أنت ترفض وجود المطلق، وبالتالي ترفض ركناً أساسياً من أركان القول بوجود الله…

عزيزي الدكتور،
هنالك فرق كبير بين أن نحاول جمع الناس على مواقف إيجابية وأن نخلق الود والتآلف والانسجام في ما بينهم وأن نزيل عوامل الاختلاف من بينهم، وبين أن نحاول فرض معتقداتنا عليهم (بالحيلة أو بالتزوير أو بالضغط)… وهنالك فرق كبير جداً بين أن نطرح فكراً نيراً وأن نقرأ التاريخ بشكلٍ إيجابي، وبين نحرّف كلام الناس وأن نزور التاريخ…

القضية ليست دينية… القضية أخلاقية:
النص – أي نص – لا يمكن أن أزعم تفسيره بطريقة أنا أعلم يقيناً أنها لم تكن ما قصده واضع النص… ولكن يمكنني أن أقرأ هذا النص بطريقة أعتقد أنها إيجابية (دون أن أزعم أنها تفسير وأن هذا ما كان يقوله واضع النص)…

إن كنا نتحدث عن “برهان تجريبي قطعي الثبوت” فيجب أن نلتزم هذا “القطعي الثبوت”: الكلام المذكور له معناه ولا يمكن أن نغيره… ولكن يمكن أن نفلسفه دون أن ننسب ذلك لصاحب النص…

إن احتقار الشرائح المختلفة من الناس والنظر إليها بدونية وتسخيف لا يمكن أن يكون تنويرياً أو إصلاحياً باي حال… والقضية ليست دينية على الإطلاق…

ليس الأمر أن أنظر أنا (أو غيري) إلى الدين والأديان… ولكن الأمر أن نحترم نظرة الآخرين إلى هذا الدين وإلى هذه الأديان… وما أحاول قوله أنه ما لم يتم احترام هؤلاء الآخرين فلن يكترثوا بهذا الأمر…

وأما بالنسبة لسورة البقرة والقراءة النقدية لها على الرابط التالي فقد اطلعت عليها:
http://www.damascusschool.com/Eng/THECOW2.htm

من جديد كلام غير سليم أبداً…

مثلاً…
تمت ترجمة عبارة “لا ريب فيه” بكلمة Doubt والتي تعني “الشك” وليس “الريب”… فالريب هو “الالتباس” و”الاختلاط” و”التضارب” و”التناقض”…
وإلا فكيف نفهم الآية التالية؟
أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (سورة الطور 30)

وهذا أمر يمكن التحقق منه تجريبياً باختبار النص القرآني للتأكد مما إذا كان يتضمن تناقضات أو التباسات أو اختلاطات أو غير ذلك مما يجعل هنالك “ريب” في هذا الكتاب… وبالتالي فكل الحكم الذي تقدمت به السيدة غير صحيح لأنه مبني على خطأ…

بل أكثر من ذلك، هي تقول بأن عبارة “لا شك فيه” – أي أنه أكيد حتماً – تعني أنه “نص مطلق” (Absolute)… وهذا غير صحيح وغير اقتضائي وغير مقبول منطقياً… لأن هنالك نصوص كثيرة ليست مطلقة، ولا شك فيها: مثلاً لا شك في نص رواية “الشيخ والبحر” لأرنست هيمنغواي… وهذا لا يجعلها مطلقة…

وفوق كل ذلك تعتبر أن “الإطلاق” هو دليل “صراع” (!!!!!) و”انغلاق” (!!!!!!) لم أفهم كيف وصلت إلى هذه النتيجة… فما علاقة “الإطلاق” (أو النسبية) بـ “الصراع”… وما علاقة “الإطلاق” (أو النسبية) بالانغلاق؟؟؟؟

