‬وولايات‮ . ‬وما نحسب أن الذين استشهدوا دفاعاً‮ ‬عن حرية هذا الوطن قد استشهدوا من أجل هذا المصير البائس لوطن تعيس بنظامه وحكمه‮.. ‬تعيس بمعارضته ومعارضيه‮ ‬،‮ ‬وتلك ذروة المأساة‮.! .

    المصدر: موقع الشرق الأوسط الالكتروني
    http://www.alsharkalawsat.com/news124.htm

    إعجاب

  13. المجلة الداخلية لحزب البعث العربي الاشتراكي
    العدد رقم 327 تموز – آب 2004

    البعث .. جدل الانقطاع ما بين الموجود والمطلوب
    أحمد الحاج علي

    قواعد التغيير تقوم في المشروعية والمنهجية والوعي
    القيادات ليست بديلاً عن القواعد ، وليس الحزب بديلاً عن الجماهير
    خط الحياة والتفتح هو ذاته منطق التطوير في انتقال الحزب من التكرار والاجترار إلى العطاء والانسجام .
    في البدء ومنذ الكتابات الأولى ، حددّت محاور ثلاثة رأيت فيها القواعد المؤسسة والأطر المحيطة بخيار منهج التطوير والإغناء في مجمل الحياة الحزبية فكراً وتنظيماً ومسلكاً ، والأول من هذه المحاور هو ضرورات التغيير وهنا كان لابد من التنبه إلى منطق الحيوية في وجود الحزب بحيث لا يحتسب السكون والتكرار هو العامل الضابط والمغري لكي نعتقد بأن حياتنا الحزبية بخير أو أنها في أبهى حالاتها ، وعند هذه النقطة رأينا كيف تنجذب شرائح كثيرة من القيادات لمنطق السكون بعدّه يعطيها معادلاً تبريرياً يؤمن لها الحضور ويقدمها على أنها فاعلة ومنتجة دون أن يحتاج الأمر إلى أية مجهودات حقيقية لا ، على مستوى الوعي في هذه القيادات ولا على مستوى المشروع المعاصر والمتحرك ولا على مستوى تقديم فكرة النموذج والقدوة في الحياة الحزبية نفسها ، والثاني من هذه المحاور هو بناء منهج وقواعد حالة التطوير والإغناء نفسها لأن الموضوع هنا أكبر من الرغبات وأعقد من مستوى وجهات النظر الخاصة وأبعد من حرارة النوايا الحسنة لأن التغيير في التنظيم السياسي هو منطق يستند إلى منظومة ثلاثية الأبعاد .
    مشروعية التغيير وضروراته .
    جدلية العلاقة بين المستقر الثابت وخيارات التطوير المقترحة .
    نظام الأولويات في نظام التغيير وشروطه على مستوى الفكر أو على مستوى الصيغ التنظيمية أو على مستوى المواقع والمواصفات الخاصة لهذه المواقع .
    وفي المحور الثالث يفرض منطق الإشكالية نفسه ، إذ بمقدار ما يمتلك التغيير من مشروعية موضوعية بالعوامل والأسباب القائمة فإنه سرعان ما يصطدم بتعقيدات الواقع داخل التنظيم الحزبي وفي المحصلة تنشأ رغبات ذاتية وتتعاند في كثير من الحالات إرادات التغيير فيما بينها ويتدخل بصورة متدرجة هوس الذاتية من جهة ونزعة التحجر والمطلق من جهة ثانية وهذا ما يؤدي إلى نشوء اضطرابين خطيرين يتمثل الأول في عدم الاتفاق على موضوعات التغيير وأولوياته ويتمثل الثاني في عدم الاتفاق على موجودات الواقع في النضال الحزبي نفسه إذ هناك من أعضاء التنظيم لا سيما في مستوى القيادة من سوف يرفض أي منسوب في التحريك لأنه قد يهز الموقع الراكد والمكسب المتوارث والمستدام وهناك وفي المقابل تماماً من سوف يرفع درجة التطوير إلى حد الانقلاب الشامل بحكم المعاناة وتقديم النماذج الأكثر تضخماً والأكثر جدوى في الحياة الحزبية نفسها ، وهذا الاتجاه نراه على الغالب عند القواعد في أصل تكوينها وتنظيمها .

    إن هذه المحاور الثلاثة أعني ضرورات التغيير ومنهج التغيير وإشكالية التغيير إنما تفرض نفسها كحزمة واحدة وإن تعددت مصادرها وإن توزعت قنوات امتدادها داخل الجسد التنظيمي نفسه وفي كل الأحوال كان لابد من الإقرار بمشروعية التغيير وكان لابد من البحث المستفيض عن المنهجية ونظام الأولويات في التغيير نفسه وكان لابد من البحث عن الرموز القادرة على إنجاز لحظة البدء في عملية التطوير فتلك أمانة قصوى وذلك موقف تاريخي وهو لايعترف على تراتبية المواقع بحيث تكون القيادة هي المسؤولة وتحتسب التغيير على أنه ملكية خاصة لها تفرج عن فقراته تدريجياً أو بغير مقدمات على صيغة قرارات معتادة وأوامر ناجزة لا ينقصها سوى التنفيذ ، إن فكرة الرموز البعثية والعامةوالمؤهلة لقيادة هذا المشروع الخطير والحيوي لابد فيها من توافر وتكامل أنساق ثلاثة من الشروط :
    أولها : نسق الانتماء الصادق والوعي الفكري والثقافي ومواصفات القيم الذاتية التي لا يمكن ادعاؤها عند من يفقدها ولا يمكن حجبها عمن يمتلكها ، لقد أدت فكرة الرموز المناضلة دوراً صعباً للغاية في حياتنا الحزبية بهذا المنحى ومع الزمن استعضنا عنها بفكرة القيادة والموقع والأقوى أي أن حالة من التبديل التعسفي حدثت هنا لاسيما في منحى أن التغيير نفسه ليس تعديلاً في النهايات وليس مزاجاً يأتي بصورة القطع والتداخل المفاجىء ، إنه الحالة المتبلورة والخيار المكثف والقرار المسؤول ، وهذا له مساس بمجمل تنظيم الحزب وبتكامل أبعاد وجوده وانسجام حركة نضاله على قاعدة الواقع الراهن واحتمالات المستقبل بما في ذلك الانتماء للهدف أولاً وبناء كل المعابر والوسائل والمسارات الكفيلة بتحريك الهدف من الفكرة إلى الفكر ومن الفكر إلى التداول والتفاعل ومنها جميعاً إلى خيار النضال في سبيل تأمين مناخ حيوي لإنجاز الهدف ذاته جزئياً أو كلياً .
    وثاني الشروط المؤسسة والقائدة لمشروع التطوير إنما تستوعبه حقيقة الوعي السياسي والتنظيمي والنضالي ، والوعي بهذا المعنى له قواعده وله محدداته وهو ليس حالة كيفية أو نموذجاً يستطيل في اتجاه ويضمر في اتجاهات أخرى ، إن الوعي يستوعب شرط الفكر والثقافة ويضيف إلى هذا الشرط مواصفات القدرة على التحليل والتركيب والتوحد مع منهجية واضحة عبر ربط النتائج بالمقدمات وإعادة الظواهر إلى مكوناتها واعتماد ميزان نسب وانتساب مجمل الحياة الحزبية إلى منابعها الأولى وكلياتها المعتمدة والعمل بعد ذلك على ادماج كل هذه الفقرات في مصادر الواقع وحقائقه وفي دفع هذه الفقرات على خط الزمن إلى المستقبل باعتماد مبدأ تلازم الاستشراف مع مكونات الوعي بحيث نرى المستقبل من خلال الحاضر ونعيد النظر في الحاضر نفسه بكل مكوناته بما يؤكد التأسيس المأمون والمأمول للآتي في المستقبل ، ثم إن الوعي السياسي والفكري نفسه لايقف عند حدود التبصر بالواقع ورسم ملامح المستقبل فحسب لكنه يأخذ بعين الاهتمام مصادر ومناخات الواقع الإقليمي والواقع العربي والواقع العالمي أي ما يمكن أن ينشأ عبر إرادة الآخرين من خيارات مفاجئة ومنعطفات حادة وما يمكن أن يتوطد من تحديات قد لا تكون محتسبة أو مقدرة بدرجة كافية ، على أن شرط الوعي يستحوذ على قيمتين ضروريتين الخبرة المتبلورة والتي تسمح بتقييم الموجود واستنهاض عوامل التحريك واستحضار الصورة العامة للمستقبلي والثانية من القيمتين هو نسق المسلكيات الإيجابية ومنها المعايشة الاجتماعية للجماهير والاندماج الطبقي في حياة الناس وإنجاز مبدأ القدوة في الذات القائدة الواعية عبر المواصفات المادية والأخلاقية والإنسانية ، عندها سوف يكون الوعي وهو شرط ضروري للتغيير قد بُني في أساس المعرفة والعلم وفي منهجية التبصر وبناء الأولويات وعندها سيأتي مدعماً بقوة ذاتية في الفرد الحزبي نفسه لأن أخطر الظواهر على مشروع التغيير ليس الصمت فحسب بل المواربة والتزييف في طرح المشكلات والأخطر من هذا وذاك الخوف إلى درجة الرعب من فقدان المنصب وضياع المكسب والتعرض لغضب المسؤول في هذه القيادة أو تلك وبالتالي إجراء مقايضة ظالمة حمقاء ترجح خيار الذات بما يحيط بها من مكاسب على خيار التنظيم والنضال بما يحيط بهما من مخاطر ومن مسؤوليات جسام ، إن مجمل هذه المعاني المتصلة بالعوامل الأخلاقية الذاتية المحيطة بالوعي وضرورات التغيير بالتجربة هي التي تشكل الشرط الثالث في منظومة شروط منهج التغيير والأدوات القادرة على حمل هذا المنهج وإغنائه وصيانته وتوصيله إلى مقصاده بكثير من الوضوح وبقليل من التشرد والسلبيات.
    ونعود للفكرة بأساسها فنرى أن الواقع والواقعية معاً يؤكدان على ضرورة الحديث عن حالتين لطالما أسهمتا في احتجاز منسوب التغيير عند حدودهما .
    أما الحالة الأولى فهي الالتباس المتعمد والمحمي بإرادات ورغبات هجينة ومضافة من خلال حضور هذا الالتباس بقوة بين مادتي الاستقرار والركود ، لقد حدثت عند هذه الحالة إشكالات في غاية الخطورة وجنحت القيادات المتسلسلة إلى تثبيت مجالات الحياة في مستنقع كبير مكشوف الأبعاد لهذه القيادات والسيطرة عليه آمنة وإعادة جرد موجوداته من الرفاق والمصالح والعلاقات متيسرة عند كل فاصلة وفي الاستجابة لأية رغبة طارئة وهنا طغى مفهوم الركود على مناخ الاستقرار ، ومعروف أن الاستقرار هو حضور في المنبع وتوزّعٌ في القنوات ونقل لمظاهر ودوافع الخصوبة إلى مساحات جديدة وآفاق أكثر عمقاً واتساعاً أي أنه الفاعلية والتراكم الإيجابي وحسن إدارة محصلات النضال في الحزب وهي التي تشكل مفهوم الاستقرار في حين تتمثل حالة الركود في الحفاظ على الواقع كما هو دون إغنائه بإضافات ودون تخليصه من شوائب وعوامل جمود وقوى ركود ، لعلنا نستذكر هنا فقرات من المعايير التي أطلقها الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم إذ هناك ما يجب إضافته بطريقة الضخ إلى الواقع وهناك ما يجب سحبه وحذفه بعد أن انتهت صلاحيته واستنفد أغراضه أو بعد أن عمل تخريباً في جسد الحزب بطريقة التمركز حول الذات وبمنحى إقصاء الآخر من المناضلين ونفيه تحت ذرائع ومسميات أقلها الدفاع عن الحزب نفسه والانتساب لرموزه الكبرى ، كانت تلك أكبر صفقة تسويق لفكرة الجمود والركود فصار بعضهم يتجنب الفاعلية لأنها مركب خطر وصار الركود هو مقياس الصحة النفسية وأسلوب العمل بين المستويات المتنوعة داخل التنظيم ، واستقرت تلك القاعدة التي تقول حتى لا تخطىء عليك أن تكون راكداً فذلك يبقيك في الموقع ويؤمن لك رضا القيادة الأعلى ، وانتشر كالهشيم في النار ذلك المثل القائل ( لا أنام بين القبور ولا أرى المنامات الوحشة) وهكذا طغى الركود على الاستقرار والمستنقع الراكد لا ينتج إلا ذاته وهو يرفض أية فكرة مضافة حتى ولو كانت محصنة بمصلحة الشعب ومباركة بإرادته ومن الطبيعي أن نذكر بأن الاستقرار هو الذي يؤمّن الخاصتين المتكاملتين الأمن السياسي والاجتماعي للحزب والوطن والفاعلية القصوى لنضال التنظيم في سبيل ذلك أما الركود فهو سلاح الاغتيال للأمن والفاعلية معاً لذا فقد انحاز إليه عدد كبير من القيادات في الحزب والسلطة والتنظيمات الاجتماعية وأحزاب الجبهة ، ووجد أتباعاً له عند ضعاف النفوس وعند من لامسوغ لوجودهم أصلاً في تنظيم الحزب لأنهم لا يملكون موقفاً ولا إرادة ولا رغبة في الحركة والتحرك ولعلنا نذكر عند هذه الفاصلة أن حالة من النضوب والقحط قد أنتجتها إرادة الركود في صفوف المناضلين والمفكرين والمثقفين والمبدعين لأن هناك الأسهل ، والأسهل هو قرار من موقع قيادي يعطيك ما تشاء ويقدمك إلى أي مستوى دون تدقيق في مواصفات ودون تقويم أو ضبط للشروط الناظمة في الموقع مع مايعادلها من شروط قائمة في من يمثل هذا الموقع عبر قرار التعيين ، وكم هي قاسية هذه الفكرة الدارجة الآن والتي تقول بأن تنظيم البعث يكاد يخلو من رموزه الكبرى في القاعدة ويكاد يتفجر من زحمة عناصره في القيادات سواء على مستوى المركز أو الفروع .
    وأما الحالة الثانية فهي المتصلة بخصائص المفهوم العام لوحدة التنظيم بين القيادات والقواعد وباختصار مكثف هنا أطرح مباشرة أن مفهوم القواعد قد تحول إلى مفهوم المجموعات اللاحقة والمهمة الأولى للقواعد انحصرت في تنفيذ الأوامر المتيّبسة والقيام بالواجب البروتوكولي عند كل مناسبة والاستدعاء المجزوء عند الضرورة من قبل القيادات المعنية ، لقد طغى دور القيادات على قدسية القواعد وبنيتها ومهامها وفاعليتها ، كان الأصل في الحزب تبعاً للنظام الداخلي أن تكون القيادات قرار القواعد لا أن تكون القواعد رعيةً وقد سلبت منها اللمعة والثقة بالنفس ومعايير الانضباط الأخلاقي في سلم النضال والوعي وبصورة عامة فقد اختصرت القواعد في القيادات وصارت قيادة الشعبة على سبيل المثال هي البديل عن الشعبة نفسها وقيادة الفرع هي البديل عن الفرع والمحافظة واختصر تنظيم الحزب في القطر بقواعده وقياداته في القيادة القطرية نفسها ، بحيث صارت هذه القيادة هي المصدر والمرجع وهي التي تسحب وتمنح وتقدر وتقرر دون أن نعرف على وجه التحديد كيفية الوصول إلى نتائج وقرارات تتعلق بمصير التنظيم نفسه أو بمصالح الجماهير على امتداد الوطن وهكذا ابتلعت القيادات القواعد وابتلعت السلطة القيادات إلى أن وصلنا إلى المحظور الأخطر وهو الركود والاستنزاف الذاتي ، وحتى لا أغادر هذه النقطة الخطرة فإنني أطرح مباشرة فكرة أن يكون النظام الديمقراطي في الحزب مماثلاً للنظام الديمقراطي في المجتمع بحيث تأتي كل القيادات من القطرية إلى قيادة الفرقة بطريقة الانتخاب المباشر من القواعد وأن تلغى فكرة أن أعضاء القيادة هم أعضاء طبيعيون في المؤتمرات الحزبية الموازية لها بصورة تلقائية مع ما يلتحق بهذا المفهوم من مواقع أخرى كرؤساء المنظمات الشعبية وغيرهم ، إن الحل المباشر والضاغط عند هذه اللقطة المفتاح يتمثل في فقرتين الأولى أن تتحدد مواعيد دورات المؤتمرات الحزبية بصورة دقيقة وواضحة زمنياً مع ما يستلزم ذلك من تحديد للمضمون الفكري والتنظيمي والمنهجي والعملي والسياسي لهذا المؤتمر أو ذاك حتى لا يبقى الأفق مفتوحاً على الشكليات المتعثرة وحتى لا تطغى جواذب الإغراء وبواعث المكسب في هجوم كل من يرغب ، ليحتل مقعداً في هذه المؤتمرات . وأما الفقرة الثانية فهي أن تتقدم القيادات المعنية باستقالتها من مواقعها قبل موعد الانتخاب بثلاثة أشهر بدءاً من القيادة القطرية وانتهاءً بقيادة الفرقة وأن تضطلع بمهام هذه المرحلة قيادات مؤقتة تختار بعناية من الأنقياء والقادرين وأصحاب الأخلاقيات العالية .
    لقد جذبتني فكرة التداخل التنظيمي هذه على غير توقعّ ، ولكن مفهوم التغيير والمعايير التي يجب أن يندرج فيها هذا التغيير هي التي سمحت لي بذلك والمفاهيم والمعايير معاً تنتمي بالمقام الأهم إلى مصادرها الثلاثة تاريخ الحزب ونضاله وتقاليده كمصدر أول وتوجيهات القائد ومنهجياته كمصدر ثانٍ ودوافع الانتماء لحقائق العصر والاندماج المتزن مع إيقاع حركة العالم كمصدرٍ ثالث ، عندها لن يكون التغيير ردة فعل ولن يكون التطوير طفرة مفاجئة وعندها سوف نعيد للتنظيم حيويته بعيداً عن الاحتجاز وبمنأى عن الانغلاق وبكثير من الحيوية والأمان الذي يؤهلنا للانتماء إلى هدفنا القومي وللاضطلاع بمهامنا القومية في زمن صعب للغاية معقد للغاية ومركب للغاية ، لحظة البدء فيه إنجاز شروط التجربة داخل التنظيم الحزبي نفسه لأن فاقد الشيء لا يعطيه أبداً . والبعث بفلسفته التاريخية والواقعية هو كالأرض له دورة حول الذات تصنع ليله ونهاره وله دورة حول الشمس تصنع فصوله الأربعة لكي تبقى هذه الفصول حية في المدى القومي ومؤثرة في حضارة العالم العاصفة .

