دعوا النبي فقد هجر ! المسكوت عنه في تاريخ التفرد والشخصنة الاسلامية بدءا من الخليفة عمر

أرسل الصديق أبي حسن مشكورا مقالا لخريج الازهر والاستاذ السابق فيه الصديق د.أحمد صبحي يعدد فيه هفوات عند الخليفة عمر بن الخطاب!

ويصح المقال ان يكون بداية حوار حول المسكون عنه في الشخثصة والتفرد الاسلامي
وللتذكير فإن قوى الشخصنة هي مايعادل القوى المحافظة فيما مقابل قوى التفرد اي المجددة
والخليفة عمر يجمع الصفتين معا
فهو من قوى التغرد الاسلامي الثوري المجدد حتى لحظة احتضار بي المصالح القرآنية
وانتقل الى قوى الشخصنة في اللحظة التي منع هو شخصيا – تنفيذ امر النبي بإحضار وقة وقلم ليكتب لهم كتابا وصفه النبي بكونه سيكون بمثابة ايضاح منه او خارطة طريقة لانتقال السلطة يعصمهم من ان يضلوا بعده

وهنا قال عمر مقولته المدوية : اتركوه فقد هجر!

مبتدئا بذلك شخصنة حلم امبرطوري ليس له مثيل في تاريخ العالم

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد

المسكوت عنه في سيرة عمر بن الخطاب في الفكر السني

الدولة الاسلامية لا يمكن ان تكون غازية محتلة بالقوة لبلاد الاخرين .
عدل عمر تمتع به المسلمون الاحرار فقط ، دون مواطني البلاد المفتوحة .
دولة عمر حين أشرفت علي العالم تعاملت بمنطق العالم وقتها ، منطق الجاهلية والعصور الوسطي وليس منطق الدولة الاسلامية .
كل سلبيات الامويين والعباسيين وحتي العثمانيين بدأت جذورها في دولة عمر .

عمر بن الخطاب : بيانات البطاقة الشخصية والعائلة

الكنية : ابو حفص
الاسم بالكامل : عمر بن الخطاب بن عبد العزي بن رباح بن عبد الله بن قرط بن زراح بن عدي بن كعب .
اسم الام : حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .
اسماء الزوجات والابناء :
زينب بنت مطعون : انجبت له عبد الله وعبد الرحمن وحفصة .
ام كلثوم بنت جرول : انجبت زيدا الاصغر وعبيد الله .
جميلة بنت ثابت : انجبت عاصم .
ام ولد ( جارية ) اسمها لهية : انجبت له عبد الرحمن الاوسط
ام ولد ( جارية ) اسمها فكيهة : انجبت له زينب .
ام ولد ( مجهولة الاسم ) انجبت له عبد الرحمن الاصغر .
ام حكيم بنت الحارث . انجبت فاطمة .
عائكة بنت زيد بن عمر : انجبت له عياض .
تاريخ الميلاد : قبل حرب الفجار بأربع سنين ، وبعد الفيل بثلاث عشرة سنة .
تاريخ اسلامه : في السنة السادسة من النبوة ، وكان عمره ستا وعشرين سنة .
تاريخ تولية الخلافة : يوم الثلاثاء ، 22 جمادى الاخرة سنة 13 .
تاريخ موته : اغتيل صباح الاربعاء 26 ذو الحجة 23
وقيل صباح الاحد اول المحرم سنة 24 .
مدة ولايته : عشر سنين وخمسة اشهر واحدي وعشرون ليلة
.

اهم القضايا في سيرة عمر : المسكوت عنه في تاريخ عمر .