على أي حال، لا داعي لذكر المزيد (لأن النص مليء بمثل هذه الأمور)… إضافةً إلى أن المحاكمة لا يجوز أن تكون لعبارة – لأنها قد تعبر عن جملة متكاملة ولكن هذه الجملة قد لا تعبر عن الفكرة – وإنما يجب محاكمة الفكرة وليس الجملة أو مجموعة الجمل (مثل الآية)…

الدين، في المحصلة، هو نظام اجتماعي ينشأ من المجتمع وكل محاولة لتصنيعه سياسياً تسبب كوارث تبقى آثارها الدموية محفورة في التاريخ… وكل محاولة لفرض اللون الواحد على المجتمعات – سواء كانت شيوعية أو دينية – مصيرها دوماً الخراب والفشل وسفك الدماء… وهذا التاريخ يعلمنا ذلك…

التلوّن هو أمر طبيعي، وليس من الحكمة محاربة الطبيعة أو محاولة إلغائها…
يعني ان لا تفهم ان الاطلاق فيه توتر عالي وغلق لغيره فهذا امر يقبل منك ولكن اذا كان القياس الفراعيدط يقول لكهذا فاعل وزاك مفعول فما عليك الا ان تلاحق وحدة معاييره وتتمعن بفائدته
ولنفتر ان ترجمة لاريب فيه خاطئة فهل العرب المسيخيين واليهود فهموها جيدا ؟ لماذا رفضوه وشككوا به ؟
انفترض بدلا من كلمة انفتر اعلاه
غريب كيف تفسر المنطق الحيوي بالتزوير ىالتفسير وعزم معرفة الاصل مع انه هو الاصل ولا علم لا به ومنه وفيه فهو الله هو نقر الملك
وانت موصول معه بحبل السرة او عظم العصعص او نبض القلب او الهواء او الماء لا فرق فالحي القيوم هو الكلي المتجلي في خلقه دون استعراق
كلامك هو سبي لنفسك ولله
لمكونك ترفض اي دين اهر غيذ الذي ورثه وهو خديث جدا ١٤٠٠ سنة ماهو معيار المقدس قبلها ؟ ام ان الله يتغير
وماهي معايير الحق فيما لن يوافقك ؟ يعني باف لا يقفل لسفك الدماء والاستغباء والتكفير
طبعا قدترى ايضا ان هذه المعايير تنطبق على المنطق الحيوي
الفارق ان هذه تجريبة عامة اما مالديك فهو مجرد ايمان فؤي مغلق علىًكتاب معين ولغة معينة وتفسير معين
4:49AM
العلم ليس لعة الا اذا كانت اللغة يمكن ان تتحول الى لغة رقمية محددة تفهم بالمعنى نفسه في كل العالم
لا علم الا اذا كان عالمي اما اذا كان لدني او خاص فهو ليس علما بل شعورا ذاتيا
ن
خذ مثال واحد عن كلمة اهل وابن القرآن يقول ان الابن ليس من الاهل : (نَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقّ و أنت أحكم الحاكمينُ } ( الآية 45 سورة هود ) فأراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين فأجابه الله عز وجل { قال يا نوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } ( الآية 46 سورة هود )
فهل الله لا يعرف اللغة العربية ؟ وهل كانت المشكلة لغوية ؟
8:57AM
تعريف قياسي رائق وعلي مربع المصالح.pdf
11:02AM
تعريف _3_ قياسي رائق وعلي مربع المصالح.docx
الخير هو المطلوب وفيه قياس اية نوح وابنه
12:58PM