    إعجاب

  14. خاضت القوى التقدمية في سورية وفي طليعتها حزب البعث العربي الاشتراكي سلسلة من المعارك على الصعيدين الداخلي والخارجي توجت كلها بمعركة حاسمة في أوائل 1958 وهي قيام الوحدة الاندماجية بين مصر وسورية .
    لقد فرض البعثيون في الميثاق القومي الذي تبنته الأكثرية البرلمانية تطوير العلاقات مع مصر بحيث يشمل مختلف المجالات التي يمكن توحيدها أو تنسيقها في الشؤون الاقتصادية والسياسية والثقافية ، وتضمن البيان الوزاري الذي تقدمت به بتاريخ 27/6/1956حكومة التجمع القومي التي شكلها صبري العسلي إلى البرلمان ذلك الميثاق ، وتمسك مندوبو حزب البعث على أن ينص البيان الوزاري بشكل لا لبس فيه على تحقيق الاتحاد بين مصر وسورية ، وفي جلسة لمجلس النواب السوري في شهر تموز من العام ذاته اقر المجلس بالإجماع الاتحاد مع مصر ، كما عمل الحزب جاهداً لتكريس زعامة عبد الناصر الذي بدأ نجمه يسطع في الفضاء العربي .
    في مطلع 1957 طلب وزراء البعث ( صلاح البيطار وخليل كلاس ) من مجلس الوزراء الاستمرار في بذل الجهود لتحقيق الاتحاد مع مصر .
    عكفت قيادة حزب البعث على وضع مشروع للاتحاد الفيدرالي ، وفي تصريح للأستاذ أكرم الحوراني نشرته جريدة الرأي العام بتاريخ 11/12/1957 بين فيه الأسس التي يؤسس عليها المشروع ، وهي : رئيس واحد ، نائب للرئيس ، مجلس نيابي اتحادي ومجالس نيابية قطرية ، توحيد التمثيل الخارجي والدفاع الوطني ….. .
    في طريق عودته من الأمم المتحدة ، مرَ الأستاذ صلاح البيطار على القاهرة والتقى الرئيس عبد الناصر الذي أبلغه أنه يخشى قيام بعض ضباط الجيش السوري بانقلاب للسيطرة على السلطة والحيلولة دون قيام الوحدة ، ولذلك فهو يريد أن يتأكد من موقف الجيش قبل المضي في أية إجراءات عملية ، كما أن الملحق العسكري المصري في دمشق عبد المحسن أبو النور ، نقل إلى الأستاذ البيطار نفس الهواجس وخشية الرئيس ناصر من أن بعض الضباط يعارضون قيام الوحدة وسمى الضابطين أمين الفوري وأحمد عبد الكريم ، فاستدعاهما الأستاذ البيطار يوم 11/1/1958وطرح عليهما الموضوع ، فأنكراه وأكد أحمد عبد الكريم بأنهما مع الوحدة ولا يرضيان عنها بديلا ، وأكدا له أن مجلس القيادة العسكري الذي يمثل قيادة الجيش ومختلف وحداته والمناطق العسكرية مجمع على الوحدة ، ونتيجة لحديث الأستاذ صلاح البيطار اجتمع في نفس اليوم مجلس القيادة العسكري المكون من حوالي .2 ضابطاً .
    تسارعت الأحداث ، ودخل العسكريون في مزاودات بين بعضهم ، ومنهم من كان يطالب بوحدة اندماجية ، وأعدوا مذكرة باسم الجيش والقوات المسلحة تضمنت إجماع أعضاء هذا المجلس على قيام الوحدة الكاملة مع مصر ، ومما ورد في مقدمة المذكرة : ” …. الوحدة بين مصر وسورية إن هي إلاَّ ضرورة قومية مستمدة من ماض وحاضر ومستقبل مشترك ما بين أمة واحدة عربية وذلك تحقيقاً لوحدة شاملة واحدة في العصر الحديث …… . وقد عبر القطران عن إرادتهما في الوحدة الكاملة في شتى المناسبات القومية وخاضا في سبيل ذلك معارك ضارية ضد الرجعية الداخلية والاستعمار الخارجي حتى توصلا إلى هذه المرحلة التي تمكنا فيها من إعلان إرادتهما رسمياً على لسان ممثليهما في كلا القطرين في الجلسة التاريخية المنعقدة في دمشق ، في 18 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1957 .
    سمى مجلس القيادة – ومن غير علم السياسيين – وفداً من بين أعضائه للسفر إلى القاهرة في نفس الليلة لتقديم المذكرة إلى الرئيس ناصر ، كما يقوم وفدٌ آخر من هذا المجلس بتقديمها” المذكرة ” ، صباحا، إلى الحكومة السورية ، وفوجئت الحكومة – باستثناء الأستاذين الحوراني والبيطار – ، بأن طائرة أقلت وفداً من المجلس العسكري يضم 14 ضابطاً ستصل الساعة 12ليلاً لمقابلة الرئيس عبد الناصر ، وأن الوفد يحمل معه مذكرة تم إعدادها في دمشق.
    لا يشك الأستاذ أكرم الحوراني بالضغط الذي مارسه عبد الحميد السراج على بعض أعضاء مجلس القيادة العسكري وإيحائه لهم بأن حزب البعث يعد مؤامرة للاستيلاء على السلطة ، مما دفهم لتشكيل الوفد العسكري والسفر إلى القاهرة .
    كان أول اجتماع لهم بعد وصولهم إلى القاهرة مع المشير عامر وتحدث أعضاء الوفد السوري مطالبين بالوحدة الاندماجية فوراً ،وبعد حوار طويل دام ثلاثة أيام بين مندوبين عن الرئيس ناصر وأعضاء الوفد
    اجتمع الرئيس ناصر معهم وأوضح لهم الفوارق القائمة بين الوضع السياسي والعسكري في القطرين ، وسأل البعثيين في الوفد فيما إذا كان حزب البعث يقبل بحل نفسه ؟ .
    اتفقت إجابة أعضاء الوفد على ما طرحه الرئيس عبد الناصر بأن هذه التحفظات لا تشكل عائقاً أمام تحقيق الوحدة ، ووضعوا أنفسهم تحت تصرفه ليقرر بشأنهم ما يرتئيه مناسباً . وبعد نقاش قصير وافق الرئيس ناصر على تحقيق الوحدة بين القطرين بشروطه وهي :
    1 – وحدة اندماجية لا اتحاد وعلى أن يكون الحكم رئاسياً لا برلمانياً .
    2- حل الأحزاب في سورية .
    3- إبعاد الجيش عن السياسة ، وتأكيداً لذلك وضع مجلس القيادة نفسه تحت تصرف الرئيس ناصر وترك له الحرية بتعيين أفراده في الأمكنة التي يريدها أو تكليفهم بأي عمل يشاء .
    في يوم 13/1/58 اجتمعت قيادة الحزب القومية مع القيادة القطرية ومجلس الحزب وأقروا مشروع الاتحاد الفيدرالي الذي قدمته اللجنة الحزبية التي كلفت بإعداده وتولى عبدالله الريماوي تلاوته مادة مادة ، بعد إدخال بعض التعديلات عليه .
    تبنى مجلس الوزراء السوري مشروع حزب البعث وكلف وزير الخارجية الأستاذ صلاح البيطار بالسفر إلى مصر للتباحث مع الحكومة المصرية بشأن الاتحاد بين القطرين .
    سافر الأستاذ صلاح يوم 18/1/58 إلى القاهرة وبرفقته سفير مصر في سورية محمود رياض ، وفي اجتماعاته مع الرئيس عبد الناصر لم يطرح معه المشروع الذي يحمله بذريعة أن وفد مجلس القيادة العسكري كان قد أنجز اتفاق الوحدة الاندماجية ، وخشي من خسارة أي إنجازٍ وحدوي في حالة طرح مشروع الاتحاد الفيدرالي ، ومن هذا المنطلق صرح أكثر من مرة للصحف المصرية عن قيام الدولة العربية الواحدة ، وعن حل الأحزاب السياسية في سورية .
    بتاريخ 22/1/ عاد الأستاذ البيطار إلى دمشق ، وفي مساء اليوم نفسه اجتمع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية السيد شكري القوتلي واستمع إلى الاتفاق الذي تم بينه وبين الرئيس عبد الناصر بشأن توحيد البلدين .
    يتحدث الأستاذ أكرم الحوراني عن مزاودة ومناورة الرأسماليين ومن بينهم خالد العظم ، ويورد في الصفحة 2506 من مذكراته تصريحاً لخالد العظم نشرته جريدة ” الصرخة ” بتاريخ 19/1/58 جاء فيه ” إننا نريد الوحدة بين سورية ومصر وحدة كاملة شاملة ، وأن تتوحد الدولتان بدولة واحدة ، لأن هذا النوع من الوحدة صميمي أكثر وأشمل من غيره ” .
    ويستنتج الأستاذ الحوراني أن ” هذه هي الصورة التي تعلل حماسة الطبقة الإقطاعية والرأسمالية للوحدة مع مصر ، كما كانت أملاً في نظر التجار لزيادة الأرباح ، وذلك بحل حزب البعث العربي الاشتراكي وإقصائه عن السلطة ، وهو الأمر الذي كان يعدهم به ويؤكده لهم رجال المخابرات المصرية والمسؤولون في مصر ” . المذكرات ص 2507.
    كما يؤكد ” أن رجال السياسة من شكري القوتلي إلى صبري العسلي إلى رشدي الكيخيا إلى أصغر شخص من الموالين لهم ، كانوا يعتقدون أن الحكم سيؤول إما إلى حزب البعث وإما إلى الجيش وأن الوحدة مع عبد الناصر هي الحل الوحيد أمامهم ” ص 2518 .
    أما أعضاء حزب الشعب والكتل البرلمانية المعارضة لحزب البعث ولحكومة التجمع القومي فقد أخذوا وعداً من مبعوثي الرئيس عبد الناصر بإقصاء التجمع القومي و كبار ضباط الجيش عن الحكم في سورية .
    يقول خالد العظم في الصفحة 144 الجزء الثالث من مذكراته حين ذهب رئيس الجمهورية و الحكومة إلى مصر للتوقيع على اتفاق الوحدة ” جاء للسلام عليَّ فريق من أبناء عمي فوجدتهم مستبشرين فرحين لقيام الوحدة بين سورية ومصر ولما سالتهم عن سبب هذا الشعور قالوا : إن البلاد سوف تتخلص من البعثيين الاشتراكيين ومن التجمع ، فقلت لهم إنني أشك بإمكان إبعاد هؤلاء عن الحكم القادم ، وعلى فرض تحقيق ذلك فهل يعادل التخلص من أخصامنا السياسيين زوال دولتنا واستقلال حرياتنا ؟
    مناقشة شروط عبد الناصر للوحدة في اجتماع حزبي
    يبدي الأستاذ الحوراني دهشته من إلحاح الأستاذ صلاح على مصطفى حمدون ضرورة التفاوض على وحدة اندماجية ، وذلك حين جاء إلى بيتي وكان عندي الأستاذ صلاح ليبلغنا عن قرار المجلس العسكري .
    بَيَّن الأستاذ صلاح البيطار بعد عودته من مصر أمام اجتماعٍ ضم قياديين حزبيين من سورية والعراق والأردن ولبنان أن الرئيس عبد الناصر اشترط لفيام الوحدة التامة شرطين وهما : حل الأحزاب السياسية ، وأن يضع قادة الجيش أنفسهم تحت تصرفه .
    ويذكر الأستاذ الحوراني أن المجتمعين وافقوا بالإجماع على حل الحزب ، وأنه شاهد بأم عينيه بعد انتهاء الاجتماع عبد الكريم زهور يعانق جمال الأتاسي فرحاً وسمع منهما جملة : الحمد لله ، خلصنا من الحزب .
    ابتهج عبدالله الريماوي لقرار حل الحزب ، لأنه كان يظن بأنه أصبح المرشح الأكثر حظاً ليصبح الأمين العام للحزب في الأقطار العربية .
    كان الأساتذة يأملون استناداً إلى وعود جمال عبد الناصر أن يكون الاتحاد القومي حزباً موحداً للقوى التقدمية في القطرين ، وقائماً على مبادئ حزب البعث .
    كانت انتقادات مختلف منظمات الحزب تعبر عن الممارسات السلبية لأجهزة عبد الناصر ، وعن خيبة الأمل في قرار حل الحزب .
    بينما يرى آخرون أن قادة الحزب بتناقضاتهم كانوا يشعرون بثقل وطأة الحزب عليهم وبالتشرذم والانقسام الذي حلَ بالحزب وهذه فرصة قلَ نظيرها فليكن حلَ الحزب في سبيل قضية مقدسة هي الوحدة ، وإلاَّ فإن الحل قد يقع بلا ثمن إذا استمرت أوضاع الحزب على ما هي عليه . لأنه – حسب رأي البعض- ظهرت في الحزب تيارات مختلفة يلتقي بعضها مع التفسيرات الماركسية وبعضها مع النازية والفاشية وبعضها مع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية ، والتبس في أذهان الكثيرين مفهوم الرسالة الخالدة بالدعوة الإسلامية ……. وأصبح اتهام بعض الحزبيين لبعضهم البعض بالانحراف عن عقيدة الحزب أو التعلق بالزعامة الشخصية أو الارتجال ، من الأمور الدارجة على ألسنة الحزبيين .
    وكان بعض البعثيين يرون أن الأستاذ ميشيل تحمل مسؤولية الموافقة على قرار حل الحزب مع بقائه أميناً للحزب المنتشر في الأقطار العربية ومنظماته في بقية بلدان العالم ، للتخلص من دمج الحزبين وكان يطالب بعد الانقلاب على حكم أديب الشيشكلي مباشرة بفك الدمج ، ومما ورد في تقرير كانت قد أعدته لجنة تحضيرية عام 1957لطرحه على مؤتمر قطري للحزب مزمع عقده في وقت ما من العام نفسه :” إن الذريعة التي يتذرع بها دعاة الانقسام هو أن الحزب ليس وليد تجربة واحدة بل جاء نتيجة لدمج حزبين مختلفين ، ويبدؤون من نقطة هي أن عملية الدمج هذه لم توفق ، واليوم وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على دمج الحزبين ، نجدنا مضطرين لمعالجة هذه الناحية لأن دعاة الانقسام ما زالوا موجودين ضمن الحزب ومن أعضاء الحزب السابقين …” .
    ويورد الدكتور جمال الشاعر في كتابه ” سياسي يتذكر : ” قال الأستاذ ميشيل ، في شهر شباط ، 1959في أحد اجتماعات اللجنة التحضيرية التي تعد لعقد المؤتمر القومي الثالث : ” في أواخر مراحل المباحثات عن الوحدة بين مصر وسورية فاجأني الرئيس عبد الناصر بموضوع حل الأحزاب ولم يترك لي المجال للعودة إلى القيادة القومية أو المؤتمر القومي عملاً بالنظام الداخلي للحزب واضطررت أن أعطي الجواب بالموافقة في نفس الجلسة ” .
    لم يكن حلَ الحزب لدى بعض القياديين مأسوفاً عليه لأن هناك تعويضاً منتظراً لهم وهو احتمال تسلمهم زمام السلطة في سورية نظراً لدورهم الكبير في قيام الوحدة ومنهجهم الوحدوي .
    حدث تذمر في قواعد الحزب من قرار الحل ، ومنهم من اعتبر الحل غير شرعي لأن نظام الحزب لا يسمح بذلك . ولأن الحزب الذي يعتبر استمرار وجوده شرطاً لتحقيق وحدة العرب ، وقع في مفارقة دون ريب وهي أن زواله أصبح شرطاً لتحقيق الوحدة .
    ولقد وجد القادة الثلاثة الذين اتخذوا قرار حل الحزب مبررات قرارهم بالحل بأن :
    1 – حل الأحزاب شرط وضعه عبد الناصر لقيام الوحدة .
    2 – الحل سيشمل فرعي سورية ومصر فحسب وليس الحزب كله .
    3 – الاتحاد القومي سيكون الإطار الذي سيمارس الحزبيون فيه نشاطهم السياسي بعد قيام الوحدة .
    هناك بعض البعثيين ممن أصبحوا مؤيدين للرئيس عبد الناصر ، يتغاضون عن شهادة جميع أعضاء وفد مجلس القيادة بان شرط حل الأحزاب فرضه الرئيس عبد الناصر ، ويقرؤون ، خطأً ، أقوال عبد الناصر في مباحثاث الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية والعراق في شهري آذار ونيسان 1963، ويتجاهلون أن الأستاذ صلاح البيطار حينما وصل إلى القاهرة حاملاً مشروع الوحدة الفيدرالية ، كان كل شيء بحكم المنتهي بين الرئيس ناصر ووفد مجلس القيادة ، وهذا التوضيح يوجب قراءة ما دار في المباحثات المنوه عنها بشكل صحيح .
    قال الرئيس عبد الناصر : لما بدأت الوحدة هل هل قلتو الحزب ما يتحلش ؟
    الكلام اللي أنا با قولو دلوقتي بأن هذا الاتجاه كان خطأ ، وان الحقيقة كان يجب أن يكون كذا ..ما في حدا اقترح هذا الرأي .
    السيد ميشيل عفلق : باعتقد أنه بدون الحل ما بتكون تصير وحدة ….
    الفريق لؤي الأتاسي يعني جايز افتكروا أنه عملية تسهيل للحكم …يعني بافتكر أنه كان تسهيل لطريقة الحكم حتى يوصل للنظام الأفضل فقرروا حل الحزب في سورية .
    السيد صلاح البيطار : هذا كان رأينا .
    الرئيس عبد الناصر : ليه ما اتكلمتوش .
    السيد صلاح البيطار : في اللجنة قلنا .
    الرئيس جمال عبد الناصر : لا … لا … بعد الوحدة ، بعد الوحدة بفترة .
    السيد صلاح البيطار : آه …صحيح .
    الرئيس عبد الناصر : لا.. أنا بتكلم على قبل الوحدة …نحنا قعدنا واتكلمت ويانا … أنت الوحيد اللي قعد معانا .
    السيد صلاح البيطار : بس نحن قلنا بأنه الاتحاد القومي فكرة بحد ذاتها سليمة إذا كان له مضمون ثوري بمعنى أنه ما في مانع نجمع كل من هو وطني بشرط أن تكون القيادة ثورية ….. وبعبارة أخرى تكون الطليعة هي العمود الفقري له….هون صار في اختلاف …أنت تقول انه لا أنا أعتبره بكامله هيئة يجمع المتناقضات .
    اوردت جريدة البعث في مقالها الافتتاحي في العدد 87 تاريخ 17/12/1958 ضرورة تماثل الأوضاع في القطرين وتحقيق الانسجام بينهما ، ومما ورد في هذه الافتتاحية ( …. وكل ما يعتبر عائقاً في سبيل الاتحاد ، من أوضاع خاصة في سورية ، فإن إرادة الشعب مجمعة على إزالته وتذليله ، ……………….وإن الوضع الدستوري في مصر ، وهي القطر الأكبر والأقوى ، إنما يصح أن يكون أساساً للاتحاد ونقطة البداية فيه ، وإذا كان عدم تماثل الأوضاع السياسية بين مصر وسورية يعتبر عثرةً ، وعائقاً ، فإننا أول من يطلب ويعمل لتطبيق ما يحقق تماثل الأوضاع السياسية في القطرين ) .
    أدركت قيادات وقواعد الحزب بأن ما ورد في هذه الافتتاحية .” يعني أن تقوم الأحزاب بحل نفسها ” وهذا ما دفع بهم الحضور إلى دمشق للاستفسار والتساؤل عمَا إذا بالإمكان إيجاد صيغة بديلة عن حل الحزب ، وأمام تزايد إلحاح الحزبيين بضرورة عقد اجتماع لمجلس الحزب يناقش فيه هذا القرار ، وافق الأمين العام الأستاذ ميشيل عفلق على عقد اجتماع عام بشروط ثلاثة :
    1 – أن يكون الاجتماع بعد إجراء الاستفتاء الشعبي في سورية ومصر على قيام الوحدة .
    2 – عدم اعتبار جلسات الاجتماع رسمية بسبب حل الحزب بعد قيام الوحدة .
    3 – عدم إجراء أي نقاش في الجلسات .
    وبناء على هذه الشروط تم توجيه دعوة عامة تشمل بعض أعضاء من مجلس الحزب وأعضاءً ليسوا من المجلس حتى لا يأخذ الاجتماع صفة رسمية ، وتقرر أن يكون زمن الاجتماع في 23 /2/1958 ومكان انعقاده في مقر قيادة الحزب بالحلبوني .
    حضر الاجتماع حوالي الخمسين عضواً ، ومن أعضاء القيادة الثلاثية حضره الأمين العام فقط ، وبعض البعثيين أطلق على كلمة الأستاذ ميشيل في هذا الاجتماع ” خطبة الوداع “، وبناء على طلبه لم تنشر هذه الكلمة لمبررات تذرع بها حينذاك ، وبعد سنوات وافق على نشر قسم منها في كتابه ” في سبيل البعث ” تحت عنوان ” الوحدة ثورة تاريخية ” الصفحات 275 -283 من منشورات دار الطليعة بيروت تموز 1970الطبعة الرابعة
    وبعد مضي أكثر من نصف قرن على هذا الحدث ، لابد من نشر القسم الآخر المتعلق بحل الحزب وبالاتحاد القومي المزمع إنشاؤه بديلاً عن التعددية السياسية ، ليطلع قدامى البعثيين وغيرهم من القراء عليه.
    ( ……… ونستطيع القول أن الحزب والثورة في مصر وصلا خلال سنوات قليلة ، ولكن من خلال أزمات صعبة وظروف عاصفة وخطرة ، وصلا إلى تفاهم والتقاء ، إذا لم أصفه بأنه تام ، فهو يكاد يكون تاماً بكل معنى الكلمة . وهذا الفارق في الأسلوب والبداية بين الثورة وبين حزب البعث إن كان في الماضي لم يمنع من حصول هذا التفاهم والتلاقي فليس ما يوجب أن يبقى ويستمر . ليس ما يوجب أن تبقى الثورة بعيدة عن طريق الحزب الثوري الشعبي وهذا ما أصبح في حكم القناعة المنتهية عند رجال الثورة ، أي أنهم مقتنعون بأنه لا بد من تدعيم هذه النتائج التي حصل عليها الشعب ، والاستناد إلى قوة الشعب باعتبارها القوة الأساسية في صنع الثورات وفي صنع التاريخ . لذلك عندما تم الاتفاق على توحيد مصر وسورية لم يكن ثمة مشكلة بالنسبة إلينا عندما قضى الانسجام والتماثل في الوضع السياسي للدولة الجديدة ألاَّ يكون في سورية أحزاب متعددة بل أن يسري نظام الاتحاد القومي .
    لم يكن ثمة مشكلة لسببين :
    الأول : أننا بكل بساطة نعتبر الوحدة أكبر كسب لا يمكن لأمتنا أن تحققه في هذا الظرف لأن هذه الوحدة فيها من الطاقة الثورية ما سيفجر في كل مكان على أرض هذه الجمهورية الجديدة وفي الأرض العربية الواسعة كلها ، سيفجر طاقات ، لا تحسب ، من الوعي ومن النضال ومن التقدم . فإذن أي قيمة تبقى لوجود أحزابٍ أمام هذه الخطوة وما ينتظر منها فحسب بل لتوكيدها وتعميقها وتوعيتها لأنها ستنقل العرب إلى مستوى جديد أرفع من كل ما عرفوه حتى الآن .
    الثاني : إن حلَّ الحزب لم يكن شرطاً طُرح ولا تضحية قبلنا بها في سبيل هذا الكسب العظيم وإنما هو حلٌ من جهة وتكوين من جهة أخرى .
    قلت لكم بأن رجال الثورة في مصر مقتنعون بعد تجارب وتردد ودراسة وصلوا إلى أنه لابد من العمل على نفس الطريق ، طريق الوعي ، طريق العقيدة ، طريق النضال الشعبي المنظم . والاتحاد القومي هو مجال تطبيق هذه القناعة وهذه الفكرة ، فما علينا إلاَّ أن نُحسن ملء هذا الإطار الجديد بنشاط ووعي وحماس . فالحزب هو حركة تاريخية للوطن العربي كله ولا يمكن أن ينحجب أو يزول أو ينسحب ما لم يحقق أهدافه ورسالته .
    فالحزب موجود في الوطن العربي ، أما في هذا الوطن الصغير الذي هو الجمهورية العربية المتحدة ، فالحزب باق كعقيدة لأن جمهورية كهذه ولدت من نضال عقيدتنا من النضال الشعبي ، من نضال التحرر من نضال الاشتراكية لا يمكن أن تكون لها سياسة وأن يكون لها اتجاه مختلف عن العوامل التي أوجدتها وساهمت في تكوينها . والاتحاد القومي سيحمل عقيدة البعث كما نقدر ونعتبر . أما تنظيم البعث فسينحل ولكن البعث كقيادة على أوسع مدلول لكلمة قيادة ، وكقاعدة تشربت هذه العقيدة على طول السنين وجربت هذه العقيدة من خلال النضال فعندما تدخل الاتحاد القومي ستعمل بنفس الروح ، وسيدخل آخرون ، لأن الاتحاد القومي سيجمع عناصر كثيرة ، المفروض أن لا يسمح للعناصر الخائنة والفاسدة بالدخول إليه ، ولكن هناك عناصر وسط ليست بالرجعية ولا بالتقدمية ينقصها شيء من الوعي ، فيمكن للاتحاد القومي ، كما نتصور ، أن يقوم بتربية هذه العناصر وأن يختار أحسنها وأن يكسبها إلى الاتجاه الثوري التقدمي . وهكذا يكون ذوبان حزب البعث أو فرع حزب البعث في الاتحاد القومي ، بمعنى من المعاني ، مثل توسيع لنشاط البعثيين ، مع العلم بأن الأسلوب سيختلف والعقلية يجب أن تتطور لأن العمل الإيجابي هو المطلوب . لأننا طهرنا البيت ولم يعد هناك أجنبي ، والمفروض أنه لم يعد مكان لوجود عملاء للأجنبي يستطيعون التخريب والتآمر ، فأكثر العمل إن لم يكن كله ، ينصرف إلى البناء وهذا يتطلب تطويراً للعقلية والنظرية دون أن ينسينا ذلك قيمة الأهداف التي لم تتحقق بعد وبقية أجزاء الوطن العربي التي لم تتحرر بعد . ولا نشك لحظة بأن جمهوريتنا الجديدة سيكون نصف عملها على الأقل منصرفاً إلى المهام القومية الواسعة لتحرير وتوحيد الأقطار العربية الأخرى وعملنا ، إذن ، سيكون في المجالين : في البناء الداخلي ، وفي النضال في الأقطار العربية الأخرى إلى أن تتحرر أمتنا .
    أيها الأخوان :
    إذا قدرتم حق التقدير أهمية الدور الذي ساهم كل واحد منكم أنتم الحاضرين وكل رفاقكم في هذا الحزب وجميع أفراد الشعب المؤيد والمناصر لحركتنا ، إذا قدرتم أنكم ساهمتم بدور تاريخي كل حسب استطاعته وقدرته وفي حدود عمله ، فإنكم ستدركون بأن الذي ساهم في صنع هذه الوحدة لا يجوز له ولا يحق له أن يبتعد ، وإنما هو أجدر من أي كان بان يكمل العمل وأن يكمل الصنع والبناء ، وهذا هو الشيء الطبيعي والمشروع الضروري لأنه ليس أعرف من الصانعين بما يجب أن يصنع في المستقبل ، وليس أكثر غيرة وأكثر إخلاص على هذه الوحدة والجمهورية الجديد ة من الذين ناضلوا في سبيلها . فالطبيعي أن يكونوا ، هم ، في الساحة والمعركة لكي يكملوا عملهم ولكي لا يتركوا المجال والفراغ تملؤه عناصر أقل صلة بالنضال منهم وأقل غيرة على الوطن منهم .
    هذا ما أردت أن أقوله لكم وأعتقد وأشعر دون أن أسأل أحداً منكم بان هذه المرة هي الأولى التي تشعرون فيها بالتجاوب التام مع الأحداث ومع قيادة الحزب ومع الحزب .
    وأشعر أنكم مطمئنون إلى أن حلّ الحزب ليس شيئاً ننظر إليه مع فرحتنا بالوحدة التي تحققت بشيء من الأسف . إن هذا الحلَّ لفرع الحزب هو منسجم كل الانسجام مع هذه الثورة . وبداية جديدة للعمل بوحي العقيدة ، وهي العقيدة نفسها التي لا تتبدل ، ولكن بشروط أسلم وجو أنظف وفي إمكانية للانتقاء والاختيار أقوى من الماضي .
    كدنا مع ظروف النضال وضغط القوى الاستعمارية نفقد حرية الاختيار فنتغاضى عن أشياء وأشياء . واليوم تتاح وتنفسح الفرصة لبداية ناصعة غنية بالإمكانيات . وأعتقد بأننا مرتاحون لهذا ، متفائلون ، ومحققون أمل أمتنا فينا “.
    وفي نهاية الجلسة ، ورغم أن الاجتماع لم يكن لمجلس الحزب ، أذاع الأستاذ ميشيل عفلق باسم مجلس الحزب ، البيان التالي :
    .
    كان قرار القادة الثلاثة ( عفلق – البيطار – الحوراني ) بحل الحزب ، القرار الأكثر إثارة للجدل ، وظهر ذلك بشكل واضح في القرارات المتناقضة – بشأن حل الحزب – للمؤتمرين القوميين الثالث والرابع ، و كذلك عند القاعدة الحزبية في سورية أثناء محاولة إعادة تنظيم الحزب في القطر ومطالبة أغلب هذه القاعدة بإبعاد القادة الثلاثة عن التنظيم ومحاسبتهم حزبياً في أول مؤتمر قطري منتخب يتم انعقاده بعد إعادة التنظيم .
    وورد في تقرير عن أسلوب العمل الحزبي قدمته القيادة القومية وأقره المؤتمر القومي الرابع: ” لقد خلق قرار حل الحزب في الجمهورية العربية المتحدة هزة عنيفة في الأوساط الحزبية وفي الرأي العام المؤيد للحزب ، ولم تتضح خطورتها إلا بعد زوال موجة الحماسة الكبرى التي رافقت حد ث الوحدة . ومما زاد من حدة هذه الهزة عدم وضوح مبررات هذا القرار الخطير بالنسبة للقاعدة الحزبية لا بل حتى بالنسبة للقيادات . ومن جهة ثانية فإن التنظيم الحزبي في سورية كان بالنسبة للحزب بمثابة الموجه الأول ، وحل الحزب في القطر الذي لعب الدور الأساسي في النضال الحزبي زعزع إيمان عدد من الحزبيين باستمرار الحزب وبالنضال الحزبي مضافاً إلى ذلك أن التطورات التي حدثت في الجمهورية العربية المتحدة خلقت انطباعاً شاملاً بأن هذا القرار كان خاطئاً من أساسه وأنه جاء يؤكد مدى ضعف قيادة الحزب السياسية وتردي وضع الحزب العام ….. ) .

    : ( كلنا شركاء ) 7/6/2009

    إعجاب

  15. هذه الرسالة وجهت للحكومةالايرانية من خلال السفارة الايرانية في دمشق

    دمشق 24 / 6 / 2003

    من:د . رائق علي النقري

    مؤسس مدرسة دمشق المنطق الحيوي*
    استاذالمنطق الحيوي للهندسه المعرفيه في
    جامعات باريس,الجزائر.واشنطن, القاهره

    الى: الساده قادة الجمهوريه الاسلاميه في ايران

    مرشد الثوره السيد علي خامنئي
    رئيس الجمهوريه محمد خاتمي
    رئيس مجلس تشخيص مصلحه النظام الشيخ هاشمي رفسنجاني,
    ريئس معهد التقريب بين المذاهب:محمد علي تسخيري..

    تحية الحياة وبعد:

    فإني أخاطبم بوصفي مُذكِّراً ومُبلوِرا للمنطق الحيوي الذي يوضح ان حيوية الأفكار والأديان والمبادئ والتنظيرات تقاس أولا من خلال حيوية الممارسات التي تطبقها.. لنصرة ونهوض المستضعفين.. أفرادا ومجتمعات.. وفي تاريخ العالم يوجد معين لا ينضب للممارسات الحيويه التي تبرهن على ان المنطق الحيوي يمكن استقاءه من التراث الخاص في كل مجتمع..

    ولذلك.. كنت وما أزال أرى في التراث الإسلامي منطقا حيويا يسهل ويسرع نهوض ووحدة العالم العربي والاسلامي المستضعف.. وملاقاة العالم في منتصف الطريق.. ولذلك استبشرت في الثوره الإسلامية الإيرانيه.. منذ بداياتها.. ودرستها بوصفها مساهمة بالغة الحيوية في التعبير عن الحيويه الإسلاميه .. لحشد جماهير العالم الإسلامي والانتصار في وجه قوى الاستكبار العالمي والمحلي.. وسبق وتعرضت للأذى من صدام حسين بسبب موقفي منكم.

    ومع انني كنت أجد نفسي متحفظا على حيوية وجدوى بعض السياسات الايرانيه الداخليه والخارجيه.. فانني كنت اعتقد بقدرتكم على التطوير.. وبخاصه لوجود عقلية مؤسسة على تشخيص مصلحة النظام.. ولكني في هذه الأيام ومنذ ما قبل الحمله الامريكيه على العراق.. أعيش حالة قلق حاد جدا عليكم.. .. وأسباب قلقي تعود إلى شعوري بأن سياساتكم الداخليه والخارجيه أصبحت اسيرة التعنت .. والتعثر.. والعجز.. عن التجدد والفاعليه..ومظاهر ذلك متنوعه:

    الأول منها, الخضوع المخجل للتهديدات الأمريكيه.. والترحيب باحتلال أفغانستان .. والتسليم العلني للاحتلال الأمريكي للعراق..

    والثاني عجز سياساتكم الداخليه في ان تصنع نظاما جاذبا وملبيا لتطلعات الايرانيين قبل العراقيين.. بما فيهم قسم من الشيعة..

    وأهم مظاهرعدم جاذبية النظام الإيراني للعراقين وغيرهم تتجلى في محورين

    1– عدم حل مسالة الأقليات القوميه بشكل حيوي.. ينسجم مع منطق العصر.. ومن ذلك سياستكم حيال المسألة الكرديه بشكل خاص.. بمالا يُطمْئِن أكراد العراق.. على الاقل..

    2– عدم حل مسالة الحريات الفرديه بشكل حيوي.. ينسجم مع منطق العصر.. ومن ذلك تهميش تطلعات الأجيال الشابه.. والنساء بشكل خاص.. بعد ان كانوا شعلة الثوره ..

    وإذا أضفنا لهذين المحورين شلل القياده الإيرانيه عن بلورة سياسة تصدي للاحتلال الأمريكي للعراق.. فإن المحصله تكون كارثيه .. ولذلك.. فإنني أناشدكم السعي للمسارعه في معالجة هذا العجز.. والعقم السياسي .. الداخلي والخارجي .. قبل أن تنهار ثورة المستضعفين..

    والمطلوب منكم بكلمات:
    هو تحري وتذاكر المنطق الحيوي للمراجعة والتطوير بسرعه.. قبل فوات الأوان.. وعدم الركون إلى سياسة التعنت..لأن التعنت من صفات الاستكبار…وما نطلبه لا يخص ايران فقط.. بل العالم العربي والاسلامي.. كله.. بدءا بسوريا.. ولكن بماأن ايران هي الأكثر تأهيلا للخروج من العجز.. فإن الجماهير تتطلع إليكم أولا لتطويرالنظام بما يكفل ملاقاة العالم والعصر.. في منتصف الطريق.. لتحقيق إرادة الحياة: الحرية.

    اللهم هل بلغت؟؟

    د . رائق علي النقري

    *لمعرفة المزيد عن مدرسة دمشق المنطق الحيوي من خلال الفقه الحيوي لمصالح الاسلام السياسي يمكن زيارة:
    http://www.damascusschool.com

    *لمعرفة المزيد عن تطبيقات المنطق الحيوي اكاديميا بلغات وجامعات واختصاصات متعدده: من القرآن الى الذكاء الاصطناعي.. من التجاره الى الكومبيوتر.. يمكن زيارة:
    http://classweb.gmu.edu/ralnakar/pdf/
    http://mason.gmu.edu/~ralnakar/