مقدمة : في اعتقادنا انه ليس في الاسلام ايمان بشخص ، انما الايمان بالوحي الذي يصير به النبي مرسلا . وعمر بن الخطاب شخصية تاريخية انسانية ، فيها كل ما في الانسان من ضعف وقوة ، وظلم وعدل ، الا ان التأريخ لعمر وقع بين طرفي نقيض ، فالشيعة لم يتركوا فيه منقبة حسنة ، بل ملأوا سيرته سبا وذما ، والسنة جعلوه ملاكا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، واتفق الشيعة والسنة معا علي خلق شخصية لعمر من خيالاتهم الشخصية بعيدة عن التصور الانساني ، وضاعت الشخصية الانسانية الحقيقية لعمر بين هؤلاء وهؤلاء ، ونحاول في هذه الورقة المتعجلة ان نتوقف مع اقدم روايات اهل السنة عن عمر لنخرج منها بالجانب الاخر لتكون الصورة متوازنة ، مع تأكيدنا علي ان الحقائق التاريخية حقائق نسبية يجوز فيها الصدق والكذب ، وبهذا فهي تختلف عن حقائق القرآن التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، ولأن عمر ليس من حقائق القرآن وانما هو من حقائق التاريخ ، فكل ما يقال عنه يخرج عن دائرة الايمان ويدخل في دائرة البحث التاريخي .فتعالوا بنا الي المسكوت عنه في تاريخ عمر مما كتبه مؤرخو السنة .
1- يقول ابن سعد في الطبقات الكبري ان عمر كان يأمر الولاة بأن يوافوه في موسم الحج ، ثم يخطب في العرب المسلمين فيقول ( ايها الناس اني لم ابعث عمالي عليكم ليصيبوا من ابشاركم ” أي اجسادكم” ولا من اموالكم ، وانما بعثتهم ليحجزوا بينكم وليقسموا فيئكم بينكم ، فمن فعل به غير ذلك فليقم ) فقام رجل فقال ان الوالي فلان ضربني مائة سوط ، فأمر عمر ان يضرب ذلك الوالي مائة سوط ، فتوسط عمرو بن العاص حتي ارضوا الرجل الشاكي بأن دفع له الوالي مائتي دينار بدلا من ان يضربه الرجل مائة سوط .( الطبقات الكبري 3/211[ .الواضح في الخبر هو ان عمر كان يتحري العدل بين العرب في الامصار المختلفة المفتوحة ، لا فارق بين جندي وقائد ، وهذا شئ جميل.
ولكن المسكوت عنه انه اذا كان الظلم يحدث بين العرب المسلمين بحيث يضرب احدهم الاخر مائة سوط ظلما ، فماذا كانوا يفعلون مع الغلابة ابناء البلاد المفتوحة ؟. اذا حاولت ان تجد الاجابة .. يقال لك : اسكت هس !!
ومشهورة قصة المصري مع ابن عمرو بن العاص ، حين تسابقا فسبقه المصري ، فاغتاظ ابن عمرو ، فضرب المصري قائلا : كيف تسبق ابن الاكرمين ، فجاء المصري الي المدينة وشكي ابن عمرو واباه ، فأمر عمر بأن يضرب المصري ابن عمرو، وقال لعمرو : ( متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا) . وقد اصبحت تلك المقولة من مآثر عمر ، واصبحت مثلا من الامثال الدالة علي المساواة والعدل .
وهذا كلام جميل ، وان لم ترد هذه القصة في اقدم المصادر التاريخية الموثقة ، ولكن مع افتراض صحتها ، فأن ذلك المصري الفارس الماهر كان من ابناء الاكابر ، لذلك لم يحتمل الاهانة وسافر علي نفقته وتحدث بالعربية شاكيا ، او ربما وجد له مترجما ووجد بأمواله من يساعده للوصول الي الخليفة في المدينة ليطلب منه حقه .. فما بالك بملايين المصريين وقتها ( كان عدد المصريين حينئذ يزيد عن عشرة ملايين [ .
المسكوت عنه هنا هو ملايين الآهات في الريف المصري الناطقة باللغة القبطية ، والتي لا تستطيع التفاهم مع عمر ، ولا تستطيع ان تصل له ، والتي لم يأبه بها احد .
فاذا حاولت ان تعرف حجم الظلم الذي تعرض له اجدادانا المصريون في الدلتا والصعيد في عصر عمر والذي تجاهله الرواة ، يقال لك : اسكت .. هس !!.
وحدثت مجاعة الرمادة في الجزيرة العربية فاستغاث عمر بوالي مصر عمرو بن العاص وكتب له يقول ( من عبد الله امير المؤمنين الي العاصي بن العاصي .. سلام عليك ..، اما بعد فتراني هالكا ومن قبلي ، وتعيش انت ومن قبلك ، فياغوثاه .. ثلاثا[.
وسرعان ما كتب له عمرو ] : لأبعثن لك بعير اولها عندك واخرها عندي [ فبعث له بالطريق البري الف بعير بالدقيق والمؤن ، وبعث له بالطريق البحري عشرين سفينة محملة بالغذاء . والمسكوت عنه هنا .. كيف تم الاسراع بجمع كل هذه الاغذية من المصريين في الدلتا والصعيد ..هل بالتبرع عن طيب خاطر .. ام بالمصادرة والضرب ؟ .. اذا حاولت ان تعرف الاجابة قيل لك .. اسكت .. هس !!
ويروي الاحنف في مناقب عمر:] : كنا جلوسا بباب عمر فمرت جارية فقالوا : سرية امير المؤمنين ( أي محظيته ) فقالت الجارية : ماهي لأمير المؤمنين بسرية وما تحل له ، انها من مال الله ، فقلنا فماذا يحل له من مال الله ؟ فما هو قدر الا ان قد بلغت ، وجاء الرسول فدعانا ، فأتيناه ، فقال ، ماذا قلتم ؟ ( فأخبروه ) فقال : انا اخبركم بما استحل منه : يحل لي حلتان ، حلة في الشتاء وحلة في القيظ ، وما احج عليه واعتمر ، وقوتي وقوت اهلي كقوت رجل من قريش ، ليس بأغناهم ولا بأفقرهم )( طبقات ابن سعد 3/ 197 .[
الواضح هنا عدل عمر في انه لا يميز نفسه عن باقي المسلمين ..
ولكن المسكوت عنه هو حكاية الجارية التي جئ بها ظلما من اهلها الاحرار في البلاد المفتوحة ، واصبحت سلعة تباع وتشتري ، او حسب قولهم وقولها ( من مال الله ) . فاذا حاولت ان تجد توضيحا قيل لك : اسكت … هس !!
ويقول ابن سعد ان عمر كان لا يأذن للسبي من الاسري من الرجال بدخول المدينة . واستأذن المغيرة بن شعبة حتي سمح عمر بأن يأتي للمدينة ابو لؤلؤة فيروز المجوسي ، وكان من سبي نهاوند ، ويقول عنه ابن سعد ( كان خبيثا ، اذا نظر الي السبي الصغار يأتي فيمسح رؤوسهم ويقول ان العرب اكلت كبدي ..) وفي النهاية قتل عمر انتقاما .
والمسكوت عنه هم هؤلاء الالوف من الصبية والاطفال او الذراري الذين سباهم العرب المسلمون من اهاليهم من ايران والرافدين ومصر ، وفرقوا بينهم وبين اهاليهم وجعلوهم رقيقا بدون ذنب جنوه هم واهاليهم .. وهل يصح هذا في عدالة الاسلام .. اذا تحدثت تطلب المزيد من المعلومات ، ولم تجد شيئا عنهم وعن آلامهم قيل لك .. اسكت .. هس !!
حسنا .. نحن لن نسكت … ولن نهس !!
سنبحث الموضوع المسكوت عنه .. ليس طلبا للموضوعية العلمية فقط ، ولكن لتوضيح الرؤية الاسلامية القائمة علي القسط والعدل .. ولأن من بين اولئك المظاليم اجدادنا المصريين ، ونكاد نتحسس صراخهم بين روايات تاريخنا الاسلامي ، تلك الروايات التي تدور دائما حول الحاكم وتترك المظاليم .. و اذا كان الله تعالي يتسامح مع المظلوم اذا رفع صوته جاهرا بالسب واللعن ، بل ان الله تعالي يحب ذلك ، ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم : النساء 148 ) فكيف صادر اولئك المؤرخون حق اجدادنا في الصراخ .. انحيازا منهم للظالم ؟؟!!
تعالوا بنا الي بداية الموضوع :ماهو حكم الاسلام في الفتوحات الاسلامية ؟
هل الفتوحات العربية في عصر الراشدين تتفق مع تشريعات القرآن للدولة الاسلامية ؟
ان هذه الفتوحات كانت رد فعل لهجوم المرتدين علي المدينة في اول خلافة ابي بكر ، وقد هزمهم ، ثم طارد المرتدين الاخرين الي ان وصل الي اطراف الجزيرة العربية حيث تخوم الامبراطوريتين الفارسية والرومية . وبعد اخضاع المرتدين اراد ان يتخلص من شوكتهم الحربية بتصديرها الي الهجوم علي ممالك وولايات الامبراطوريتين ،و هكذا بدأت الفتوحات أو الغزوات ، والويل فيها للمغلوب دولة او شعبا . وكان الشعار المرفوع وقتها لتسويغ الفتوحات هو تخييرهم بين واحدة من ثلاث : اما الاسلام واما الجزية واما الحرب ، وهذا التخيير من جيش يقتحم حدود الاخرين متأهبا للهجوم عليهم لا يعني سوي اجبارهم علي الاسلام او دفع الجزية مع الذلة والعبودية او الدخول في حرب مع عسكر ( يحبون الموت كما يحب اولئك الناس الحياة ) .. وبذلك اكتسب الجهاد عند المسلمين معني جديدا يخالف معناه القرآني الذي كانت عليه دولة الاسلام في عصر النبي عليه السلام .
فالجهاد ان تضحي بالمال والنفس دفاعا عن عقيدتك وعن حرية العقيدة لك وللاخرين ، و ليس بأن تقتحم علي الاخرين بلادهم لتجبرهم علي الاسلام والا فالجزية ، والا فالحرب . ان ما كتبوه في سيرة النبي يؤكد علي الطبيعة الدفاعية للغزوات مع كثرة الاكاذيب في الروايات ، والتي تختلف عن حديث القرآن عن غزوات النبي (ص) ، ثم ان هذه الفتوحات تتناقض تماما مع القرآن في تشريعاته وقصصه .
ان تشريعات الجهاد في الاسلام تبدأ بالكلمة والموعظة القرآنية ، أي الجهاد بالقرآن ( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا : الفرقان 52 ) ويقترن ذلك بتحمل الاذي . و الطرد ومصادرة المال والهجرة . ثم يضطر المسلمون للدفاع عن انفسهم مخافة الاستئصال ضد عدو يطاردهم حتي بعد هجرتهم ، وحتي لا تنهدم بيوت العبادة لكل المؤمنين من صوامع لليهود وبيع للنصاري وصلوات لكل صاحب عقيدة ، ومساجد للمسلمين ( الحج 40 ) وفي كل الاحوال فتشريعات القتال في الدولة الاسلامية تدور بين اوامر تشريعية تخضع لقواعد تشريعية ، فالاوامر هي ( قاتلوا ) والقواعد التشريعية هي ( في سبيل الله ) بمعني ان يكون القتال دفاعيا فقط او قتال اولئك الذين يقاتلونكم وبدون اعتداء عليهم ، يقول الله تعالي ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ، ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) .. ( فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم ، واتقوا الله : البقرة 190 ، 194 ) .أي ان المسلمين حين يعتدون علي من لم يعتد عليهم فانهم لم يتقوا الله .!!
وذلك العدو المعتدي اذا هزمته الدولة الاسلامية فمن حقها ان تجبره علي دفع غرامة حربية هي الجزية ، وذلك عرف مألوف في تاريخ العصور الوسطي ، وفي التاريخ الحديث والمعاصر ، ومن حقها ايضا ان تحصل منه علي غنائم تركها في ميدان المعركة ، ولكن ليس من حقها ان تحتل ارضه لأن آية الجزية ( التوبة 29 ) بما فيها من اوامر انما تخضع للقواعد التشريعية والمقاصد التشريعية التي تؤكد علي القسط والعدل ، ومعني ان الدولة المعتدية تعطي الجزية بعد هزيمتها أي انها تظل قائمة علي ارضها وشعبها ومواردها دون ان يحتلها المسلمون ، بالضبط كما حدث حين دفع الروم البيزنطيون الجزية للدولة الاموية والعباسية والعكس ، في اطار الحروب وما تداولوه من نصر وهزيمة ، وكل من الدولتين كانت في موقعها وعلي حدودها .
ولكن كل ذلك كله يخالف ما جري في الفتوحات العربية في عهد عمر ، لأن عمر بعد ان اسقط الدولة الفارسية فرض علي اهلها الجزية وفرض علي ارضها الخراج ، وهؤلاء الناس ( الغلابة ) لم يحاربوا احدا ، بل ان الدولة الفارسية نفسها لم تعلن الحرب علي الدولة العربية ، ولم تقتحم الجزيرة العربية ، بل العكس هو ما حدث ، فالعرب المسلمون هم الذين اقتحموا علي الفرس دارهم ، وبعد ان هزموا الجيوش في مواقع متعددة داخل بلادها ، سلبوا كنوز الفرس في كل مدينة ، واسترقوا الذرية من النساء والاطفال فيما بينهم ، ثم بعدها فرضوا علي المساكين اهل البلاد المفتوحة جزية علي الرءوس ، ثم ضريبة علي الارض ، ولا يتفق ذلك مع تشريعات القرآن بكل تاكيد .
وما حدث في مصر كان افظع ..
فالفرس كانوا اصحاب الملك ، وكانوا احدي أقوي قوتين في العالم ، لذلك حاربوا دفاعا عن النفس ، اما المصريون فقد كان البيزنطيون يحتلون ارضهم ويضطهدونهم في دينهم ، لذلك عاونوا العرب في فتح بلادهم نكاية في الروم ، واسهب المقريزي في توضيح انواع المساعدة التي قدمها المصريون لجيش عمرو الضئيل منذ ان نزل الفرما الي ان فتحوا له ابواب الاسكندرية خلسة .. ومع ذلك كافأهم عمر وعمرو بفرض الجزية عليهم !!
لقد اتسعت الفتوحات العربية في عهد عمر فيما بين ( 14 : 23 هـ ) لتمتد فيما بين اصفهان في شرق ايران الي طرابلس ليبيا ، ففي سنة 14 كانت فتوحات دمشق وحمص وبعلبك وموضع البصرة وهي الابلة ، وفي سنة 15 تمت فتوحات الاردن وانتصر العرب علي الروم في اليرموك ، وعلي الفرس في القادسية ، وفي سنة 16 تمت فتوحات الاهواز والمدائن والانتصار في جلولاء وهزيمة الامبراطور الفارسي يزدجر وهروبه ، ثم فتوحات تكريت شمال العراق ، ثم تسلم عمر بن العاص بيت المقدس ، وتمت فتوحات قنسرين وحلب وانطاكية ومنسج وسروج وقريقساء ، وفي سنة 18 تمت فتوحات جندباسبور وجلوان و الرهاد وسميساء وحران ونصيبين والموصل والجزيرة فيما بين العراق وسوريا ،وفي سنة 19 فتوحات قيسارية ، وفي سنة 20 فتحوا مصر غربا ، وتستر في ايران ، وفي سنة 21 فتح الاسكندرية ، ثم في نهاوند في ايران ، وفتح برقة في ليبيا ، وفي سنة 22 فتح اذريبجان والدنيور وماسبذان وهمذان والري وعسكر وقومس في اواسط اسيا ، وفتح طرابلس الغرب في ليبيا .
وفي السنة التي قتل فيها عمر كان فتح كرمان وسجستان ومكران واصفهان سنة 23هـ .
وخلال هذه السنوات العشر سالت دماء مئات الالوف من الابرياء في كل تلك المناطق ظلما وعدوانا تحت اسم الاسلام والجهاد ، وتشتت مئات الالوف من العائلات والاسر فيما بين اواسط اسيا الي ليبيا ، ونهب العرب كنوز المنطقة بعد المعارك وقسموا بينهم الذرية والنساء .
ونأخذ مثالا علي احدي المعارك التافهة ، والتي سجلها الطبري في اربع صفحات وقام بتلخيصها ابن كثير في ثلاثة اسطر ، تحت عنون ( خبر سلمة بن قيس الاشجعي والاكراد : بعثه عمر علي سرية ووصاه بوصايا كثيرة ، فساروا فلقوا جمعا من المشركين فدعوهم الي احدى ثلاث خلال ، فأبوا ان يقبلوا واحدة منها ، فقاتلوهم ، فقتلوا مقاتليهم ، وسبوا ذراريهم وغنموا اموالهم ، ثم بعث سلمة رسولا الي عمر بالفتح والغنائم ) ( تاريخ ابن كثير 7/ 133 ، التفاصيل في تاريخ الطبري 4/ 186 : 190 ) لم تكن للاكراد دولة ، ولم تكن لهم علاقة بالعرب من أي نوع . وكل ما هنالك انهم فوجئوا بجيش لا يعرفون لغته يقتحم عليهم ديارهم ، فدافعوا عن وطنهم واموالهم واعراضهم ، فانهزموا ، وبعد ان قتل العرب ] مقاتليهم ) اخذوا النساء والاولاد والبنات سبيا ، واخذوا الاموال ، وكالعادة بعثوا بالخمس الي عمر ، واقتسموا فيما بينهم الاربعة اخماس من الغنائم المالية والبشرية . وتخيل نفسك تعيش في قرية ثم فوجئتم بجيش يهزم المدافعين عن القرية ، ثم يستبيح بيوت القرية ويستحل الدماء والاعراض والاموال ويصل الي بيتك ، يأخذ اموالك ، ويأخذ امك وزوجتك واختك وبناتك واولادك ، وقد يقتلك اذا قاومت ، فاذا استسلمت يفرض عليك جزية بحجة انه يحميك !! ثم يفرض ضرائب علي بيتك ، وارضك وانتاجك ، ثم تكون بعدها مواطنا من الدرجة الثانية ، وذلك تحت لافتة انك اهل ذمة النبي ، والنبي عليه السلام لم يشهد هذه الفتوحات ، ناهيك ان النبي لا يملك التشريع ، وانما يتلقي التشريع ، و الا ما كان الله تعالي يقول له ( يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضاة ازواجك[.
وسلب الاموال وسبي الذرية لم يكن قاصرا علي البلاد التي يختار اهلها الحرب دفاعا عن انفسهم ، فقد كان يلحق السلب والنهب بالبلاد التي تختار الصلح والجزية ، يقول ابن كثير ( وساق القعقاع الي حلوان فتسلمها ، ودخلها المسلمون ، فغنموا وسبوا واقاموا بها ، وضربوا الجزية علي من حولها بعد ما دعوا الي الاسلام فأبوا الا الجزية : تاريخ ابن كثير 7/ 71 ) أي تسلموها بدون حرب ، ولكن علي ان تدفع الجزية ، ومع ذلك فقد سلبوا وسبوا واخذوا الجزية !! . أي ان الهدف الاساسي هو السلب والنهي والاسترقاق بحرب او بدونها . وهذا يذكرنا بتلك المقولة التي نسبوها لعمر ( متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ) ونري انها رواية كاذبة ..لأن الواقع انهم استبعدوا الاحرار
وفي تاريخ الطبري مئات الصفحات عن القتل والسلب والسبي ، نقتطف هذه الاسطر التي يحكيها احد الجنود العرب وهو ” محفز” الذي شارك في موقعة جلولاء سنة 16 هـ ، في ايران ، يقول ( ودخلوا المدائن ، ولقد اصبت بها تمثالا لو قسم في بكر بن وائل لسد منهم مسدا ، عليه جوهر فأديته ) أي سلمه للجيش .. الي ان يقول ( فاذا امرأة كالغزال في حسن الشمس فأخذتها وثيابها ، فأديت الثياب ، وطلبت في الجارية حتي صارت لي ، فاتخذتها ام ولد : الطبري [4/ 26 : 27 ) ويذكر الطبري عن غنائم العرب بعد فتح المدائن ما يفوق الخيال ، من الذهب والجواهر وكنوز كسري وعرشه ، حتي كانوا يجدون بعض البيوت مليئة بالذهب والجواهر ، وجمعوا اطنانا من عطر الكافور وحسبوه ملحا فخلطوه بالطعام فأصبح شديد المرارة ( تاريخ الطبري 3/19 :20 ، تاريخ ابن كثير 7/ 66 : 67 [
ونعود اليك ونطلب منك ان تتخيل نفسك شاهدا محايدا ، تري جيشا يستبيح مدينة آمنة في وطنها لم تعتد مطلقا علي هذا الجيش الذي يعتدي عليها ، ثم الدماء هنا وهناك ، وبعدها استباحة البيوت وتجميع الاموال في كومة كبيرة ، وتجميع النساء والاطفال والفتيات في صفوف اخري ، ثم يقسم المال اخماسا ، يبعثون بالخمس الي الخليفة ، ويفرقون الاربعة اخماس بين المقاتلين ، بالعدل والقسطاس ، ثم يلتفتون الي النساء والاطفال ، فيأخذون منهم الاربعة اخماس يفرقونه علي افراد الجيش ، ثم يبعثون بالخمس الباقي منها الي المدينة مع تنفيذ وصية الخليفة عمر الي امراء الجيوش ، بألا يبعثوا الي المدينة الا بالصبية الصغار . وتخيل ما تسمعه من صرخات الامهات وعويل الاطفال حين تتشتت الاسرة الواحدة ، بين رجال قتلي امام بيوتهم حين كانوا يدافعون عن انفسهم ، وزوجة قد اخذها فلان ، واخت امتلكها علان ، وصبي صغير يبكي وقد بعثوا به الي المدينة ، واخت له استحسنها القائد فاستأثر بها لنفسه . وما تتخيله هو ما حدث فعلا وتردد بين سطور التاريخ في الفتوحات . ودين الله تعالي القائم علي القسط والعدل والسلم يأبي ذلك .
ونعود الي ابن سعد وهو يقول عن عمر ( وضع الخراج علي الاراضين ، والجزية علي جماجم اهل الذمة فيما فتح من البلدان ، ووضع علي الغني ثمانية واربعين درهما ، وعلي الوسط اربعة وعشرين درهما ، وعلي الفقير اثني عشر درهما ، وقال : لا يعوز ” أي لا يرهق” رجل منهم ” أي الفقراء” درهم في الشهر : الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 202) .
وتأمل نبرة الاحتقار في صياغة الخبر في قوله ( وضع الجزية علي جماجم اهل الذمة ) أي الجزية علي الرءوس كالانعام ، مع ان الجزية في شريعة القرآن الكريم هي مجرد غرامة تدفعها دولة معتدية مهزومة جزاء عدوانها ، ولا توضع الجزية علي الافراد المساكين في بلاد احتلها العرب وعاملوا اهلها بالظلم والاحتقار . ثم انهم فرضوا الجزية علي الجميع ، حتي الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم ، الا ان عمر يري انه ليس من الارهاق عليه ان يدفع درهما كل شهر .اما الغني والمتوسط الذي يملك ارضا او حانوتا فأنه يدفع خراجا او ضريبة بالاضافة الي الجزية .وهذا بعد ان سلب العرب ثروة البلاد المنقولة واسترقوا افضل من فيها من نساء وذرية ، وقتلوا الشباب الابي الذي حاول الدفاع عن ارضه وعرضه .