عزيزي:
هذا الأسلوب في الحوار يدل على إرباك تام وكامل…
قفز من نقطة إلى أخرى بلا منهج كلي واضح وبلا هدف صريح، وعند الوقوف على نقطة محددة نفرغ فيها كل مناهج الدنيا…
(1) أنت أرسلت لي نصاً لأقرأه وأعطي رأيي المتواضع فيه… وأنا كنت أجيب على ما قرأت… ولم يكن هدفي النقاش معك في القرآن والدين والعقيدة، لأن مثل هذا النقاش غير ممكن… فأنت ترفض وجود المطلق، وبالتالي ترفض ركناً أساسياً من أركان القول بوجود الله… فكيف يمكن أن نذهب أبعد من ذلك، ونناقش الدين والقرآن؟ وكيف نذهب إلى مناقشة مزاعم محمد أو غيره بأن هذا القرآن من عند الله وبواسطة الملائكة أم غير ذلك؟ هذا يصبح جدل عقيم لا فائدة منه… ومن هنا قبلتك على ما أنت عليه وناقشت كلامك كما هو من النقطة التي تنطلق منها (وهي نقطة في منتصف الطريق ولكن موجودة ومشتركة فلا بأس)…

(2) سبق ولخصت لك الإشكاليات الأربع:
(أ) لغة غير سليمة وغير مناسبة… (ب) مغالطات صريحة وواضحة في القراءة والتفسير وبناء الأحكام والاستنتاجات غير السليمة على أوهام… (ج) النظرة الفوقية المشوهة إلى طبيعة المجتمعات البشرية واعتبار أن كل من يفهم الأمور بطريقة مختلفة هو قاصر وجاهل ومتخلف ومنحرف ومدان وخطر على الإنسانية والبشرية… (د) منهج فرض اللون الواحد فكرياً وعقائدياً وقيمياً على الآخرين بوسائل الضغط والعنف المعنوي والأدبي والنظرة التجريمية للآخر، مع اعتبار كل من يفهم النصوص المقدسة والدين عموماً من زاويته التي يقف فيها هو بالضرورة مجرم وسفاك للدم ومستعبد يسبي نفسه ويسبي الله (في تناقض هجومي غير سليم ما بين مفهومي “السبي” و”الألوهية”)…

خطورة هذا الطرح الذي تقول به أنه سيقودنا إلى الخطوة التالية: ظهور متطرف يقول “الآخر هو خطر على الإنسانية ومنافي للمنطق الحيوي ولذلك يجب أن أصلح الكون بقتل الآخر”، ومن ثم نحصل على “داعشي حيوي”… وهذا ما وصل إليه متطرفوا الحضارة الغربية: هي ترى أن 5 مليارات نسمة من أصل 7 مليارات هم زيادة لا حاجة لهم وجهلة ومتخلفين وعالة على الإنسانية ويفضل إبادتهم أو استعبادهم… وهذا ما صرّح به “هتلر” وحزبه النازي بالكامل صراحةً، ومن يحكم الولايات المتحدة هم من بقياهم وهم يتنامون باضطراد وسنصل إلى لحظة “هتلر الأميريكي” في يومٍ ما… والسبب هو أن الفكر الغربي المغلق (والذي ما تطرحه هو امتداد له وبناء عليه) هو منظومة محكمة تفرز آلياً وتلقائياً هذه الآفات الأربع المذكورة (وخاصةً النظرة الفوقية للآخر، والنظرة المشوهة للواقع، والرفض التعسفي للطبيعة، والتفسير الكيفي الأناني بشكل تبريري للآخر)…

على أي حال، هي نقطة جانبية وأعود إلى صلب الموضوع:
(3) قلت لك أيضاً بأن ما تفعله ليس جامعاً، ولكنه مفرق… لو أسميته “فلسفة القرآن” (أو القراءة الحيوية الفلسفية للقرآن) لحافظت على وضعٍ آمن بدون المخاطر والأضرار الجانبية، ولكنك تريده تفسيراً بديلاً لما هو أصيل… وقلت لك بأن من يقدس النص تقديساً لمعناه لن يقبل بما تطرح لأنه يقدس هذا المعنى وهذا المبدأ وهذه القيمة وهذه الفكرة… ومن يقدس النص تقديساً لصاحبه لن يرضى إلا بالمعنى الأصيل الأقرب لمقاصد صاحب النص… وبالتالي فهم لن يتبعوا تفسيرك طالما هو بعيد عن ما أراده صاحب النص وبعيد عن المعاني التي قدسها من يقدس هذا النص… وبالتالي فستكون مجرد “تفسير فئوي جديد”… وقد يدخل أتباع هذا التفسير لاحقاً في صراع مع المتطرفين والمتعصبين من الطرف الآخر (وكل فئة وجماعة حتماً يكون فيها متطرفون ومتعصبون)…