    إعجاب

  16. زواج لم يعمر ……
    دمج حزب البعث وحزب البعث الاشتراكي
    مروان حبش: ( كلنا شركاء ) 23/6/2009
    لم تترك لنا وثائق الحزب ما يشير إلى تفاصيل المفاوضات التي جرت وانتهت إلى الدمج بين حزبي البعث العربي والعربي الاشتراكي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، والوثيقة الوحيدة التي أعلنت عن ذلك هي بيان منشور في الجزء الثاني من سلسلة نضال البعث في القطر السوري، الصفحة 191، بعنوان عهد الشيشكلي الدكتاتوري، وبدون تاريخ أو توقيع، ومما ورد فيه:
    في أثناء حكم الشيشكلي، حدثت ثلاثة أمور هامة:
    الأول هو إصرار قاعدة حزبي البعث العربي، والعربي الاشتراكي، على الاندماج باعتبار الحزبين يهدفان إلى الوحدة والحرية والاشتراكية، ويصارعان أخطاراً واحدة. وقد تم الدمج، وتوحدت القوى بانضمام الحزب العربي الاشتراكي إلى البعث، مما كان له أثر فعال في القضاء على الشيشكلي
    والبيان الذي صدر في شباط 1953 باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، ضد حكم أديب الشيشكلي. ومن خلال الاسم الجديد نستدل على أن الدمج قد تم في هذا الشهر.
    على الراغب في معرفة بعض التفاصيل عن المحادثات التي قادت إلى الدمج العودة إلى ما كتبه كلٌ من الأستاذ جلال السيد في كتابه ” حزب البعث العربي ” والأستاذ أكرم الحوراني في ” مذكرات أكرم الحوراني ” وما تناقله بعض من عاشوا تلك الفترة، وخاصة من كان منهم في موقع قريب من قادة الحزبين.
    من حركة الإحياء العربي 1940 إلى حركة نصرة العراق 1941 إلى حركة البعث العربي أو حزب البعث العربي 1943إلى المؤتمر التأسيسي لحزب البعث العربي في نيسان 1947.
    ومن حزب الشباب ” المحلي ” في حماة بعد 1936إلى الحزب العربي الاشتراكي على مستوى القطر في 1950 إلى المؤتمر الأول للحزب العربي الاشتراكي في آذار 1951.
    كانت أهداف وغايات الحزبين في مجالات القومية والتغيير الاجتماعي متشابهة جداً. وكان المبدأ الأول من المبادئ الأساسية لحزب البعث العربي كحركة قومية شعبية انقلابية “أن العرب امة واحدة لها حقها الطبيعي في أن تحيا في دولة واحدة وأن تكون حرة في توجيه مقدراتها ، وفي منهاج الحزب بالسياسة الاقتصادية ورد :المواطنون جميعاً متساوون بالقيمة الإنسانية ولذا فالحزب يمنع استثمار جهد الآخرين.
    وتنص المادة الأولى من المبادئ الأساسية للحزب العربي الاشتراكي على أن الحزب حزبٌ قوميٌ، انقلابيٌ، اشتراكيٌ، ديمقراطي، والمادة الثانية تنص على أن العرب امة واحدة وعليهم أن يؤلفوا دولة واحدة في وطن عربي واحد، وتنص المادة 14 بأن الحزب يأخذ بالاشتراكية العلمية كأساس لتنظيم الحياة الاقتصادية في البلاد العربية…… .
    إن المنطلق القومي لمؤسسي كل من الحركتين، دفعهما لنصرة شعب العراق أبان ثورة رشيد عالي الكيلاني 1941، فتحولت حركة الإحياء العربي إلى حركة نصرة العراق وانطلاقاً من إيمان الحركة بأن ثورة العراق تناضل ” من أمنية كل العرب ” دعمتها بالمال والسلاح ودعت إلى التطوع في صفوفها، وبالتزامن مع هذه الدعوة دعا حزب الشباب إلى دعم الثورة وإلى التطوع في صفوفها، وتطوع بعض الشباب من الحركتين ” أكرم الحوراني، جمال الأناسي… “والتحقوا بصفوف ثوار العراق.
    تشابهت، أيضا، مواقف قادة الحركتين من المستعمر الفرنسي في سورية، وخاصة الموقف من استعادة الجيش السوري من الفرنسيين، ومن تأسيس جيش جديد.
    ففي بيان صدر بتاريخ 16 أيار 1945عن مكتب البعث العربي وموقع باسم ميشيل عفلق ورد “يا شعب سورية العربي؛ إنك إذ تستقبل ممثل فرنسا بإضراب شامل، ووحدة قومية رائعة، استنكاراً لما ينوي هذا الممثل فرضه، باسم دولته، على حريتك واستقلالك من قيود، أفهمه أنك لا تزال تؤمن بأن الاستقلال يؤخذ ولا يعطى، وذكره بأن هذه الأمة التي انتزعت من فرنسا استقلالها انتزاعاً، بما أراقت من دماء، وقدمت من شهداء، وما تزال هي هي ، عربية الأصل والسجية ، تعشق النضال وتلد الأبطال ” . وفي بيان صدر عن حزب البعث العربي في 9 حزيران 1945 ” أي بعد العدوان الفرنسي على دمشق بعشرة أيام بعنوان ” لن يعود الفرنسيون الطغاة ” يحذر الحزب الحكومة السورية من سياسة المماطلة والمفاوضة مع الفرنسيين، ويطالبها باسترجاع الجيش من الفرنسيين وأن تقوم سياسة سورية الخارجية على تعاون وثيق مع البلاد العربية، وينتهي البيان بمطالب سياسية محددة “.
    في جلسة المجلس النيابي السوري بتاريخ 24/1/1945 وكانت مخصصة لبحث موازنة وزارة الدفاع قال الأستاذ أكرم الحوراني كلمة، ومما ورد فيها: “…لنفرض أن الفرنسيين لم ولن يسلموا الجيش، فماذا يجب أن يكون موقف الحكومة وموقفنا نحن ؟ يجب أن نستمر بالمطالبة بتسليم الجيش ولكن ما هي الوسائل التنفيذية لاستلامه ؟ هناك وسائل عديدة فإذا امتنع الأجنبي عن تسليمنا جيشنا فسنأخذه ونستلمه بالقوة لا بالواسطة، وعندها يذهب دور المفاوضة ويأتي دور القوة. “.عو هؤلاء الجنود والضباط الذين هم إخواننا وأبناؤنا إلى الانضمام لجيشنا الذي نؤلفه، وسيندمج الجيش السوري بالجيش الذي سنؤلفه، وعندها يرى الفرنسيون أن المواطن السوري لا يمكن أن يكون أداة لاستعمار أمته وهو ابنها البار….” .
    وفي جلسة المجلس النيابي السوري بتاريخ 1/5/1945 قال الأستاذ أكرم الحوراني: ” هناك أمور جوهرية يجب أن تعرفها الأمة فنحن لا نريد أن نغل عنقها بأي قيد ولا أن نقيدها بأي عهد أو اتفاق قبل استلام الجيش وهذه هي إرادة الأمة التي أعربت عنها واتفقنا عليها جميعاً، إننا نسمع أن هناك اتفاقات ثقافية واتفاقات أخرى وفي الوقت نفسه يقدم إلينا مشروع بتشكيل وزارة الدفاع، وإذا كان تقديمه يعني شيئاً فهذا الشيء هو أننا صرفنا النظر عن قضية استلام الجيش وإننا ننوي أن نشكل جيشاً جديداً ولهذه النقطة من الأهمية ما لا يجوز السكوت عنها “.
    التقى الحزبان في أواخر شهر آب 1950 في موقفهما المعارض لتحويل الجمعية التأسيسية إلى مجلس نيابي انطلاقاً من أن أوضاع القطر تتطلب حل الجمعية التأسيسية بعد أن أنهت مهمتها وإجراء انتخابات جديدة.
    وعمل نواب ووزراء الحزبين، بعد مظاهرات شعبية قادها حزب البعث في أواخر عام 1950، انطلاقاً من مبادئهما على ضرورة تأميم الشركات والمؤسسات الاحتكارية وأبرزها شركة الريجي ومصرف سورية ولبنان.
    وامتنع القادة في الحزبين عن أداء القسم الذي فرضه الشيشكلي على الموظفين وتعرضوا إلى الفصل من وظائفهم.
    ووجه الحزبان في أوائل 1952 برقية مشتركة إلى بأي تونس يؤكدان فيها تضامن الشعب العربي مع تونس ومساندتها لنيل استقلالها.
    إن هذا التماثل في المواقف والتطابق الكبير في دستوري الحزبين ، إضافة إلى أن جمهرة المنتسبين للحزبين كانوا من جيل الشباب الذين بدأت منهم بذور التفكير بإمكانية دمج الحزبين وتكونت لديهم قناعة أنه لا يجوز أن يتنافس حزبان لهما نفس المبادئ والأهداف ، لأن مثل هذا التنافس سيؤدي إلى اضعافهما وإلى تقوية الأحزاب الرجعية والفاشية في الساحة السياسية السورية والعربية .
    كانت مساعي الدمج الحثيثة تصطدم بعقبات نتيجة لاختلاف المواقف بين نواب الحزبين في المجلس النيابي، ويقول الأستاذ جلال السيد في الصفحة 88 من كتابه ” حزب البعث العربي “: ( وكانت هذه المساعي تحبط في مجلس النواب. فالكتلة البعثية المؤلفة من ثلاثة نواب كانت تختلف في كل الأمور تقريباً مع كتلة ثلاثية يرأسها الأستاذ أكرم الحوراني. كما تصطدم الكتلة البعثية بتكتل عشائري من أقطابه أيضاً السيد أكرم الحوراني……. وكل خطوة يخطوها دعاة الدمج كانت تعود إلى الوراء بسبب الاحتكاك المستمر في مجلس النواب حتى كاد الدعاة يتملكهم اليأس ويتخلون عن محاولاتهم ).
    ومن العقبات، أيضاً، عدم إباحة حزب البعث تدخل الجيش في السياسة أو إعطائه الحق في تصرفات كثيرة لا يعرف الشعب بواعثها، بينما كان الأستاذ الحوراني وكتلته النيابية في موضع الاتهام، وخاصة، من قبل جلال السيد، بأنه الناطق باسم تجمع برلماني كان الجيش قد سعى لتأليفه بغية تكريس تسلطه على البلد.
    كما كان بعض قياديي وقواعد حزب البعث يتهمون الأستاذ الحوراني بأنه كان وراء الإجراءات القمعية التي اتخذها حسني الزعيم تجاه قادة حزب البعث.
    وفي الجهة المقابلة كانت بعض قيادات وقواعد الحزب العربي الاشتراكي لا ترى بأن حزب البعث العربي حزباً سياسياً، بل هو أقرب ما يكون إلى مدرسة فكرية ثقافية. ورأي الأستاذ الحوراني في الأستاذ جلال السيد سلبيٌ جداً فهو شوفيني، عشائري، إقطاعيٌ، صديقٌ لنوري السعيد ويعمل للاتحاد السوري العراقي بوصاية عبد الإله وتحت عباءة المعاهدة البريطانية – العراقية. كما أنهما أشبعا بعضهما في المجلس النيابي عناداً وتحدياً
    عقد أكثر من اجتماع في دار الأستاذ صلاح البيطار ضم الأساتذة ميشيل عفلق – صلاح البيطار – أكرم الحوراني – عبد الفتاح الزلط لبحث موضوع الدمج وما يتعلق بذلك من خطط ، ويقول الأستاذ الحوراني في الصفحة 1495 من مذكراته : ( وفي اجتماع آخر في بيت الأستاذ صلاح حضر جلال السيد فاستغربت حضوره لأنه لم يكن موافقاً على دمج الحزبين ، ولكنني لم أعترض على وجوده ، وقد توجه إليَّ خلال الاجتماع بهذا السؤال :
    ما رأيك بمشروع الاتحاد مع العراق ، وهل تقبل بذلك إذا تحرر العراق من المعاهدة البريطانية ؟ قلت له: (إنني أقبل بهذا الاتحاد ولو كان تحت النظام الملكي، ولكن المشروع الذي عُرِِض كان يهدف إلى إقامة عرشٍ آخر في سورية للوصي على العرش العراقي الأمير عبد الإله مما يتيح لبريطانيا أن تُدْخل سورية ضمن نفوذها ).
    وعن هذا اللقاء كتب الأستاذ السيد في الصفحة 90 من كتابه حزب البعث العربي: (……استهل الحديث السيد أكرم الحوراني فقال: إننا متفقون في كل شيء وليس بيننا خلاف ومن المصلحة الوطنية أن نكون حزباً واحداً بدلاً من حزبين ولا داعي للتمهل في عملية الدمج التي تخدم القضية من كل جوانبها. ).دى استعداده ليكون إيجابياً وظهرت عليه الحماسة……………) .
    وبعد أن أجاب الأستاذ الحوراني على بعض تساؤلات الأستاذ السيد نافياً أن يكون له أي دور في انقلاب الشيشكلي على سامي الحناوي هذا الانقلاب الذي استهدف منع الاتحاد بين سورية والعراق، وأكد عدم معارضته لأي اتحاد بين القطرين، يقول السيد: ( كانت هذه أول جلسة اقترب فيها قادة الحزبين من حدود الدمج ودرسوا الإمكانية جدياً. وقد توالت بعد ذلك الاجتماعات الثنائية أو الثلاثية بين الأعضاء من كلا الحزبين على مختلف المستويات. وكانت اللقاءات مستمرة لكن التقدم لم يكن مستمراً أو مطرداً وإنما كانت تقوم العقبات كلما أوغلوا في الجزئيات والتفاصيل. وكما كان في الحزبين عناصر تميل إلى الدمج فإن هناك عناصر تميل عنه وتتمنى أن لا يكون، وكان لكل من الفئتين حججه ومستنداته.وتوقفت الاتصالات بعض الشيء عندما فوجئت البلاد بانقلاب كامل قام به العقيد أديب الشيشكلي عطل به الحياة النيابية وأوقف الدستور واعتقل أعضاء الحكومة ).
    في اجتماع ضم قادة الحزبين ( عفلق -البيطار – السيد – الحوراني ) مع أديب الشيشكلي بعد انقلابه الثاني في 29/11/1951 في منزله ورغم أن الشيشكلي تظاهر خلاله بأنه حليف للحزبين، ولكن الاجتماع لم يسفر عن الاتفاق حول أية نقطة من نقاط البحث، وحسب قول جلال السيد أن القادة أبلغوه: ( أنك وحدك المسئول فأكمل طريقك ) ثم أسفر الشيشكلي عن عدائه الشديد للحزبين ابتدأ بإغلاق جريدة البعث واعتبار نشاط الحزب غير شرعي، ثم ما لبث أن اتخذ نفس الإجراء ضد الحزب العربي الاشتراكي وإغلاق جريدته ” الاشتراكية”.
    هذه الإجراءات التي اتخذها الشيشكلي و قمع حكمه، كان العامل الأهم الذي أدى إلى تدخل بعض الضباط من أصدقاء الحزبين و إلى زيادة ضغط القواعد في تسريع عملية التفاوض لدمج الحزبين في حزب واحد وإلى تشكيل لجنتين من البعث العربي ” وهيب الغانم – فيصل الركبي – عبد البر عيون السود ” ومن العربي الاشتراكي ” أنطون مقدسي – عبد الفتاح زلط ” لوضع أسس الدمج.
    يقول الأستاذ جلال السيد في الصفحة 102 من كتابه المذكور ( عقدت اجتماعات ثلاثية ” أي هو والأستاذين عفلق والبيطار ” متوالية في قيادة حزب البعث العربي لإقرار الدمج بعدما تكاملت الضغوط واشتدت حماسة المتحمسين له وكثرت الاتصالات بين أعضاء الحزبين. وكان الموقف في قيادة الحزب يشير إلى أنني كنت في جهة وكان السيدان عفلق والبيطار في جهة. وكان الأستاذان عفلق والبيطار يقومان باتصال مع أعضاء الحزب الراغبين في الدمج ويجريان معهم المذاكرة حول الشروط وهما يبحثان الأمر معي.
    وكنت أنا متشدداً ضد الدمج. ولم يكن زميلاي أقل مني تشدداً، لكنهما كانا يواجهان الضغط مباشرة من الأعضاء ومن الجهات الأخرى خارج الحزب فيلينان بعض الشيء بينما أنا لا أواجه ما يواجهان.وبعد مداولات مستمرة بيني وبين الزميلين عفلق والبيطار عهدا إليَّ في أن أضع مشروع الاتفاق والشروط التي أراها لتحقيق الدمج ).
    ويذكر الأستاذ السيد الأسس التي قدمها حزب البعث العربي إلى الحزب العربي الاشتراكي، وهي:
    1- دستور الحزب الجديد هو دستور حزب البعث العربي.
    2- النظام الداخلي للحزب الجديد هو المنهاج الداخلي لحزب البعث.
    3- تصبح القيادة رباعية بعدما كانت ثلاثية وذلك بانضمام الأستاذ أكرم إليها.
    4- سائر الأعضاء من الحزب العربي الاشتراكي يتقدمون بطلب انتساب إلى الحزب كل بمفرده. والقيادة تقبل من تقبل منهم وترفض ضم من ترفض إلى الحزب. ولا يمكن قبول أعضاء العربي الاشتراكي في الحزب مجتمعين. بينما هذا الشرط لا يسري على أعضاء البعث العربي فهم أعضاء طبيعيون في الحزب.
    5- اسم الحزب هو حزب البعث العربي الاشتراكي.
    أما الأستاذ أكرم الحوراني فقد أورد في الصفحة 1493 من مذكراته الأساس الذي اقترحه لتوحيد الحزبين وهو:
    أولاً: أن يسمى الحزب الموحد حزب البعث العربي الاشتراكي.
    ثانياً: أن نعتبر دستور الحزب العربي الاشتراكي دستوراً للحزب الموحد أو أن نضع دستوراً جديداً، لأن دستور حزب البعث الذي وضعه في مؤتمره الأول 6/4/1947 قد أصبح متخلفاً عن الدستور السوري من حيث مفاهيمه القومية والاجتماعية.
    ثالثاً أن تكون قيادة الحزب ثلاثية، ينصرف فيها اهتمام ميشيل عفلق على الشؤون الفكرية، وأن أتولى مع الأستاذ صلاح البيطار المهمات السياسية والتنظيمية.
    ويستطرد الأستاذ الحوراني قائلاً: ( انتهت المفاوضات على دمج الحزبين، بعد جلسات عديدة مع صلاح وميشيل، وتم الاتفاق على هذين البندين:
    أولاً: أن تضاف كلمة اشتراكي إلى اسم الحزب الذي سيصبح: حزب البعث العربي الاشتراكي.
    ثانياً: تضع هيئات الحزب المسئولة دستوراً جديداً توضح فيه الهوية الاشتراكية للحزب.
    أما الشرط الثالث فقد صُرف النظر عنه لأن المفاوضين أبلغوني أن الأستاذ ميشيل تعهد بأن يصرف اهتمامه تلقائياً إلى الأمور الفكرية ولا حاجة لهذا الشرط الذي يعتبره ماساً به شخصياً، فقلت لهم لم يدر بخلدي أن أسيء إليه، ولكنني اقترحت ذلك لأنه أكثرنا كفاءة لتولي هذه المهمة ).
    قابلت الأكثرية من قواعد الحزبين، وفرع الأردن لحزب البعث العربي، عملية الدمج بارتياح كبير، وخاصة أن هذا الدمج كان بضغط منها، وكانت ترى أن الدمج حقق للحزبين نوعاً من التكامل في الحزب الجديد.
    كان الصراع بين الحزبين القوميين الاشتراكيين التقدميين، لا مفر، سيقوم على مستوى طرح الشعارات، وعلى مستوى التنافس على استقطاب الأنصار الذين لهم نفس الأهداف، ولكن الدمج حقق وجود حزب قومي وحدوي اشتراكي واحد تلتف حوله وتنضوي تحته القاعدة الشعبية.
    كان حزب البعث العربي، بغالبيته العظمى، حزب المثقفين والأساتذة والمعلمين والطلاب الجامعيين وطلبة الثانويات، وله انتشار في كافة أنحاء القطر وفي بعض الأقطار العربية، وهذا ما كان يفتقده الحزب العربي الاشتراكي ذو القاعدة الفلاحية الواسعة في بعض محافظات القطر.
    وكان حزب البعث العربي يعمل من خلال منطلقات عامة في الوحدة العربية والديمقراطية السياسية والاشتراكية، بينما كان حزب الشباب ثم ” الحزب العربي الاشتراكي ” ينطلق من واقع قائم في حماة وريفها وكان الأستاذ الحوراني مستفيداً من مقعده في مجلس النواب للمطالبة بحقوق هذه القاعدة الفقيرة ضد بغي الإقطاعيين وجورهم.
    كان للأستاذ الحوراني علاقات جيدة مع العديد من ضباط الجيش ذوي الميول السياسية القومية التقدمية، وهذا ما كان يفتقده بل يحاربه قادة البعث العربي، ولقد لعبت مجموعة الضباط ” من مؤيدي الحزبين “بعد الدمج دوراً حاسماً في الوقوف ضد الرجعية السياسية والعسكرية، كما كان لها الدور الرئيس في قيام وحدة مصر وسورية.
    واستطاع الحزب الجديد أن يلعب الدور الرئيس في إسقاط حكم الشيشكلي لصالح حكم ديمقراطي تقدمي. وفي إفشال كل المؤامرات الرجعية الداخلية والخارجية وفي حماية استقلال سورية والسير بها نحو الوحدة.
    وحقق دمج الحزبين انتشاراً أوسع لحزب البعث العربي الاشتراكي في الأقطار العربية الأخرى، كما حفز الجماهير في تلك الأقطار على تدعيم نضالها وتحقيق انتصارات ضد القوى الرجعية والاستعمارية، وإلى إسقاط سياسة الأحلاف ومناطق النفوذ ومبدأ أيزنهاور….الخ.
    وأصبح لحزب البعث العربي الاشتراكي 16 نائباً في مجلس النواب بعد انتخابات 1954، من بينهم نائبان عن مدينة دمشق لأول مرة، وبذلك برز الحزب كقوة برلمانية تقدمية لها جماهيرها الكبيرة في الشارع السوري ولها تأييد واسع من القوى التقدمية في الجيش. وهذا ساعدها على التصدي للأكثرية البرلمانية الممثلة للقوى الرجعية ولجمها
    في جواب الأستاذ صلاح البيطار على أحد أسئلة مراسل جريدة الجريدة اللبنانية في 21/8/ 1954 ورد:( كان تأسيس حزب البعث العربي عام 1943 ضرورة قومية…… ، وكان الشعب قد فقد أمله بزعمائه الذين كشف استيلاؤهم على الحكم في فترتين اثنتين إبان الانتداب عن ارتباطهم الوثيق بالطبقة الإقطاعية وسعيهم المتواصل لتأمين مصالحهم، أما اندماج الحزبين: البعث العربي والعربي الاشتراكي فأمر طبيعي لأنهما كانا يسيران في اتجاه واحد ضمن مبادئ متشابهة قائمة هي أهداف العرب في جميع أقطارهم وهي الحرية والاشتراكية والوحدة العربية، ومما سهل اندماجيهما وعجل فيه خوضوهما معركة النضال ضد الديكتاتورية العسكرية التي حاول الشيشكلي أن يفرضها على البلاد ). نضال البعث الجزء الثالث ص 17-18
    وفي اجتماع انتخابي في الشهر التاسع 1954 تحدث الدكتور جمال الأناسي عن دمج الحزبين ومما قاله: (……ورأينا أنفسنا ونحن طلاب في الجامعة السورية نلتقي وفي أول مظاهرة جرت ضد الفئة الحاكمة مع رفاق أكرم الحوراني……. وأستطيع الآن أن أقول: أنه منذ ذلك اليوم، منذ مطلع عام 1945 قد تشكل حزب البعث العربي الاشتراكي، ومنذ ذلك اليوم ونحن نلتقي في كل مناسبة وفي كل معركة من معارك النضال الشعبي…….. ، حتى إذا ما قامت أزمات الانقلابات العسكرية وظن الناس بعد إنشاء الحزب العربي الاشتراكي وبعد قاعدته الشعبية النضالية وامتدادها في مدن سورية وقراها، أن الحركة الاشتراكية العربية أصبحت موزعة في سورية بين حزبين ومنهاجين وبين طريقتين في العمل والنضال، وجدنا أنفسنا وأمام أول أزمة شعبية، أمام أزمة الحرية إبان طغيان الشيشكلي وزمرته على البلاد نلتقي من جديد، وكان القدر التاريخي لأمتنا لا يريدنا إلاّ حزباً واحداً وإلاّ عملاً واحداً ومنهاجاً واحداً وقاعدة شعبية واحدة هو هذا الحزب، حزب البعث العربي الاشتراكي ).
    زواج لم يعمر
    يقول الأستاذ السيد في الصفحة 104 من كتابه المذكور: (كنت على مثل اليقين أن هذه الشروط ” ويقصد الأسس التي قدمها البعث العربي للتفاوض ” لن تحوز على القبول من جانب الطرف الآخر وكنت كمثل المطمئن إن الصفقة لن تتم ولن يكتب لفكرة الدمج بين الحزبين النجاح.
    وقد غادرت دمشق بعد ذلك عل عجل إلى مدينتي لأتلقى هاتفاً من الأستاذ صلاح الدين البيطار يخبرني فيه أن الشروط قد قبلت وأن الدمج قد تم ).
    بعد اكتشاف تنظيم الضباط الموالين للبعث العربي الاشتراكي أصبح أمر اعتقال قادة الحزب وارداً ولا بد لهم من اللجوء إلى لبنان – بعد أن شكلت هيئة قيادية لقيادة العمل النضالي في الداخل – وكان ذلك في أوائل1953، واستغل الأستاذ عفلق فترة وجوده هناك لتشكيل نواة حزبية في لبنان وغالبيتها من الطلاب ومن بينهم الدكتور علي جابر وغسان شرارة وعبد الوهاب شميطلي وحسان مولوي ومحمد عطا الله من لبنان وكان معهم سعدون حمادي من العراق وعلي فخرو من البحرين وعلي خصاونة من الأردن .
    وفي لبنان، خلال فترة لجوء الأساتذة، عقدت سلسلة اجتماعات بينهم وبين قادة الحزب في الأردن ” الريماوي ونعواس “، وبعض الحزبيين من لبنان، واقترح الأردنيون أن تسمى هذه الاجتماعات ” المؤتمر القومي الأول “.
    ومن لبنان بدأ القادة يكتبون البيانات المعادية لحكم الشيشكلي ويسربونها إلى سورية.
    استجابت الحكومة اللبنانية لضغوط أديب الشيشكلي، وقامت في منتصف عام 1953 باعتقال الأساتذة الثلاثة وترحيلهم إلى المنفى الذي اختاروه في إيطاليا.
    إن الاختلاف في العقلية وأسلوب العمل بين قادة الحزبين كان له انعكاساً كبيراً على ما حدث بينهم بعد الدمج.
    يقول الأستاذ الحوراني في الصفحة 1496 من مذكراته: (بعد دمج الحزبين، شعرت منذ الاجتماعات الأولى أن الأستاذين أصبحا بعيدين عني أكثر من السابق، وأنهما يشكلان قيادة مستقلة ).
    بدأ الخلاف يبرز بين الأستاذ ميشيل والأستاذ أكرم في لبنان. وعاد ليطفو مجدداً في ايطاليا وانقطعوا عن بعضهم لأكثر من شهر، وكان لكل منهم اتصالاته الخاصة بأنصاره من الحزبيين في أوروبا.
    وبعد عودتهما في شهر تشرين الثاني 1953 من ايطاليا إلى دمشق، عاد الأستاذ الحوراني إلى تفرده في العمل، في بعض الأحيان، مثل تصريحه في جريدة التربية الحلبية الذي حمل فيه على الرجعية وعلى مشاريع الاتحاد المشبوهة، وهذا ما اعتبره الأستاذان عفلق والبيطار خروجاً على الانضباط الحزبي، كما شككا في الهدف من التصريح، وبهذا الوقت بالذات الذي كان فيه الحزب طرفاً رئيسياً في الجبهة الوطنية التي تشكلت، وفق ميثاق مؤتمر حمص في منتصف شهر أيلول 1953.
    أثناء اعتقال الأساتذة الثلاثة مع لفيف من شخصيات الجبهة الوطنية في أواخر شهر كانون الثاني 1954، كان الأستاذان عفلق والبيطار يعتبران نفسيهما منفصلين عن الأستاذ الحوراني. ويورد الأستاذ الحوراني في الصفحة 1558 من المذكرات: قال لي صبري العسلي بعد سنين: ( إن صلاح وميشيل كانا يصرحان لهم ” للمعتقلين ” بأن تعاونيهما معي ” مع الأستاذ أكرم ” إنما هو تعاون عابر، وأن البعث هو حزب مستقل عن العربي الاشتراكي ).
    في أعقاب سقوط نظام الشيشكلي مباشرة، أطلق سراح الأساتذة الأربعة ” عفلق – البيطار – الحوراني – السيد ” مع السياسيين من الأحزاب الأخرى والعدد الكبير من البعثيين – وكانت نسبتهم تقارب ال 80% من بين المعتقلين – وعاد الحزب لممارسة نضاله العلني بعد ما يقارب العامين من النضال السري وهو مزودٌ بثقة عالية وبتأييدٍ قويٍ من الجماهير وبسمعة طيبة في صفوف العسكريين والتقدميين.
    أخذ الأستاذ ميشيل يعبر للبعض من خواصه عن ندمه على موافقته على دمج الحزبين ويعتبر أن الدمج قد دنس طهارة عقيدة البعث العربي وأبعده عن كونه مدرسة للتبشير العقائدي والفكري قبل أن يكون حزباً سياسياً، وقبل الانتخابات لمجلس قيادة الحزب في أيلول 1954، قال الأستاذ عفلق لأحد الأعضاء من الصف القيادي الثاني في الحزب: ( لقد اعتبر بعض الحزبيين أن الخلاف بيني وبين أكرم الحوراني خلافاً شخصياً ووقفتم على الحياد ).
    إن اندماج الحزبين في فترة النضال السري لم يتح لقواعدهما التعارف والانسجام، ولذا أقيم حفل تعارف في أوائل شهر نيسان 1954بمناسبة افتتاح مقر الحزب الجديد في الطلياني وعودته إلى النشاط العلني، وفي هذا الحفل ظهر التباين في كلمتي الأستاذين عفلق والحوراني. حيث ورد في كلمة الأستاذ الحوراني: ( إن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق إلا عندما يصبح الشعب سيد نفسه، ولذلك فإن الحزب يتوجه إلى العمال والفلاحين، إذ لا يجوز لفئة أو طبقة لا تعرف إلا مصالحها أن تعبث بمصلحة أغلبية البلاد ).
    ومن كلمة الأستاذ عفلق، التي أعقبت كلمة الأستاذ الحوراني: ( إن حزبنا حزبٌ انقلابي جدي لا يقوم على هواية ولا يقبل في صفوفه الهواة، فالعمل في حزبٍ انقلابيٍٍ ليس هوايةً ولا ميلاً وإنما هو وظيفة هي أخطر من كل وظيفة، وهي كما عرفها الحزب منذ نشوئه رسالة……… وليس التنظيم جمعاً فحسب وإنما هو خلقٌ وإبداعٌ ، وليكن في بادئ الأمر مختصراً عددياً ، ليس في هذا ضير ولكن ليكن جدياً ) .
    بعد عودة القيادة الثلاثية من إيطاليا بدأت تتسرب الشائعات عن وجود خلاف بينهم، ودعا الأستاذ عفلق هيئة القيادة ” الأعضاء القياديون في الفروع ” لعقد اجتماع في منزله في حي الميدان وبعد أن استعرض الوضع السياسي، اتهم الأستاذ الحوراني بأنه يدبر لانقلاب على الشيشكلي من خلف ظهر القيادة. واقترح فك الدمج بين الحزبين. ولكن هيئة القيادة التي حملت عبء النضال في غياب القيادة الثلاثية، أثبتت بنضالها أن وحدة الحزب قابلة للاستمرار، ولم يتجاوبوا مع الاقتراح.
    استمر الخلاف بين القادة بعد سقوط حكم الشيشكلي حول الأسس التي يجب اختيار المرشحين باسم الحزب إلى عضوية المجلس النيابي، وكان يرى الأستاذ عفلق أن الأستاذ الحوراني قد خدعه، وأنه طامعٌ في الاستيلاء على حزب البعث العربي، وعاد إلى تكرار رأيه القديم فيه أمام زواره، وهو رأيٌ يعود إلى عام 1947 حينما طُرِح تنظيم الأستاذ الحوراني في حزب البعث العربي، وكان تقييمه له بأنه سياسيٌ انتهازيٌ أو سياسيٌ مغامر، وطرح مجدداً بين أوساط الحزبيين شعار فك الدمج، وبالمقابل كان الأستاذ الحوراني لا يألو جهداً في تشويه صورة الأساتذة عفلق والبيطار وجلال السيد، وكان الأستاذ أكرم يعتبر أن الأستاذ السيد وراء الكثير من أحابيل الدس وزرع الكراهية لفك الدمج.
    كان الأستاذ جلال السيد يجهد، دوماً، ليروج رأيه الذي أورده بعد ذلك في كتابه ” حزب البعث العربي ” ومفاده: أنه لا يميل إلى تضخم الحزب بطريق الدمج، وإنما كان أميل إلى ما يسميه طراز النمو والتكاثر الذاتي.
    قاد تناقضُ القادةِ الحزبَ إلى أزمة داخلية، وأصبح محور نقاش الأعضاء الموالين شخصياً للقادة وأحاديثهم يتركز على الخلاف بين أعضاء القيادة وعلى أخلاقهم وحياتهم الشخصية والطعن والغمز والاتهام.
    أما موقف أكثرية أعضاء الحزب من الجيل الثاني ، أي قيادات الصف الثاني إذا أجيزت تلك التسمية ، كان يؤكد على :
    – ضرورة رأب الخلاف في وجهات النظر بين الأساتذة، أو تضييقه قدر الإمكان وعدم تسريبه إلى قواعد الحزب.
    – إن مصلحة ساحة النضال السياسي في سورية وبقية الأقطار العربية تستدعي استمرار حزب البعث العربي الاشتراكي حزباً موحداً.
    – ضرورة استمرار القادة الثلاثة كقيادة للحزب وتعاونهم معاً، لما في ذلك من قوة لتنظيم الحزب الموحد وانسجام أعضائه، وذلك، أيضاً، يعطي للحزب هيبةً وقوةً في الشارع السياسي العربي.
    – ضرورة خروج أعضاء القيادة من حالة الشخصنة وتجميع الموالين حول أشخاصهم، إلى تأسيس قيادة جماعية تقود التنظيم الحزبي والعمل النضالي، بصفتها تلك.
    فرضت الانتخابات الحزبية المزمع إجرائها لمجلس الحزب، وضغط القاعدة الحزبية، والأحداث السياسية الداخلية والخارجية والمؤامرات التي يتعرض لها القطر، ضرورة التعايش والتعاون بين القادة الثلاثة ” كان الأستاذ جلال السيد قد انسحب من الحزب في شهر آب 1955 ” وغاب عن المسرح شعار فك الدمج – وإن كان حديث القادة لا يخلو، أحياناً، عن الخلاف بين عقليتين – وظهرت بوادر الاتفاق في وجهات النظر حتى نهاية عهد الوحدة.
    ومن بوادر الرضا والتوافق بين القادة كانت تلك اللقاءات السرية في أواخر عهد الوحدة، بين ثلة من البعثيين، استجابة للرسائل التي وجهها الأمين العام للحزب الأستاذ عفلق من لبنان إلى الأستاذين البيطار والحوراني، ويحثاهما فيها على البحث في إعادة تنظيم الحزب من جديد في سورية.
    استمر ت حوارات إعادة تنظيم حزب البعث العربي الاشتراكي، حتى انعقاد المؤتمر القومي الخامس في أيار 1962 وقرار القيادة القومية المنتخبة منه بفصل الأستاذ الحوراني ومجموعته من الحزب، ولم تجد المحاولات التي بذلت من بعض ناشطي الحزب رغم قرار القيادة القومية باستبعاد الأساتذة الثلاثة عن التنظيم حرصاً على وحدة الحزب.

    إعجاب

  17. ثورة حيوية سلمية أمام مؤتمر «البعث»القادم صحافة وإعلام

    الوطن القطرية
    2005-05-24

    http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=6119

    اكد الباحث محمود استانبولي مدير موقع مدرسة دمشق للمنطق الحيوي‚ التي تعرض العشرات من اعضائها عام 1976 حتى 1982للسجن‚ اهمية مقترحات مدرسة دمشق للمؤتمر القطري القادم لحزب البعث الذي سيعقد في يونيو المقبل حول هذه المقترحات واهميتها كان لنا معه هذا اللقاء‚

    – بداية هل يمكن لك ان تحدثنا عن اهدافكم‚‚ وهل ما زال لكم نشاط في الوقت الحالي؟

    ــ نعم نشاطنا الحالي يقتصر على تقديم الرؤى السياسية والفكرية القادرة على بلورة ميثاق حيوي مقبول وطنيا‚ لتأسيس مجتمع الوحدة في التنوع‚ لتحقيق إرادة الحياة‚ الحرية‚

    – كيف طرحتم مقاربتكم الحيوية وما هي أهم المحطات فيها؟

    ــ بإيجاز شديد اقول في الفترة من 1967-1976 تم طرح الدليل النظري الفكري والسياسي‚ وقد نشرنا البرنامج السياسي في مجموعة من المقالات في مجلة «جيش الشعب» وفي كتاب «طريقنا للحضارة» ولقد تم طبع البرنامج السياسي الحيوي للساحة السورية عام 1978 في بغداد‚ وتمت اعادة تقديمه في لقاء تاريخي بين الراحل الاسد ومؤسس مدرسة دمشق الدكتور رائق النقري‚ وفي محاضرات وندوات شارك فيها عدد من باحثي مدرسة دمشق‚ ومشاركة باحثين آخرين اهمهم الراحلان وهيب الغانم وحافظ الجمالي والياس مرقص‚

    – ما هي معالم البرنامج السياسي الحيوي الذي عبرتم عنه في هذه المحاضرات والندوات؟

    ــ كان الرهان وما يزال على امكانات وضرورات تعميق الديمقراطية تدريجيا في ظل قيادة الراحل حافظ الاسد‚ التي كانت قادرة على ضمان أمن الصمود والاستقرار‚ مع التحول الديمقراطي‚ وذلك بالبدء بتحرير الدولة من الاحادية في مؤسساتها‚ ضمن حدود ثلاث دورات انتخابية تنتهي بانتخاب الرئاسة‚ بدلا من الاستفتاء عليها‚ وللوصول إلى ذلك‚ كان يتوجب المباشرة في انتخابات تحرر نسبة أربعين بالمائة من اعضاء مجلس الشعب من احتكار حزب البعث والجبهة الحاكمة‚

    – في نضالكم الطويل العلني السلمي هل لمستم أية استجابة من السلطة؟

    ــ نعم ولكن بشكل محدود جدا ففي عام 1990 أصدر الراحل الأسد قرارا يتبنى فيه احد المقترحات الحيوية للتغيير التدريجي نحو الديمقراطية القاضي بتخصيص 40% للمستقلين لمجلس الشعب كمرحلة أولى‚ ولهذا السبب‚ وتشجيعا على هذا التحول رشحت مدرسة دمشق مرشحيها في عدة محافظات‚ وكنت أنا منهم عن مدينة دمشق ومحمد غنام في طرطوس وغسان النقري في حمص‚ ولكن وللاسف فقد تم اجهاض معالم تلك الخطوة الديمقراطية تشكيكا وتخوينا من القوى الحاقدة والمتربصة‚ والموزعة بين اجهزة النظام والمعارضة‚ على السواء؟ الأمر الذي ساعد على ضياع فرصة للتحول الديمقراطي قبل وفاة الراحل حافظ الاسد‚

    – ماذا كان موقف السلطة والمعارضة من هذه المبادرة؟

    ــ عندما اقتنعت بعض قوى السلطة والمعارضة بأهمية هذا الهامش وأهمية النضال السلمي والعلني‚ والصادق‚ كان الوقت قد تأخر‚ فالوطن العربي كله اصبح عمليا بحكم الاحتلال؟ الأمر الذي جعل أجهزة السلطة تستمر في استمراء الغاء ذلك الهامش‚ وترشيح اقربائها وتجارها !! بدلا من افساح المجال لتوسيع الطيف السياسي الشريف‚‚ لتفعيل المعارضة الحيوية‚ وتعميق الثقافة النقدية جماهيريا‚ لنبلور معا الميثاق الحيوي المقبول والملزم وطنيا؟

    – هل ما زالت لديكم الآمال في متابعة تطوير وزرع هذه الحيوية في الواقع العربي والسوري بشكل خاص؟

    ــ نعم فما ينفع الناس يمكث في الارض‚ والامل يبقى معقودا على ان مثل هذا التحول الحيوي التدريجي‚ سيتم آجلا‚ ام عاجلا؟ للسير على هذا الطريق الذي بدأ يقتنع به الكثيرون‚ ولكن لن ينجح هذا التحول الحيوي الحاسم من أجل التحاقنا بالعصر‚ الا في أجواء تجاوز الأحقاد وتوطيد السلم الاهلي‚ وسيادة الأمن المستند الى بداهة المصالح المشتركة؟ والا فمزيدا من الانحدار‚ والحفر لبعضنا بعضا‚ ليغمرنا الطوفان؟

    – رشحت نفسك أكثر من مرة لمجلس الشعب فعلى اي برنامج كنت تستند؟

    ــ كنت استند الى السعي بشتى الوسائل لاستحضار قدرات الجماهير للمشاركة في بناء هذا الوطن وتقدمه‚ والعمل على تطوير الدستور وقانون الانتخابات وصلاحيات مجلس الشعب‚ بما ينسجم مع معطيات العصر‚ والعمل على تعميق الهامش الديمقراطي بحيث يشمل الصحافة والاعلام والتعليم والاقتصاد‚‚‚ الخ‚ والتصدي لمحاولات الاغتراب عن التراث العربي والاسلامي‚ والمطالبة بإعادة التواصل معه بعقل نقدي يستلهم روح العصر‚

    – هل كان لديكم أمل بالنجاح في ظل قانون الانتخاب السائد؟

    ــ لا‚‚ لم يكن لدي أوهام‚ ولكن كنت اراهن على مدى القدرة لايصال هذه الأفكار وجعلها جماهيرية وقابلة لتشجيع ميول التغيير الديمقراطي السلمي‚ ولإبعاد حالة الشلل واليأس‚

    ولم يكن الرهان على لحظة‚ او على القنوات الرسمية‚ بل الشعبية‚ ولذلك فالمقصود هو الوصول الى عقل الشعب وليس مجلس الشعب‚

    – لماذا أخذتم رمز دمشق للبرنامج السياسي الحيوي وهل يحمل ذلك اية نعرة اقليمية؟

    ــ الجواب هو النفي فاختيار رمز دمشق هو اختيار للمعاني الحيوية التي تجسدها مدينة دمشق عبر التاريخ‚ هذه المدينة الرمز‚ كأقدم عاصمة في التاريخ وأهم عاصمة هيلينية‚ وطريق البشارة المسيحية‚ ومحور الدولة العربية الاسلامية‚ وأول عاصمة لبلد في العالم الثالث تنال الاستقلال قبل الهند وقبل الصين‚ ولان هذه المعاني اصبحت معروفة عالميا‚ فانه من الواجب تجذير هذه المعاني في صيغ جماهيرية عريضة‚

    – ماذا تقترحون على السلطة ومؤتمر البعث القادم؟

    ــ ما نقترحه ليس فقط للسلطة ومؤتمر الحزب القادم‚ بل على كل القوى السياسية‚ سواء المشاركة في الحكم او المعارضة‚ وسواء كانت فاعلة سياسيا أم التي تلتزم الصمت‚ أقول نقترح برنامجا بسيطا‚ يمثل الحد الأدنى الذي يمكننا طرحه لبدء ــ الثورة الحيوية سلميا ــ بتوافق أغلبية شعبنا ومن أهم هذه المقترحات:

    – تعميم الديمقراطية‚ بدءا من الإعلام والتعليم والاقتصاد‚

    – السعي لتطوير الدستور والنظام السياسي بما يزيل كل المصالح الأحادية والقوانين الاستثنائية بشكل سلمي وعلني‚

    – التوجه نحو نظام جمهوري برلماني تقوده الأغلبية البرلمانية التي لها صلاحية ترشيح رئيس الوزراء‚

    – تجاوز نظام الحزب القائد‚ الى الشعب القائد‚

    – رفع حالة الطوارئ إلا في وقت العمليات الحربية‚

    – السعي لاسترداد الأدمغة‚ والخبرات‚ وجميع ابنائنا‚ والثروات‚ الى الوطن‚

    – العمل على تطوير العمل الوحدوي العربي والاسلامي بدءا من القوى الشعبية قبل الرسمية‚‚

    الوطن القطرية

    إعجاب

  18. محمد صوان: المعارضة السورية غائبة

    بهية مارديني – إيلاف
    08/ 07/ 2009
    اعتبر محمد صوان رئيس حزب الإصلاح الديمقراطي الوحدوي في سوريا ان معارضة النظام هي معارضة الخلل والفساد والدعوة الى الإصلاح والتطوير والتنمية ، وقال في لقاء خاص مع ايلاف “نعم نحن حزب معارض ، ولسنا حزبا انقلابيا ، ولا ننادي بتغيير النظام إنما ندعو الى العمل على الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي يبدأ من وجهة نظرنا بالإصلاح السياسي لأنه ان لم يكن هناك إصلاح سياسي لا يكون هناك إصلاح اقتصادي أو إداري او اجتماعي”.