26 تعليق

  1. وكأن أحدا من المسلمين إدعى بكون عمر معصوما من الخطأ .. وكأن الهفوات المذكزرة – في حال صحتها – اعاقته عن المشاركة في تأسيس اكبر امبرطورية في العالم في عهده والى مابعد اربعة قرون لم يكن ثمة من نور وعلم وتعلم وتقدم والا في الحواضر التي ساهم في تأسيسها عمر نفسه !
    والصديق صبحي سبق وحدثني بهذه الهفوات في زيارته لي في القاهر عام 1999.. وناقشته فيها بمايعني أن كلا من النموذج القيادي العمري والعلوي. هما من أوحه مصالح القيادة المحمدية .. كل بحسب اجتهاده
    وعلى كل فإن المنطق الحيوي لايحرم أي رأي معلل
    ما يهمنا – اولا واخيرا – هو تطبيق مقايسات المنطق الحيوي .. لتعرف بداهة كعبة المصالح التي يتحواها فمن يستطع مشكورا ؟

    إعجاب

  2. ..انفجرت، في هذه الأيام، وعلى نحو هزلي ومؤلم، الفقاعة الدينية على شكل تناحر، وتلاسن، وتلاعن، وفتوى وفتوى مضادة، وتباعد بين رجال دين “أفاضل”، وكبار، ومن رموز ما يسمى بالصحوة المباركة. فمن انفجار فقاعة العريفي عن التسامح، ذاك الذي حشر نفسه ودينه في مسألة محض سياسية ووظفها لصالح تيار وجناح سياسي وعسكري، واستتبع ذلك بسلسلة من الآراء ووجهات النظر والمواقف المؤيدة لما قاله الشيخ العريفي، والمواقف المنددة والرافضة والمستهجنة لما قال وعلى رأسها رأي هام من الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار بالديوان الملكي الذي رفض جنوح العريفي جملة وتفصيلاً، فيما بدا كفقاعة دينية تنفجر أمام جميع الناس ووسائل الإعلام والرأي العام الذي وقف مدهوشاً يتابع هول ما يرى ويسمع بين مصدق وغير مصدق، فها هي لغة التخوين والتكفير والصد والرد، تنتقل إلى داخل الكهنوت الديني، الذي بدا متماسكاً وعصياً على الاختراق لوقت ما، وبعد أن كانت تلك اللغة التكريهية التأجيجية التخوينية موجهة إلى خارجه. ومن ثم ننتقل إلى القضية الأكبر في مسألة انفجار الفقاعة الدينية وهي قضية الجدار الفولاذي العازل الذي تقوم حكومة السيد الرئيس المؤمن حسني مبارك، ببنائه لمنع تهريب الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية الضرورية إلى داخل غزة وشعبها المحاصر الذي يعاني الكثير جراء ذاك الحصار الجائر. فقد تدخل سماحة الشيخ الجليل يوسف القرضاوي، وأقحم نفسه بشدة في هذا الصراع السياسي، مفتياً بحرمة بناء الجدار، ومطالباً برجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس من منبره في مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة رغم أن عباس وعائلته يحملون الجنسية القطرية. فأتته عاصفة من الردود بين مؤيد ومعارض، ومنها مطالبة إياه بالتراجع عن كلامه وفتواه، فيما كان الأزهر الشريف، نفسه، وعلى لسان مجمع البحوث الإسلامية قد أصدر بياناً لوذعياً وقوياً حاسماً وقاطعاً يؤيد فيه بناء الجدار العازل:”لما في ذلك من مصلحة وأمن مصر كما جاء فيه”.

    الأمر الخطر في الموضوع هو استخدام كلا الفريقين، الرافض والمؤيد، لحجج وأقوال وإسناد من القرآن والسنة والسيرة يدعم موقفه وحجته ويجعل منها أمراً شرعياً حلالاً ومقبولاً لكل من يتبنى أياً من الموقفين، فإن كنت مع بناء الجدار فأنت في السليم و”حتدخل الجنة” بإذن الله، وإن كنت ضد بناء الجدار فأنت أيضاً “في السليم وحتدخل الجنة بإذن الله”. وإن كان على النقيض من الطرف الآخر، ما يجعل جموع المؤمنين، في حيرة وذهول وقلق وضياع حيال ذلك، ما يطرح بالتالي، أسئلة كثيرة حول كثير من قضايا الحلال والحرام، حين بالإمكان أن يحول رجال الدين الحلال إلى حرامً، في زمن ومكان ومصلحة ما، وحين بالإمكان أن يحول الحرام حلالاً في زمن ومكان ولمصلحة ما، وبالتالي طرح أسئلة حول شرعية وأحقية إتباع فتاوى العلماء في كثير من الإشكاليات. الأمر الذي بات يقضي، وبضرورة ملحة، أن يبقى الدين ورجاله بعيدون عن شؤون الحياة، وفصله كلياً عن شؤون الناس. وحفاظاً له على هيبته ومكانته وقيمته بات من الضروري حصره بالعبادات والجانب الروحي المحض المتعلق بعلاقة الإنسان بخالقه، وعدم حشره، وإقحامه، وزجـّه في مثل هذه الصراعات، التي أساءت له ولرموزه بالذات، وهزت صورتهم، وخلخلت مكانتهم في أعين الأتباع.