وبدلاً من مواجهة هذه الإشكالية، ذهبنا باتجاه:
(أ) من هو الذي جعل النص مقدساً؟ (لا يهم… هو مقدس عند أحدهم)…
(ب) من هو الذي جعل صاحب النص مقدساً؟ (أيضاً لا يهم… صاحب النص قد يكون الله… أو قد يكون محمّد… أو قد يكون أحدهم الذي يتصوره قارئ النص… من قدّس النص تقديساً لصاحبه يقدس تصوره عن هذا الصاحب)…
(ج) ما هو الإثبات بأن محمد رسول من عند الله وهو صاحب النص؟ (وكأنني لو جئتك بالإثبات – وهو موجود – سيغير من قناعاتك وموقفك شيئاً… وهو من الأصل ليس حديثنا… ما لنا وما لمصداقية محمد؟ طيب… لا إثبات والنص وضعه فرع المخابرات الإندونيسي ولكن هناك من يقدس محمد ويعتقد أنه واضع النص… وهنالك من يقدس الله ويعتقد أنه مرسل النص… وهنالك من لا يكترث من هو صاحب النص ولكن يؤمن بالرسالة والطرح والأفكار في هذا النص… فلماذا ندخل في متاهات هي لا تفيد في حل الإشكالية الموجودة في الفكرة التي تطرحها؟)

هذا دليل إرباك حقيقي… هنالك مشكلة يجب مواجهتها بشجاعة وبشكل جدي ومعالجتها وإزالتها ليصبح الكلام مقبولاً، والهروب إلى الأمام بهجوم مفتوح من خلال فتح عشرات الجبهات والقضايا التي كل منها يحتاج إلى بحث مستقل بطريقة منهجية والقفز من نقطة إلى أخرى بلا تسلسل، هي كلها لن تعالج المشكلة ولن تحلها، بل ستفتح آلاف المشاكل الجانبية الإضافية…

(4) قلت لك بأنك إذا كنت تصر على “تفسير القرآن” وليس “قراءة فلسفية للقرآن” فعلى الأقل ليكن ذلك قراءة سليمة لغوياً بالحد الأدنى… وقلت لك بأن كلام القرآن واضح يمكنك قراءته كما تقرأ أي كتاب… ولكن يجب أن تقرأه بهدوء وبدقة وبحسب القواعد التي طرحها هو وحددها ضمن نصوصه وليس من بنات أفكارنا… وقلت لك بأننا إذا قرأنا كيفياً وعلى مزاجنا وقلنا بأن محمد (أو الله) يقول هذا الكلام الذي نضعه في فمه فهذا تزوير للحقيقة وتزييف للواقع وفي نفس الوقت هو تكرار حرفي للتفسيرات الدموية التي تقول أنك تريد أن تكافحها…

قلت بأنك تتصور بأن هؤلاء “الفقهاء” هم يستندون إلى تفسيراتهم وإلا مفاهيمهم التي يرونها سليمة (وأنه لا مقياس والكل يرى نفسه سليماً) وأجبتك بأنه كلام غير سليم وبأنهم بكل بساطة أهملوا النصوص وأهملوا الأسس والمرجعيات وقفزوا فوقها بتعليلات وأدوات لا أساس لها (شبيهة جداً بالأداة المنطقية التي تستخدمها الآن لنفس الغرض)، وأعطيتك مثالاً أنت أشرت إليه بنفسك (قضية النسخ) وهو من أوضح الأمثلة على إبطال وتعطيل نص بكامل والقفز فوقه تماماً وكأنه لم يكن…