    وأضاف صوان، وهو رئيس حزب غير مرخص اصولا، “ان المعارضة السورية كما أراها اليوم غائبة وليس هناك أحزاب بالمعنى الصحيح يجعلنا نطلق عليها أحزابا معارضة ففي كل الأحوال من الضروري ان يكون في سوريا أحزابا معارضة لأنها ظاهرة صحية ووجودها بشكل فعال يؤدي الى الحد من الفساد والحد من الركود السياسي الذي نحن الان نعاني منه داخل سوريا نتيجة غياب المعارضة وهو ما يؤدي الى الركود السياسي وتعميق الفساد لان المعارضة من المفترض ان تكون المرآة العاكسة للنظام القائم والمراقبة للسلطة التنفيذية والقضائية وصمام الأمان الذي يتحكم للحد من انزلاق الفريق الاقتصادي في الازداوجية والممارسات الخاطئة التي ادت باقتصاد سوريا إلى ما نراه اليوم من تخبط والذي نتج عنه زيادة البطالة وانتشار الفقر وغياب الطبقة الوسطى..”
    واعتبر “ان هناك غيابا في المخطط الهيكلي العام للاقتصاد وانه لاوجود لسياسات واضحة له اضافة الى الازدواجية وتضارب المسؤوليات”. وشدد على اننا نفتقد في سوريا الى وجود الشفافية والمساءلة والمحاسبة وعدم وضع المواطن في صلب اهتمام الإدارة ، وأطالب الحكومة بالإفراج عن المراسيم والتوجيهات الصادرة من الرئيس والا يفرغوها من مضمونها وغاياتها.
    وحول الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث الحاكم قال صوان” انه باعتبارها الجبهة السياسية الاولى في البلاد التي تمثل صوت الشعب من المفترض ان يشملها التغيير والتطوير اذ ان اسلوب عملها والمهام التي رسمت لها وتركيبتها التي بقيت عليها منذ اكثر منذ ثلاثين عاما لاتتواءم مع المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سوريا وفي المنطقة ككل، وباعتبار ان الجبهة ، اية جبهة، في العرف السياسي العالمي هي تجمع طارىء تشكله احزاب واطراف معينة يجمعها هدف معين لصد أي خطر طارىء الا ان الظاهر ان اغلب الأحزاب الممثلة الان في الجبهة أحزاب عليها إشكالات فليس لها صيغ وهياكل ونظم واساليب عمل قانونية او ديمقراطية وهي في أساسها تنظيمات أخذت شرعيتها وهي احزاب فقدت ايديولوجيتها ان كان لها ايديولوجيات وغدت ذات الوان باهتة كما انها لا تمثل من مجموع تعداد الشعب السوري اكثر من نسبة واحد بالمئة “.
    وتساءل صوان عن مساهمات الجبهة في الإعلام ، وما دورها مع بقية الاحزاب وما ممارساتها في محاربة الفساد والمفسدين ، واعتبر ان هذه الأحزاب هي صور لاحزاب محنطة او مجمدة في قوالب تعيش على ممارسة بعض الشكليات الاحتفالية في بعض المناسبات دون القيام باي عمل شعبي ايجابي فكريا كان او تنظيميا .
    وأكد صوان ان توجهه لقيام الجبهة قائم على اصدار قانون يسمح بتشكيل الاحزاب شريطة ان تكون احزاب ذات ايديولوجيا وطنية وقومية ومناهج اجتماعية واقتصادية تنبع من ثقافات المجتمع العربي شريطة ان تكون هذه الاحزاب في أسمائها لا تدل على فئة او عرق او دين وان يكون مقرها الرئيس دمشق.
    ورأى انه يمكن ان يكون للجبهة اسم جديد يدل على شموليتها والتأكيد على النهج الديمقراطي وان يكون لها دور فعال ويكون لها سلطة على أصحاب المناصب واستجواب أي منهم .

    إعجاب

  19. تحولات الأحزاب:الأبواب المفتوحة بين الشيوعية والليبرالية
    : الحوار المتمدن 29/10/2009
    في يوم4آب1914استدار حزب ألماني،كان يضم مليون عضواً واكثر من ربع مقاعد البرلمان،بشكل دراماتيكي مفاجىء من موقع اليسار نحو اليمين عبر تصويته بالموافقة على اعتمادات الحرب التي طلبتها هيئة الأركان من الحكومة الألمانية،بعد أن كان هذا الحزب،لربع قرن مضى،يتزَعم الأممية الثانية ،التي ضمَت عشرات الأحزاب اليسارية الماركسية،في معارضتها لنذر الحرب العالمية التي كانت تلوح في الأفق منذ تسعينيات القرن التاسع عشر،وفي مطالبتها بالسلم.
    كان لينين يعتبر،حتى ذلك اليوم،أن حزب العمال الإشتراكي الديمقراطي الألماني هو قدوة للحزب البلشفي،وكان ينظر إلى زعيمه كارل كاوتسكي كأستاذ له،وقد أصيب الزعيم البلشفي بصدمة نفسية كبرى جراء ماحدث ذلك اليوم ببرلين وصلت به إلى حدود التفكير بإعتزال السياسة،مادفعه للإعتكاف في مكتبة العاصمة السويسرية بين أيلول وكانون أول1914لقراءة هيجل،وإن كان المرحوم الياس مرقص يؤكد ،في مقدمة ترجمته لكتاب لينين”دفاتر عن الديالكتيك”،أن”الطريق الذي قاد إلى أوكتوبر الروسي مرَ ب(المنطق الكبير)لهيجل”،حيث كانت العودة للفلسفة طريقاً لإعادة تأسيس سياسي جديد عبر رؤية قطعت مع الماضي وصلت بلينين إلى تطليق استراتيجيته في كتاب”خطتا الاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية”(1905)نحو استراتيجية جديدة ترى أفقاً ل”ثورة اشتراكية”في بلد واحد ومتخلف يمثِل”الحلقة الضعيفة في سلسلة الإمبرياليات”وصل إليها لينين من خلال كتابه”الإمبريالية”(1916)ونظريته حول(تفاوت النمو).
    في كراس لينين”افلاس الأممية الثانية”(أيار-حزيران1915)نجد محاولة لتفسير تحول ذلك الحزب الألماني الكبير من موقع إلى آخر نقيض،ليضع خلفه كل ماكان يقوله أويمارسه من قبل:لايفسر لينين التحول بأسباب فكرية،مع أنه يقول”أن المحتوى الفكري والسياسي للتيارين واحد وحيد” في إشارة للنزعة القومية عند الفئات الوسطى الألمانية والنزعة اليمينية الجديدة للحركة العمالية الألمانية،وإنما يعزوه إلى أسباب اقتصادية- اجتماعية”فقد نضجت فئة اجتماعية كاملة من البرلمانيين والصحافيين،وموظفي الحركة العمالية،والمستخدمين المميزين وبعض الجماعات من البروليتاريا،فئة اندمجت في بورجوازيتها الوطنية وعرفت هذه البورجوازية كيف تقدرها وتكيفها على أكمل وجه”،حيث يرى لينين أن هذا الإتجاه كان”في طور الشباب قبل الحرب،ولكنه بلغ نهائياً سن الرشد مع نشوب الحرب”،وهو مايطبقه على كل البلدان الأوروبية التي لها مستعمرات حيث وجدت أوضاع اقتصادية أكثر رخاء بسبب نهب المستعمرات سمحت بنشوء”أرستقراطية نصف بورجوازية صغيرة منبثقة من صفوف الطبقة العاملة والمتمتعة بفتائت الإمتيازات التي تعود إلى وضع أمتها بوصفها أمة مستعمِرة”. ثم يضيف لينين لذلك سبباً آخر هو الوضعية التنظيمية وأساليب العمل الحزبي التي تعتمد الشرعية- العلنية ولاتستطيع الإنتقال للعمل السري حيث كانت”المنظمات الشرعية الجماهيرية للطبقة العاملة أهم علامة تميز الأحزاب الاشتراكية في عهد الأممية الثانية،ففي الحزب الألماني كانت هذه المنظمات أقوى ممافي غيره”.
    يقدم تروتسكي تفسيراً آخر لذلك الحدث،الذي يقول عنه في كتاب”حياتي”(1930) أن “تصويت 4آب يظل واحداً من التجارب الدراماتيكية التي مرَت عليَ”،حيث يفسر تروتسكي تصويت أحزاب الأممية الثانية في بلدان رئيسية (ألمانية-فرنسة-النمسا-إيطالية)بتأييد جيوشها المتحاربة مع بعضها البعض من موقع قومي بأن “هؤلاء كانوا قوميين حقاً،ويتَغطون بقناع الثقافة الاشتراكية الذي ذاب في ظرف الحرب بسرعة كبيرة”(ليون تروتسكي:”حياتي”)،ثم يضيف بأن ذلك”لم يكن مسألة تتعلق بخطأ عادي ارتكبه شخص عادي،أوأنه بيان مضطرب يصدر عن منبر برلماني……وإنما الموضوع يتعلق بانهيار حركة كاملة اسمها الأممية الثانية”(الفقرتان منقولتان عن يوميات تروتسكي بنفس الأسبوع من شهر آب1914 ،الموجودة مقتطفات منها ضمن كتابه المذكور).
    كان هذا الإنهيار هو الذي سمح بخلق مناخ جديد أتاح المجال لتلاقي لينين مع تروتسكي،بعد قطيعة بدأت مع انشقاق البلاشفة والمناشفة عام1903،ليكونا قائدي ثورة أوكتوبر1917،كماأن هذا الإنهيار قد كان البذرة الأولى لأكبر انشقاق فكري- سياسي شهده القرن العشرون بين اتجاهين:الشيوعي عبر تأسيس الأممية الثالثة في آذار1919 ،والاشتراكي الديمقراطي الذي استمر في مؤسسة الأممية الثانية.
    مع الإنهيار السوفياتي،بين عامي1989و1991،حصل زلزال سياسي هو في الحقيقة أكبر من الذي حصل في يوم 4آب1914 عند اليسار،ليصل إلى مرتبة تحوُل أساسي في اللوحة الدولية صاغَ كامل المشهد العالمي اللاحق،تماماً كماحدَد وقاد حدث أوكتوبر1917 إلى مشهد عالمي جديد طوال خمسة وسبعين عاماً لاحقة من الزمن:أدى الإنهيار السوفياتي أوأنشأ مناخاً قاد إلى تحول أحزاب كبرى،مثل الحزب الشيوعي الإيطالي في مؤتمر آذار1991 عبر انشقاق أخذ فيه (حزب اليسار الديمقراطي)ثلثي الحزب بالإتجاه الإشتراكي الديمقراطي فيماأخذ الباقي(حزب إعادة التأسيس الشيوعي).في العالم العربي تحوَلت أحزاب شيوعية نحو شكل وسطي بين الليبرالية والاشتراكية الديمقراطية كمافي تونس، فيماانزاح قسم من الشيوعيين العرب نحو ليبرالية”ما” مثل الذين ذهبوا مع الأستاذ رياض الترك من الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي عام2005ليؤسسوا (حزب الشعب الديمقراطي)،بينما نجد الحزب الشيوعي العراقي منذ عام2003 وهو منزاح يميناً من الناحية السياسية عبر موقفه من”العراق الجديد”من دون تغيير ايديولوجي أوفي الإسم. بالترافق مع هذا،هناك العشرات من المفكرين والمثقفين الشيوعيين العرب الذين اتجهوا نحو الليبرالية منذ عام1989 أونحو شكل”ما”من الاشتراكية الديمقراطية،مزيحين ستالين وسوسلوف لصالح جون ستيوارت ميل وإدوارد برنشتين،ووصل بعضهم إلى تأييد مشاريع”المحافظين الجدد” أثناء عهد بوش الإبن الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط.
    يُعزى -عند الكثيرين- هذا التحول لدى الشيوعين العرب،أحزاباً وأفراداً،والذي وصل إلى تبديل الجلود وتغيير القمصان والألوان،إلى موت”الشيخ”الذي كان يَؤمهم حتى عام1991،والذين كانوا يعاملوه بمقره بالكرملين مثلما يعامل الكاثوليكي المؤمن بابا الفاتيكان،وهو مايشمل حتى العديد ممن كانوا مختلفين،لأسباب سياسية وتنظيمية فقط وليست فكرية،مع موسكو،كمايرى أصحاب هذا التفسير أن تحولات العديد من الشيوعيين نحو التطلع بإتجاه واشنطن لإحداث تغييرات محلية تثبت أن هؤلاء لايعيشون على التربة المحلية وإنما على أوكسجين خارجي،وأنهم لايصعدون بأرجلهم نحو الأعلى وإنما عبر أسانسول سياسي.أيضاً،هناك تفسير آخر يعزو هذا التحول إلى تبدلات اقتصادية- اجتماعية عند الشيوعيين العرب المعنيين ساعد موت “الشيخ”الموسكوفي على انطلاقها وحدوثها،فيمايقول رأي ثالث بأن هذا التحول يعود إلى أسباب فكرية ترتبط بعلاقة بنيوية بين تيارات هي”غرف في بيت واحد”،وأن هذه التيارات تعود إلى نبع واحد هو عصر الأنوار الفرنسي،وبالتالي فإن انتقالات الأفراد والأحزاب من تيار لآخر يظل تحت السقف الواحد تبعاً لصعود أوهبوط تيار معين من التيارات الثلاثة،وهي الشيوعي،والاشتراكي الديمقراطي،والليبرالي.
    السؤال الآن:لماذا لم تحصل حتى الآن مقاربة لهذا الموضوع عربياً،رغم أنه أحدث تحولاً دراماتيكياً في المشهد السياسي- الثقافي- الفكري العربي خلال العقدين الماضيين،بعكس ماجرى من معالجات لتحولات تنظيمات (حركة القوميين العرب)من الإتجاه القومي نحو الماركسي خلال النصف الثاني من عقد الستينيات؟….

    إعجاب

  20. تنتظر الساحة السياسية الداخلية السورية انعقاد المؤتمر القطري الحادي عشر لحزب البعث الحاكم خلال الفترة المقبلة، وفيما لم تعلن قيادة البعث موعداً محدداً حتى الآن ترجح مصادر الحزب أن يكون شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل موعداً لهذا الاستحقاق المنتظر لكنها تؤكد في الوقت ذاته أنه لا تحضيرات مبدئية برزت حتى الآن توحي بذلك كتوجيهات تتصل بالإعداد لانتخابات حزبية تبدأ على مستوى القواعد وصولاً للمؤتمر العام، ما يعني حسب ذات المصادر احتمال تأجيل المؤتمر إلى مطلع العام القادم.
    وبالتزامن مع ذلك يتحدث الشارع السوري وعلى مستويات مختلفة عن تغيير حكومي قادم لكن دون أي تداول لأية أسماء متوقعة هذه المرة لا على مستوى رئيس الحكومة أو نائبه ولا حتى على مستوى أسماء الوزراء المحتملة تسميتهم مع سريان معلومات تؤكد احتفاظ عدد لا بأس به من الوزراء الحاليين بحقائبهم الوزارية، فيما شهدت التوقعات الماضية المتصلة بالتغيير الحكومي تداولاً للعديد من الأسماء التي صح بعضها وخاب كثير منها.
    وتؤكد القيادة القطرية للبعث أن الحزب ما يزال هو الذي يرسم التوجهات والأهداف الإستراتيجية في مجالات التنمية المختلفة ويترك التفاصيل التنفيذية للحكومة والأجهزة التنفيذية في الدولة، مشيراً الى أنه سيتم تقديم ورقة عمل إلى المؤتمر القطري الحادي عشر حول علاقة الحزب بالسلطة من خلال الواقع والظروف. وتشير المعلومات إلى أن القيادة الحزبية ما تزال بصدد إعداد تقريرها الاقتصادي للمؤتمر حول رؤيتها للخمس سنوات القادمة وتحديد أولويات سورية خلال المرحلة المقبلة، لكن المراقبين يرون أن ثمة تقدما في دور الحكومة على حساب دور البعث كحزب قائد في تحديد السياسات العامة المعيشية والاقتصادية، وتنص المادة 8 من دستور سورية لعام 1973 على أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية.
    وذكرت هذه المصادر أنّ المؤتمر القطري الحادي عشر سيعيد مناقشة المشاريع التي أقرّها في المؤتمر العاشر والتي لم تنفّذ من مثل قوانين الأحزاب والإعلام وصيغة العلاقة بين الحزب والدولة. وعقد حزب البعث العربي الاشتراكي في سورية منذ تسلمه مقاليد السلطة عام 1963 عشرة مؤتمرات قطرية وسبعة مؤتمرات استثنائية، ولم يظهر أي جديد يتصل بقانون الأحزاب على صعيد النقاش والتحضير.
    ويبدو إدخال تعديلات في بعض المنطلقات النظرية لحزب البعث خلال المؤتمر القادم لا سيما المتصلة منها بالنظام الاقتصادي الذي تبنته سورية مؤخراً من أبرز أولويات أعمال المؤتمر، علماً أنه لا توجد حتى الآن حسب المتابعين أية وثيقة مكتوبة تتصل نظريات البعث الاقتصادية الجديدة التي تبناها في السنوات الأخيرة وكان البعث قد تبنى مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي بدل الاشتراكي الذي سار عليه لعقود مضت ولكن دون إقرار رسمي في وثائق الحزب ما يعني القيام بهذا الأمر في المؤتمر الحادي عشر.
    سورية: مؤتمر البعث قد ينعقد في تشرين الاول وترجيحات التغيير الحكومي “بلا أسماء”
    صحيفة القدس العربي اللندنية – الخميس 24 حزيران/ يونيو 2010
    كامل صقر
    دمشق – ‘القدس العربي’