    لا شك بأن لما يحصل وجه آخر قد يبدو إيجابياً، ليس شماتة، كلا وحاشى لله، ولكن لجهة كشف وانكشاف حقيقة التوظيف السياسي للديني، واستخداماته الأخرى اللادينية واللاروحية، والتي قد لا تبتغي وجه الحق ووجه الله، كما يقال، وعن خطورة قبول بعض رجال الدين المسيسين للعب دور بيادق، وأدوات في سجالات وصراعات سياسية محضة، وإذعانهم لرغبات ومطامح وأهواء رجال الحكم والسلطة، والتخندق مع مصالح دنيوية، هنا وهناك، وربما الوقوف من غير قصد، مع مصالح دول وأنظمة خارجية وتلبية احتياجاتها وتحقيق مشاريعها، ما قد يستدعي وقفة من عقلاء وحكماء آخرين لتصحيح هذه الأوضاع الشاذة والخطرة التي لن تجلب لأصحابها سوى الخيبة وسواد الوجه.

    إذن انفجرت فقاعة الصحوة والإسلام السياسي على هذا النحو المحزن وبانت تناقضاته المريعة وتحمل تباشير أفول نجمه وانهياره، بعد أن تستر بالورع والتقوى وابتغاء وجه الله، ورفع الغطاء عن حقيقة توجهاته وقابلية “استخداماته” في شتى المواقف والاتجاهات، ولكافة الغايات الثورية والانهزامية، التقدمية والرجعية، “المعية والضدية”، كما انفجرت، وانهارت، بالأمس فقاعات مدن الملح، وعلى نحو محزن وبائس هي الأخرى، والتي تبين أنها كانت قائمة، أيضاً، على الوهم والسراب والخداع.

    إعجاب

  3. ..
    انفجرت، في هذه الأيام، وعلى نحو هزلي ومؤلم، الفقاعة الدينية على شكل تناحر، وتلاسن، وتلاعن، وفتوى وفتوى مضادة، وتباعد بين رجال دين “أفاضل”، وكبار، ومن رموز ما يسمى بالصحوة المباركة. فمن انفجار فقاعة العريفي عن التسامح، ذاك الذي حشر نفسه ودينه في مسألة محض سياسية ووظفها لصالح تيار وجناح سياسي وعسكري، واستتبع ذلك بسلسلة من الآراء ووجهات النظر والمواقف المؤيدة لما قاله الشيخ العريفي، والمواقف المنددة والرافضة والمستهجنة لما قال وعلى رأسها رأي هام من الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار بالديوان الملكي الذي رفض جنوح العريفي جملة وتفصيلاً، فيما بدا كفقاعة دينية تنفجر أمام جميع الناس ووسائل الإعلام والرأي العام الذي وقف مدهوشاً يتابع هول ما يرى ويسمع بين مصدق وغير مصدق، فها هي لغة التخوين والتكفير والصد والرد، تنتقل إلى داخل الكهنوت الديني، الذي بدا متماسكاً وعصياً على الاختراق لوقت ما، وبعد أن كانت تلك اللغة التكريهية التأجيجية التخوينية موجهة إلى خارجه. ومن ثم ننتقل إلى القضية الأكبر في مسألة انفجار الفقاعة الدينية وهي قضية الجدار الفولاذي العازل الذي تقوم حكومة السيد الرئيس المؤمن حسني مبارك، ببنائه لمنع تهريب الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية الضرورية إلى داخل غزة وشعبها المحاصر الذي يعاني الكثير جراء ذاك الحصار الجائر. فقد تدخل سماحة الشيخ الجليل يوسف القرضاوي، وأقحم نفسه بشدة في هذا الصراع السياسي، مفتياً بحرمة بناء الجدار، ومطالباً برجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس من منبره في مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة رغم أن عباس وعائلته يحملون الجنسية القطرية. فأتته عاصفة من الردود بين مؤيد ومعارض، ومنها مطالبة إياه بالتراجع عن كلامه وفتواه، فيما كان الأزهر الشريف، نفسه، وعلى لسان مجمع البحوث الإسلامية قد أصدر بياناً لوذعياً وقوياً حاسماً وقاطعاً يؤيد فيه بناء الجدار العازل:”لما في ذلك من مصلحة وأمن مصر كما جاء فيه”.

    الأمر الخطر في الموضوع هو استخدام كلا الفريقين، الرافض والمؤيد، لحجج وأقوال وإسناد من القرآن والسنة والسيرة يدعم موقفه وحجته ويجعل منها أمراً شرعياً حلالاً ومقبولاً لكل من يتبنى أياً من الموقفين، فإن كنت مع بناء الجدار فأنت في السليم و”حتدخل الجنة” بإذن الله، وإن كنت ضد بناء الجدار فأنت أيضاً “في السليم وحتدخل الجنة بإذن الله”. وإن كان على النقيض من الطرف الآخر، ما يجعل جموع المؤمنين، في حيرة وذهول وقلق وضياع حيال ذلك، ما يطرح بالتالي، أسئلة كثيرة حول كثير من قضايا الحلال والحرام، حين بالإمكان أن يحول رجال الدين الحلال إلى حرامً، في زمن ومكان ومصلحة ما، وحين بالإمكان أن يحول الحرام حلالاً في زمن ومكان ولمصلحة ما، وبالتالي طرح أسئلة حول شرعية وأحقية إتباع فتاوى العلماء في كثير من الإشكاليات. الأمر الذي بات يقضي، وبضرورة ملحة، أن يبقى الدين ورجاله بعيدون عن شؤون الحياة، وفصله كلياً عن شؤون الناس. وحفاظاً له على هيبته ومكانته وقيمته بات من الضروري حصره بالعبادات والجانب الروحي المحض المتعلق بعلاقة الإنسان بخالقه، وعدم حشره، وإقحامه، وزجـّه في مثل هذه الصراعات، التي أساءت له ولرموزه بالذات، وهزت صورتهم، وخلخلت مكانتهم في أعين الأتباع.

    لا شك بأن لما يحصل وجه آخر قد يبدو إيجابياً، ليس شماتة، كلا وحاشى لله، ولكن لجهة كشف وانكشاف حقيقة التوظيف السياسي للديني، واستخداماته الأخرى اللادينية واللاروحية، والتي قد لا تبتغي وجه الحق ووجه الله، كما يقال، وعن خطورة قبول بعض رجال الدين المسيسين للعب دور بيادق، وأدوات في سجالات وصراعات سياسية محضة، وإذعانهم لرغبات ومطامح وأهواء رجال الحكم والسلطة، والتخندق مع مصالح دنيوية، هنا وهناك، وربما الوقوف من غير قصد، مع مصالح دول وأنظمة خارجية وتلبية احتياجاتها وتحقيق مشاريعها، ما قد يستدعي وقفة من عقلاء وحكماء آخرين لتصحيح هذه الأوضاع الشاذة والخطرة التي لن تجلب لأصحابها سوى الخيبة وسواد الوجه.

    إذن انفجرت فقاعة الصحوة والإسلام السياسي على هذا النحو المحزن وبانت تناقضاته المريعة وتحمل تباشير أفول نجمه وانهياره، بعد أن تستر بالورع والتقوى وابتغاء وجه الله، ورفع الغطاء عن حقيقة توجهاته وقابلية “استخداماته” في شتى المواقف والاتجاهات، ولكافة الغايات الثورية والانهزامية، التقدمية والرجعية، “المعية والضدية”، كما انفجرت، وانهارت، بالأمس فقاعات مدن الملح، وعلى نحو محزن وبائس هي الأخرى، والتي تبين أنها كانت قائمة، أيضاً، على الوهم والسراب والخداع.

    إعجاب

  4. نضال نعيسة ي: فقهاء التخلف.. وحتى التخلف منهم براء.

    في جميع دول العالم المتحضر، وحتى المتخلف، أو ذاك الذي ما زال في طور أن يصبح متخلفاً، لأن التخلف، بحد ذاته، هو مرحلة “متقدمة” نحو بلوغ الحضارة، ومن هنا فلا يجوز أن نصف الأعاريب بالتخلف لأن التخلف حالة حضارية، بهذا المعنى، تعني أن هذا البلد يقف على مبعدة معينة من الحضارة ويحاول اللحاق بها، أما في حالتنا فنحن، وكل الحمد لله، خارج المنظومة الحضارية البشرية كلها، ولسنا وراءها، أو على مشارفها ومقربة منها، فالتخلف عن الحضارة هو حالة إيجابية أي أن يكون هناك قابلية للتطور في يوم ما، وهنا يبدو، وفي ضوء المعطيات الحالية، لا أمل البتة في الشفاء من حالة الشلل والانسداد الدماغي العام التي تعانيها هذه الشعوب والمجتمعات، المهم، نقول في جميع دول العالم، هناك فعلياً ثلاث سلطات، وهي السلطة التشريعية، والتنفيذية، وفوقها جميعاً السلطة القضائية، ويضاف إليها، ومن ثم، ومن باب الترف “الديمقراطي” الذي تعيشه طبعاً دول العالم، والحديث عنهم وليس عنا، كلا فحاشانا وحاشاكم، هناك ما بات يعرف بالسلطة الرابعة، أو سلطة الصحافة، والإعلام التي تراقب وتضبط السلوك العام، وتتحكم بالرأي العام وتوجهه بما تقتضيه المصلحة العليا لأي بلد، وتنقل صورة شفافة وواقعية، ومن دون محاباة ونفاق، لأصحاب السلطة والقرار، كي يكون الرأي والقرار سليماً وصحيحاً ويصب في الصالح العام

    هذه السلطات الأربع كما قلنا هي الآليات التي تدار بها المجتمعات المتحضرة واستطاعت أن تضمن لشعوبها، من خلالها، قدراً من الرفاهية والأمان والسعادة والازدهار والنظام العام.

    لكن في المجتمعات التي لا تزال “دائخة” في المراحل المشاعية، والفوضوية، اللا تنظيمية، الأبوية، والتي لا علاقة لها بنمط من أنماط الحكم والإدارة السائدة في العالم اليوم، حيث لا يوجد أي قانون مكتوب، في بعضها، ولا تعترف بدستور، هناك سلطة خامسة، أقوى من كل تلك السلطات، هي سلطة الفقهاء التي تعلو على جميع السلطات لأخرى. في مصر مثلاً، وبعد أن يصدر حكم بالإعدام على مجرم ما، فإن أوراقه تحول إلى مفتي الجمهورية للتصديق على حكم القضاء، وتنفيذه، ما يعني أن هذا المفتي، اوقد لا يكون هذا الفقيه مجازاً في القانون أو خبيراً به أو السلطة الفقهية الدينية، هو فوق سلطة القضاء، المفترض أن تكون الأعلى والأقوى وصاحبة القرار، وأن تتخذ قراراته وتنفذها ومن دون الرجوع إلى أية سلطة أخرى تكون وصية عليها، لأن ذلك، وببساطة، يشكل إهانة لهذا القضاء، وقس على ذلك في الكثير من القضايا، حيث يتم اللجوء للسلطة الدينية لأخذ رأيها في قانون،أو تشريع، أو حادثة ما.