وطلبت منك طلباً بسيطاً جداً، أن تقرأ بعمق ما تحاول أن تتصدى له وتعالجه (أي القرآن) وأن تطلع على طريقة وآلية وضع الفتاوى والمذاهب الفقهية… ليس لأنني أحاول إقناعك بشيء، ولكن لأنني أرى أن ما تطرحه يذهب في نفس الاتجاه وفي نفس الطريق وينزلق في نفس المنزلق الذي انزلق فيه “الفقهاء” (ومن أمثالهم “ابن تيمية” الذي يعتبر إيقونة الشر الخالص عند “الليبراليين” اليوم)…

فالأهداف السياسية (الخوف من “القاعدة” و”داعش” وما إلى ذلك) لطرحك هي تماماً كالأهداف السياسية التي حكمت “ابن تيمية” (وكانت الخوف من الهجمة المغولية ومن وحشيتها)… وبحثك عن “توحيد الناس” كان هو أيضاً بحث ابن تيمية عن “توحيد المسلمين على الأقل”… ومن رفض هذه التوجهات الوحدوية غير المتلونة (كالعلويين والدروز وغيرهم) حكم عليهم بالكفر في “فتواه” الشهيرة جداً… وهو أيضاً فلسف النصوص وفلسف حتى الفتاوى والأحكام الفقهية في المذاهب الدينية الأسبق… وهو كان يظن أنه يصنع خيراً، فصنع أكبر شرخ ديني-إسلامي واجتماعي وإنساني عرفه التاريخ…

فواجبي أن أكون كالمرآة الصادقة، وأن أصدقك القول وأن ألفت نظرك إلى ما أراه وأنبهك من المخاطر المحتملة حتى لا تنزلق إليها دون أن تقصد وأنت غارق في غمرة التفاصيل، وتشعر بولاء كبير لفكرك وجهدك ومشروع حياتك… أنا لا أشعر بمثل هذا الولاء، وفي نفس الوقت أدرك أهمية ما تطرح، وأنا إيجابي تجاهه… ولذلك نظرتي أقل انحيازاً وأكثر موضوعية، وأعتقد أنها قد تكون مساعدة في حال تم التأمل فيها بهدوء…

(5) أحلتني إلى عمل سيدة (نسيت اسمها) حيث قامت بإسقاط وتطبيق مقايسة مربع المصالح على النص القرآني، وهذا جيد من حيث المبدأ ولا أحد ضده، وهو حقك الطبيعي (لا خطورة في هذا الأمر)… بحيث تستطيع أن تقول “هذا الكلام يعجبني” أو “لا يعجبني”… أو “أراه صالحاً” أو “فاسداً”… ولكن إذا كنت مهتم بنتيجة دقيقة وحقيقية بالفعل لتطبيقات مربع المصالح (وليس الأمر تمذهب مسبق وأحكام مقررة سلفاً)، فالمفروض أن يكون ما ذكرته لك من عدم سلامة التطبيق مقبولاً:

(أ) عدم التجزئة وإخراج الأفكار من سياقها:
– عندما نحاكم قضية نحاكمها كلياً لأن محاكمتها جزئياً ستعطي نتائج مضللة… (تصور أنك ستحاكم كل كلمة من كلمات عبارة “الأم لا تكره أبنائها” ثم تحكم على “لا” و”تكره” بأنهما أفكار سلبية انغلاقية صراعية مدانة)… الصحيح أن تحكم على الفكرة بكاملعا…

(ب) التعامل مع الألفاظ التي تتم محاكمتها بدقة…
تقول بأن “العلم ليس لغة” وأن “اللغة ليس العلم”… إذاً فكل حديثنا هو هراء بهراء ولا قيمة له… وليس فيه من العلم شيء، ومحض إضاعة للوقت… وإذاً فكل هذه المحاكمات شكلية لا معنى ولا قيمة لها، ومحض عبث لا يمكن الاكتراث بنتائجه… لأنه ليس علماً…