    إعجاب

  21. الرفيق الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي
    (في سورية)
    تحيةً عربيةً
    اسمح لي بمخاطبتك عبر الإعلامِ لأنني عَجزتُ عن مخاطبتكَ عبر القياداتِ المتسلسلةِ كما تقضي الأصولُ المتبعةَ حيث أن كلَّ قيادةٍ لا تقبل بأن يرى الرفاق التابعين لها إلا وفق منظارها ولا تسمحُ لأصواتنا نحن الرفاق في القواعد بالوصولِ إلى القيادات الأعلى ثم الأعلى ما لم تكن هذه الأصواتُ تردِّدُ عباراتَ الحمدِ والشكرِ فقط دون أي نقدٍ أو شكوى كما أنني فَشلتُ في مخاطبةِ قيادةِ الحزبِ عن طريق البريد الالكتروني الموضوع في موقع الحزب أو جريدة البعث التابعةِ لــه إما لعدمِ صلاحيةِ العنوانِ فنياً أو لعدمِ الرّغبة في الرَّدِ .
    بدايةً أودُ الإشارةَ إلى أنّ أهدافَ حزب البعث العربي( الوحدة والحرية والاشتراكية ) التي بُحَّتْ حناجرنا ونحن نرددها مُذْ كُـنًّا صِغاراً وفتياناً في المدارس على اختلاف مراحلها وكذلك في معسكرات التدريب الجامعي والخدمة الإلزامية (الجيش) قد تم تغييبها اليوم من فلا تُرَدًّدْ كعبارةٍ أساسيةٍ كاملةٍ بل يُكتَـفى فقط بترديدِ الجزء الأول من الشعار عند بدء الاجتماعات الحزبية كافةً وهو “أمةٌ عربيةٌ واحدةْ ذاتُ رسالةٍ خالدةْ ” لكــن بلا أهداف!! .
    ماذا حصل للأهدافِ بعدَ أربعينَ سنةً من النضال وقيادة البعثِ للدولةِ هل تحققت ؟؟ هل تعذر تحقيقها ؟؟ هل تَّم إلغاءها هذا السُّـؤالُ الذي لم أَستطعْ طرحهُ في اجتماعٍ أو مؤتمرٍ لأسباب سأذكرها لاحقاً لكن يجب توضيحه لقواعد الحزب وجماهيره العريضة التي تتساءل أين الأهداف التي آمنت بها و دخلت صفوف الحزب من أجلها سابقاً وكلي يقين أنكم تعلمون أن أغلب من يدخل صفوف الحزب حالياً ليس إيماناً منه بأية أهداف أو شعارات معلنة إنما طمعاً بالحصول على وظيفة أو ترقية حيث تكون الأفضلية للرفاق البعثيين وقلما تعتبر الكفاءة (اليوم) أفضلية … !!!
    أما لماذا لا يتم طرحُ السؤال في الاجتماعات الحزبية فالسببُ كما أظن أنكم وكافةَ الرفاقِ في القيادةِ تعلمونَ أنَّ الطريقة التي تدارُ الاجتماعات بها اليوم لا تَدَعُ مجالاً للتساؤلِ أصلاً فالاجتماع قد اختُصِرَ في كلِّ شيءٍ!! حيث يُسْتَهَلُّ بترديدِ الشعارِ المنقوصِ ثم قراءة التفقد ويليه( بتسلسلٍ لا يمكنُ تَغييرهُ ) قراءةَ محضرِ الجلسةِ السابقة على نَحوٍ رَتيبٍ يليه التعميم السياسي (المتأخرُ دوماً عن الحدثِ) الذي يوضح وجهة نظرِ القيادةِ القطرية للمستجدات على الساحةِ السياسية . حيثُ أن وقتَ الاجتماع قد يتأخرُ عن الحدثِ بضعةَ أسابيعٍ فيفقدُ التعميمَ السياسيَّ بريقهُ وألقه ثم يتمُّ تِلاوةَ ما يسمى بالمحاضرة الثقافية من طرفِ أحد الرفاق المكلفين بإعدادها ولَعلَّ من طرائفِ الأمورِ أن المحاضر الثقافيَّ يمكنُ أنْ لا يكونَ من حملةِ الشهاداتِ ويحاضرُ في محامينَ وأطباءَ ومهندسين لـيُـثَقفهمْ ! وبعد ذلك تتم قراءة البريد الوارد المتعلقِ ببلاغات وأجوبة المحافظة أو البلدية بخصوص تعبيد شارع أو عمود كهرباء أو صرف صحي أو هاتف وبالكادِ يستطيعُ مديرَ الاجتماعِ (أي أمين الفرقة الحزبية) بعد ذلك استبقاءَ الحضورَ ليستوفي الاشتراكات الماليةَ ممن لم يدفع التزاماته وهذا الالتزامُ يُعتبرُ من أهمِّ الالتزامات!! هذه حالنا في الاجتماعات الحزبية بعد تحويلها من اسبوعيةٍ إلى شهريةٍ واختصارُ عَددها من أربعةِ اجتماعاتٍ إلى واحد فقط فهل كان اختصارها بهذا الشكل وإعطاءَها طابعاً تقليدياً وروتيناً دورياً هو خطأ ٌ غيرُ مقصود !! أم هو إبعادٌ مدروس لجماهير الحزب عن الخوض في غمار الحياة السياسة ومناقشتها فرسم شكل الاجتماع وتحديد مساره مسبقاً بترتيب ونمط محدد سلفاً لا يجوز الخروج عليه هو ترويض للشباب المندفع وتسكين للهمة وإحباط للطموح مع أن حزب البعث هو حزب ثوري والثورة تعني الخروج عن المألوف وحرق المراحل !!
    الرفيق الأمين القطري :
    اسمح لي أن أطرح ما يؤرقني ويقلقني من التساؤلات والعديد من رفاقي يشاركونني الطرح
    لقد انعقد المؤتمر القطري العاشر للحزب منذ خمسة أعوام و أحيا الأمل في قلوبنا آنذاك
    خصوصاً عندما ألقيتم كلمتكم وشددتم فيها على وضع جداول زمنية للارتقاء بحياة المواطن الأمر الذي سرنا جميعا وأثلج صدورنا .
    ولعل من أهم توصيات المؤتمر على الصعيد السياسي كانت :
    فصل الحزب عن السلطة بالشكل الذي يقود فيه السلطة ولكن لا يمتلكها بالشكل الكامل ، تعديل قانون المطبوعات وإصدار قانون للإعلام ، إقرار تشكيل مجلس أعلى للإعلام ، مراجعة قانون الانتخابات لمجلس الشعب والإدارة المحلية ، إصدار قانون للأحزاب و إعادة النظر بإحصاء عام 1962 (لإعادة إعطاء الجنسية للأكراد المكتومين ) .
    اليوم وبعد انتظار خمسة أعوام وقرب انعقاد المؤتمر القطري الحادي عشر هل يحق لنا كقواعد حزبية مؤمنة بحزب البعث ومبادئه أن نتساءل عما تم إنجازه من هذه التوصيات دون أن نتعرض لتهمة النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي أو نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة !!
    إذا كان لا يمكننا التساؤل ولا حق لنا فيه فتنتهي القصة هنا .
    أما إذا كان التساؤل مشروعاً ولنا حق السؤال فـعليكم واجب الإجابة التي ننتظرها بفارغ الصبر
    فإننا نسال ما تحقق من هذه التوصيات وما لم يتحقق ؟
    يمكننا القول أن تهمة النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي و نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة . تهمة فضفاضة جداً ساهمت إلى حد كبير في القضاء على حرية الكلام وإبداء الرأي ولم ينفع معها أن القانون والدستور ومبادئ الحزب تحمي هذه الحرية وتعتبرها حق مقدس وقد دفع العديد من الوطنيين الغيورين الذين لا يمكن التشكيك في ولائهم الوطني ثمنا كبيراً لآرائهم (المحمية بالقانون ومبادئ الحزب ) علماً أن هذه التهمة تنطبق على معظم مسؤولي الدولة وخصوصا البعثيين !! فكل مسؤول يستغل منصبة لتحقيق منفعة شخصية هو ينال من هيبة الدولة ويُضعِفُ الشعور القومي لاسيما عندما يرى ويعلم المواطنونَ فِعلهُ وهو قدوةً لهم وكل مسؤول صَغُرَ أم كبُرَ (يقولُ ما لا يَفعلُ) يوهنُ نفسيةَ الأمة ويحبطها فهل يوجد مسؤولٌ واحدٌ في بلدنا العزيز لا يستفيدُ بشكلٍ أو بآخرٍ من منصبه لتحقيق منفعةٍ شخصيةٍ سواءً لــه أو لأقربائه ؟؟؟ كم مسؤول في سورية (اللي الله حاميها) يقول فَيصدُقُ ويَفعلْ !!
    إن تهم النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي ونشر أنباءٍ كاذبةٍ توهن نفسية الأمة تنطبق بشكل كامل ودقيق على مثل هؤلاء المسؤولين عندما نسمع مسؤولاً كبيراً يحاضرُ فينا مُطولاً ليثير شعورنا الوطني و القومي لخدمة الوطن وتحرير الأرض واستعادة الحقوق ثم نكتشف لاحقاً أنه وبطريقة سحرية أعفى أبنائه من الخدمة الإلزامية أو أبعدهم عن الخطوط الأمامية !!! أو حصل لهم على جنسية دولة أجنبية !! لَهُوَ أضعفَ الشعورَ القومي وأوهن الأمة ونال من هيبة الدولة أكثر مما يظن البعض .
    وعندما يتهرب مسؤول رفيع المستوى من دفع مئات آلاف الليرات كضرائب على ممتلكاته وعقاراته التي جمعها خلال سنوات نضاله لتحقيق الاشتراكية !!! فهو حطم هيبة الدولة ودمّرَ الشعور القومي من جذوره
    إن بعضَ القضاة الذين خانوا ضمائرهم أولاً و خانوا الأمانة الملقاة على كواهلهم قد نالوا من هيبة الدولة وأوهنوا نفسية الأمة وقضوا على أي شعور قومي باقٍ لدى أفراد الوطن فالوطن الذي لا يشعر أبنائه بالعدالة والأمان وإمكانية تحصيلِ الحقوق والمساواة سيتخلون عنه ويشحذون وطنا بديلا على أبواب السفارات .. وكلنا يعلم ويشاهد النزيف البشري الذي تعاني منه بلدان العالم الثالث وخصوصا نزيف العقول وماله من أثر سلبي مدمر .
    أما بخصوص مجلس خاص للإعلام وقوانينه التي أوصى المؤتمر بإنجازها فيكفي أن نعرف أن وزير الإعلام وبشكل شخصي أوقف ذاتَ مرةٍ برنامجاً تلفزيونياً يبثُّ على الهواء مباشرةً وأحد ضيوف البرنامج رئيس لجنة العلاقات العامة في مجلس الشعب!! كما تم مراتٍ كثيرةٍ بدون مسوغ قانوني منع توزيع العديد من المجلات والدوريات المرخصة أصولاً وبشكل لا يتفق مع أي قانون للمطبوعات أو للإعلام بل وأغلق بعضها نهائياً إضافةً إلى حجب عشرات المواقع الالكترونية لمجرد أنها تتناول فضائح كبار مسؤولي الحزب والدولة فهل ينسجم ذلك و توصيات المؤتمر القطري ؟
    وطبعاً لا يخفاكم أنه لم تتم إعادة النظر في إحصاء عام 1962 كما أنه لم يصدر أي قانون أحزاب حتى اللحظة ونستغرب افتقارنا لمشرعين قادرين على صياغة قانون أحزاب في مدى خمس سنوات ؟؟
    أما على صعيد الاقتصاد فقد تم إقرار توصيات عديدة :
    وتم التوقف مطولا عند موضوع مكافحة الفساد وهدر المال العام ، والاستمرار في عملية الإصلاح الاقتصادي والإداري وتكليف الحكومة بوضع الخطة العاشرة الخمسية قبل نهاية العام وتضمين برنامج الإصلاح في إطارها ، وتبني مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي وضرورة إلغاء جميع قوانين التقييد والحصر لمواكبة تحرير التجارة والاتفاقيات التي أبرمتها سورية.
    فقد تم التسويق لعبارة اقتصاد السوق الاجتماعي التي تم تبنيها رسميا في المؤتمر بدلا من (الاشتراكية) والمساواة وتكافؤ الفرص .
    وحقيقة نحن نستغرب كرفاق بعثيين كيف يتم تبني مبدأ اقتصاد السوق الذي يخالف الدستور بشكل صريح !.
    ونستغرب أكثر كيف لمن يتبنى اقتصاد السوق أن يحاكم أفراداً من الصحافة (فضحوا بعض جوانب الفساد في القطاع العام ) بتهمة معاداة النظام الاشتراكي أليس من تبنى اقتصاد السوق قد تنازل طواعية عن مبدأ الاشتراكية ؟؟ فكيف له أن يحاكم أحداً بمثل هذه التهمة ؟؟؟؟.
    وفي الحالتين هناك تناقض كبير تنبغي إزالته . . الاقتصاد الاشتراكي أو اقتصاد السوق فالاثنان متناقضان لا يجتمعان.
    وكنت أظن كما الآخرين أن تغيير أو تعديل أحد أهداف الحزب الرئيسية الثلاثة يستحيل أن يتم إلا بموجب استفتاء شامل يستوجب الحصول على موافقة الأغلبية الساحقة من الرفاق مع احتفاظ من يصر على ثبات الأهداف السابقة وعدم المساس بها على حرية القول والمجاهرة به وله السير في طريق مستقل دون قلق أو وجل فالاعتراف باختلاف الرأي وقبوله ظاهرة حضارية وصحية ومفيدة للوطن .
    على كلٍ لننظر بإمعان إلى حال البلد بعد خمس سنوات من السير في ركاب الخطة الخمسية العاشرة و تبني اقتصاد السوق :
    على صعيد الزراعة تراجع الإنتاج الزراعي وتأثر سلباً برفع أسعار الطاقة ورفع أسعار الأسمدة والأدوية الزراعية بشكل كبير وخصوصا محاصيل القمح والقطن اللذان يعتبران محصولان استراتيجيان ناهيك عن عدم تقديم كل الدعم اللازم لتصدير الحمضيات وزيت الزيتون كما أنــه لم يتم تعويض المزارعين الذين تعرضوا إلى كوارث ومصائب طبيعية دمرت مزروعاتهم كلياً أو جزئياً الأمر الذي دفع العديد منهم إضافة لموسم الجفاف إلى هجرة الريف والعمل الزراعي باتجاه أطراف المدن ما نتج عنه أزمات سكنية واجتماعية وأحزمة فقر وبطالة تطوق المدن الكبرى .
    على صعيد الصناعة :
    المفروض أن الدولة المُقادةُ من حزبِنَا حزب البعث العربي الاشتراكي تدعمُ وتشجِّعُ القطاع العام لكن وزارة الصناعة قد تلقت كتاباً في الشهر الثالث من هذه السنة يقضي بإحالة 17 شركة من شركات القطاع العام إلى التقاعد الإجباري منها شركات : أخشاب اللاذقية والمحركات الكهربائية و الألمنيوم وحمص للغزل والنسيج وحرير الدريكيش بطاريات القدم وبردى وغيرها وتوزعت هذه الشركات بين قطاعات النسيج والصناعات الغذائية والصناعات الهندسية بدعوى أنها شركات خاسرة لا جدوى اقتصادية منها. من يضمن اليوم أن الشركات الباقية لن تلاقي نفس المصير . ثم لماذا هي خاسرة هل الخسارة بسبب القوانين البالية والقديمة التي يمكن تعديلها وتطويرها بسهولة من قبل الدولة وحزبها القائد !! فيما لو كانت هي السبب الفعلي للخسارة . أم أن السبب هو الفساد والسرقة حيث أن العديد من الإدارات الفاسدة تمت ترقيتها بدل محاسبتها وكمثال صغير فإن معمل الخيوط القطنية الذي احترق العام الماضي وتجاوزت قيمة الأضرار ملياري ليرة سورية لم تتم مساءلة الإدارة ولا الوزارة (وزارة الصناعة) واستمرت الإدارة على رأس عملها كأن شيئا لم يحصل !! ولو تم الأمر في دولة أخرى لربما طارت الحكومة بأكملها من اجل تقصير كهذا أو على الأقل لقدم المدير والوزير استقالتهم.
    إن الحكومة تعلن صراحة أن القطاع العام فاشل وغير مجدي مع العلم أن أغلب عائداتها هي ضرائب من القطاع العام في حين لا يقدم القطاع الخاص الذي تدعمه وتسن له التشريعات المناسبة له وتمنحه الامتيازات إلا الجزء اليسير فها هي تعطيه السيادة على مرفأي طرطوس واللاذقية مع العلم أنها جهزت الأخير بروافع وآليات حديثة كلفتها أكثر من خمسمائة مليون دولار قبل تسليمه للقطاع الخاص!!!
    وفضائح شركة الطيران والخطوط الحديدية تزكم الأنوف .
    أما السياحة فتحدثت تقارير عديدة عن أن الأرقام المعلنة للسياح سنويا مبالغ فيها و تتضمن أعداد المغتربين القادمين في عطلتهم السنوية لتُضيفَهُمْ كسُيَّاحٍ وردوا خلال الموسم إلى القطر وقد نُشِرَ العديد من هذه التقارير في وسائل الإعلام غير الحكومية طبعاً .
    أيضا مشاكل الاستملاك السياحي العالقة منذ ثلاثة عقود فلا أصحاب الأرض سُمِحَ لهم بإقامة مشاريع ولا الوزارة أخذت الأرض وعوضت أصحابها واليوم هناك مشاكل عديدة بسبب التقيمات المالية القديمة والبخسة للاستملاكات ناهيك عن أن أغلب المشاريع الاستثمارية التي أعطيت إلى مستثمرين هي في مواقع ذات سمعة رائجة وهذه المواقع لا تحتاج إلى أي تسويق كما لم يراعَ حق المواطنين في الوصول المجاني إلى البحر قرب مدنهم ومناطق سكنهم بل تعذرت رؤيته في بعض المناطق مع العلم أن الشواطء ملكية عامة وأعطيت دون مناقصات أو منافسات .أما عن الخدمات السياحة المقدمة من الوزارة في مناطق الاصطياف أو الرقابة على الخدمات المقدمة من قبل من يعمل بهذا المضمار فهي لا تليق باسم وزارة وتستطيع أي دائرة صغير تقديم أفضل من هذه الخدمات .
    في المحصلة إن منفذي الخطة الاقتصادية فشلوا في الوصول إلى الأرقام المرجوة .
    وأعلنوا تحقيق أرقام أقل فنسبة النمو الاقتصادي التي أعلنتها الحكومة بين 4و5 % خلال تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة تبين بعد نشر تقرير أعده صندوق النقد الدولي أن إجمالي الناتج المحلي السوري قد انخفض من 54.5 مليار دولار عام 2008 إلى 52.5 مليار في العام 2009،أي نمو سلبي بمقدار 3.6 % وربما يزعم احدهم أن صندوق النقد الدولي تابع لجهات مشبوهة ولا يصح اعتماد أرقامه حسنا فلنعتمد أرقام الحكومة المنشورة ولنبحث عن انعكاسها على أرض الواقع :
    فانعكاس أرقام النمو إيجابياً على حياة المواطن السوري، يفترض به تقليص الفقر والبطالة، وارتفاع المستوى المعيشي، والذي يؤدي بدوره لحركة نشطة في الأسواق بالدرجة الأولى، وارتياح نفسي لدى المواطن السوري ناتج عن التحسن الاقتصادي.. وهذا لم يحصل، بل شعر المواطن بارتفاع مذهل في الضرائب كماً ونوعاً حتى أن بعضها قد ازداد أكثر من ثلاثة أو أربعة أضعاف دفعة واحدة وقد أعلن النائب الاقتصادي في العام 2005 حين إصدار الخطة أن نسبة البطالة آنذاك 12% وستصل بعد تنفيذ الخطة إلى 8% ليصدر تقرير مكتبه المحدد لنسبة البطالة بعد عام واحد فقط بنسبة 8.2 % ثم لنعرف اليوم أنها لم تنخفض عن 12% (ومكتبه هنا نشر أنباء كاذبة) وربما تقارب النسبة الصحيحة 15% بحسب العديد من المسوح و الإحصائيات والدراسات المختلفة التي تم منعها اليوم (في عصر حرية تداول المعلومات) منعاً باتاً بموجب تعميم السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 2931/15 تاريخ 10/5/2010 إلا بعد الحصول على موافقة إدارة المخابرات العامة!!!
    فهل تحتاج دراسة عدد السيارات أوعدد مرضى السكري في القطر إلى موافقة من إدارة المخابرات العامة ؟
    مع الإشادة و الاعتراف بالجهود الكبيرة والمميزة للخدمات التي تقدمها الدولة مجاناً لمثل هؤلاء المرضى إلا أن قطاع الصحة أيضا مثل غيره يعاني من نزيف مالي كبير بسبب الفساد الذي ينخر بأوساطه ولو أن نصف ما تنفقه الدولة في هذا القطاع يصل إلى مستحقيه لتغير وضع الصحة في هذا البلد تماماً .
    نصت الخطة الخمسية العاشرة على ضرورة ضبط أرقام التضخم عند حدود 5% كحد أعلى لكن ومع نهاية
    موعد التنفيذ للخطة تبين أن التضخم جعل المواطن السوري يخسر حوالي 36% من نقوده خلال خمس
    سنوات الأمر الذي انعكس على القوة الشرائية وسبب تراجعها .
    الرفيق الأمين القطري
    إنني ورفاقي في قواعد الحزب نتساءل عن السبب الذي يجعل معظم كبارالرفاق القياديين في الحزب والدولة بدءاً من أعضاء القيادة القطرية يطالبون بتنفيذ التعاميم والبلاغات على غيرهم فقط و لا يلتزمون فيها متناسين أن القانون يشملهم باعتبارهم مواطنين أيضاً فهل يوجد وزير أو مسؤولٌ حزبيٌّ واحد يركب سيارة وطنية التجميع (لا التصنيع ) وهل يستخدم مسؤولٌ واحد البطاريات أو الإطارات الوطنية لسياراته ويلتزم بكلف إصلاحها ونفقات محروقاتها متقيداً بعشرات البلاغات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء التي ماتزال تدعو إلى إلزام كلِّ الجهات العامة باستجرار حاجاتها من جميع المواد (بما فيها الكابلات والاسمنت والحديد ..)من المصانع العامة والوطنية أولاً . وهل يلتزم أي من أولئك المسؤولين بالتصريح عن ممتلكاتهم وثرواتهم وثروات أبنائهم قبل وبعد توليهم مناصبهم .
    الرفيق الأمين القطري
    إن سياسة الحكومة المتبعة في الخطة الخمسية العاشرة كما نراها ونلمس نتائجها نحن القواعد الحزبية بكل أرجاء الوطن سياسة فاشلة بامتياز وتتناقض أشد التناقض مع المبادئ والأهداف التي نادى بها الحزب وسعى إلى تحقيقها منذ أربعة عقود حيث يجري القضاء على قانون الإصلاح الزراعي الذي وزع الأرض على الفلاحين وحدد سقف الملكية الزراعية .
    إذ يتم اليوم نزع ملكية الفلاحين لأراضي أعطيت لهم من ستينات القرن الماضي بذرائع مختلقة (كما يحصل في منطقة الحسكة) كما تم إقرار قانون رفع سقف الملكية الزراعية بذريعة معالجة تفتيت الحيازات الزراعية في إجراء معاكس لكل ما قام به حزب البعث العربي الاشتراكي منذ ثورة 8 آذار عام 1963 من التعديلات على قانون الإصلاح الزراعي، وآخرها القانون رقم 31 لعام 1980، وكلها خفضت من سقف الملكية الزراعية للحصول على أراض جديدة يتم توزيعها على الفلاحين المحرومين من الأرض.
    .بناء على ما ورد في دستور الحزب وخصوصا المواد 26-27-28-29-30 -31 و على كل ما تقدم نناشدكم إقالة الحكومة وفريقها الاقتصادي وإلغاء كافة الإجراءت الاقتصادية التي تمت بشكل متناقض مع أحكام الدستور وإحالتهم إلى محكمة أمن الدولة بتهمِ : نشر أنباء كاذبة والنيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور الوطني ومحاولة تغيير النظام ومعاداة النظام الاشتراكي .
    والخلود لرسلتنا
    الرفيق رامي يوسف
    لعله من المفيد التذكير ببعض مبادئ و مواد الدستور (لحزب البعث العربي الاشتراكي) :
    المبدأ الأول: وحدة الأمة العربية وحريتها
    المبدأ الثاني: شخصية الأمة العربية وجاء فيه:
    الأمة العربية تختص بمزايا متجلية في نهضاتها المتعاقبة، وتتسم بخصب الحيوية والإبداع، وقابلية التجدد والانبعاث، ويتناسب انبعاثها دوماً مع نمو حرية الفرد ومدى الانسجام بين تطوره وبين المصلحة القومية .. ولهذا فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر:
    1- حرية الكلام والاجتماع والاعتقاد والفن مقدسة لا يمكن لأي سلطة أن تنتقصها.
    2- قيمة المواطنين تقدر ـ بعد منحهم فرصاً متكافئة ـ حسب العمل الذي يقومون به في سبيل تقدم الأمة العربية وازدهارها دون النظر إلى أي اعتبار آخر.
    المبدأ الثالث: رسالة الأمة العربية
    المادة (26) : حزب (البعث العربي الاشتراكي) اشتراكي يؤمن بأن الثروة الاقتصادية في الوطن ملك
    للأمة.
    المادة (27) : إن التوزيع الراهن للثروات في الوطن العربي غير عادل ولذلك يعاد النظر في أمرها وتوزع بين المواطنين توزيعاً عادلاً.
    المادة (28) : المواطنون جميعاً متساوون بالقيمة الإنسانية ولذا فالحزب يمنع استثمار جهد الآخرين.
    المادة (29) : المؤسسات ذات النفع العام وموارد الطبيعة الكبرى ووسائل الإنتاج الكبيرة ووسائل النقل ملك للأمة تديرها الدولة مباشرة وتلغى الشركات والامتيازات الأجنبية.
    المادة (30) : تحدد الملكية الزراعية تحديداً يتناسب مع مقدرة المالك على الاستثمار الكامل دون استثمار جهد الآخرين تحت إشراف الدولة ووفق برنامجها الاقتصادي العام.
    المادة (31) : تحدد الملكية الصناعية الصغيرة بما يتناسب مع المستوى الاقتصادي الذي يتمتع به بقية المواطنين في الدولة.
    رسالة إلى الرفيق الأمين القطري لحزب البعث في سورية
    رامي يوسف – كلنا شركاء
    03/ 07/ 2010

    إعجاب

  22. Ideology

    الايديولوجية
    Ideology

    أول من استعمل هذا الاصطلاح الفيلسوف الفرنسي ديستات تريسي (1755 – 1836) (Destutt Tracy) في كتابه عناصر الايديولوجية.

    يعني (تريسي) بالايديولوجية علم الأفكار أو العلم الذي يدرس مدى صحة أو خطأ الأفكار التي يحملها الناس، هذه الأفكار التي تبنى منها النظريات والفرضيات التي تتلاءم مع العمليات العقلية لأعضاء المجتمع.
    وانتشر استعمال هذا الاصطلاح بحيث أصبح لا يعني علم الأفكار فحسب بل النظام الفكري والعاطفي الشامل الذي يعبر عن مواقف الأفراد حول العالم والمجتمع والإنسان.
    وقد طبق هذا الاصطلاح بصورة خاصة على الأفكار والعواطف والمواقف السياسية التي هي أساس العمل السياسي وأساس تنفيذه وشرعيته.

    والاديولوجية السياسية هي الايديولوجية التي يلتزم ويتقيد بها رجال السياسة والمفكرون السياسيون إلى درجة كبيرة بحيث تؤثر على كلامهم وسلوكهم السياسي وتحدد إطار علاقتهم السياسية بالفئات والعناصر الأخرى. والايديولوجيات السياسية التي تؤمن بها الفئات والعناصر المختلفة في المجتمع دائماً ما تتضارب مع بعضها أو تتسم بالأسلوب الإصلاحي أو الثوري الذي يهدف إلى تغيير واقع وظروف المجتمع. لكن جميع الايديولوجيات تكون متشابهة في شيء واحد ألا وهو أسلوبها العاطفي وطبيعتها المحركة لعقول الجماهير.

    تعبر الايديولوجية بصورة عامة عن أفكار يعجز العلم الموضوعي برهان حقيقتها وشرعيتها لكن قوة هذه الأفكار تظهر من خلال نغمتها العاطفية وتكتيكها المحرك للجماهير والذي يتناسب مع الحدث الاجتماعي الذي ترمي القيام به.

    إن المفهوم الماركسي للايديولوجية يعبر عن شكل وطبيعة الأفكار التي تعكس مصالح الطبقة الحاكمة التي تتناقض مع طموحات وأهداف الطبقة المحكومة خصوصاً في المجتمع الرأسمالي. ويحدد البروفسور كارل منهايم (Karl Mannheim) معنى الايديولوجية في كتابه الايديولوجية والطوبائية الذي نشره عام 1936 فيقول بأنها الأفكار المشوهة التي تطلقها الطبقة الحاكمة لتحافظ على النظام الاجتماعي الحالي أو النظام الاجتماعي السابق أو هي التعبير الفكري لجماعة من الجماعات وهذا التعبير يساعدها على تحقيق أهدافها وطموحاتها. والايديولوجية حسب آراء وتعاليم البروفسور منهايم هي كلمة معاكسة للطوبائية التي يعني بها المثالية أو العمل من أجل المجموع، إن دراسة الايديولوجية هي من الدراسات الأساسية التي يهتم بها علم الاجتماع خصوصاً علم اجتماع الدين وعلم اجتماع السياسة، وتشكل الموضوع الأساسي الذي يدور حوله علم اجتماع المعرفة .