    سلطة الفقهاء الروحية والزمانية، اليوم، وفي هذه المجتمعات، هي فوق كل القوانين والسلطات المكانية والوضعية وتتحداها وتتجاوزها، وباتت هي السلطة الأعلى وخارج نطاق القانون، ولا تعطيه أي بال أو احترام. وهي التي تبيح لهذا الفقيه شتم مراجع، وشخصيات، ودول، وتكفير هذا وذاك من دون الخوف من أية مساءلة قانونية. وهي التي تسمح لفقيه آخر بطلب رجم رئيس دولة أخرى، علناً، من دون أية مراعاة للأصول والأعراف الدبلوماسية، والقوانين المرعية، والعلاقات الثنائية بين الدول، فهؤلاء الفقهاء هم فوق ذلك كله، ولا يولونه أي اعتبار، واحترام.

    وهم يقولون أي شيء، ويفتون بأية قضية، ويتدخلون بكل شاردة وواردة، ويتحدثون بالسياسة والاقتصاد وفروع الطب والفيزياء النووية(يعني مثل إينشتاين)، والعلوم الأخرى المعقدة وغزو الفضاء والعلوم الطبيعية والجغرافية والجيولوجية( زغلول النجار)، ولم تسلم من تدخلاتهم حتى أفلام كرتون البريئة الموجهة لليافعة والأطفال (محمد المنجد وصديقه ميكي ماوس). ويكفي اليوم لأي طامح بالسلطة أن يردد أمام العامة والبسطاء التعويذات والبسملات والحوقلات والتحمدات والتعبدات وقصص التراث ليصبح ذا حظوة وسطوة ونجماً من نجوم الفضائيات، ويصدر الأحكام على الشعوب والأمم والمجتمعات، وحتى الرؤساء، ويتسيد ويتربع فوق كل السلطات ويصبح من أغنى الأغنياء ويرد اسمه في مجلات المشاهير والأغنياء وأصحاب رؤوس الأعمال والبزنس كفوربس وسواها..

    سلطة الفقهاء السوبرمانية إذن، فوق جميع السلطات، فحين اضطر الرئيس المبارك، أن يمرر جريمة الجدار الفولاذي العازل، لجأ إلى الأزهر الشريف، وإمامه الأكبر، ليعم، من بعد فتواه، الصمت فوق الجميع وكأن فوق رؤوسهم الطير، متجاوزاً “سيادته” جميع السلطات الأخرى كالإعلام، والقضاء، والتشريعية، وحتى أجهزة الأمن والمخابرات، وهذا، وأيم الحق، ما تعجز عنه جميع السلطات، والقوى الخارقة الأخرى، هذه السلطة العجيبة والخارقة يجب أن تسجل كبراءة اختراع لمجتمعات ما زالت تعيش خارج قوانين الطبيعة، والكون، والأخلاق، وحتى التخلف منها براء.

    إعجاب

  5. http://www.salahmera.com/vb/archive/index.php/salahmera.com/t-1161.html
    مشتقة من منهجية التعامل مع السنة النبوية – 52 -.
    د. محمد سعيد حوى.

    في صدد قاعدة: ضرورة جمع الفاظ الحديث وطرقه حتى يتبين خطؤه من صوابه استعرضت حديث يوم الخميس الذي فيه ان الوجع اشتد برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال ايتوني اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده فتنازعوا.. قال بعضهم ما شأنه اهجر؟ استفهموه؟.
    وفي رواية ان رسول الله هجر، وفي رواية: ان رسول الله يهجر، وفي رواية: هجر، هجر (مكرر) وفي رواية ان نبي الله ليهجر وفي لفظة ما شأنه يهجر؟ استفهموه؟ (فتح الباري شرح رقم (4432).
    وفي رواية ان عمر قال: غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله, وفي رواية: قال دعوني واوصاهم بثلاث: اخرجوا المشركين من جزيرة العرب واجيزوا الوفد بنحو ما كنت اجيزهم، وسكت عن الثالثة او قال فنسيتها” فتح الباري رقم (4431).
    وقد استعرضت في مقالة سابقة الفاظ الحديث والاختلافات بينها والطرق التي روى البخاري ومسلم الحديث بها، وبقي مناقشة الحديث.
    الحديث فيه اشكالات كثيرة حتى ان مخالفي اهل السنة أخذوه حجة على اهل السنة في كتم خلافة علي واتهام الصحابة بالاساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ولأن اكثر علماء السنة جروا على عد ما في الصحيحين صحيح لم يفكر اكثرهم كالخطابي والنووي وابن حجر والقاري ان يردوا الحديث بل لجؤوا الى التأويل والتفسير.
    وهنا اتساءل بعد ان نبين اشكالات هذا الحديث ونبين اجوبة العلماء عليه، هل حقاً هذه التآويل يحل الاشكالات وهل يصح ان نسلم بهذا الحديث.
    ومن البداية اقول: اننا لسنا ممن يطعن بالصحيح – ولكن نقول احتمال الوهم والخطأ على بعض الرواة ولو في بعض الالفاظ امر ممكن, فهل لأجل ان نحافظ على صحة كل ما في الصحيحين نسمح بالطعن في رسول الله او في الصحابة؟ ايها اولى؟ ان نخطأ الرواة او ان نخطأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) او الصحابة وننسب لهم ما لا يليق ولا يجوز، لئلا يقال في الصحيح خطأهذا ما سأريد بيانه.الاشكالات الواردة على الحديث:.
    1– النبي في حالة احتضار ومرض الوفاة وهو يريد ان يوصي والوصية في هذا الوقت لها اهميتها من أي انسان فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم فهل يجوز لأحد ان يعترض عليه.
    2- النبي مأمور ان يبلغ كل ما أمر به عن ربه فهل يجوز للنبي ان يكتم امراً مهما كان.
    3- اذا اراد النبي ان يبلغ امراً فيه صلاح الأمة فهل يجوز ان يكتمه بعد ذلك ولا ينفذه.
    4- واذا كان امراً غير مهم، فكيف يقول ايتوني اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده.
    5- فان كان حقاً فكيف لم ينفذه وان كان غير حق فهل يجوز للنبي ان يخطأ في امر تبليغي.
    6- هل يجوز ان يقال ان عمر كان ادق نظراً من رسول الله (حاشا وكلا) و(ولا عمر يرضى بهذا).قد يقول بعضهم انما هو ادق من ابن عباس نقول لكن الذي طلب الكتاب هو النبي وليس ابن عباس
    7- كيف يأتي في رواية واحدة وطريق واحد من بين طرق الحديث (سفيان بن عيينة ت 198) عن سليمان الاحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الوصية شفاها بثلاثة امور .
    8- كيف يتفرد راو واحد الى 198 سنة من الهجرة بمعرفة هذه الوصايا على اهميتها وقد قيلت امام جمع؟.
    9- كيف ينسى الثالثة او يسكت عنها مع اضطراب الرواة من الذي سكت هل هو ابن عباس او سعيد بن جبير او سفيان نفسه.
    10- وما هي الثالثة؟ هل هي الوصية بالخلافة؟.
    11- ولمن كانت هل لأبي بكر كما يقول اهل السنة. اذن لماذا نخفيها ونكتمها ومم نخاف؟. وان كانت لعلي فكيف يكتمها الصحابة وهل هذا جائز عليهم بمجموعهم كما يتهمهم غير اهل السنة.
    12- وان كان غير ذلك فلماذا هذا النسيان في هذا الموقف الحرج للوصية الثالثة.
    13- كيف لم يعلم شيئاً الزهري عن هذه الوصايا الثلاث وقد شارك في رواية اصل الحديث.
    14- بعد هذا كله, ومهما ستكون الاجابات: هل يجوز لأحد ان يقول هجر رسول الله, ومعنى هجر كما بين الشراح: هجر الرجل اذا هذى، واهجر اذا افحش والهُجْر: الهذيان والمراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته (فتح رقم 4432) فهل يجوز شرعاً وعقلاً ان يقال هذا او ما في معناه في حق رسول الله.
    15- روي الحديث بأوجه مختلفة فأين الضبط لهذا الحدث الهام.
    16- في حادثة خطيرة كهذه كيف لا يعرف عنها الصحابة شيئاً ولا يرويها الا ابن عباس الذي كان من أصغر الصحابة في ذلك الوقت وعمره بين (10-13) سنة هـ.
    17- ومن جهة اخرى, هل يصح ان يتصور ان النبي صلى الله عليه وسلم يسكت عن امر خطير متعلق بالخلافة الى آخر حياته.
    18- واذا كان لهذا الحديث علاقة بغدير خم الذي قيل انه قال فيه: “من كنت مولاه فعلي مولاه” فلماذا لا يعلن امر الخلافة بشكل صريح وببيان واضح لا احتمال فيه, لو كان يريد ذلك.
    نعم ان هذا الحديث سيثير الكثير الكثير من التساؤلات، وهذا من حيث معانيه الاجمالية
    .

    نقد المتن من حيث رواياته والفاظه:.
    ثم اذا نظرنا في متون الحديث نجد فيها اضطراباً واسعاً – قد يقال يمكن التوفيق بينها:.
    1- نجد اضطراباً في رواية لفظة هجر: فمنهم من قال: هجر, ومنهم من قال انما يهجر، واخرون قالوا: يهجر يهجر, واخرى، أهجر استفهموه, وفي اخرى ما شأنه يهجر؟ وكل ذلك من رواية سعيد بن جبير من طريقين عنه: طريق سليمان الأحول وطريق طلحة بن مصرف.
    وان كانت اكثر الروايات عن سفيان عن سليمان الاحول عن سعيد بلفظ (اهجر استفهموه).
    2- نجد ان رواية الزهري لهذا الحديث ليس فيها هذا اللفظ البتة, بل جاء بلفظ: قال عمر ان رسول الله غلبه الوجع” فهل اريد التلطف بها ام ماذا؟.
    3- تفرد سفيان بذكر الوصايا الثلاث ولم يذكرها الزهري.
    4- نسيان الوصية الثالثة في جميع الروايات.
    5- تفرد رواية الزهري بقول عمر: عندنا كتاب الله حسبنا”.
    ومثل هذا التنوع في الرواية مع الاشكالات يثير مسألة عدم ضبط هذه الحادثة في اخطر مواقفها وهي:.
    1- اتهام رسول الله بالهجر.
    2- هل اوصى بشيء له خطر كالخلافة .
    3- هل قال عمر حسبنا كتاب الله في سياق الرد لامر من أمور رسول الله.
    وماذا لو قال قائل اليوم ذلك .
    6- وهذه روايات كلها في الصحيحين فكيف يقع فيها هذا الاختلاف واين الضبط.
    لاشك ان هذه الاشكالات تحتاج الى تمحيص دقيق لنستطيع الوقوف على الحكم النهائي في المسألة ولايتسع المقام فنرجؤه للمقالة القادمة ان شاء الله .