وإذا قلنا بل اللغة إذا كانت معرّفة بشكل واضح وصحيح ودقيق هي علم، وبأنها تقبل المحاكمة المنطقية بشكل علمي، فهذا يعني أنه من الخاطئ تماماً أن نعمد إلى المحاكمة المنطقية للغة فضفاضة احتمالية غير محددة ولا معرفة ولا موصّفة بشكل دقيق… وبالتالي لا يمكن أن نحاكم المعاني المجازية أو المتغيرة للفظ، وإنما يجب أن نعمد إلى معانيها الاصطلاحية الحرفية والدقيقة حتى نحاكمها ونقرر ما إذا كانت صالحة أم لا…

وبالتالي، فأي محاكمة لنص مترجم إلى غير لغته الأصلية هي محاكمة شكلية ووهمية، لأنها تعتمد على فهم المترجم، وليس لأصل النص… وعندها يحق لنا أن نحاكم مفهوم المترجم عن النص ولا يحق لنا أن نقول بأننا نقوم بمحاكمة أو مقايسة للنص ذاته…

هذا إذا كنا نتحدث علم… أما إذا كنا نتحدث فلسفة (بمعنى “الخواطر الفلسفية”)، فيحق لنا أي شيء، وسيتم نقده علمياً من قبل أهل العلم الأكاديمي بطبيعة الحال…

ومن هنا، فكل هذا الكلام تخبط وإرباك وانحراف عن أصل الموضوع: وهو رغبتك بطرح قراءة أكثر إيجابية للقرآن… وهذا حقك وحريتك، ولكن لا يكفي أن تكون “الغاية نبيلة” ولكن يجب أن تكون “الوسائل مشروعة” و”الطريقة صحيحة”… فإذا كنت ستطرح مثل هذه القراءة الإيجابية يجب أن تقول بأنها “قراءتك الخاصة” ووفق منهجك الخاص (وهذا ما فعله “د. محمد شحرور” حتى أنه أسمى كتابه “قراءة معاصرة” للقرآن وهو ما فعله أيضاً “سيد قطب” الذي سمى تفسيره الشخصي وفلسفته للقرآن بـ “في ظلال القرآن”… لا أن تقول بأن هذا الذي تطرحه هو “تفسير” وأنه أصل المقصود… وإلا بات الأمر “تزويراً” و”افتراءاً” بالمعنى الأدبي والحقوقي…

أنا اقترحت عليك أن تخرج من هذه الإشكالية بأن تنظر في النص القرآني الرسالة التي طرحها صاحب النص – كائناً من كان – والتي لا يختلف عليها أحد وأن تقوم بالتفسير على هذا الأساس… فتكون أنتجت تفسيراً جامعاً لا يمكن الاختلاف حوله… عندها يمكن أن تغنيه بفلسفتك ورؤيتك ونظرتك كما تشاء (وهو ما فعله المفسرون: كانوا يشرحون النص ويقولون المقصود ومن ثم يضيفون من آرائهم الشخصية وفلسفاتهم التأويلية) وهذا هو سبب اختلاف التفاسير والمفسرين والمذاهب في التفسير وقراءة القرآن… ولكن لا خلاف على أصل النص، فمن التزم الأصل أنهى الاختلاف…

ولكن هل الهدف هو “إنهاء الاختلاف” و”التنافس” (وهي الأساس الذي تقوم عليه آلية الصيرورة وتطور الحياة) أم إنهاء “الصراع” و”العدوانية” و”التعصب العنصري”؟

(6) أخيراً سألتني الأسئلة الشخصية التالية، وطالبتني بالمطالبة الشخصية التالية:

– سألت:
“لماذا تحشر نفسك بصندق فقهاء السلطان ومصالح سفك الدم”؟

وأجيب:
أنا لم أحصر نفسي في أي صندوق، ولكن ألتزم بفعل الأشياء بالطريقة الصحيحة… لو سألتني عن قراءتي الفلسفية والمجازية للقرآن لقلت لك ما تحب أن تسمع… ولكن حديثنا كان عن “تفسير” القرآن…