    إعجاب

  23. 1- مقدمة عن أحوال شعوب الشرق الأوسط. 2- مكر التاريخ علم أم خرافة. 3- الشرق الأوسط والصراع بين جنة السماء وجنة الأرض والضحية الشعوب. 4- حرب غزة والعبرة منها. 5- رأي طريق الحقيقة في الحل. ____________________________ 1- مقدمة عن أحوال شعوب الشرق الأوسط: لقد آن الأوان لنضع النقاط على الحروف ونحاول كشف الحقيقة وننشرها لكل شعوب الشرق الأوسط والعالم أجمع. وبداية نقول: لقد خدعنا نحن شعوب الشرق الأوسط من قبل سياسيينا وكتابنا ومثقفينا الانتهازيين. وكان نتيجة هذا الخداع والتضليل لما نحن فيه من تخلف سياسي واجتماعي وحضاري بعربه وأتراكه وأكراده وفرسه. وجميع الأقليات المتعايشة مع هذه الشعوب. ونحن مقبلون على كوارث مرعبة تصيب شعباً وراء شعب. لقد انصرعنا وصرعنا معنا العالم كله بترديد هذا الثالوت المقدس ( الإمبريالية والصهيونية والرجعية ). لقد تحول هذا الثالوت المقدس إلى أغنية وتحية نفتتح بها كل خطابنا السياسي والأيديولوجي ونختتمها بها. لقد حمل كل النخب السياسية والفكرية والأيديولوجية كل أسباب تخلفنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري على هذا الثالوت المقدس. وكلما جاء طاقم سياسي من المحيط إلى الخليج ليستولي على السلطة في أية دولة كانت سواء أكان طاقم مدنياً أو عسكرياً. افتتح عهده في استلام السلطة بهذه الأغنية المعهودة، لقد تم تخدير عقولنا بهذه الأغنية. وكلما مر التاريخ كانت النتيجة مزيداً من التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري وبدأت الكوارث تتالى. بالأمس كان الشعب العراقي واللبناني والجزائري واليوم الشعب السوداني والغزاوي الفلسطيني. وغداً الشعب الفارسي والتركي. لقد كذبوا علينا نحن شعوب الشرق الأوسط وقالوا لنا صدقونا أيها الناس إن سبب تخلفكم هذا هو الإمبريالية والصهيونية والرجعية. سيروا وراءنا لنقضي عليهم وعندها ستزول كل عوامل التخلف. وسيبدأ عهد الرخاء والحرية وستعيشون أنتم وأولادكم وأحفادكم من بعدكم أحلى وأسعد الأيام. ولكي نصدق كلمات هذه الأغنية اتبعوا معنا نظرية الوزير الألماني النازي غوبلز. والتي تقول (( أكذب وأكذب وأكذب حتى يصدقك الناس )) وهكذا كان الوضع خلال ثلاثة أرباع القرن العشرين. وبعد ثلاث أرباع القرن لو جاز لنا أن نسأل شعوبنا في الشرق الأوسط ترى هل صدقوا تلك الأغنية؟ ولسان حالهم يقول كان نتيجة ذلك مزيداً من القهر والجهل وسحق الحرية وتحولت أوطانهم إلى سجون رهيبة تسحق فيها كرامة الإنسان والشاطر من تسمح له ظروفه بالهرب أو الهجرة إلى أية بقعة في هذا العالم الفسيح بحثاً عن لقمة عيش كريمة وعن ملاذ آمن لحياته. ترى لماذا حدث كل هذا؟ ونحن في طريق الحقيقة نريد أن نبدي رأينا عن الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة وما هي الحلول للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي أوصلنا إليه السياسيون ومن لف حوله من المثقفين الانتهازيين الذين برروا لهم هذه السياسات والاستراتيجيات التي مارسوها خلال ثلاث أرباع القرن العشرين منذ أن رحل الاستعمار الغربي المباشر عن أوطاننا. ونحن نقول إن مكر التاريخ هو السبب وليست الإمبريالية والصهيونية والرجعية. ولكن هل فعلاً هناك مكر للتاريخ؟ 2- مكر التاريخ علم أم خرافة: دعنا نحاول فك هذا اللغز.. لقد عرف بعض الكتاب والمفكرين هذا اللغز التاريخي المسمى (( مكر التاريخ )) فسماه البعض بـ مكر التاريخ وسماه البعض الآخر العاميون بـ غدر الزمان وتغنى بعض المطربين وقالوا آه من غدر الزمان. وقال البعض من الناس حيث عبروا عن شكواهم آه من هذا الزمان العاطل.. وكثيراً ما يسمع على لسان الناس ويقولون الله يلعن هذا الزمان.. ترى هل التاريخ مكر وغدر؟ وهل يستوجب التاريخ هذه اللعنات؟ وهل فعلاً يثير التاريخ في نفوس الناس الخوف والرعب؟ فإذا كان للتاريخ كل هذه التسميات ويثير الخوف في نفوس الناس.. فلماذا نصنع التاريخ؟ وهل يمكن أن نعيش بدون أن نصنع التاريخ؟. فإذا كان الناس يصنعون التاريخ بأيديهم فلماذا ينقلب وبالاً عليهم؟ هل فعلاً نريد من التاريخ أن ينقلب علينا وبالاً؟ نستنتج من هذه الأسئلة أن البشر يصنعون التاريخ. والشياطين يسيرون بالتاريخ إلى هذف غير الهدف الذي يحلم الناس به. ولكن قبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بد من أن نعرف التاريخ (( ما هو التاريخ )). ونحن نجيب حسب معرفتنا ونقول أن التاريخ فعل جماعي يقوم به البشر على الطبيعة المادية بغية تأمين متطلبات حيوية ثلاث: المأكل والملبس والمسكن، ومنذ أن افترق الإنسان عن الحيوان وغادر حياة القطيع وبدأ يؤلف مجتمعاً بشرياً تغير معه نموذج مأكله وملبسه ومسكنه. فلم يعد أكل الحيوان من أعشاب وغيره يتوافق مع ذوق الإنسان.. ولم يعد الشعر يقي الإنسان من الحر والبرد. ولم تعد الكهوف والمغاور والوديان والغابات تتوافق مع مسكن الإنسان. ولما كان المأكل والملبس والمسكن الإنساني غير جاهز في الطبيعة. فما كان من الإنسان إلا أن يخوض صراعاً أبدياً مع الطبيعة بغية تأمين هذه المتطلبات الثلاث. والحياة الإنسانية التاريخية تتطلب حياة اجتماعية وبذلك شكل الإنسان معاً حياة اجتماعية. وتطور هذا الشكل الاجتماعي من الأسرة إلى القبيلة والعشيرة والشعب إلى الأمة. إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده خارج المجتمع لأن الحركة التاريخية هي حركة جماعية. وهكذا حيثما يوجد الإنسان يوجد التاريخ.. وهذا يعني أن حركة التاريخ تسير ولم تتوقف ما دام هناك بشر على وجه هذه الأرض. , وبدون العملية التاريخية الجماعية لا يمكن أن يكون هناك مأكل وملبس ومسكن. فإذا كان ما نحصل عليه من متطلبات حيوية بفعل الحركة التاريخية فكيف يمكن للتاريخ أن يكون ماكراً غادراً ويستحق كل هذه اللعنات؟ يقول العقلاء أن الإنسان عندما يصنع التاريخ يصنع في الوقت ذاتهِ نَفسِهُ. ومن وجهة نظرنا لكي نعرف التاريخ واجب علينا أن نحاول الإجابة على هذه الأسئلة التالية. 1- هل حركة التاريخ ثابتة؟ 2- فإذا كان الجواب نعم.. هل يمكن البرهان على ذلك. 3- واذا كان الجواب لا.. فأين تتجه حركة التاريخ.. هل إلى الأمام أم إلى الوراء. 4- هل يمكن إيقاف حركة التاريخ. 5- هل يمكن إرجاع حركة التاريخ إلى الوراء. 6- هل يمكن دفع حركة التاريخ إلى الأمام بسرعة والقفز فوق المراحل؟ ومن وجهة نظرنا أن للتاريخ جانبان كما نراه ونعايشه: 1- جانب مادي. 2- وجانب روحي مثالي. الجانب المادي من التاريخ هو أدواته الإنتاجية التي تستخدم لإنتاج المتطلبات الحيوية من المأكل والملبس والمسكن. ولدى الإطلاع إلى التاريخ وعلم الآثار نرى أن الأدوات في تنوع وتطور مستمر ونلاحظ من الأدوات التي يقدمها علم الآثار أن الإنسان قد بدأ بالحجر ثم بالبرونز والحديد..الخ وهكذا نجد الاختلاف والتنوع في أدوات الانتاج في كل النواحي سواء أكانت أدوات الإنتاج أو وسائل النقل أو الطاقة.. الخ ومن أجل هذا قسم المؤرخون التاريخ البشري إلى مراحل ونلاحظ هنا نقطة مهمة للغاية وهي تسمية المؤرخين كل مرحلة بأدوات الإنتاج التي كان يستخدمها الإنسان فجاءت تسميتهم بالعصر الحجري والعصر البرونزي والحديدي ..الخ هكذا نرى مقياس تطور المجتمعات البشرية في كل مرحلة بما تستخدمه من أدوات الانتاج. والملاحظة الثانية التي نلاحظها من التاريخ: أن الإنسان يختلف عن الحيوان بالنطق أي له لغة. وهذه اللغة تحوي أسماء كل ما يحيط بالإنسان من أشياء ومواد طبيعة فهذا حجر وتلك شجرة وهذه ماء و سماء ونجوم…الخ ومن المعلوم الآن بعد أن تم اكتشاف الكرة الأرضية بأكملها من قبل الإنسان. قسم جغرافيون الكرة الأرضية إلى ست قارات.. كما لاحظوا أن هناك لغات متعددة يتكلم بها البشر على سطح الكرة الأرضية. وهذا يعني أن المجتمعات البشرية وجدت فوق كل القارات ولفترات متباعدة فكل مجموعة بشرية عاشت لفترة طويلة منعزلة عن الأخرى وهذه المجموعة قد أبدعت لها لغة خاصة بها خلال تاريخها المشترك وتتبعها عادات وتقاليد وحضارة مشتركة. ثم نعود ونقول لقد تطورت هذه المجموعات البشرية من الأسرة إلى القبيلة إلى العشيرة وإلى الأمة فأصبحت لها شعب وأرض و لغة. وبواسطة هذه اللغة مارست هذه المجتمعات وصنعت تاريخها بجانبيه المادي والروحي.. فكان إلى الجانب المادي من التاريخ جانب روحي أي الدين والفلسفة والفن والنظام الحقوقي …الخ وكان لهم قيم إنسانية. ومن هنا تبرز لنا من خلال متابعة سير حركة التاريخ المندفعة إلى الأمام ملاحظة هامة جداً هو أن الجانب الروحي من العملية التاريخية يتبع في تغييراته الجانب المادي من التاريخ.. فالأديان والسياسة والفلسفة والفنون التي كان يمارسها الناس تبعاً لأدوات الإنتاج المختلفة كلياً في كل مرحلة تاريخية. ولما كان لكل مرحلة تاريخية أدواتها الإنتاجية كانت عواملها الروحية متطابقة مع تلك الأدوات. فالأديان التي كان يعتقدون بها في مرحلة العصر الحجري أو البرونزي أو الحديدي تختلف كلياً عن الأخرى وكذلك السياسة والفلسفة والفن…الخ ولهذا نرى أن التقدم البشري نحو مرحلة أخرى أي تقدم جانبه المادي (أدواته) كان التاريخ يفرض على البشر أن يغيروا جانيهم الروحي أي الدين والفلسفة والسياسة ونظمهم الحقوقية…الخ ومما لا شك فيه وكما نلاحظ أن كل أدوات الإنتاج تأتي كانت أفضل من السابق وكان يساعد على زيادة الإنتاج وتحسينه وهذا يعني مع ازدياد عدد البشر كان الأمر يتطلب أدوات إنتاجية أفضل كي تساعدهم على زيادة الإنتاج.. كي يستطيعوا أن يلبوا المتطلبات الحيوية من مأكل وملبس ومسكن. إن إبداع أدوات جديدة من المادة الطبيعية هذا يعني أن الإنسان في الوقت الذي كان يصنع تاريخه في الوقت نفسه يصنع نفسه وهذا يعني أن عقله قد كبر واكتسب خبرة علمية أكثر وأصبحت له ثقافة متطورة وهنا يكون من المستحيل إدارة الناس حياتهم الروحية بثقافة روحية قد تجاوزها التاريخ. وهنا أيضاً نرى أن في كل مرحلة تاريخية ينقسم الناس إلى قسمين: قسم يرتبط مصالحه بالقديم وقسم يرتبط بالجديد. ويبدأ الصراع الأبدي بين القديم والجديد بجانبيه المادي والروحي. وهنا تنشأ وضع ثوري وتنشأ عن هذا الوضع ضرورة تاريخية للتغيير والانتقال بجانبيه المادي والروحي إلى المرحلة الجديدة. فالإنسان الذي يتمسك بأدواته القديمة سواء أكان فرداً أو شعباً أو أمة نراه يتخلف في انتاجه عن القسم الذي بدأ يستعمل الأدوات الجديدة. وهذا يعني أن نقص المتطلبات الحيوية من مأكل وملبس ومسكن دخول هذه المجتمعات في حالة أزمات عميقة سياسية واجتماعية ومعيشية …الخ وبالتالي يتخلف الجانب الروحي أيضاً أي الدين والفلسفة والسياسية والفن …الخ فالأسلوب السياسي الذي كان سائداً لأدوات الإنتاج القديمة لم يعد مقبولاً لأدوات الإنتاج الجديدة وبات مرفوضاً من الناس وهكذا بالنسبة للدين والفلسفة والفن ويبدأ التمرد على الأسلوب القديم. ويزداد العنف بين السلطة السياسية والشعب وتسود حالة من التناحر بين الناس فينشأ حالة ثورية تتطلب التغيير. وهنا نورد أمثلة كثيرة عن هذا الوضع.. لقد مارس الإنسان فلاحة الأرض عشرات القرون بالمحراث الخشبي وكان يستخدم طاقة الحيوان وعندما ظهر الجرار الكهربائي الذي يعمل بواسطة المحروقات ورأى الناس أنه يعطي إنتاجاً أوفر ويمكن به فلاحة وزراعة مساحات كبيرة وبالتالي قدم مأكل وملبس ومسكن جيد وكان هذا الوفر يتماشى مع ازدياد عدد السكان فكان من الطبيعي أن يقضي الجرار الكهربائي على المحراث الخشبي الذي استمر لفترة طويلة من التاريخ. وتظهر مشكلة بصورة أوضح في الجانب الروحي من العملية التاريخية وخاصة العامل السياسي: فالقديم يتمسك بصورة قوية بالأسلوب السياسي القديم ويحاول أن يعطي للقديم هالة من القداسة ولكن التاريخ كبر. والناس كبرت عقولهم. وازدادت ثقافتهم ولم يعودوا يطيعون الأسلوب السياسي القديم وتنشأ عن هذه الحركة حالة ثورية وضرورة تاريخية تتطلب التغيير. وفي هذه الحالة أيضاً يبدأ الناس برفض القيم الإنسانية القديمة التي كانوا يتعاملون بها مع بعضهم البعض.. حيث تنشأ أيضاً حالة ثورية في القيم الإنسانية أيضاً وضرورة تاريخية تتطلب التغيير. ولندع التاريخ القديم وحركته ولننتقل إلى التاريخ الحاضر. هذا الحاضر الذي نعيش فيه الآن نحن الأحياء. إن التاريخ سلسلة من المراحل فالناس الذين عاشوا مع تلك المراحل القديمة ماتوا ودفنوا تحت التراب ومات معهم جانبهم المادي والروحي. إن الحاضر الذي نعيشه ونتعايش مع أدواته نعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى عناء وتفكير كي ندرك أن ما نشاهده وبين أيدينا من أدوات إنتاجية يختلف عن الأدوات الإنتاجية التي نشاهدها في المتاحف الأثرية لمراحل تاريخية قديمة. هذا من جهة الأدوات.. أما من الناحية السياسية: إن وعي الناس للنظام الديمقراطي منتشر في كل القارات بنسبة تسعين بالمائة وجميع البشر وفي كل القارات يطالبون بتطبيق هذا النظام السياسي لأن الناس يشاهدون بأم أعينهم الذين طبقوا النظام السياسي الديمقراطي كيف تخلصوا من التخلف وبدؤوا يتقدمون بخطوات مسرعة في التطور الحضاري. إن النظام السياسي الديمقراطي بات ضرورة تاريخية لا مفر منها. وأصبح قيمة كونية، كلما تأخر بلد ما وشعب ما في تطبيقه يدخل في أزمات عميقة وإن التأخير في تطبيق هذا النظام يعني تعرضه لغضب التاريخ. إن التاريخ الذي نصنعه بأنفسنا هو الذي سيحاسبنا وليست أية قوة خارجية لا الإمبريالية ولا الصهيونية ولا الرجعية. إن هذا الثالوت المقدس ليست له أية علاقة بعدم تطبيقنا للنظام الديمقراطي. كل ما يستطيع أن يفعله هذا الثالوت المقدس هو التمني لنا بعدم تطبيقنا للديمقراطية. لأن في الديمقراطية تقدمنا. وإن مصيبة تخلفنا السياسي والاقتصادي والحضاري مرتبط بوجود النظم السياسية المستبدة والفاسدة. إن العالم المتطور يريد منا أن يكون سياسيون وحكامنا مستبدون. كي تهرب أدمغتنا المفكرة المبدعة إليهم. إنهم لا يريدون أن نصنع السيارات والجرارات والأدوات كي تبقى أسواقنا فارغة ليبيعوا فيها بضائعهم. إنهم يمارسون الديمقراطية فينعمون بالأمن والسلام ويساعدهم هذا الأمن والسلام الاجتماعي لإبداع مفكريهم وعلمائهم في التكنولوجيا التي نحن بأمس الحاجة إليها والتي لا يمكن أن تقام حياة عصرية بدونها. إن هذا العالم المتطور يريد منا أن تكون كل أنظمتنا السياسية في الشرق الأوسط ديكتاتورية واستبدادية كي تكون جميع شعوبنا متناحرة نقتل بعضنا البعض ونكره بعضنا البعض وندمر ما بنيناه ثم نعيد بناء ما دمرنا بأدواتهم وآلياتهم. ومن المفارقات التاريخية العجيبة أنهم يريدون لنا الديمقراطية على الأقل بالكلام ونحن نرفض ذلك. وإنهم عندما يطالبوننا بالكلام يعرفون تماماً بأننا سنتمسك بثوابتنا التاريخية القديمة وسنرفض الديمقراطية ولهذا يكثرون من الكلام والمطالبة لنا بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. إن ثقافتنا القديمة بعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية الكونية الحالية. إن الحرية.. والحرية تعني الكثير. حرية التفكير، وحرية الرأي، وحرية الإعلام وحرية الاختيار وحرية المسكن وحرية الاعتقاد …الخ كل هذه الحريات أصبحت قيم كونية عالمية. إن المساواة والحرية والعدالة وحقوق الإنسان أصبحت قيم كونية.. إن المرحلة التاريخية التي نعيشها اليوم هي مرحلة التقرب الإنساني لبعضهم البعض. أي أممية جديدة وفق فلسفة حقوق الإنسان. لقد انتهت في هذه المرحلة التاريخية الأممية الدينية والأممية القومية والطبقية. لقد تجاوز التاريخ العالمي الآن هذه الأمميات ولم يعد لها مكان سوى رفوف المتاحف الأثرية إلى جانب الأدوات الانتاجية القديمة. إن عهداً أممياً قد بدأ. وإن ضرورة تاريخية للتغيير لا مفر منها. وكل من يقف في وجه هذه الأممية سيجرفه تيار التاريخ. إن هذه المرحلة التاريخية تحولت إلى عاصفة هوجاء سيحطم كل الجانب المادي من التاريخ القديم والجانب الروحي بكل عوامله السياسية والدينية والفنية والحقوقية والفلسفية. هذا يجب أن يدركه كل عاقل وإلا ستكون النتيجة وبالاً عليه. إن لغة الحوار بدلاً من لغة الحرب باتت قيمة كونية. والويل لمن يسلك طريق الحرب والعنف في حل المشاكل العالقة والقضايا المتنازع عليها. إن أسلوب التدوال السلمي للسلطة عن طريق الإنتخاب التعددي الحر أصبح ثقافة عالمية لا مفر منها والويل لمن يتمسك بالقديم. إن المصيبة الكبرى التي نعايشها اليوم في الشرق الأوسط أننا ندير ظهرنا لكل القيم الكونية وكأننا نعيش فوق كوكب آخر. ونتيجة للثورة العلمية والتكنيكية والإعلامية تحولت الكرة الأرضية إلى قرية كونية صغيرة. لم يعد لأحد باستطاعته أن يخفي الحقيقة عن الناس. الكذب والخداع والتضليل حبله قصير وفيه خراب ودمار على من يمارسه على الآخرين. الصدق والحقيقة هما حبل النجاة والأمن والسلام. أخي الإنسان في الشرق الأوسط سواء أكنت عربياً أم تركياً أو فارسياً أو كردياً أو أية أقلية أخرى.. إن حريتك هي من حرية الآخرين. عندما تنكر حرية الآخرين أو تسحق حريتهم تسحق حريتك. إن حياتك هي من حياة الآخرين. لا تقض على حياة الآخرين لأنه سيأتي يوماُ يقضى فيه على حياتك. إياك أن تقطع لسان الآخرين لأنه سيأتي اليوم الذي سيقطع فيه لسانك وستصرخ وليس من مجيب أو منقذ. لا تحرق قلوب أمهات وآباء الآخرين سواء بحجز حريتهم أو القضاء على حياتهم لأنه سيأتي يوماٌ تحجز حريتك ويقضى عليك فلا أحد مجيب أو منقذ. افتح بابك ونوافذك للحوار. إياك أن ترفض الحوار لأن فيه الأمن والسلام. لا تنتهك عرض الآخرين لأنه سيأتي يومً ينتهك فيه عرضك. فلا أحد ينقذك ولا تغتر بالقوة التي بين يديك. لأن القوة لا تحمي الإنسان بل الحرية والصدق والعدل والحقيقة هي التي تحمي الإنسان. أخي الإنسان: تذكر دائماً هذا القول المأثور (( إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك )).. إن الوطن وشعب الوطن هما أغلى قيمة عند الإنسان و الإنسانية. وإن زينة الوطن والشعب هما الحرية. وإن وطناً بدون حرية وشعباً مستعبداً محروم من الحرية صحراء قاحلة لا حياة فيها ولا يمكن أن تقام فيها حضارة ونتيجتها الدمار.. ربما كان في التاريخ القديم يدوم الظلم، لكن في التاريخ الحاضر لا يمكن أن يدوم. إن الإرهاب لا يحل المشاكل بل يعقدها. إن الإرهاب أسلوب وحشي بربري لا يمكن للعالم المتحضر أن يقبله ولا يمكن للتاريخ العالمي الآن أن يقبله. إن تفجير القنابل الانتحارية في أسواق الخضرة أو الشوارع العامة أو الفنادق والمطاعم والمدارس والحافلات والطائرات جريمة إنسانية بشعة لا يمكن للبشرية أن تقبلها. إن قتل المعارضين أو المختلفين معك في الرأي والعقيدة والسياسة والقومية والدين والمذهب لم يعد يقبله التاريخ. وعلى الظالمين أصحاب السلطة عليهم أن يرفعوا ظلمهم عن الناس. وعلى الذين لا يعترفون بحقوق الآخرين عليهم أن يعترفوا بحقوق الآخرين. إن حق تقرير المصير حق مقدس لكل إنسان أو شعب أو أمة لا يجوز المساس به.. وفي النهاية حان الآن بعد هذه المقدمة التي كتبناها عن التاريخ بجانبه المادي والروحي وعن قيمه وعن اللحظة الراهنة من التاريخ العالمي. جاء دور للإجابة عن السؤال: هل فعلاً للتاريخ مكر أو غدر؟.. لقد قلنا أن التاريخ مراحل. وكل مرحلة تاريخية تأخذ اسمها بالأدوات الإنتاجية. وقلنا أن كل مرحلة تاريخية يقابل الجانب المادي الجانب الروحي. إن البشر لا يستطيعون أن يعيشوا مع الحركة التاريخية بالجانب المادي والروحي من المرحلة السابقة. وينشأ دائماً صراع جديد بين القديم والجديد. وهذا يعني نشوء حالة ثورية وعادة تكون دموية. ولكن مهما تكن أن الضرورة التاريخية تتطلب الإنتقال إلى المرحلة الجديدة بجانبيها المادي والروحي. ففي المجتمعات الحية التي تملك ديناميكية التطور ينتقل الناس بيسر وسلامة إلى المرحلة الجديدة ويؤسس مؤسسات وفق الحالة التاريخية المعاشة. أما في المجتمعات المتخلفة التي يأخذ الجانب الروحي طابع القداسة والحقيقة المطلقة والتي ترتبط قسم من المجتمع مصلحته الطبقية بالوضع القديم. وتحاول الطبقة ذات المصلحة القديمة التمسك بالجانب الروحي ووضعها في وجه حركة التاريخ. فينشأ صراع دموي بين الفئتين القديمة والجديدة وتجر كارثة على الوطن والشعب وما تم بناؤه. تتزعم هذه الحركة المقاومة للتغيير القوى السياسية التي بيدها السلطة السياسية. حيث تستخدم هذه السلطة أقسى ما يمكن من الشدة والتعسف والعنف بغية وقف حركة التاريخ المندفعة إلى الأمام. ترى لماذا يتمسك القديم بالجانب الروحي من العملية التاريخية ويحاول إيقاف حركة التاريخ؟. ونحن نقول للأسباب التالية: 1- القرش الحرام: هو سبب كل المآسي التي تجر على الوطن والدولة والشعب (الفساد). 2- عدم حل مشكلة حقوق المواطنة في الشرق الأوسط. بسبب وجود قوميات مستهدفة. في إيران: العرب، الأكراد، البلوش والأزريين. في تركيا: الأكراد والعرب والأرمن. في الدول العربية: الأكراد والآشور السريان والأقباط الأمازيغنيين الأفارقة. 3- انتهاك حقوق الإنسان. 4- عدم وجود نظم سياسية ديمقراطية لحل مشكلة تداول السلطة بالشكل السلمي. 5- تدخل العسكر في السياسة. 6- ابتعاد دول الشرق الأوسط بثقافتها عن القيم الإنسانية للمرحلة التاريخية المعاصرة. 7- تضارب هذا الوضع بالشرق الأوسط مع مصالح القوى الصناعية الكبرى في العالم. 8- محاولة القوى السياسية الحاكمة في الشرق الأوسط إغلاق الباب أمام القوى الخارجية الصناعية. 9- اتخاذ الجانب الروحي من العملية التاريخية طابع القداسة. ونظراً لأهمية البند الأول وهو القرش الحرام وكما يسمونه في السياسة الفساد ونظراً لتحويل السياسة في الشرق الأوسط إلى عامل ارتزاق بنسبة 99.99% أردنا أن نتوسع في بيان الحقيقة تاركين الحكم للقراء الكرام ليتأكدوا بأنفسهم على صدقية ما نقول: نحن في طريق الحقيقة نعتقد بأن الأمر ليس بخاف على أحد. إن كل الذين تربعوا على كرسي الحكم جعلوا من أنفسهم إلهاً. وجسدوا في أنفسهم الوطنية والقومية والعدالة الاجتماعية ورفعوا شعارات محاربة الامبريالية والصهيونية والرجعية. كانوا فقراء لا يملكون شيئاً ولم تمض سنوات على حكمهم وإذا بهم أصبحوا أصحاب فيلات ومزارع ورساميل هائلة في البنوك الإمبريالية. ترى هل يمكن للعاقل أن يصدق بأن ما كسبوه هي من رواتبهم. ثم تمضي الأيام فلا تم القضاء على الإمبريالية والصهيونية والرجعية ولا تحقيق العدالة الاجتماعية ونزل نسبة ثمانين بالمائة من أبناء شعوبنا في الشرق الأوسط تحت خط الفقر والبطالة ضارب أطنابها بأعناق شعوبنا. لقد حدث من هذا الوضع أن أصبح كل الحكام السياسيون وأطقمهم سواء أكانوا ملوكاً أو أمراء أو جمهوريون في ورطة. لا هم يستطيعون أن ينفذوا وعودهم التي صرعوا بها آذان شعوبهم ولا هم يستطيعون أن يتركوا السلطة. إنهم يريدون أن يتمسكوا بالسلطة إلى الأبد. وحكام العالم المتمدن يتناوبون السلطة بواسطة انتخابات ديمقراطية حرة. والثورة الإعلامية التي ظهرت بظهور الأقمار الصناعية فتحت الباب أمام انشاء محطات إعلامية فضائية لا حصر لها وتغطي بثها الكرة الأرضية بأكملها. فالمواطن في الشرق الأوسط يرى كيف تجري انتخابات في الدول الديمقراطية ساعة بعد ساعة وكيف تكون النتائج. يخسر حزب ويربح حزب آخر عشرات من الشخصيات السياسية يتبارزون في المعارك الانتخابية والخاسر يصافح الفائز وكأنهم في مباراة رياضية. لا عنف ولا سفك دماء ولا تدمير وطن. يعود الخاسرون إلى أعمالهم يراجعون أنفسهم كي يدركوا أخطائهم ويتساءلون ترى لماذا لم تقبل الجماهير سياساتهم ويحاولون تغيير تكتيكاتهم واستراتيجياتهم وبرامجهم السياسية وشعاراتهم وشخصياتهم استعداداً للجولة الثانية. كم يتمنى أي مواطن في الشرق الأوسط أن يجري هذا في وطنه. إن الذي يحدث عندنا في الشرق الأوسط هو مرشح واحد والنتيجة المعروفة هو رضا الشعب عنه بنسبة 99.99%. ترى لماذا يحدث هناك؟ ولماذا يحدث عندنا بهذا الشكل؟ والجواب: السبب هو القرش الحرام هو الفارق الرئيسي. ولنرى كيف تسير الأمور عندهم وكيف تسير عندنا. إن الرؤساء في الدول الديمقراطية لا يستطيعون أن يأخذوا أو يصرفوا قرشاً واحداً من المال العام. إلا بعد موافقة من المؤسسات المختصة. وإن المال الذي يجبى من المواطنين بواسطة الدولة تحت اشراف جهات مالية لا يمكن صرفها إلا بموافقة البرلمان أو مجلس الشيوخ. وإن الحكام لا يملكون أية قصور ولا عقارات سوى عقاراتهم الخاصة قبل توليهم السلطة. وإن الحكام في الدول الديمقراطية مقيدون بالدستور ولا يستطيعون انتهاك حرية أي مواطن أو حبسهم أو قتلهم أو تغييبهم أو منعهم من التعبير. إن حرية المواطن وكرامته وماله وعرضه مسؤول عنه الجهاز القضائي. وإن الجهاز القضائي مقيد بدستور وقوانين. ولديهم جهاز دفاعي أمام القضاء يمثلهم المحامون. وهناك أيضاً الرأي العام له قيمته وله تأثير كبير بالإضافة إلى الصحافة الحرة. والحكام في الدول الديمقراطية مدة حكمهم محدد بدستور فلا يستطيع أي حاكم أن يستمر في الحكم حتى ساعة واحدة بعد انتهاء المدة. لذا فهو يغادر القصر الرئاسي بكل طيبة خاطر ولا أحد من المواطنين يحقد عليه ولا يريد الانتقام منه لأنه لم يسرق ولم يبن قصوراً بالمال العام ولا عنده رصيد من المال العام. بالإضافة إلى أنه لم ينتهك حرية أي مواطن ولم يقتل أو يغتال أحد من معارضيه لذا هم لا يخشون من انتقام أحد له. وهكذا يعود إلى مكان عمله ويمارس حياته الطبيعية ويسير بين الناس ويشارك في الحياة العامة. أما حكامنا في الشرق الأوسط.. من المستحيل أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية. إنهم يدخلون القصر الرئاسي ولا يخرجون منه إلا بواسطة انقلاب إما مقتولاً أو منتحراً أو الموت الطبيعي. خارج القصر لا يستطيعوا أن يعيشوا ساعة واحدة. وإذا لم يكن القصر محاطاً بآلاف من الحرس فلا يستطيعوا أن يناموا. وإن ناموا ينامون على كوابيس مرعبة ويستيقظون على كوابيس والسبب هو سرقة المال العام ( القرش الحرام ) وانتهاك حرية ألوف من المواطنين وسحق كرامتهم في أقبية رجال الأمن. إن دموع آلاف من الأمهات التي هن فاقدات أولادهن ولا يعرفون أين هم.. هل هم لا يزالون في هذه الدنيا أم ذهبوا إلى الدنيا الأخرة. إن القرش الحرام الذي كسبوه من السياسة وعمروا بها القصور وأنشأوا المزارع ينقلب وبالاً عليهم وعلى شعوبهم. فلا يستطيعون أن يقوموا بإجراء أية تغييرات لا في نظام الحكم. ولا يستطيعوا أن يوفروا الحرية لمواطنيهم.. ولا أن يحلوا أية مشاكل اقتصادية ولا اجتماعية. ولا يستطيعوا أن يقبلوا القيم الكونية التي ظهرت نتيجة للثورة العلمية والإعلامية. ثم تدخل مجتمعاتهم في أزمات عميقة وتكون دائماً نتيجتها الحرب الأهلية والقتل والخراب والدمار. ويظهر عن هذه الحالة عشرات التنظيمات المعارضة ومسميات متعددة وعادة تلجأ المعارضة إلى الاستنجاد بالخارج وهنا تقع الكارثة. ولنأخذ مثالاً على ما قلناه: صدام حسين المؤمن في مجابهة التاريخ وحبل المشنقة: صدام حسين الذي لعب على الحبلين لمدة طويلة من الزمن. حبل الاتحاد السوفيتي سابقاً وحبل الغرب بزعامة أمريكا. فكان نتيجة هذه اللعبة حرب على الأكراد دمر فيها الآلاف من القرى الكردية وقتل من الشعب مئات الألوف ودفنهم في قبور جماعية نساءاً وأطفالاً وشيوخاً. وضرب مدينة حلبجة الكردية بالغاز الكيماوي المحرم دولياً حيث راح ضحيتها بدقائق معدودة خمسة آلاف إنسان. ثم شن حرباً على إيران راح ضحيتها أيضاً مئات الألوف من خيرة شباب العراق وإيران ناهيك عن الخسائر المادية التي كان بإمكانها أن تحول الشرق الأوسط بأكمله إلى جنة يوفر المأكل والملبس والمسكن لكل إنسان. وانقطع الحبل الأول بانهيار الاتحاد السوفيتي ولكن صدام حسين لم يكن لديه الخبرة للعب على الحبل الثاني (( القطب الواحد )).. فراح ينسج من خياله حبلاً ليكون بديلاً عن حبل السوفييت. حيث انقلب صدام حسين من الفلسفة المادية القومية إلى الفلسفة الروحية. وفجأة ظهرت معه صحوة إيمانية وانقلب إلى رجل مؤمن. وأمر وسائل إعلامه أن ينشروا صورته وهو يصلي على التلفاز. ولم يكتف بهذا بل راح يفتتح المعسكرات لهذا الإيمان فتوافد الآلاف من جند الإيمان من الدول العربية والإسلامية وبدأ يدربهم ويقدم لهم مساعدات مالية سخية ويشكل منهم جيوش بأسماء مختلفة (( جيش القدس )) (( فدائيي صدام )) …الخ وبعد أن تم تدريب هذه الجيوش على السلاح بدأ يلعب لعبته المفضلة وهو اللعب على الحبلين… وما كاد أن تتنهي الحرب الإيرانية العراقية أراد أن يجعل من نفسه بطلاً قومياً لتوحيد الأمة العربية المجزأة. تماماً كما فعل غاري بالدي في ايطاليا وبسمارك في ألمانيا سابقاً. وفي ليلة ظلماء أمر جيوشه بغزو الكويت. لقد أفاق الكويتيون ليروا أن دبابات وجنود صدام تحيط بكل المؤسسات السياسية لدولة الكويت. فما كان من القيادة السياسية الكويتية إلا الهرب. ولما كانت الكويت دولة معترف بها دولياً وعضواً في هيئة الأمم المتحدة ولها اتفاقيات استراتيجية مع الغرب. قامت أمريكا تتزعم حلفاً غربياً وبمشاركة دول عربية بطرد صدام حسين من الكويت بعد أن تم تدمير جميع آلياته المدرعة ولم يبق من الجيش العراقي سوى الحرس الجمهوري احتفظ به لحماية قصوره. وأثناء تقدم الجيوش الحلفاء نحو بغداد حيث الطريق سالكاً حدثت فجأة انتفاضتين الأولى في الشمال حيث قام الأكراد بالاستيلاء على جميع المدن الكردية. والثانية في الجنوب بقيادة الشيعة. ولكن حصل ما ليس بالحسبان في حرب الغرب ودول الخليج بزعامة السعودية. لقد رفع المنتفضون الشيعة في جنوب العراق صور الخميني. وأدركت السعودية أن جنوب العراق سوف يقع في قبضة إيران وستقام فيها دولة ذات مذهب شيعي وعلى حدودها مما سوف يكون لها انعكاسها على كل دول الخليج التي فيها شيعة والمحرومين من حقوقهم السياسية. حيث طلبت السعودية من أمريكا بعدم اسقاط صدام حسين بل إعطائه الضوء الأخضر بقمع الانتفاضتين معاً وجرى اتفاق على عجل وتحت خيمة صحراوية (( منطقة الصفوان )) بين أمريكا وصدام لوقف الحرب وأعطت أمريكا الضوء الأخضر لصدام بقمع الانتفاضتين. وبالفعل استطاع صدام بقمع الانتفاضتين وبشكل مأساوي. ولكن ما حدث في الشمال لم يكن يخطر ببال صدام مطلقاً، أن انتشرت شائعات بين الناس من أن صدام سوف يستخدم الغازات الكيماوية مرة أخرى ضد الأكراد. مما حدا بالشعب الكردي أن يهاجر بالملايين حيث التجأ قسم منهم إلى إيران وقسم إلى تركيا ووسائل الإعلام تصور هذه المشاهد وتنشرها إلى العالم. لقد ضج الرأي العام العالمي وأنصار حقوق الإنسان وأجبروا أمريكا على أن ترسل وزير خارجيتها جيمس بيكر ليطلع بنفسه على الحقيقة حيث رأى بأم عينيه كيف أن الطائرات تلقي بالخبز على مئات الألوف من البشر كي يبقون على قيد الحياة. وكذلك أجبر الرأي العام العالمي وأنصار حقوق الإنسان رئيس وزراء بريطانيا جون ميجر أن يقدم بطلب مستعجل إلى مجلس الأمن حيث اتخذ مجلس الأمن قراراً دولياً لإنشاء منطقتي حماية تحت إشراف دولي إحداهما في الشمال للحفاظ على الشعب الكردي من الإبادة الجماعية والثانية في الجنوب للحفاظ على الشيعة على قيد الحياة كبشر. وتم سجن صدام في الوسط. وضرب حصارٌ اقتصاديٌ حول العراق مات بسببها مئات الألوف من العراقيين جوعاً ومرضاً. وجاءت ضربة 11 أيلول 2001م على رأس أمريكا بعد أن أصبحت زعيمة العالم بأكلمه. لم يكن يخطر ببال أمريكا مثل هذه الضربة ومن القاعدة التي رعاها وعلمها فنون القتال وقواها بكل الوسائل اللوجستية أثناء استخدامها ضد السوفييت في أفغانستان. وهاجمت أمريكا بعد أن صحت من هول هذه الضربة أفغانستان أولاً ثم العراق. لم يكن هدف أمريكا القضاء على القاعدة وحكم طالبان في أفغانستان فقط بل القضاء على كل جند أهل الإيمان أينما وجدوا. ولهذا كان العراق الهدف الثاني. وشهد العالم أجمع نهاية صدام هو وضع حبل المشنقة حول عنقه. ولنأت إلى جواب السؤال الذي سألناه هل للتاريخ مكر؟ ونحن نجيب حسب معرفتنا وتحليلنا لحركة التاريخ ونقول: لا ليس للتاريخ أية مكر أو غدر أو أية تسمية أخرى. إن التاريخ هو الصديق الوفي لمن يفهمه. إن التاريخ حركة علمية فيها عدل وإنصاف وأمن وتقدم ولا يغدر بأحد. التاريخ راحة وأمان وسعادة للبشر. إن التاريخ يخلص البشر من كثير من المعاناة والعذاب التي كان البشر يعانون منها. ولكن مشكلة التاريخ لا يوجد لديه قلب حنون ورحيم. ولا يملك أية شفقة. إن حكمه قاس لأبعد الحدود لمن لا ينصاع لأوامره وينفذ طلباته. ولا يقبل أية طلب للعفو والرحمة. يأمرك فيجب أن تطيع. أوامره غير قابلة للطعن والاستئناف والتمييز. إن أطعت أوامره أنقذت نفسك من الهلاك. وإن لم تطعه دفنك تحت التراب. لا حل وسط لدى التاريخ على الإطلاق. إما أن تسير معه وإما أن يدفنك. ولنسأل الأسئلة التالية: 1- ترى لماذا أزال التاريخ الاتحاد السوفيتي من الوجود ولم يقبله؟ 2- لماذا أزال النظام الطالباني؟ 3- لماذا أزال النظام العرافي الصدامي؟ والجواب هو: 1- لقد أزال التاريخ الاتحاد السوفيتي لأنه لم تكن دولة بنيت على أساس علمي. لقد اعتبر نزعة الملكية الخاصة في نفس الإنسان مكتسبة وليست فطرية. لقد أراد أن يرجع التاريخ إلى الوراء إلى عهد المشاعية البدائية عندما لم تظهر الملكية الخاصة بعد. والتاريخ لا يرجع إلى الوراء. 2- أما النظام الطالباني أراد أن يبني نظاماً سياسياً وحقوقياً مخالفاً لقوانين التطور التاريخي. وأراد أن يرجع بالبشر إلى ألف وأربعمائة عام إلى الوراء. وأن يحكم ناس القرن العشرين بالجانب الروحي لألف وأربعمائة عام فحدث له ما حدث. 3- إن نظام صدام حسين وطاقمه السياسي بعد الصحوة الإيمانية أراد أن يجابه الحاضر بجانب روحي لألف وأربعمئة عام والنتيجة وضع حبل المشنقة حول عنقه. لقد كان على النظام الطالباني والصدامي أن يستيجبا لنداء التاريخ وللضرورة التاريخية التي حلت مع نهاية القرن العشرين منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. والنداء التاريخي والضرورة التاريخية كانت تقول لهم أن يجريا انتخابات ديمقراطية وتشكيل حكومة وفق إرادة الشعب وأن يضعا دستور وضعي يوافق عليه الشعب باستفتاء حر ونزيه وأن يؤسسا مؤسسات ذات استقلالية. وأن يصنعا نظام حقوقي على أساس فلسفة حقوق الإنسان. وأن تكون تداول السلطة عن طريق الانتخاب ذات التعددية الحزبية. وأن يفتح بابهم للعالم. وأن يصنعا برامج تعليمية تكون القيم الكونية على رأس برامجها التعليمية والتربوية. لا أن يلجأ بدلاً من كل ذلك إلى إحياء الجانب الروحي الذي خلفه التاريخ وراءه منذ ألف وأربعمائة عام محاولين تصدير أفكارهم وسياستهم وارجاع التاريخ إلى الوراء. فمثلما لا يستطيع الناس الرجوع إلى الوراء باستخدام الأدوات الانتاجية القديمة. كذلك لا يستطيعون أن يرجعوا إلى الجانب الروحي لتنظيم حياتهم العصرية. لقد جرى تطور ذاتي وموضوعي للناس وها هم يدخلون القرن الحادي والعشرين. إن هذا التطور نتيجة لثورة علمية أبدعها العقل البشري الإنساني. لقد صدرت وثيقة عالمية كونية وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إن أي نظام سياسي إذا لم يأخذ بالاعتبار فسيأتي يومٌ يندم حيث لا ينفع الندم. إن ما حدث في العراق يختلف عما حدث في أفغانستان. ففي العراق: 1- لقد حدثت ثورة سياسية في العراق في 14 تموز عام 1958م تم إلغاء الملكية وأعلنت الجمهورية. لقد حمل البيان الأول لهذا التغيير بأن العراق وطن للعرب والأكراد وهما القوميتان الكبيرتان. وبناءاً على هذا البيان جرى اتفاق آذار 1970م بين النظام العراقي والقيادة الكردية بعد حرب دامت من أيلول 1961م وحتى عام 1970م. وكان يجب أن تنتهي حرب العداوة بين الشعبين العربي والكردي الذين تآخا خلال كل تاريخ الإسلامي وأن ينهي القضايا العالقة بالحوار. 2- كان يجب على النظام العراقي أن يتخذ خطوات جادة حول الديمقراطية. وذلك بإجراء انتخابات تعددية حرة. لانتخاب مجلس تشريعي يعبر عن إرادة الشعب ويوضع دستور دائم يحدد فيه كل الحقوق والواجبات وأن يقر بالحقوق الوطنية والثقافية لكل مكون من مكونات الشعب العراقي سواء أكان قومياً أو دينياً. وأن تكون هناك سلطة قضائية مستقلة لا سلطان عليها لتكون حارساً أميناً لحقوق المواطنين. 3- الإقرار بحق التعبير لكل إنسان، كي تظهر صحافة مستقلة حرة تراقب كل شيء وتعبر عن الرأي العام. 4- حل مشكلة تداول السلطة عن طريق الانتخابات الديمقراطية تعددية وترك أسلوب العنف والانقلابات العسكرية للاستيلاء على السلطة. 5- ترك الشعارات الديماغوجية مهما تكن نوعيتها قومية أو دينية أو طبقية تاركاً الأمر للشعب كيفما يريد. 6- التخلي عن الاتفاقات الأمنية التي كانت توقع مع دول الجوار ضد مواطنيها أو في سبيل الحفاظ على السلطة. 7- اعطاء الأمر للشعب ليقرر مصيره وينتخب قيادته السياسية ويتحمل مسؤوليته ليكون الحكم للشعب ولا سلطة فوق إرادة الشعب. ترى لماذا لم يحصل كل هذا؟ ولماذا لم يستطع النظام العراقي أن يغير من سلوكه وشعاراته وأسلوبه السياسي وأدار ظهره للتاريخ واعتمد على قوة مخابراته وحراسه الشخصي؟ والجواب: هو القرش الحرام.. (( الفساد )). ونحن نتساءل هل يعقل لرئيس جمهورية في الدنيا أن يملك ثمانين قصراً وحدائق حيوانات وتخوت نهرية وبحرية حيطانها من ذهب؟ وهل يعقل أن يكون لرئيس الجمهورية مئة ألف حرس لحماية شخصه وقصوره وحدائقه.. وهذا يعني أن نصف الثروة النفطية العراقية كانت في خدمة شخص واحد ولأفراد عائلته. وهل يعقل أن تكون الأموال الهائلة للثروة الوطنية مودعة في البنوك الغربية باسم صدام في الوقت الذي يعاني الشعب العراقي من الفقر والجهل والجوع والمرض. ترى ماذا كان يعمل صدام حسين بكل هذه القصور والأموال الهائلة المودعة في البنوك الغربية. صدام حسين والفرصة الأخيرة التي أعطاها له التاريخ: ففي الوقت الذي كانت أمريكا وحلفاؤها يحشدون الآلة العسكرية الجهنمية. انعقد في القاهرة مؤتمر الملوك والرؤساء العرب لبحث الأزمة العراقية. والكل كانوا يدركون خطورة الوضع وإن الحرب واقعة لا محالة. وأثناء هذا المؤتمر قدم الشيخ زايد حاكم الإمارات العربية طلباً إلى صدام بتركه السلطة وإن الإمارات مستعدة لمنحه اللجوء السياسي ليكون له ملاذاً ولكافة أفراد عائلته، ولكن صدام حسين رفض ذلك. ترى لماذا رفض صدام؟ ونحن في طريق الحقيقة نجيب ونقول: أن القرش الحرام هو السبب. هذا القرش الذي بنى فيه كل هذه القصور هو الذي منعه من أن يقبل هذا الطلب. فجاء حكم التاريخ له بأن وضع حبل المشنقة حول عنقه. وهكذا خسر صدام حياته وحياة أولاده وشرد عائلته وأحفاده تماماً كما خسر جاره شاه إيران من قبله. والآن الذين جاؤوا من بعده في إيران يسيرون في نفس الطريق الذي سار عليه الشاه ولا نعتقد أن حكم التاريخ سيطول تنفيذه بهم. إن الشعوب الإيرانية من الأكراد والعرب والبلوش والأزريين الذين تسحق كرامتهم الإنسانية وتنكر حقوقهم القومية والثقافية ومعرضين للصهر ويعتبرون مواطنين عبيد من الدرجة العاشرة. كما أنهم محرومون من المشاركة في السياسة. كل هذه الأمور منافية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومخالفة للقيم الكونية، ومخالفة للتاريخ العالمي المعاصر. فإذا لم يدرك السياسيون الفرس هذه المتغيرات التي حدثت في التاريخ العالمي سوف لن يطول حكم التاريخ عليهم. إن ما حدث في أفغانستان والعراق سيحدث في إيران وتركيا. ونحن نريد أن نذكر كل الحكام الذين لا زالوا على حكم شعوب الشرق الأوسط بالأسلوب السياسي القديم والأيديولوجيات القديمة. انظروا ما حدث في أفغانستان والعراق وماذا يحدث في الجزائر والسودان ولبنان واليمن وغزة فلسطين.. خذوا عبرة من التاريخ البعيد والقريب. إياكم أن تجابهوا غضب التاريخ. وإياكم أن تحاولوا بإرجاع التاريخ إلى الوراء. حلوا مشكلة حقوق المواطنة على أساس فلسفة حقوق الإنسان. أعطوا لكل صاحب حق حقه. عندها تسلمون وتسلم أوطانكم وشعوبكم. ليس في خط سير التاريخ أية مكر أو غدر. 3- الشرق الأوسط والصراع بين جنة السماء وجنة الأرض والضحية الشعوب: تسكن منطقة الشرق الأوسط الملايين من العرب والفرس والترك والأكراد والأقليات الأخرى.. آشورية وكلدان وأرمن ويهود…الخ كلهم بشر وبحاجة إلى ثلاث عوامل حيوية.. المأكل والملبس والمسكن. يفرقهم الوعي الخاطئ بفلسفة التاريخ. لقد منحت الدول الاستعمارية فرنسا وانكلترا الاستقلال السياسي لثلاث قوميات العرب والفرس والأتراك. وشكلت لهم دول وحرمت القومية الكبيرة الأكراد من هذا الحق. وبعد مرور ثلاث أرباع القرن لا زالت هذه الدول تجابه أكبر مشكلة وهي حقوق المواطنة, فالدول العربية تعطي حق المواطنة للعربي والإيرانية للفارسي والتركية للتركي أما بقية القوميات فليس لها حق سوى حق العبيد. إن هذه المشكلة أي حقوق المواطنة كانت وما زالت سبباً لصراع أيديولوجي بين القوميات ودولها. ولم تحظ هذه الدول بأية أمن واستقرار سياسي طوال القرن العشرين. ونتيجة لهذا الصراع الأيديولوجي الذي مورست السياسة بموجبها ضاعت امكانيات مالية وبشرية هائلة كان يمكن أن تخلق تطور حضاري وكان يمكن أن تسبق أوروبا بأكملها كون منطقة الشرق الأوسط غنية بثرواتها تفوق أوروبا بأكملها. الصراع الأيديولوجي في الشرق الأوسط: ينقسم الصراع الأيديولوجي في الشرق الأوسط إلى قسمين من حيث الهدف الظاهري وهي موزعة بين تيارين سياسيين: 1- جنة السماء. 2- جنة الأرض. والتيارين استغلوا في مجال السياسة معاناة تسعين بالمائة من هذه الشعوب ليصلوا إلى السلطة. بغية كسب القرش الحرام. 1- التيار الأول: أي تيار جنة السماء يمثله جميع التيارات الدينية ولهم فلسفة واحدة. والهدف الظاهري لفلسفتهم هو ارسال الناس إلى جنة السماء. 2- أما التيار الثاني: أي تيار جنة الأرض فينقسمون إلى ثلاث تيارات: 1- التيار القومي. 2- التيار الماركسي. 3- التيار الليبرالي. لقد انتهى القرن العشرين وماذا كانت نتيجة هذا الصراع بين جنة السماء وجنة الأرض؟ أ‌- فلسفة التيار الديني: يفسر فلسفة التيار الديني بالشكل التالي: يقسم التيار الديني الكون إلى عالمين: 1- عالم الأرض -2- عالم السماء. عالم الأرض مؤقت. وعالم السماء أبدي خالد. ويقسم البشر في عالم الأرض طبقياً إلى قسمين: 1- الأغنياء 2- الفقراء. وعقائدياً يقسم البشر على الأرض إلى قسمين: 1- المؤمنون 2- الكفار. ويقسم العالم الآخر ما بعد الموت إلى قسمين جزائيين: 1- الجنة 2- جهنم. أما في عالم الأرض جنة الأرض للأغنياء. والفقراء لهم جنة السماء. الأغنياء لهم في كل المراحل التاريخية المأكل والملبس والمسكن الجيد. والفقراء محرومون من هذه المتطلبات الثلاث. وخلال كل المراحل التاريخية كان الأغنياء هم أصحاب السلطة والفقراء خدم. ولكي لا يتمرد الفقراء يقوم رجال الدين كل يوم خمس مرات بإقناع الفقراء بإطاعة أوامر أولي الأمر وأن يصبروا ويمارسوا عباداتهم لأن لهم الجنة في السماء. وليس هذا فقط بل لكل ذكر أربعون حورية جميلة وعندها سيعيشون حياة أبدية خالدة. ولكن كيف ذلك يقول المشايخ يجب التقيد بما يأتي: 1- أن يمارس طقوس وعبادات الصوم والصلاة والزكاة والحج …الخ وأن تكون له ذقن طويلة ومسبحة وأن يكون ذو إيمان صادق في قرارة نفسه وبذلك يكون ميزانه ثقيلاً فيكون له الجنة في السماء. 2- إلى جانب هذه الطقوس والعبادات واجب على كل مسلم الجهاد في سبيل الله وهذا يعني أن يجعل كل البشر على وجه الأرض مسلمين. هكذا نفهم من مبدأ الجهاد مع اعتذارنا للعلماء والمشايخ إذا كنا مخطئين في تفسيرنا لأننا لا ندعي أننا أهل للاجتهاد والتفسير. فإذا كنا فيما فسرناه صحيحاً عن مبدأ الجهاد فهذا يعني أننا سنحارب العالم أجمع وتلك هي الخطورة. وقد ينقلب العالم كله ضدنا ولا نملك من القوة لا مادياً ولا معنوياً وقد نجر على أنفسنا الويلات والكوارث. إن السلاح الوحيد الذي نملكه هو الإيمان والإرهاب. والسؤال: هل فعلاً بالإيمان والإرهاب سيذهب الناس إلى الجنة؟ ولهذا نرى في الممارسة العملية لا يتحالف التيار الديني مع أية قوة أخرى. سواء أكانت قومية أو اشتراكية أو ليبرالية أو ديمقراطية. لأنه يعتبر كل هؤلاء كفار وخارجون عن دين الجماعة. إنهم فقط يعترفون بوحدة المؤمنين وكل واحد ل إعجابإعجاب
  24. من طريق الحقيقة رقم 26 والتي صدرت بثاريخ 11-5
    للمزيد من طريق ال 26 ادخل على الرابط
    http://www.freewebs.com/alhurria
    (( الزلزال الإيراني ونتائجه على الشرق الأوسط ))
    ____________________________
    1- لماذا تثير الزلزال الرعب والخوف في نفوس الناس ؟
    2- أنواع الزلازل ؟
    3- تاريخ الزلازل الاجتماعية وتتابعها التاريخي .
    4- لقد حان وقت الزلازل في الشرق الأوسط .
    5- الزلزال الإيراني بعد الزلزال العراقي بدأ بقذف حممه .
    6- الزلزال الإيراني صفعة قوية للسياسة الأمريكية . (( الحزب الديمقراطي ))
    7- رأي طريق الحقيقة في تلافي الزلازل ونتائجه المدمرة على الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
    _________________________________
    1- لماذا تثير الزلزال الرعب والخوف في نفوس الناس ؟
    إن الإجابة على هذا السؤال لا يحتاج الأمر إلى عبقرية فكرية . لأن نتائج الزلازل لمن أصاب بها من الشعوب واضحة وموثقة لكل العارفين والمؤرخين ولوسائل الإعلام . فكثيرا في قديم الزمان يذكرنا المؤرخون في كتبهم عن الدمار والخراب والقتل والتهجير التي أصابت بعض الشعوب , أما الآن وبعد التطور في وسائل الإعلان فهاهي تلك الوسائل الإعلامية تنقل إلينا بالصورة والصوت واللون النتائج المدمرة التي تصيب البشر نتيجة للزلازل الطبيعية والاجتماعية التاريخية كالحروب والحروب الأهلية . إن الإجابة على هذا السؤال غير ممكن بدون التعرف على أنواع الزلازل .
    2- انواع الزلازل ؟
    أ‌- زلازل طبيعية. ب- زلازل اجتماعية تاريخية .
    أ- زلازل طبيعية : يحدث هذا الزلزال نتيجة لحدوث انفجارات هائلة في عمق الكرة الأرضية الملتهبة بالنار دائما و ابداً منذ إن انفصلت عن الشمس على شكل غبار كوني هائل ثم تكدس هذا الغبار فوق بعضها البعض وشكلت طبقات مختلفة التكوين من حيث العناصر التي حملت معها لدى انفصالها عن الشمس وبقيت نواتها ملتهبة وقابلة للانفجار ليندفع حممها النارية سواء أكان هذا السطح مغطى بالماء او اليابسة . ويحدث عن هذا الاندفاع الهائل من الطاقة الانفجارية تدمير هائل يصيب البشر والحيوان والعمران والزرع .
    إن العلم والعلماء لم يكتشفوا بعد وسيلة او تكنيك للتنبؤ بحدوث هذه الزلازل الطبيعية بغية تلافي نتائجها المدمرة . ولحين يتمكن العلم والعلماء لإبداع هذا التكنيك سيكون أرواح البشر وأملاكهم تحت رحمة الحظ و الأقدار .
    3- تاريخ الزلازل الاجتماعية وتتابعها التاريخي :
    وهي مجال دراستنا لهذه الحلقة . لقد مرت هذه الزلازل الاجتماعية عبر التاريخ بمرحلتين .