    ——————————-

    مشتقة من منهجية التعامل مع السنة 53 د محمد حوى

    سبق ان اسعرضت معكم حديث الخميس الذي يتحدث عن تنازع الصحابة بين يدي رسول الله اذغلبه الوجع في مرض وفاته وقد اراد ان يكتب كتابا ، وقد بينت الاشكالات الواردة عليه وبقي مناقشة هذه الاشكالات مبتدئا بأجوبة العلماء :
    اجوبة العلماء:.
    لقد لحظ العلماء الاشكالات الكثيرة فحاولوا الاجابة عن بعضها فماذا قالوا؟ وهل رفعوا هذه الاشكالات وهم في ذك مصممون ان لا يردوا الحديث كونه في الصحيحين:.
    1- قال الخطابي: اختلف العلماء في الكتاب ثم قال: اراد ان ينص على الامامة فترتفع بعده تلك الفتن العظيمة كالجمل وصفين.
    وقيل اراد ان يبين فيه امهات الاحكام ليحصل الاتفاق على المنصوص عليه ثم ظهر للنبي ان المصلحة في تركه او اوحي له في ذلك (عمدة القارئ 2/171).
    وقال النووي بعد بيانه عصمة النبي من تغيير الاحكام او كتمانها ونقل كلام الخطابي السابق، قال: واما كلام عمر فقد اتفق الشراح انه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره لأنه خشي ان يكتب اموراً ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة, لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد.. فكان عمر افقه من ابن عباس.. ونقل النووي عن الخطابي قوله: خاف عمر ان يكون ذلك القول (من رسول الله) مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيجد المنافقون الى ذلك سبيلاً ثم قال: واكثر العلماء على انه يجوز على رسول الله الخطأ فيما لم ينزل عليه (شرح النووي 11-90).
    وقال ابن حجر: وقد تكلم عياض وغيره على هذا الموضع, فأطالوا ولخصه القرطبي تلخيصاً حسناُ ثم لخصته من كلامه ثم قال والهُجْر: الهذيان.. ووقوع ذلك من النبي مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه.. فاذا عرف ذلك، فانه قاله من قاله منكراً على من توقف في امتثال امره باحضار الكتف والدواة قال: وهذا احسن الأجوبة.. قال ويحتمل ان بعضهم قال ذلك عن شك عرض له, ولكن يبعده ان لا ينكره الباقون من الصحابة, ويحتمل ان يكون ذلك صدر عن دهش وحيرة كما اصاب كثيراً منهم عند موته ويحتمل انه اراد اشتد وجعه فاطلق اللازم واراد الملزوم.
    واجاب ابن حجر عن عدم كتابة النبي صلى الله عليه وسلم: كأنه ظهرت قرينة دلت ان الامر ليس على التحتم بل على الاختيار.. وصمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عن غير قصد جازم.. وعزمه (صلى الله عليه وسلم) كان اما بالوحي او بالاجتهاد فكذا تركه اما بالوحي او بالاجتهاد وشبهوا ذلك برفع العلم بليلة القدر عند ما تنازع رجلان(فتح الباري رقم 4432)وتأول بعضهم فعل عمر أنه كأحد موافقاته لرسول الله في حياته وفسر الوصية التي لم تذكر انها ربما انفاذ بعث أسامة .

    وهكذا ترى: اخي القارئ – انهم ارادوا ان يزيلوا اشكالات خطيرة، فاكثروا التأويل لشدة الاشكال واوقعونا في اشكالات اكبر، منها:
    1- اذا كان النبي اراد ان يبين ما يمنع الفتنة كما حصل في الجمل وصفين فكيف يكون تركه اولى.
    2- اذا كان بالوحي فكيف سيعود الوحي لينسخ ذلك في المجلس ذاته؟ ما هذا الاضطراب.
    3- اذا كان باجتهاد النبي فهل يضطرب النبي هكذا؟.
    4- هل يصح ان يقال ان عمر كان ادق نظراً والامر متعلق برفض أمر للنبي.
    5-اذا كانوا قالوا أهجرانكاراً على من انكر الكتابة فلماذا ينتصر رأي من أبى الكتابة؟ ومن هؤلاء الذين يمكن ان يكون لهم هذه السطوة؟ واذا كان امر فيه خير للأمة كيف لا يمضه رسول الله.
    6- واذا دققنا فيما قاله النووي ونقله عن الخطابي نجد عجباً, ففي الوقت الذي يؤكد النووي عصمة النبي في الاحكام والتبليغ وعدم الترك وعدم التبديل يذهب الى التأويل.
    فيرى ذلك من فقه عمر ودقيق نظره؟! ومتى كان نظر عمر ادق من نظر رسول الله “سبحان الله”؟!! او ان عمر خشي ان يكلفنا رسول الله بما نعجز عنه؟ يا سبحان الله؟ هذا النبي الرحمة المهداة سيكلفنا بما نعجز؟ وان كان تكليفاً فهل يجوز كتمه؟ ثم هل يجوز ان يقول الخطابي لعل عمر خشي ان يكون قول النبي مما يقوله المريض ولا عزم له في ذلك ايجوز هذا في حق رسول الله.
    ثم يختم ذلك بجواز الخطأ على رسول الله؟ افي هذا الموضع؟ موضع النصيحة والانقاذ من الفتن والضلال؟.
    7- ثم تجدهم يذكرون اعتذارات اخرى لعمر منها ان عمر علم حصول تمام الدين واراد ان يرفع عن النبي المشقة؟ وهل لا يعلم النبي صلى الله عليه وسلم، حصول تمام الدين؟ واين المشقة في ان يأمر صلى الله عليه وسلم بكتابة كلمات.
    8- اما القياس على رفع ليلة القدر فلايسلم لان ليلة القدر امر غيبي فرفعه الله اما نحن هنا فبصدد أمر تشريعي فيه صلاح الامة لوكان ثابتا.
    9 – وأماان الوصية الثالثة لرسول الله هي انفاذ بعث اسامة الى الشام.
    نقول: نعم قد ذكرت عدة وصايا لرسول الله قبيل وفاته في سياقات غير هذا السياق، كانفاذ بعث اسامة والوصية بالنساء والوصية بالصلاة فلا يكون ذلك بياناً للوصية الثالثة المسكوت عنها – على زعم الرواة – .
    10- وأما أنها من الموافقات التي حدث لعمر مثلها في حياة النبي كقضية الاذان وحجاب ازواج النبي وعدم التبليغ بفضل الشهادتين ، فأقول ليس شئ من ذلك مشابها حتى أمر الشهادتين قد تم تبليغه لكن النبي لم يناقش عمر في ذلك ولنا ان نتذكر كم كان عمر يلوم نفسه لانه ناقش في أمر صلح الحديبية .
    11- ولما كان أمر السكوت عن الوصية الثالثة كبيرا وخطيرا في هذا الموطن قال بعضهم لعله العهد لأبي بكر بالخلافة بدلالة قول صلى الله عليه وسلم لعائشة في اول مرضه: ادعي لي اباك واخاك حتى اكتب كتاباً فاني اخاف ان يتمن متمنٍ، ويقول قائل ويأبى الله والمؤمنون الا ابا بكر (اخرجه البخاري ومسلم 2387).
    ولنا ان نتساءل اذن لماذا لم يعلنه رسول الله على الملأ؟ وهذا فتح بابا للآخرين أن يقولوا بل أوصى لعلي ؛ لكن الصحابة كتموه .وهكذا فتحنا بابا عريضا للادعاءات والاتهامات.
    وهنا لنا ان نتساءل هل حلت اجوبة العلماء الاشكالات واجابت عنها ام اوقعت المزيد من الاشكال مع اجماعهم انه لا يجوز ان يقال في حق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هجر.ولاانيكتم امرا فيه خير الامة ولاان يكتم امر الخلافة لو أراد فضلا عن تأخيرها ومع استحالة اجماع الصحابة على باطل .

    والخلاصة:.
    انه اذا اردنا ان نسلم بصحة هذا الحديث لظاهر الاسناد, فان هذا يعني -وبالرغم من اجابات العلماء التي لم تشفِ غليلاً بل ازداد القارئ حيرة :–ان يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بكتم ما فيه خير الأمة وهذا محال.
    – او يوصف بأنه اخطأ في هذا الموضوع، ثم رجع الى الصواب وان عمر افقه وادق وهذا محال.
    – وان يصفه الصحابة بالهُجْر ،وهذا امر محال ننزه مجموع الصحابة ا عنه حتى ولو على سبيل الاستفهام واذا كان على سبيل الانكار لمن قال ذلك, فأين نذهب بكلمة عمر غلبه الوجع.
    – ومحال ان يكون المرض سببا في ان يخطئ النبي (صلى الله عليه وسلم).
    – ومحال ان يخطئ النبي في امر تبليغي.
    – ومحال ان يوحى اليه ثم يرفع في التو ومباشرة فالوحي لا يتردد ولا يضطرب.والموقف موقف تبليغ وانقاذ وهداية .
    – ثم كيف يوصي بأمور مهمة بحضرة جمع من الصحابة ثم لا ينقل لنا ذلك الا من طريق سفيان عن سليمان عن سعيد عن ابن عباس.
    – ثم كيف ننسى اخطر وصية في التاريخ او كيف يكتمها الصحابة.
    – مع ما في المتون من اختلاف واضطراب يؤذن بأن الرواة لم يضبطوا النص ابداً حتى تعددت اوجه التأويل.
    ومع كون هذا الحديث قد استغله المخالفون لأهل السنة في اثارة اتهامات خطيرة لهم كونهم كتموا امر الخلافة وخالفوا امر رسول الله واساؤوا له باللفظ وكل ذلك مما لا نقبله في حق الصحابة الكرام لما علم من حالهم في الحرص على انفاذ امر رسول الله.
    لهذا كله.. فان لا نقبل صحة هذا الحديث البتة, دفاعاً عن رسول الله ان ينسب له ما لا يجوز ودفاعاً عن الصحابة ان يتهموا بما لا يليق بهم وصونا لرسولنا عن الخطأو صونا للصحابة عن الاساءة البالغة للنبي وهم من هم في الطاعة والنصرة، ومنعالاتهامهم بكتم امر نبوي مهما كان والاتفاق على ذلك – أن لا نسلم بصحة الحديث منعا لذلك كله اذ كل ذلك لا يكون ولابعضه ؛ اولى من قبول الحديث ؛ فان الرواة غير معصومين عن الخطأ والتزيد والنقص والرواية بالمعنى وان يدخل في حديث بعضهم ماليس منه ،وأي تصرف في مثل هذه الروايات يجعلها محل شك ؛فلا تصلح ان تكون وثيقة تاريخية يستند اليها في شيء مع كون التفرد ببعض الفاظه الخطيرة والتصرف بها بالرغم من انه كان في حضرة جمع من الصحابة كل ذلك يجعلنا لا نسلم بصحة رواية هذه الحادثة على هذا الوجه والله أعلم.