وفي التفسير والاحتجاج بالنص القرآني – أو عند التواصل بأي لغة من اللغات – نحدّث الناس بما يفهمون: نحدث العربي بالعربية والكردي بالكردية والروسي بالروسية والسني بمذهبه والعلوي بمذهبه والإسماعيلي بمذهبه ومفاهيمه… وإلا انعدم التفاهم وانقطع التواصل وسادت لغة الخلاف والبغضاء وربما تطورت إلى العنف…

هنالك تفسير أصيل للقرآن، وهو ما قصده صاحب هذا النص (كائناً من كان)… وهنالك التفسير المذهبي (كل مذهب له تفسيره الذي يمزج الأصل مع التصورات والخواطر الفلسفية ذات التوجهات المؤدلجة سياسياً الخاصة بشخصيات ورجالات هذا المذهب)…

– احتججت:
“كل التفسيرات طائفية تناحرية بمافيها الصوفية والعلوية الفارق فقط انها قادرة على السفك ام لا”

وأرد:
هذا كلام غير سليم بأي مقياس – مع كل الاحترام لشخصك وفكرك – فيه تعميم وتعسف، وحكم ظالم على هوية الآخرين وعقائدهم بالعموم بدلاً من الحكم على سلوكياتهم وأفعالهم…

من يسفك الدماء يسفكها ليس لقناعات عقائدية ولكن لمصالح مادية وغايات شخصية ونتيجة إحباط وفشل وقصور في القدرة على معالجة الإشكاليات وحل المشاكل بالتواصل والتفاهم… وهذا سيسفك الدماء كائناً ما كنت التفسيرات التي يحملها (سيبرر ما يريد بأي فكر وبأي طريقة وربما بالمنطق الحيوي ذاته)…

– طالبت:
“اخرج من الصندوق”

وأجيب:
عندما تطلب مني أن أتحدث عن ما هو داخل الصندوق فأنت من يدخلني إليه عزيزي… إذا كنت تريدني أن أخرج إلى خارج الصندوق، فحدثني بما هو في الخارج… أما أن نجلس في الخارج وتطالبني في الحكم عن الداخل دون الولوج فيه، فهذا غير منصف وغير سليم منطقياً…

– احتججت:
“فكل مجرد ايمان وظروف تربوية مغلقة فئويا على نصوص تقدسها بتفسيرتها التي لا تختلف في صلاحيتها عن النص المؤسس بوصفها جميعها تستند في مصداقيتها الى روايات”

وأرد:
تعميم جديد من جملة التعميمات التي لا أساس لها…
أنا من عائلة علمانية تماماً… ومن بيئة غير متدينة على الإطلاق… نشأت خارج سورية (في الولايات المتحدة ثم في فرنسا ثم الولايات المتحدة من جديد)… عشت في سورية 4 سنوات (كانت أبعد ما يكون عن المؤثرات الدينية)… وكل ما حصلت عليه من تربية دينية هو السنوات الأربع التي قضيتها في السعودية: دروس دينية في المدرسة، ولكن حياتي العائلية والاجتماعية والمنزلية أبعد ما يكون عن المؤثرات الدينية…

أضف إلى ذلك أنني تركت منزل أهلي في سن 18 سنة وعشت مستقلاً منذ ذلك الحين…

فبالتالي لم أتعرض إلى بيئة واحدة أو منهج ديني واحد، ولا إلى تربية دينية عائلية أو مدرسية في اتجاه واحد، ولم أخضع لظروف ثابتة أو لتأثير واحد (كل 4 أو 5 سنوات في دولة حتى سن 25)… فيا صديقي كيف سيصلح تفسيرك التربوي-الاجتماعي التعميمي مع حالتي الخاصة؟

على أي حال سأكتفي بهذا لإغلاق موضوع البارحة، وسأرد لاحقاً على كلامك الأخير…
6:58PM