    أ‌- مرحلة الزلازل الإيديولوجية الروحانية ( الدينية ) .
    ب‌- مرحلة الزلازل العلمانية (الأرضية ) .

    أ‌- مرحلة الزلازل الإيديولوجية الروحانية ( الدينية )
    وهذه مرت أيضا بثلاث زلازل اجتماعية
    أ‌- مرحلة الوثنية .
    ب‌- مرحلة زلازل الكتب المقدسة المنزلة من السماء و إعلان لحرب .
    ج‌- مرحلة زلازل إعلان الحرب بين أنصار الكتب المقدسة .
    لقد أعلن أنصار الكتب المقدسة الحرب على أنصار وتوابع الوثنية تحت اسم الجهاد في سبيل الله , والقضاء على المشركين والكفار وعبادة الأصنام ….الخ . ولا يعلم إلا الله كم من البشر قتلوا ودمرت ديارهم وانتهكت أعراضهم وسلبت أموالهم حيث انتهت هذه الزلازل بانتصار الكتب المقدسة على أنصار الوثنية . وما إن انتصر أنصار الكتب المقدسة وانهزم أنصار الوثنية أو قتلوا أو اختفوا في الغابات حتى اندلعت زلازل أخرى ولكن هذه المرة بين أنصار الكتب المقدسة .
    وهذه الزلازل الإيديولوجية العقائدية هي الأخرى جرت على البشرية القتل والدمار ولم تعرف البشرية حتى الآن لا الأمن ولا السلام ولا العدل .
    لقد استمرت هذه الحروب الزلزالية بين الكتب المقدسة السماوية في الشرق الأوسط والغرب فكان لابد من وضع حد لهذه الزلازل الكارثية . لم تسلم منها أية بقعة على سطح الكرة الارضية وأشبعت البشرية من الاستبداد والفقر والذل والتخلف والجهل .
    ب‌- مرحلة الزلازل العلمانية ( الأرضية )
    لقد حدث زلزال علمي في الغرب في القارة الاوربية تحديدا دون غيرها , وقد كان قواد هذه الزلازل ليس الانبياء هذه المرة , بل كان الفلاسفة والمفكرون العظام يؤلفون الكتب ويخطبون في الناس وينتقدون لا شي عندهم له حرمة او تقديس حتى الكتب المقدسة, ولم يتركوا من القديم شيئاً إلا وانتقدوه وطرحوا شعار العلمانية. ( والعلمانية تعني إبعاد الدين عن السياسة ) . ثم طرحوا شعار النظم الدستورية الوضعية بدلاً من المنزلة من السماء في تنظيم وتسيير امور الناس. ثم طرحوا افكار النظم السياسية الديمقراطية لحل مشكلة تداول السلطة بدلاً من الوراثة والعائلة المقدسة .
    ورفعوا شعارات قيم انسانية ( الحرية _ والمساواة _ والعدالة _ الإخاء ) بين بني البشر . ووضعوا شعار دولة القانون الوضعي الذي يوافق عليه الشعب بدلاً من مبايعة الحاكم .
    اما من الناحية الثقافية فقد طرحوا شعار دراسة المادة بدلاً من الثقافة الميتافيزيقية .
    نتائج هذا الزلزال العلمي :
    لقد فتحت الحركة النقدية الثقافية التي قادها الفلاسفة والمفكرين الأوربيين الطريق أمام العلماء لترك ثقافتهم المثالية الميتافيزيقية الدينية واستبدالها بالثقافة العلمية والتوجه نحو دراسة أسرار المادة واكتشاف حركاتها الميكانيكية والفيزيائية والكيماوية وتحولت هذه إلى إبداعات علمية وصناعية تكنولوجية فكانت القاطرة والباخرة والطائرة و التلغراف و المطبعة وغيرها كثير لا الحصر . وها نحن نعيش الآن عصر المعلوماتية التي حولت الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة .إن هذه الاكتشافات العلمية والإبداعات التكنولوجية أدت إلى بناء مصانع عملاقة أنتجت من البضاعة ما كانت باستطاعة أسواقها الوطنية أن تستوعبها . ونتيجة لذلك أدى إلى ظهور زلزال اجتماعي تاريخي جديد وهو الزلزال الاستعماري ,حيت توجهت كل الشعوب الأوربية التي كانت سباقة في إنتاج البضائع المصنعة سواء أكانت بضائع استهلاكية أو حربية نحو العالم الذي لا يزال نائماً في سبات عميق , وتعيش في مرحلة الثقافة المثالية الروحية بكل إشكالها السياسية والاقتصادية والتكنولوجية .وكان من الصعب جدا إن تقف بوجه هذا الزلزال الاستعماري .لقد أدى هذا الاندفاع الأوربي نحو العالم المتخلف إلى تنافس شديد لتقسيم العالم المتخلف بينهم .
    إن الحرب العالمية الأولى من 1914 م إلى 1918 م وكذلك الحرب العالمية الثانية من 1938م إلى 1944 م كان زلزالاً اجتماعياً رهيباً بين المتنافسين الأوربيين أدى إلى انشطار العالم إلى شطرين .
    الشطر الأول ظهر باسم الاتحاد السوفيتي ( وسميت بالكتلة الاشتراكية ) , والشطر الثاني ظهر باسم العالم الحر ( وسمي بالكتلة الرأسمالية ) . لقد كرست الكتلتين معاً كل العقول العلمية لاختراع أسلحة رهيبة في قدرتها التدميرية . فكانت القنبلة الذرية والهيدروجينية والكيماوية ووصلت بالعالم إلى شفى حفرة هاوية للفناء البشري بأكمله على وجه الأرض .
    لقد جرى بعد الحربين العالميتين محاولة للتخلص من الزلازل الاجتماعية التاريخية المدمرة وتشكلت هيئة دولية سميت بهيئة الأمم المتحدة ووضع لها ميثاق بغية تأمين الأمن والسلام بين الشعوب وتحقيق العدالة والتخلص من الاستعمار .
    ومع الأسف لحد الآن لم تستطع هذه المنظمة الدولية تحقيق تلك المبادئ السامية .والمشكلة تكمن أن هناك كثير من الحكومات والساسة في الشرق والعالم المتخلف يمارسون حياتهم وسياساتهم وثقافتهم القديمة . إن نتيجة ذلك سيؤدي حتماً إلى زلزال كارثي لا يمكن تقدير نتائجه ..
    4- لقد حان وقت الزلزال في الشرق الأوسط :
    في البداية لا بد أن نسال لماذا الشرق الأوسط ؟ ولنحاول الإجابة ؟
    يحكم الشرق الأوسط سلسلة حديدية قديمة .كل حلقة من هذه السلسلة لها دور في ربط هذه السلسلة ببعضها البعض .
    إن الحلقات القديمة من هذه السلسلة سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو حقوقية وإيديولوجية يرأسها تناقض واحد هو القرش الحرام . ويحتل القرش الحرام المرتبة الأولى في حياة كل الذين ارتبطت حياتهم ومصالحهم بإدامة هذه السلسلة الحديدية . لكن هذه السلسلة الحديدية قد صدأت ولم تعد تستطيع حلقات هذه السلسلة أن تتحمل القوة الضاغطة التي ظهرت نتيجة للتطور الاجتماعي والعلمي والثقافي والقيم الإنسانية السامية ,سواء أكان ذاتيا أو خارجيا .
    إن القوة الخارجية الفعالة قد غيرت سلاسلها الحديدية القديمة واستبدلتها بسلاسل فولاذية تماشياً مع التطور التاريخي .
    لقد حدث تطور هائل داخل المجتمعات الخارجية للشرق الأوسط سياسياً و اقتصادياً و حقوقياً و قيم كونية . لقد بات من المستحيل حكم هذه المنطقة من الشرق الأوسط بالسلسلة الحديدية القديمة المهترئة . ولكن أنصار هذه السلسلة القديمة المهترئة لا يستطيعون أن يتخلوا عنها لأن عليها تتوقف حياتهم و مماتهم و خسارتهم للقرش الحرام .
    و أمام هذا الوضع التاريخي دخل الشرق الأوسط بأكمله في حالة أزمات . هذه الأزمات هي المقدمة لحدوث الزلازل الاجتماعية و من المستحيل تلافي ذلك . لقد بدأ أصحاب هذه السلسلة القديمة يدركون النتيجة المدمرة لهذا الزلزال لدى تعرض أية حلقة من هذه السلسلة للانقطاع . و لهذا صرح رئيس وزراء تركيا أردوغان بتاريخ 23/2/2010 م حيث قال : ( إن الهجوم العسكري على إيران سيكون كارثة على الشرق الأوسط ) . و على الفور بدأ أنصار السلسلة القديمة يتبادلون الزيارات و يتنازلون عن كثير مما كانوا يطالبون من الطرف الأخر . و بدؤوا يسعون و يعقدون الصفقات و المعاهدات الأمنية و الاقتصادية . كل هذه الحركات هدفها واحد هو الحفاظ على القرش الحرام التي كسبوها .
    و لكي نفهم خطورة الزلازل الآتية لا بد من فهم الشرق الأوسط و كيف أحيط بسلسلة حديدية و التي أهترئت بفعل التطور التاريخي .
    ترى لماذا يتمسك أنصار هذه السلسلة الحديدية المهترئة . و كيف تم صنعها ؟ و لماذا صنعت ؟
    1- دور القوى الخارجية في صنع هذه السلسلة .
    2- العوامل الإقليمية في بنيان هذه السلسلة .
    3- ما الذي يجمعهم ؟ و الذي يفرقهم ؟
    4- السلسلة القديمة في مجابهة التاريخ العالمي الجديد بكل قيمه السياسية و الثقافية و الاقتصادية .

    1- دور القوى الخارجية في صنع هذه السلسلة : لقد أنشطر العالم إلى شطرين و كان هذا الانشطار نتيجة الزلزالين . الزلزال الأول الحرب العالمية الأولى و الزلزال الثاني الثورة العلمية التي حدثت في أوروبا . الشطر الأول كان تتزعمها انجلترا و فرنسا و أمريكا و جميع العالم الغربي الرأسمالي . و كان الشطر الثاني بزعامة الاتحاد السوفيتي و جميع الدول التي ضمت بالقوة إلى هذا الاتحاد و سميت بالعالم الاشتراكي .
    و لما كانت الرأسمالية السابقة للاشتراكية و لأول مرة في التاريخ رأت نفسها أمام خطر داهم . الخطر الذي يهدد الملكية الخاصة و تحويلها إلى ملكية عامة . و لما كانت الثورة العلمية التي انفجرت في أوروبا و إبداعها في التكنيك الصناعي و كان روح هذا التكنيك هو البترول براً و جواً و بحراً .
    و هذا البترول ظهر في الشرق الأوسط . فسارع الغرب في وضع إستراتجية بعيدة للحفاظ على هذه المنطقة و حمايتها من الامتداد الشيوعي الاشتراكي , و دخلت في صراع الموت و الحياة مع هذا الخطر الداهم .
    و لما كانت العقبة الأولى أمام هذه الإستراتيجية هو الإمبراطورية العثمانية و التي كانت تعيش أخر أيامها و التي سميت حينها بالرجل المريض . فكان لا بد للغرب من أن تطلق طلقة الرحمة على هذه الإمبراطورية التي أشبعت شعوب الشرق الأوسط الاستبداد و الفقر و الجهل و التخلف . و هكذا قررت انجلترا و فرنسا على إنهاء هذه الإمبراطورية و أقامت على أنقاضها سلسلة دول تكون سلسلة حديدية تحاط بالاتحاد السوفيتي .
    و تتألف حلقات هذه السلسلة الحديدية من دولة إيران و دولة تركيا و 22 دولة عربية .
    و لما كان طابع الصراع بين الكتلتين أخذاً طابعاً إيديولوجياً . حيث كانت فلسفة الكتلة السوفيتية قائماً على النظرية الماركسية التي تقوم على الصراع الطبقي و هدفها إلغاء الملكية الخاصة . و لهذا أستخدم الغرب الرأسمالي سلاحين إيديولوجيين و هما الأيديولوجية القومية المتعصبة و الأيديولوجية الدينية .
    لقد أستخدم السلاح الأيديولوجي القومي في إيران حيث أطلق العنان للقومية الفارسية المتعصبة الشوفينية .
    و كذلك استخدمت القومية الشوفينية التعصبية في تركيا و أيضاً في قسم من الدول العربية و القسم الثاني من الدول العربية أستخدم السلاح الأيديولوجي الديني .
    لقد تم إدخال هذه الدول إلى هيئة الأمم المتحدة بعد أن تم رسم حدود كل دولة و اتخذت هذه الدول المشروعية الدولية . و تم مد شرايين الحياة لهذه السلسة الحديدية و مدتها بالطاقة و تم حمايتها و استبدال حكامها بانقلابات عسكرية . لقد كانت مهمة هذه السلسلة هو تحقيق هدفين أساسيين :
    1- الوقوف و مناهضة الخطر الآتي من الكتلة الاشتراكية .
    2- محاربة كل الحركات اليسارية الداخلية و منعها من استلام السلطة في أية دولة ضمن هذه السلسلة الحديدية .
    لقد كانت إنكلترا و فرنسا من صنعوا هذه السلسلة ثم تراجع دوروهما تاركاً دور الزعامة لأمريكا .
    لقد أستمر هذا الوضع حتى انهيار الاتحاد السوفيتي بفعل تأكلها الداخلي و عدم تمكنها من تجديد نفسها .
    و الآن زال خطر الاتحاد السوفيتي و تحولت إلى دولة رأسمالية و غابت شمسها عن الساحة الدولية .
    و لكن بقيت لها أظافر حادة و يحاول الغرب الآن تقليم هذه الأظافر أيضاً .
    2- العوامل الإقليمية في بنيان هذه السلسلة:
    لقد قلنا و بينا أن الغرب شكل كل حلقة من حلقات هذه السلسلة الحديدية , و لكن هذه السلسلة المكونة من حلقات مترابطة كانت تحمل بزور موتها و تخلفها بداخلها . وكل حلقة من هذه الحلقات تتألف من عاملين أساسيين :
    1- الشعب 2- السلطة ( الحكام )
    فخلال كل القرن العشرين بكامله كان الشعب في وادٍ و الحكام في وادٍ أخر , لم يحدث قط أي تلاحم بين العاملين و ذلك للأسباب التالية : كل مفكر و عالم اجتماعي و سياسي يدرك أن المجتمعات البشرية العصرية لا يمكن أن تسير بدون نظام فلا بد من سلطة تحكم الناس لتنظيم أمورهم و تحرس على أمنهم و استقرارهم كي تستطيع الشعوب أن تتقدم . و هكذا تخلص البشرية من ظلام القرون الوسطى و نظمها و طريقة اختيارها لحكامها و فق آلية سميت بالأسلوب الديمقراطي . و الأسلوب الديمقراطي يقوم على الانتخاب المتعدد , و هنا أعطي الحق للشعب أن يختار الرئيس الذي يريد أن يحكمهم . و هذا يعني عندما تكون السلطة الحاكمة منتخبة من الشعب فالشعب سيكون معه في السلم و الحرب و البناء . و الحالة الثانية في هذه العملية تكون هناك و حدة وطنية من الصعب على أية قوة خارجية أن تفكر في الاعتداء على هذا الشعب و إن اعتدى ستكون نهايته . و لكن شعوب الشرق الأوسط لم تجرب هذا الأسلوب في اختيار حكامها على الإطلاق خلال القرن العشرين بكامله … وحتى الآن .
    ترى لماذا لم تمارس شعوب الشرق الأوسط هذا الأسلوب ؟ والجواب : كتبنا سابقاً لأن كل الأطقم السياسية التي تناوبت على حلقات هذه السلسلة الحديدية كان يعينهم صانعوا هذه السلسلة الحديدية سواء أكانوا في حلقة إيران أو تركيا أو الدول العربية ( القوميون و الروحانيون على السواء ) .
    لقد أستغل الأطقم السياسية التي تناوبت على السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية هذا الوضع و ساروا وراء القرش الحرام إلى أبعد الحدود . و نترك كشف الحقيقة لأهل الخبرة للبحث عن أرصدتهم في البنوك الأوروبية و إحصاء ما يملكونه من قصور و مزارع و ذهب ……… و نحن لا يسعنا أن نسأل السؤال التالي .. عندما نسمع أخبار الوسائل الإعلامية التي تنشرها عن العراق فكثيراً ما يتردد كلمة قصور صدام . ولا بد أن نسأل من أين أتى صدام حسين بكل هذا المال ليعمر كل هذه القصور ؟ فإذا لم يكن القرش الحرام ؟ فماذا سيكون ؟ فهل من خبير أن يقول لنا الحقيقة ؟ علماً بأن صدام حسين كان طوال فترة حكمه ينادي بالقومية العربية .
    فهل القومية العربية هي بناء الإنسان و الحضارة و الحرية و العدالة أم بناء القصور للحاكم و حاشيته ؟
    و لهذا كانت النتيجة الشعوب تكره حكامها و الحكام تكره شعوبها . الشعوب لا تصدق كل ما يقوله الحكام , و لا الحكام تثق بشعوبها . الشعوب تخاف ليلاً و نهاراً من أجهزة السلطة الأمنية , و الحكام يخاف من الشعوب أن تتمرد يوماُ ما سيذهب الروح و القصور .
    و السؤال الأخير لا بد أن نسأل : هل من غرابه أن يكون الشرق الأوسط مرشح لزلازل اجتماعية تاريخية ؟
    3- ما الذي يجمعهم ؟ والذي يفرقهم ؟:
    لقد خطط الغرب صانع الحلقات السلسلية أهداف ثلاثة و طلب من الأطقم التي كان يعينهم في كل حلقة و هي التي تجمعهم :
    1- منع الامتداد الشيوعي نحو الشرق الأوسط .
    2- محاربة الفكر الشيوعي بالفكر القومي أو الديني .
    3- يترك الغرب لحكام الحلقات التلاعب بالورقة الكردية فيما بينهم دون القضاء عليهم .
    أما الذي يفرقهم وهي : لما كانت إيديولوجية الحلقات الثلاثة الفارسية و التركية و العربية هي الفكر القومي . فانتعشت أحلام إمبراطورية مع أطقم الحلقات الثلاثة و راح كل واحد منهم ينبش في قبور الماضي ليخرج بدعاية طوباوية بعيدة كل البعد عن روح العصر .
    و فجأة أنتعش مع التركي حلم لإعادة الإمبراطورية العثمانية و في نفس الوقت حلم الإمبراطورية العربية و الفارسية , و معنى ذلك أنه كان هناك ثلاثة أحلام إمبراطورية تتصادم في ثقافة شعوب الشرق الأوسط في الوقت الذي كانت هذه الشعوب جياع و حفاة و عراة و يستخدمون التكنيك القديم الذي كان يستخدمه الآباء و الأجداد . لقد اعتقدوا بأن تحقيق تلك الإمبراطوريات لا يمكن أن تتحقق إلا ببناء أجهزة أمنية تحصي نفس كل فرد من هذه الشعوب على طول مدار اليوم ( ماذا يأكل و يشرب و أين يذهب و مع من يتكلم و ماذا تكلم و ما زمرة دمه و على أي جنب سينام هذه الليلة , لم يتركوا شاردة و واردة في حياة كل فرد إلا وسجلوها في السجلات و آلات الكمبيوتر الحديثة ) .
    4- السلسلة القديمة في مجابهة التاريخ العالمي الجديد بكل قيمة السياسية و الثقافية و الاقتصادية :
    مع انهيار الكتلة السوفيتية انتهت مرحلة الصراع الإيديولوجي في العالم و لم يعد لا للدين ولا للفلسفة القومية ولا للفلسفة الطبقية أي قيمة ثقافية.
    إن التاريخ الذي حل هو عصر العلم. والعلم يعني معرفة أسرار المجتمع وكيف تطور. ومعرفة أسرار المادة وحركاتها الميكانيكية والفيزيائية والكيميائية والهندسية … الخ وتقاس قوة الشعوب والأمم بما تملكه من العقول العلمية المبدعة . إن أي امة أو دولة تريد أن تحتل مكانتها المرموقة بين الأمم عليها إن تكتشف في مجتمعها العقول المبدعة. ولكي يتم ذلك عليها أن تضع خطط وبرامج تعليمية لبناء هذه العقول العلمية المبدعة. ولكن بدون مناخ سياسي يناسب التطور التاريخي العالمي لا يمكنها الاحتفاظ بهذه العقول المبدعة. لا يمكن لمثل هذه العقول العلمية المبدعة أن تعيش وتبدع في ظل نظم سياسية تسييرها أجهزة أمنية مخابرتيه.
    بدون نظم سياسية وثقافية ديمقراطية لا مبدعين ولا مخترعين . إن جميع النظم السياسية ودساتيرها الحقوقية و أجهزة الدولة ومؤسساتها في منطقة الشرق الأوسط بعيدة كل البعد عن الديمقراطية.
    أن كل الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان تنتهك صباحاً ومساءاً في هذه النظم وان القضاء ليس له أي دور في حياة الفرد. إن قوانين المخابرات بكافة أشكالها وتسمياتها هي القضاء والدستور والقانون.
    والخلاصة لا اقتصاد فاعل ولا تكنولوجيا تصنع و كلها مستوردة من الإبرة وحتى الطائرة .
    ولا نظم ديمقراطية. ولا قيم إنسانية نبيلة. تحافظ على كرامة الإنسان وحقه في الحياة والحرية ولا تزال ثقافة العشيرة والقبيلة والطائفة والمذهب تسيطر على عقول أبناء شعوب المنطقة. إن كل الأمور مقلوبة عندنا في الشرق الأوسط. فالعالم يسير إلى الأمام ونحن نسير إلى الخلف وحتى أحلامنا مقلوبة. فالعالم يحلم بصنع مستقبل مزدهر ونحن نحلم بإعادة الماضي المجيد. وهكذا أصبحت شعوب الشرق الأوسط بأكملها وبكافة حلقاتها , وجهاً لوجه مع زلزال عنيف ومدمر ولا يعلم احد كيف ستكون نتائجه . لقد حدث الزلزال الأول وانفجر بركانه في العراق وها هو الشعب العراقي يدفع الثمن غالي من الأرواح والممتلكات وهاهو يدمر كل ما بناه.
    لقد كتبنا كثيراً عن الزلازل وسميناها في حلقاتنا السابقة بطوفان نوح جديد سيحل بالمنطقة وطرحنا حلولاً وتنبأنا بالنتائج المدمرة ولكن لم يسمع أحدا من الساسة العراقيين إلى صوت العقل والحقيقة وكان ما كان .
    وها نحن الآن نقف وجهاً لوجه مع زلزال ثاني وهذه المرة في إيران ………………….. تابع الرابط.