    إعجاب

  6. مفتي سورية:

    لو طلب مني النبي محمد أن اكفر بالمسيحية واليهودية لكفرت بمحمد

    دمشق ـ القدس العربي ـ من كامل صقر

    18/1/2010

    التقى مفتي سورية الشيخ احمد حسون في مقر وزارة الاوقاف السورية وفدا اكاديميا امريكيا من جامعة جورج ميسون يرأسه البروفيسور والناشط مارك غوبن رئيس المركز العالمي للاديان والدبلوماسية وفض النزاعات بواشنطن.

    وذلك قبيل وصول المبعوث الامريكي لعملية السلام في الشرق الاوسط السناتور جورج ميتشل الى دمشق، ولقائه القيادة السورية في ثالث زيارة له الى سورية ضمن ما يسمى خطة الرئيس باراك اوباما لتحقيق السلام الشامل على جميع المسارات بما فيها المسار السوري.

    وخاطب مفتي سورية الوفد الامريكي بالقول: “حملنا المسيحية للعالم وحافظنا على اليهودية في العالم، امرنا الاسلام بالمحافظة على المسيحية واليهودية”، واضاف: لو طلب مني نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، ان اكفر بالمسيحية او باليهودية لكفرت بمحمد.

    وتابع المفتي حسون: لو ان محمدا امرني بقتل الناس لقلت له انت لست نبيا، واعتبر ان الفرقة بين البشر جاءت عندما “حولنا الدين الى مذاهب سياسية”، وتساءل المفتي: هل كان النبي موسى اشكنازيا او شرقيا وهل كان عيسى المسيح بروتستانتيا او كاثوليكيا، وهل كان محمد النبي شيعيا او سنيا، مشيرا الى ان ما يجري هو لعبة رجال السياسة في رجال الدين.

    ورأى مفتي سورية الذي صلى في كنيسة بيت لحم بفلسطين في العام 1966م ان حرب العرب ضد اسرائيل ليست حب الاسلام ضد اليهودية، وعرف عن مفتي سورية توجهه المعتدل والتسامحي وقبوله للآخر والحوار مع مختلف الثقافات.

    وقال المفتي للوفد الامريكي: قبل ان تاخذوا الجنسية الامريكية وقبل ان اخذ انا جنسيتي السورية نحن اخوة تحت قبة الله، وهاجم ما سمي بعنصرية العرق واشاد بما اعلنه علماء امريكيون عن خطأ نظرية داروين حول اصل الانسان مشددا على ان الانسان خلق منذ البداية انسانا وان ادم كان من اجمل الرجال وحواء كانت من اجمل النساء، متحدثا عن وحدة الانسان ووحدة الدين ووحدة الحضارة التي تفضي بمجموعها نحو وحدة الله وفق ما قاله مفتي سورية.

    وأكد المفتي ان اليهود عاشوا في سورية وما زالت دورهم فيها، واضاف ان يهوديا كان شريكا تجاريا لجده (لجد المفتي). من جهته قال البروفيسور مارك غوبن ان الامريكيين يبكون اطفال العراق وغزة وهاييتي واعرب عن يقينه بيوم تكون فيه حكمة اكبر من قبل السياسيين تفضي لحالة سلام. ومن المفترض ان تتزامن زيارة الوفد الامريكي مع زيارة المبعوث جورج ميتشل وسيشارك الوفد بورشات عمل في السياسة والاقتصاد واستطلاعات الرأي العام ويُجري لقاءات مع شخصيات سورية رفيعة.

    ويختتم الوفد زيارته في مدينة تدمر السياحية شرقي العاصمة دمشق، باللقاء الذي نظمته الاكاديمية السورية الدولية ويشارك فيه ايضا رجال دين سوريون ابرزهم مفتي مدينة دمشق عبد الفتاح البزم الذي كان قد انتقد في وقت سابق بناء الجدار الفولاذي بين غزة ومصر واعتبر ان مَن افتى بأن الجدار “حلال شرعا” لم يستند الى اي نص شرعي.


    Universal Commonsense Interest Square

    إعجاب

  7. المفتي العام ينفي الكلام غير البرئ الذي نقلته وكالات الأنباء عنه ً
    اسماعيل مروة – الوطن السوريةً 23/1/2010
    نشرت صحيفة «القدس العربي» أمس تغطية للقاء المفتي العام للجمهورية د.أحمد حسون مع وفد طلابي أمريكي وكانت التغطية مجتزأة ومسيئة، وتناقلتها وكالات الأنباء، لذا ننشر هذا التعقيب وقد كانت «الوطن» حاضرة اللقاء:
    لم يحدث أن جرى لقاء مع سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية الأستاذ الدكتور أحمد بدر الدين حسون إلا وأثار الدنيا، فهذا يقول وذاك يقول، وكنت على الدوام أعذر الذين أثارهم كلام سماحته لإيماني بعدم وضوح الرؤية الشرعية لدى شرائح المجتمع، فنحن أمام أمرين اثنين:
    – فهم ضيق للشرع ومذاهبه، لا يرى الصواب إلا حيث هو.
    – جهل كامل بالشرع، فيأخذ أحدهم من الكلام ما يشاء كما لو أنه يتعامل مع نص أدبي، علماً بأن الاقتطاع غير جائز حتى في النص الأدبي.

    أنا أفهم أن يُعادى فكر سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية من بعض علماء الدين الذين ساءهم أن يقفوا أمام التنوير الواعي الفاهم المستند إلى الشرع، أما أن يحدث هذا من الإعلام ففي الأمر كثير من الشك والريبة.
    كنت موجوداً- كما في كل لقاءات سماحة المفتي- ظهيرة الاثنين في مكتبه مع وفد أميركي يضم عدداً من الطلاب الذين تعدهم بلدانهم لقيادتها، وحضر اللقاء وتحدث فيه سماحة الدكتور عبد الفتاح البزم مفتي دمشق، وتحدث المفتي في جوانب عديدة لم تخرج عمّا يطرحه منذ تسلمه مهام الإفتاء، والآن أناقش الأفكار التي ناقشها الصحفي، فما قاله سماحته: لو طلب مني نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن أكفر بموسى عليه السلام وبعيسى عليه السلام لكفرت بمحمد.. وفات السيد الصحفي الذي لا يعرف الإسلام ونصوصه وجوهره أن أركان الإسلام ترتكز نصاً على: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فإذا انتفى الإيمان بهذه العناصر غاب الإيمان. وقبل ذلك جاء في سورة البقرة: «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله…» فهل في كلام سماحته خروج على ما جاء به الإسلام قرآناً وحديثاً؟
    أما قضية القتل: لو أن محمداً أمرني بقتل الناس لقلت له أنت لست نبياً، فهل يختلف عاقلان مؤمنان أو غير مؤمنين في أن من يأمر بالقتل لمجرد القتل مجرم، ومن باب أولى ألا يكون المجرم نبياً! أما أمر الإسلام بعدم قتل النفس أو قطع الشجرة؟
    أما قضية المذهبية فقد ردّها سماحته للأصول، فالأنبياء جميعاً أرسلوا رحمة ولم يرسلوا لمذهبية أو لدين.
    أما التعايش الذي ينكره الصحفي في التعامل التجاري مع جد المفتي، فهو الدليل على عدم معرفته بالنسيج السوري، فاليهود كانوا عاملين وشركاء، والنبي صلى الله عليه وسلم انتقل إلى ربه ودرعه مرهونة عند يهودي.
    ولم يفت السيد الصحفي أن يدبج مقدمة عن عملية السلام وحضور ميتشل إلى دمشق وكأن الحديث يدخل ضمن هذا الإطار، وهذا تدليس ورجم بما لا يعرفه أحد من الموجودين، كنت أتمنى على الصحفي أن يبرز النقاط التي حققها اللقاء، ولم يحققها عالم دين سوى المفتي العام.
    – ألم ير الصحفي الكتاب المطبوع في أميركا عن زيارة رئيس الوفد السابقة إلى سورية وما أسهمت به تلك الزيارة، وكيف دونت وقائعها في الكتاب؟
    – ألم ير الصحفي دموع رئيس الوفد؟ ألم يسمع قوله: وماذا يطلب مني أن أفعل في أميركا؟
    – ألم يسمع قول سماحته: شكرت للشعب الأميركي تصويته لأوباما، ولكنني أشعر بالحزن لأن ما صوت له الأميركي يقتل اليوم؟
    – كيف لم يربط هذا الصحفي بمهارته بين أمرين، فقد تحدث رئيس الوفد عن أستاذه الذي هرب من المحرقة اليهودية ولم يفت المفتي أن يقول له معقباً: سرني حديثك عن أستاذك الذي نجا من المحرقة، ولكن ماذا ستقول أمام المحرقة الكبيرة التي تجري الآن؟!
    من حق أي إعلامي أو حاضر أن يوافق أو يختلف مع الآخر، لكن هناك فرق بين الموافقة وعدمها وبين تشويه النص، ضع النص كاملاً وقل: أنا لا أوافق، أما هكذا لتستثير الحمية في وجه سماحة المفتي العام وفكره الإسلامي السليم فهذا أمر مرفوض.
    وأنا أقول لجميع الذين ساءهم ما تناقلته وسائل الإعلام إما عن حب لسماحته وإما عن غير حب: لقد حضر اللقاء واحد من علماء دمشق وأحد ثقاتها الشيخ الدكتور عبد الفتاح البزم فتحدث ودمعت عيناه ولم ينكر شيئاً من الكلام، وإذا كانوا لا يعرفون، فأنا أعرف علماء الشام ومنهم الدكتور البزم، فهم لا يجاملون أبداً، وقد حضرت لقاءات رسمية لهم، ولم يقبل الواحد منهم ما يعارض النص..! فهل بعد شهادة العلماء شهادة؟
    وأقول أخيراً:
    نحن بحاجة اليوم أكثر من أي يوم مضى إلى فكر إسلامي نقي ينهل من المصادر ولا يحيد عنها، ولكنه يغطي الدنيا حباً، وكل الذين يعيشون في الغرب يعرفون أننا غير معروفين حقيقة، ولا يعتني الآخر بمعرفتنا، فهل إذا ما خرج صوت قوي قادر مؤثر نقوم بتشويهه وتشويه مراميه، وهو القادر على تغيير أجيال وسياسات دول على المدى الطويل؟!