    إعجاب

  25. 1- لماذا تثير الزلزال الرعب والخوف في نفوس الناس ؟
    2- أنواع الزلازل ؟
    3- تاريخ الزلازل الاجتماعية وتتابعها التاريخي .
    4- لقد حان وقت الزلازل في الشرق الأوسط .
    5- الزلزال الإيراني بعد الزلزال العراقي بدأ بقذف حممه .
    6- الزلزال الإيراني صفعة قوية للسياسة الأمريكية . (( الحزب الديمقراطي ))
    7- رأي طريق الحقيقة في تلافي الزلازل ونتائجه المدمرة على الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
    _________________________________
    1- لماذا تثير الزلزال الرعب والخوف في نفوس الناس ؟
    إن الإجابة على هذا السؤال لا يحتاج الأمر إلى عبقرية فكرية . لأن نتائج الزلازل لمن أصاب بها من الشعوب واضحة وموثقة لكل العارفين والمؤرخين ولوسائل الإعلام . فكثيرا في قديم الزمان يذكرنا المؤرخون في كتبهم عن الدمار والخراب والقتل والتهجير التي أصابت بعض الشعوب , أما الآن وبعد التطور في وسائل الإعلان فهاهي تلك الوسائل الإعلامية تنقل إلينا بالصورة والصوت واللون النتائج المدمرة التي تصيب البشر نتيجة للزلازل الطبيعية والاجتماعية التاريخية كالحروب والحروب الأهلية . إن الإجابة على هذا السؤال غير ممكن بدون التعرف على أنواع الزلازل .
    2- انواع الزلازل ؟
    أ‌- زلازل طبيعية. ب- زلازل اجتماعية تاريخية .
    أ- زلازل طبيعية : يحدث هذا الزلزال نتيجة لحدوث انفجارات هائلة في عمق الكرة الأرضية الملتهبة بالنار دائما و ابداً منذ إن انفصلت عن الشمس على شكل غبار كوني هائل ثم تكدس هذا الغبار فوق بعضها البعض وشكلت طبقات مختلفة التكوين من حيث العناصر التي حملت معها لدى انفصالها عن الشمس وبقيت نواتها ملتهبة وقابلة للانفجار ليندفع حممها النارية سواء أكان هذا السطح مغطى بالماء او اليابسة . ويحدث عن هذا الاندفاع الهائل من الطاقة الانفجارية تدمير هائل يصيب البشر والحيوان والعمران والزرع .
    إن العلم والعلماء لم يكتشفوا بعد وسيلة او تكنيك للتنبؤ بحدوث هذه الزلازل الطبيعية بغية تلافي نتائجها المدمرة . ولحين يتمكن العلم والعلماء لإبداع هذا التكنيك سيكون أرواح البشر وأملاكهم تحت رحمة الحظ و الأقدار .
    3- تاريخ الزلازل الاجتماعية وتتابعها التاريخي :
    وهي مجال دراستنا لهذه الحلقة . لقد مرت هذه الزلازل الاجتماعية عبر التاريخ بمرحلتين .

    أ‌- مرحلة الزلازل الإيديولوجية الروحانية ( الدينية ) .
    ب‌- مرحلة الزلازل العلمانية (الأرضية ) .

    أ‌- مرحلة الزلازل الإيديولوجية الروحانية ( الدينية )
    وهذه مرت أيضا بثلاث زلازل اجتماعية
    أ‌- مرحلة الوثنية .
    ب‌- مرحلة زلازل الكتب المقدسة المنزلة من السماء و إعلان لحرب .
    ج‌- مرحلة زلازل إعلان الحرب بين أنصار الكتب المقدسة .
    لقد أعلن أنصار الكتب المقدسة الحرب على أنصار وتوابع الوثنية تحت اسم الجهاد في سبيل الله , والقضاء على المشركين والكفار وعبادة الأصنام ….الخ . ولا يعلم إلا الله كم من البشر قتلوا ودمرت ديارهم وانتهكت أعراضهم وسلبت أموالهم حيث انتهت هذه الزلازل بانتصار الكتب المقدسة على أنصار الوثنية . وما إن انتصر أنصار الكتب المقدسة وانهزم أنصار الوثنية أو قتلوا أو اختفوا في الغابات حتى اندلعت زلازل أخرى ولكن هذه المرة بين أنصار الكتب المقدسة .
    وهذه الزلازل الإيديولوجية العقائدية هي الأخرى جرت على البشرية القتل والدمار ولم تعرف البشرية حتى الآن لا الأمن ولا السلام ولا العدل .
    لقد استمرت هذه الحروب الزلزالية بين الكتب المقدسة السماوية في الشرق الأوسط والغرب فكان لابد من وضع حد لهذه الزلازل الكارثية . لم تسلم منها أية بقعة على سطح الكرة الارضية وأشبعت البشرية من الاستبداد والفقر والذل والتخلف والجهل .
    ب‌- مرحلة الزلازل العلمانية ( الأرضية )
    لقد حدث زلزال علمي في الغرب في القارة الاوربية تحديدا دون غيرها , وقد كان قواد هذه الزلازل ليس الانبياء هذه المرة , بل كان الفلاسفة والمفكرون العظام يؤلفون الكتب ويخطبون في الناس وينتقدون لا شي عندهم له حرمة او تقديس حتى الكتب المقدسة, ولم يتركوا من القديم شيئاً إلا وانتقدوه وطرحوا شعار العلمانية. ( والعلمانية تعني إبعاد الدين عن السياسة ) . ثم طرحوا شعار النظم الدستورية الوضعية بدلاً من المنزلة من السماء في تنظيم وتسيير امور الناس. ثم طرحوا افكار النظم السياسية الديمقراطية لحل مشكلة تداول السلطة بدلاً من الوراثة والعائلة المقدسة .
    ورفعوا شعارات قيم انسانية ( الحرية _ والمساواة _ والعدالة _ الإخاء ) بين بني البشر . ووضعوا شعار دولة القانون الوضعي الذي يوافق عليه الشعب بدلاً من مبايعة الحاكم .
    اما من الناحية الثقافية فقد طرحوا شعار دراسة المادة بدلاً من الثقافة الميتافيزيقية .
    نتائج هذا الزلزال العلمي :
    لقد فتحت الحركة النقدية الثقافية التي قادها الفلاسفة والمفكرين الأوربيين الطريق أمام العلماء لترك ثقافتهم المثالية الميتافيزيقية الدينية واستبدالها بالثقافة العلمية والتوجه نحو دراسة أسرار المادة واكتشاف حركاتها الميكانيكية والفيزيائية والكيماوية وتحولت هذه إلى إبداعات علمية وصناعية تكنولوجية فكانت القاطرة والباخرة والطائرة و التلغراف و المطبعة وغيرها كثير لا الحصر . وها نحن نعيش الآن عصر المعلوماتية التي حولت الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة .إن هذه الاكتشافات العلمية والإبداعات التكنولوجية أدت إلى بناء مصانع عملاقة أنتجت من البضاعة ما كانت باستطاعة أسواقها الوطنية أن تستوعبها . ونتيجة لذلك أدى إلى ظهور زلزال اجتماعي تاريخي جديد وهو الزلزال الاستعماري ,حيت توجهت كل الشعوب الأوربية التي كانت سباقة في إنتاج البضائع المصنعة سواء أكانت بضائع استهلاكية أو حربية نحو العالم الذي لا يزال نائماً في سبات عميق , وتعيش في مرحلة الثقافة المثالية الروحية بكل إشكالها السياسية والاقتصادية والتكنولوجية .وكان من الصعب جدا إن تقف بوجه هذا الزلزال الاستعماري .لقد أدى هذا الاندفاع الأوربي نحو العالم المتخلف إلى تنافس شديد لتقسيم العالم المتخلف بينهم .
    إن الحرب العالمية الأولى من 1914 م إلى 1918 م وكذلك الحرب العالمية الثانية من 1938م إلى 1944 م كان زلزالاً اجتماعياً رهيباً بين المتنافسين الأوربيين أدى إلى انشطار العالم إلى شطرين .
    الشطر الأول ظهر باسم الاتحاد السوفيتي ( وسميت بالكتلة الاشتراكية ) , والشطر الثاني ظهر باسم العالم الحر ( وسمي بالكتلة الرأسمالية ) . لقد كرست الكتلتين معاً كل العقول العلمية لاختراع أسلحة رهيبة في قدرتها التدميرية . فكانت القنبلة الذرية والهيدروجينية والكيماوية ووصلت بالعالم إلى شفى حفرة هاوية للفناء البشري بأكمله على وجه الأرض .
    لقد جرى بعد الحربين العالميتين محاولة للتخلص من الزلازل الاجتماعية التاريخية المدمرة وتشكلت هيئة دولية سميت بهيئة الأمم المتحدة ووضع لها ميثاق بغية تأمين الأمن والسلام بين الشعوب وتحقيق العدالة والتخلص من الاستعمار .
    ومع الأسف لحد الآن لم تستطع هذه المنظمة الدولية تحقيق تلك المبادئ السامية .والمشكلة تكمن أن هناك كثير من الحكومات والساسة في الشرق والعالم المتخلف يمارسون حياتهم وسياساتهم وثقافتهم القديمة . إن نتيجة ذلك سيؤدي حتماً إلى زلزال كارثي لا يمكن تقدير نتائجه ..
    4- لقد حان وقت الزلزال في الشرق الأوسط :
    في البداية لا بد أن نسال لماذا الشرق الأوسط ؟ ولنحاول الإجابة ؟
    يحكم الشرق الأوسط سلسلة حديدية قديمة .كل حلقة من هذه السلسلة لها دور في ربط هذه السلسلة ببعضها البعض .
    إن الحلقات القديمة من هذه السلسلة سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو حقوقية وإيديولوجية يرأسها تناقض واحد هو القرش الحرام . ويحتل القرش الحرام المرتبة الأولى في حياة كل الذين ارتبطت حياتهم ومصالحهم بإدامة هذه السلسلة الحديدية . لكن هذه السلسلة الحديدية قد صدأت ولم تعد تستطيع حلقات هذه السلسلة أن تتحمل القوة الضاغطة التي ظهرت نتيجة للتطور الاجتماعي والعلمي والثقافي والقيم الإنسانية السامية ,سواء أكان ذاتيا أو خارجيا .
    إن القوة الخارجية الفعالة قد غيرت سلاسلها الحديدية القديمة واستبدلتها بسلاسل فولاذية تماشياً مع التطور التاريخي .
    لقد حدث تطور هائل داخل المجتمعات الخارجية للشرق الأوسط سياسياً و اقتصادياً و حقوقياً و قيم كونية . لقد بات من المستحيل حكم هذه المنطقة من الشرق الأوسط بالسلسلة الحديدية القديمة المهترئة . ولكن أنصار هذه السلسلة القديمة المهترئة لا يستطيعون أن يتخلوا عنها لأن عليها تتوقف حياتهم و مماتهم و خسارتهم للقرش الحرام .
    و أمام هذا الوضع التاريخي دخل الشرق الأوسط بأكمله في حالة أزمات . هذه الأزمات هي المقدمة لحدوث الزلازل الاجتماعية و من المستحيل تلافي ذلك . لقد بدأ أصحاب هذه السلسلة القديمة يدركون النتيجة المدمرة لهذا الزلزال لدى تعرض أية حلقة من هذه السلسلة للانقطاع . و لهذا صرح رئيس وزراء تركيا أردوغان بتاريخ 23/2/2010 م حيث قال : ( إن الهجوم العسكري على إيران سيكون كارثة على الشرق الأوسط ) . و على الفور بدأ أنصار السلسلة القديمة يتبادلون الزيارات و يتنازلون عن كثير مما كانوا يطالبون من الطرف الأخر . و بدؤوا يسعون و يعقدون الصفقات و المعاهدات الأمنية و الاقتصادية . كل هذه الحركات هدفها واحد هو الحفاظ على القرش الحرام التي كسبوها .
    و لكي نفهم خطورة الزلازل الآتية لا بد من فهم الشرق الأوسط و كيف أحيط بسلسلة حديدية و التي أهترئت بفعل التطور التاريخي .
    ترى لماذا يتمسك أنصار هذه السلسلة الحديدية المهترئة . و كيف تم صنعها ؟ و لماذا صنعت ؟
    1- دور القوى الخارجية في صنع هذه السلسلة .
    2- العوامل الإقليمية في بنيان هذه السلسلة .
    3- ما الذي يجمعهم ؟ و الذي يفرقهم ؟
    4- السلسلة القديمة في مجابهة التاريخ العالمي الجديد بكل قيمه السياسية و الثقافية و الاقتصادية .

    1- دور القوى الخارجية في صنع هذه السلسلة : لقد أنشطر العالم إلى شطرين و كان هذا الانشطار نتيجة الزلزالين . الزلزال الأول الحرب العالمية الأولى و الزلزال الثاني الثورة العلمية التي حدثت في أوروبا . الشطر الأول كان تتزعمها انجلترا و فرنسا و أمريكا و جميع العالم الغربي الرأسمالي . و كان الشطر الثاني بزعامة الاتحاد السوفيتي و جميع الدول التي ضمت بالقوة إلى هذا الاتحاد و سميت بالعالم الاشتراكي .
    و لما كانت الرأسمالية السابقة للاشتراكية و لأول مرة في التاريخ رأت نفسها أمام خطر داهم . الخطر الذي يهدد الملكية الخاصة و تحويلها إلى ملكية عامة . و لما كانت الثورة العلمية التي انفجرت في أوروبا و إبداعها في التكنيك الصناعي و كان روح هذا التكنيك هو البترول براً و جواً و بحراً .
    و هذا البترول ظهر في الشرق الأوسط . فسارع الغرب في وضع إستراتجية بعيدة للحفاظ على هذه المنطقة و حمايتها من الامتداد الشيوعي الاشتراكي , و دخلت في صراع الموت و الحياة مع هذا الخطر الداهم .
    و لما كانت العقبة الأولى أمام هذه الإستراتيجية هو الإمبراطورية العثمانية و التي كانت تعيش أخر أيامها و التي سميت حينها بالرجل المريض . فكان لا بد للغرب من أن تطلق طلقة الرحمة على هذه الإمبراطورية التي أشبعت شعوب الشرق الأوسط الاستبداد و الفقر و الجهل و التخلف . و هكذا قررت انجلترا و فرنسا على إنهاء هذه الإمبراطورية و أقامت على أنقاضها سلسلة دول تكون سلسلة حديدية تحاط بالاتحاد السوفيتي .
    و تتألف حلقات هذه السلسلة الحديدية من دولة إيران و دولة تركيا و 22 دولة عربية .
    و لما كان طابع الصراع بين الكتلتين أخذاً طابعاً إيديولوجياً . حيث كانت فلسفة الكتلة السوفيتية قائماً على النظرية الماركسية التي تقوم على الصراع الطبقي و هدفها إلغاء الملكية الخاصة . و لهذا أستخدم الغرب الرأسمالي سلاحين إيديولوجيين و هما الأيديولوجية القومية المتعصبة و الأيديولوجية الدينية .
    لقد أستخدم السلاح الأيديولوجي القومي في إيران حيث أطلق العنان للقومية الفارسية المتعصبة الشوفينية .
    و كذلك استخدمت القومية الشوفينية التعصبية في تركيا و أيضاً في قسم من الدول العربية و القسم الثاني من الدول العربية أستخدم السلاح الأيديولوجي الديني .
    لقد تم إدخال هذه الدول إلى هيئة الأمم المتحدة بعد أن تم رسم حدود كل دولة و اتخذت هذه الدول المشروعية الدولية . و تم مد شرايين الحياة لهذه السلسة الحديدية و مدتها بالطاقة و تم حمايتها و استبدال حكامها بانقلابات عسكرية . لقد كانت مهمة هذه السلسلة هو تحقيق هدفين أساسيين :
    1- الوقوف و مناهضة الخطر الآتي من الكتلة الاشتراكية .
    2- محاربة كل الحركات اليسارية الداخلية و منعها من استلام السلطة في أية دولة ضمن هذه السلسلة الحديدية .
    لقد كانت إنكلترا و فرنسا من صنعوا هذه السلسلة ثم تراجع دوروهما تاركاً دور الزعامة لأمريكا .
    لقد أستمر هذا الوضع حتى انهيار الاتحاد السوفيتي بفعل تأكلها الداخلي و عدم تمكنها من تجديد نفسها .
    و الآن زال خطر الاتحاد السوفيتي و تحولت إلى دولة رأسمالية و غابت شمسها عن الساحة الدولية .
    و لكن بقيت لها أظافر حادة و يحاول الغرب الآن تقليم هذه الأظافر أيضاً .
    2- العوامل الإقليمية في بنيان هذه السلسلة:
    لقد قلنا و بينا أن الغرب شكل كل حلقة من حلقات هذه السلسلة الحديدية , و لكن هذه السلسلة المكونة من حلقات مترابطة كانت تحمل بزور موتها و تخلفها بداخلها . وكل حلقة من هذه الحلقات تتألف من عاملين أساسيين :
    1- الشعب 2- السلطة ( الحكام )
    فخلال كل القرن العشرين بكامله كان الشعب في وادٍ و الحكام في وادٍ أخر , لم يحدث قط أي تلاحم بين العاملين و ذلك للأسباب التالية : كل مفكر و عالم اجتماعي و سياسي يدرك أن المجتمعات البشرية العصرية لا يمكن أن تسير بدون نظام فلا بد من سلطة تحكم الناس لتنظيم أمورهم و تحرس على أمنهم و استقرارهم كي تستطيع الشعوب أن تتقدم . و هكذا تخلص البشرية من ظلام القرون الوسطى و نظمها و طريقة اختيارها لحكامها و فق آلية سميت بالأسلوب الديمقراطي . و الأسلوب الديمقراطي يقوم على الانتخاب المتعدد , و هنا أعطي الحق للشعب أن يختار الرئيس الذي يريد أن يحكمهم . و هذا يعني عندما تكون السلطة الحاكمة منتخبة من الشعب فالشعب سيكون معه في السلم و الحرب و البناء . و الحالة الثانية في هذه العملية تكون هناك و حدة وطنية من الصعب على أية قوة خارجية أن تفكر في الاعتداء على هذا الشعب و إن اعتدى ستكون نهايته . و لكن شعوب الشرق الأوسط لم تجرب هذا الأسلوب في اختيار حكامها على الإطلاق خلال القرن العشرين بكامله … وحتى الآن .
    ترى لماذا لم تمارس شعوب الشرق الأوسط هذا الأسلوب ؟ والجواب : كتبنا سابقاً لأن كل الأطقم السياسية التي تناوبت على حلقات هذه السلسلة الحديدية كان يعينهم صانعوا هذه السلسلة الحديدية سواء أكانوا في حلقة إيران أو تركيا أو الدول العربية ( القوميون و الروحانيون على السواء ) .
    لقد أستغل الأطقم السياسية التي تناوبت على السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية هذا الوضع و ساروا وراء القرش الحرام إلى أبعد الحدود . و نترك كشف الحقيقة لأهل الخبرة للبحث عن أرصدتهم في البنوك الأوروبية و إحصاء ما يملكونه من قصور و مزارع و ذهب ……… و نحن لا يسعنا أن نسأل السؤال التالي .. عندما نسمع أخبار الوسائل الإعلامية التي تنشرها عن العراق فكثيراً ما يتردد كلمة قصور صدام . ولا بد أن نسأل من أين أتى صدام حسين بكل هذا المال ليعمر كل هذه القصور ؟ فإذا لم يكن القرش الحرام ؟ فماذا سيكون ؟ فهل من خبير أن يقول لنا الحقيقة ؟ علماً بأن صدام حسين كان طوال فترة حكمه ينادي بالقومية العربية .
    فهل القومية العربية هي بناء الإنسان و الحضارة و الحرية و العدالة أم بناء القصور للحاكم و حاشيته ؟
    و لهذا كانت النتيجة الشعوب تكره حكامها و الحكام تكره شعوبها . الشعوب لا تصدق كل ما يقوله الحكام , و لا الحكام تثق بشعوبها . الشعوب تخاف ليلاً و نهاراً من أجهزة السلطة الأمنية , و الحكام يخاف من الشعوب أن تتمرد يوماُ ما سيذهب الروح و القصور .
    و السؤال الأخير لا بد أن نسأل : هل من غرابه أن يكون الشرق الأوسط مرشح لزلازل اجتماعية تاريخية ؟
    3- ما الذي يجمعهم ؟ والذي يفرقهم ؟:
    لقد خطط الغرب صانع الحلقات السلسلية أهداف ثلاثة و طلب من الأطقم التي كان يعينهم في كل حلقة و هي التي تجمعهم :
    1- منع الامتداد الشيوعي نحو الشرق الأوسط .
    2- محاربة الفكر الشيوعي بالفكر القومي أو الديني .
    3- يترك الغرب لحكام الحلقات التلاعب بالورقة الكردية فيما بينهم دون القضاء عليهم .
    أما الذي يفرقهم وهي : لما كانت إيديولوجية الحلقات الثلاثة الفارسية و التركية و العربية هي الفكر القومي . فانتعشت أحلام إمبراطورية مع أطقم الحلقات الثلاثة و راح كل واحد منهم ينبش في قبور الماضي ليخرج بدعاية طوباوية بعيدة كل البعد عن روح العصر .
    و فجأة أنتعش مع التركي حلم لإعادة الإمبراطورية العثمانية و في نفس الوقت حلم الإمبراطورية العربية و الفارسية , و معنى ذلك أنه كان هناك ثلاثة أحلام إمبراطورية تتصادم في ثقافة شعوب الشرق الأوسط في الوقت الذي كانت هذه الشعوب جياع و حفاة و عراة و يستخدمون التكنيك القديم الذي كان يستخدمه الآباء و الأجداد . لقد اعتقدوا بأن تحقيق تلك الإمبراطوريات لا يمكن أن تتحقق إلا ببناء أجهزة أمنية تحصي نفس كل فرد من هذه الشعوب على طول مدار اليوم ( ماذا يأكل و يشرب و أين يذهب و مع من يتكلم و ماذا تكلم و ما زمرة دمه و على أي جنب سينام هذه الليلة , لم يتركوا شاردة و واردة في حياة كل فرد إلا وسجلوها في السجلات و آلات الكمبيوتر الحديثة ) .
    4- السلسلة القديمة في مجابهة التاريخ العالمي الجديد بكل قيمة السياسية و الثقافية و الاقتصادية :
    مع انهيار الكتلة السوفيتية انتهت مرحلة الصراع الإيديولوجي في العالم و لم يعد لا للدين ولا للفلسفة القومية ولا للفلسفة الطبقية أي قيمة ثقافية.
    إن التاريخ الذي حل هو عصر العلم. والعلم يعني معرفة أسرار المجتمع وكيف تطور. ومعرفة أسرار المادة وحركاتها الميكانيكية والفيزيائية والكيميائية والهندسية … الخ وتقاس قوة الشعوب والأمم بما تملكه من العقول العلمية المبدعة . إن أي امة أو دولة تريد أن تحتل مكانتها المرموقة بين الأمم عليها إن تكتشف في مجتمعها العقول المبدعة. ولكي يتم ذلك عليها أن تضع خطط وبرامج تعليمية لبناء هذه العقول العلمية المبدعة. ولكن بدون مناخ سياسي يناسب التطور التاريخي العالمي لا يمكنها الاحتفاظ بهذه العقول المبدعة. لا يمكن لمثل هذه العقول العلمية المبدعة أن تعيش وتبدع في ظل نظم سياسية تسييرها أجهزة أمنية مخابرتيه.
    بدون نظم سياسية وثقافية ديمقراطية لا مبدعين ولا مخترعين . إن جميع النظم السياسية ودساتيرها الحقوقية و أجهزة الدولة ومؤسساتها في منطقة الشرق الأوسط بعيدة كل البعد عن الديمقراطية.
    أن كل الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان تنتهك صباحاً ومساءاً في هذه النظم وان القضاء ليس له أي دور في حياة الفرد. إن قوانين المخابرات بكافة أشكالها وتسمياتها هي القضاء والدستور والقانون.
    والخلاصة لا اقتصاد فاعل ولا تكنولوجيا تصنع و كلها مستوردة من الإبرة وحتى الطائرة .
    ولا نظم ديمقراطية. ولا قيم إنسانية نبيلة. تحافظ على كرامة الإنسان وحقه في الحياة والحرية ولا تزال ثقافة العشيرة والقبيلة والطائفة والمذهب تسيطر على عقول أبناء شعوب المنطقة. إن كل الأمور مقلوبة عندنا في الشرق الأوسط. فالعالم يسير إلى الأمام ونحن نسير إلى الخلف وحتى أحلامنا مقلوبة. فالعالم يحلم بصنع مستقبل مزدهر ونحن نحلم بإعادة الماضي المجيد. وهكذا أصبحت شعوب الشرق الأوسط بأكملها وبكافة حلقاتها , وجهاً لوجه مع زلزال عنيف ومدمر ولا يعلم احد كيف ستكون نتائجه . لقد حدث الزلزال الأول وانفجر بركانه في العراق وها هو الشعب العراقي يدفع الثمن غالي من الأرواح والممتلكات وهاهو يدمر كل ما بناه.
    لقد كتبنا كثيراً عن الزلازل وسميناها في حلقاتنا السابقة بطوفان نوح جديد سيحل بالمنطقة وطرحنا حلولاً وتنبأنا بالنتائج المدمرة ولكن لم يسمع أحدا من الساسة العراقيين إلى صوت العقل والحقيقة وكان ما كان .
    وها نحن الآن نقف وجهاً لوجه مع زلزال ثاني وهذه المرة في إيران ………………….. تابع الرابط.
    للمزيد من طريق ال 26 ادخل على الرابط
    http://www.freewebs.com/alhurria

    إعجاب

  26. رسالة من السيد زهير سالم مدير مركز الشرق العربي في لندن إلى صديق الشعب الكردي محمد تومه أبو إلياس
    تاريخ الرسالة: 24 أكتوبر, 2007 06:30 م
    السيد محمد تومة / أبو إلياس المحترم
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    حتى لا أتأخر في الجواب لأنني أحب أن أجيب على بريدي مباشرة أحب أن أفيدكم أنني قرأت مجلدات السيد رائق الأربعة منذ أواسط الثمانينات تعلمت منها كيف ينشأ نوع من تبادل المواقع في الرؤية والتفكير … حتى تنصف الأكراد مثلا عليك أن تتصور نفسك كرديا ولو كنت من باب النيرب ثم تفكر على هذا الأساس ….
    أفكار السيد رائق فيها حسب القدرات العقلية والأصول الفكرية لكل واحد منا مايقبل وما يرد وتتسع دائرة هذا وذاك بحسب الضابطين المشار إليهما
    يسرني التعرف على ناشط من مدينة حلب ولكن الذي أتمناه أن نصمم على أن نكون أبناء أمة لا أبناء حي أو مدينة أو قطر أو مذهب اوجنس لأن الأمة بمفهومها الواسع هي البداية والنهاية وفي بحبوحتها يكون الملتقى
    زهير سالم
    مدير مركز الشرق العربي / لندن
    ________________________
    ملاحظة نص الرسالة لا زال محفوظ في حساب بريد أبو إلياس
    alhouria12@hotmail.com

    إعجاب

  27. عبد الفتاح العوض: البعث وشجاعة التغيير, on يناير 19, 2012 at 6:54 م said: تحرير التعليق
    إلى وقت قريب كان أهل حوران الطيبون يغنون بحماسة في الأعراس والمناسبات الاجتماعية الأخرى أهازيج من نوع………. بعثية نزلت ع الشارع والله يعين اللي بيمانع…. ومن نوع…. من حوران هلت البشاير لعيونك يا بعث يا ثاير…. ولعيونك يا أسد يا ثاير.
    أيضاً إلى وقت قريب كنا ونحن نملأ استمارات رسمية وإلى جانب الكلمة الشهيرة «ترعرت» كانت الإجابة عن الانتماء السياسي كلمة حزبي تعني بدهياً بعثياً.
    ومثلما تغيرت الأهازيج كذلك لن تبقى كلمة حزب مرادفة للبعث فقط.
    ملاحظتان من هذا النوع يمكن أن تكونا إضاءات تنبيه حمراء أمام البعثيين وهم يتنادون إلى مؤتمر يعتبر مصيرياً لمستقبل البعث ومدى قدرته على قراءة الأحداث بشكل صحيح.
    ومن هنا فإن أكثر وأحق من يحتاج إلى بعث من جديد هو حزب البعث نفسه…
    لن يكون بإمكان أحد أن يتجنب نقاشاً صريحاً وربما جارحاً حول ما يمكن أن يكون عليه حزب البعث الجديد أو المتجدد وخاصة أننا على أبواب مؤتمر يمكن أن نسميه مؤتمر التغيير لجهة حجم المطلوب أن يحدثه الحزب في نفسه شكلاً ومضموناً روحاً ووجوها.
    ماذا يحتاج البعث الآن؟
    ربما هو أول الأسئلة التي يطرحها البعثيون على أنفسهم وهم يناقشون أوضاعهم والبلد التي هم فيها قادة الدولة والمجتمع تعيش على مزاج أزمة فيها ما فيها من الآلام وفيها أيضاً كما من التساؤلات الصعبة التي تحتاج إلى إجابات شجاعة بقدر ما هي صريحة.
    يحتاج البعث الآن إلى الكلمة السحرية والمنقذة وهي التغيير…… والتغيير يحتاج إلى الإرادة أولاً والقدرة ثانياً والشجاعة دوماً وكلها محل تساؤل إن لم نقل شك….
    ضباب فكري كثيف يغلف مخاوف حقيقية على تراث حزب ألهّته السلطة عن تجديد نفسه وأغراه التفرد بالركون للسكون والرضا عن الذات…. وهو الآن مضطر لبعث أفكار جديدة تضع له مكانة تليق به… ومضطر أيضاً لمنافسة لم يكن له الخيار في تحديد زمانها ولا في اختيار أدواتها.
    ولعل أول الأسئلة الصعبة من تلك التي تتعلق بالأفكار سيكون بلا شك الموقف من العروبة التي يعتبر البعث معقلها الأهم، وخاصة أن العروبة تقدم نفسها الآن في أثواب غير مناسبة لا للفصل البارد ولا للمناسبة الحارة والبعث لا يستطيع ولا يريد أن يخلع هذه الأثواب. ثم إن العروبة في حد ذاتها مريضة بأمراض بعضها يبدو مستعصياً؟
    العروبة المقدسة في فكر ووجدان البعث دنستها أنظمة لم تراع حرمة ولا ذمة وتركتها لعوامل التشكيك ولصنوف الرفض؟
    ثم أيضاً في مجال الفكر سيكون لزاماً على البعث أن يناقش أهدافه بحيث تتحول من شعارات رومانسية إلى شعارات مقنعة لجيل لم يعد يتذكر من الخمسينيات إلا كونها تاريخاً مضى.
    أضف إلى كل ذلك أن المنافسة قادمة…. صحيح أن الأحزاب الجديدة بحاجة لفترة ليست قصيرة حتى تتمكن من الحصول على شارع تتنازعه أفكار مشتتة إلا أن لحظة المنافسة مهما تأجلت فستأتي حاملة معها مغريات التغيير والتجريب.
    لهذا أقول إن هذا المؤتمر «مصيري» بكل معاني الكلمة التي تستوجب التخلص من عبارات المجاملة وتخدير النفس بالكذب عليها.
    إنه مؤتمر الصراحة والجرأة ومواجهة الحقائق لأنه ببساطة مؤتمر مستقبل البعث وأكثر.
    خارج النص:
    شكراًً للأشواك فقد علمتني الكثير.
    إذا أغلقتم كل الأبواب فستبقى الحقيقة خارجاً.
    الرجل يكره هؤلاء الذين يضطر للكذب أمامهم.
    2012/01/18
    الوطن

    إعجاب

أضف تعليق