    إعجاب

  8. في وقت اختلط فيه الحق بالباطل، والظالم بالمظلوم، والكاذب بالصادق، ألم يئُن الوقت لكي يجد الناس ضالتهم في الحكمة؟
    ألم يئُن الوقت لحكيم يسير بنا إلى شاطئ الأمان بروية وإيمان؟
    ألم يئُن الوقت لإبعاد الجُّهال عنا ونفض غبار التخلف وسد الباب على كل اللعانين والشتامين الذين يعتلون المنابر ويخالفون الضمائر؟
    ألم يئُن الوقت لتبرئة الذئب من دم يوسف، لأن الذئاب لا تأكل الأولياء، ولا تقتل الأوفياء، إنما يقتل الأنبياء والأوصياء والعلماء والأوفياء ذئاب الخليقة، الذين عميت عليهم الحقيقة وأظلمت لهم الطريقة..
    الذئب أكرم عشرة من ثلة
    خانوا عهود مودة الإخوان
    ألم يئُن الوقت لفضح حقد أخوة يوسف؟
    ألم يئُن الوقت للخروج من الجب وإغلاق بابه؟
    ألم يئُن الوقت لإيقاف حملات التكفير والتكفير المضاد؟
    ألم يئُن الوقت للخروج من عباءات التخوين والتسفيه والشتم بحق بعضنا وقد تكالبت علينا كل قوى الشر لتقتات من أرواحنا وثرواتنا وهويتنا ووجودنا؟
    ألم يئُن الوقت لمراجعة دروس الماضي لنرى كيف استطاع الأولون أن يبعدوا شبح الاحتلالات بالتعاضد والتعاون والتناصح فيما بينهم، لا بالتنابذ والتلاعن والتكفير؟
    بلى، ونحن اليوم يا سماحة المفتي بأمس الحاجة إلى رجال شجعان يمتلكون الجرأة، والمعرفة، ويتدبرون اللغة والنص، ويبينون للناس واضحات الأمور ويوقفون حيرته ويضعون حداً لكل هذه التجاذبات يميناً وشمالاً؟ (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (محمد: 24) – وشتّان بين من يقرأ بتدبر وبين من يقرأ حروفاً فقط- .
    أن يتعرض سماحة المفتي الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون إلى هذه الهجمة الشرسة من قبل بعض من يدعون العلم والفقه على خلفية خبر إعلامي مجتزأ نُقل دون وجود بينة مؤكدة، ودون الرجوع إلى صاحب الأمر، أمر خطير يضع الأمة في موضع الأخذ بالأقاويل، ويدفع إلى تجييش العامة لخلق البلبلة والفوضى بغير علم ودراية بفقه اللغة، وعلم الكلام، ومقاصد الشريعة. وكأن هؤلاء لم يقرأوا القرآن أو يتدبروا آياته البينات، وكأنهم قد حذفوا منه سورة الحجرات التي تقول الآية السادسة منها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: 6).
    لماذا كل هذه الضوضاء والغوغاء، أين أنتم يا فرسان اللغة العربية، أين أنتم يا علماء الأمة.. إنه للعجب العجاب أن نرى كل هذا القصور في فهم اللغة وإعرابها وتصريفها، وكل أولئك الذين يدعون الفقه والمعرفة صامتون كصمت الحجارة الصماء، ما هو الغرض من هذه الحملة التي تبناها الإعلام غير المسؤول، أين هم أكلة القصعة، وحماة الديار ومربي الأجيال؟!!..
    عُرفت سورية بأنها بلد الإيمان والعلماء، ومن علمائنا الأفاضل نستلهم القول: فقد قرأنا للأستاذ الدكتور المهندس عبد القادر الكتاني رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية بمجمع الفتح التابع لجامعة الأزهر في صحيفة تشرين قوله: “إن الدعوة للإسلام هي دعوة فكرية حضارية حوارية مبنية على الإقناع والحوار دون إلزام أو إكراه عملاً بقوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، وقوله عزّ وجلّ: (وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)”..‏
    وفي نفس الموقع ورد قوله: “إن الإسلام لا يقبل الظلم ولا يقره عملاً بقول النبي (ص): (الظلم ظلمات يوم القيامة)، وقوله (ص): (اتقوا دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب)”..
    والدكتور الكتاني من الشخصيات الإسلامية التي نعتز بعلمها ونفخر، هل قرأ ما يُنشر في المواقع الالكترونية والصحف في حق سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية رئيس مجلس الإفتاء؟ هل تبين الخبر وتأكد من صحته وحلل معناه ومقاصده؟ هل نددّ بمن يطال شخص المفتي العام لمنع حدوث شرخ في مجلس العلماء نتيجة سوء الفهم؟ لا أدري، ولكن أتمنى أن يكون هو وباقي علماء الأمة من الذين يتنادون لحماية الأمة وتسوير الوطن ضد كل من يعمل على ثلم ثلمة فيه عن قصد أو غير قصد قد بادر إلى تبين الأمور وعقلنتها على مبدأ قول الشيخ عبد الرحمن السعدي (رحمه اللَّه تعالى): «من الغلط الفاحش الخطر قبول قول الناس بعضهم ببعض، ثم يبني عليه السامع حباً وبغضاً ومدحاً وذمّاً، فكم حصل بهذا الغلط أمور صار عاقبتها الندامة، وكم أشاع الناس عن الناس أموراً لا حقائق لها بالكلية، أو لها بعض الحقيقة، فنميت بالكذب والزور، وخصوصاً من عرفوا بعدم المبالاة بالنقل، أو عرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبت والتحرز وعدم التسرع، وبهذا يُعرف دين العبد ورزانته وعقله».
    سورية تفخر بعلمائها وسعة علمهم، وها هو سماحة الشيخ توفيق محمد سعيد رمضان البوطي يؤكد على أهمية تعاون الأمة في قوله: “ولا بد من الإشارة إلى أن على فئات المسلمين أن تجعل من الحوار المخلص القائم على سعة الفهم وقبول الاختلاف الناجم عن ظنية الدلالة في مختلف النصوص اجتهادات توطد الروابط وتزيد في تعاون الأمة على حل قضاياها. إننا نعيش اليوم في مواجهة يجب أن تجمع ولا تفرق، وأن توحد لا أن تمزق” أين منه ومن سعة علمه ما قام به البعض من شتم ولعن وسب على المنابر وصفحات المواقع الالكترونية؟ لماذا هذا الفلتان غير المنضبط وغير المسؤول؟!.
    ألم يسمعوا قول سماحة الشيخ محمد خير الطرشان وهو يؤكد: ” لم تكن هذه الأخلاقُ العظيمةُ في الإسلام شِعاراً فَضْفاضاً، ولا قِيَماً خاليةً مِن مَضامِينها الإنسانيَّةِ، بل كانت حركةً نابضةً بالحياة، جَسَّدَها الرَّسولُ الكريمُ صلَّى الله عليه وآله وسلَّمَ في قٌدوَتِهِ لنا بصورةٍ مُضيئةٍ ، فقد آذته قريشٌ في معركة أُحُد، وجمعت جهدَها لقتْلِهِ ووَأْدِ دعوتِهِ، وخرج من المعركة جريحاً وقد كُسِرت رَباعيَّتُهُ وشُجَّ وجهُهُ الكريمُ، فقيل له: يا رسولَ الله ادْعُ على المُشركين، فقال: « إنِّي لم أُبْعَثْ لَعّاناً وإنَّما بُعِثْتُ رحمةً».
    ومن أخلاقنا القرآنية فإن مجرد اللفظ البذيء ممنوع، إذ فيه إثم الفحش، وكل قول بذيء أو ذميم أو فاحش يصدر عن الآدمي يريد به الانتقاص من المسبوب أو إغاظته، حتى وإن كان ذلك القول يطابق الواقع وحتى أن قاله بانفعال أو بمزاح بارد، وكل طعن ولعن يرمى به بريئاً فهو سب وشتم.
    والسّب مع أنه معصية موبقة إلا أنه تعبير عن سوء خلق صاحبه ودليل هبوط مميزاته الآدمية. لأنه يتضمن معظم رذائل النفس كالجهل والتكبر اللذان يدفعان إلى احتقار الإنسان لأخيه الإنسان، ولأنه يحسن استعمال القبح في غير موضعه أو لأنه يقول ما لا واقع له، فهو بلا مروءة ولأنه خالي من فضائل النفس، مثل الحلم والعلم والتسامح.. فلو حلم واتسع صدره لما لجأ إلى السّب ولو علم لخاف العاقبة ولاستحيا من سوء الخلق، ولو كان سمحاً لما تسلح بالسّباب.
    عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن فإن كان أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها” (رواه أبو داود).
    وقد جاء عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: “لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال يا رب: ما حال المؤمن عندك؟ قال يا محمد من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة وأنا أسرع إلى نصرة أوليائي”.
    ومن ما تعلمت عن الإسلام بأن الله تعالى قد أخفى ثلاثاً في ثلاث، أخفى غضبه في معاصيه، ورضاه في طاعته، وأولياءه في عباده، وكي يتجنب الآدمي غضب الله تعالى فعليه أن يتجنب كل المعاصي، وكذا ليحظى برضاه عليه أن يأتي بكل الطاعات، ولكي يتجنب مبارزة الله تعالى عليه أن لا يتعرض لعباد الله تعالى بسب أو لعن أو طعن أو شتم أو غيبة… أو ما يهين أو يشين.
    فالسّب هو خلق الأراذل على مرّ التاريخ، وحتى عند من لا دين لهم فقد ورد في الأثر أنه لما ظفر الحجاج بعمران بن حطان الشاري.
    قال: اضربوا عنق ابن الفاجرة.. فقال عمران لبئسما أدبك أهلك يا حجاج! كيف آمنت أن أجيبك بمثل ما لقيتني به؟.. أبعد الموت منزلة أصانعك عليه؟ فأطرق الحجاج استحياءً وقال خلوا عنه.
    أين أنتم يا علماء الأمة من هذه المصائب التي تحلّ علينا دون رادع أو وازع أخلاقي أو ديني، هل هذه النتائج التعليمية والتثقيفية التي أمضيتم أوقاتكم في سبيل تعليمها لأبناء الأمة، أنا لا أعتقد ذلك، وكلي أمل أن يعاد النظر في أسلوب التربية لأن هذا مؤشر يدل على أن الأساليب المتبعة ابتعدت عن مقاصد الشريعة وعلم الأخلاق القرآنية، والبحث العلمي.
    ما أحوجنا اليوم إلى موسوعات علم الأخلاق القرآنية، وعلم الكلام، ومقاصد الشريعة، وآليات الحوار وماهيته، و….
    أما فيما ورد على لسان سماحة المفتي أحمد بدر الدين حسون في استعمال كلمة “لو” أفيدكم يا علماء أمتي المتمنطقون بلغة القرآن، اللغة العربية أنه من المهم العلم بأن كلمة “لو” قد وردت في القرآن الكريم 65 مرة، وأن كلمة “لولا” والتي تعني “لو” أو “هلا” قد وردت 33 مرة، وأن كلمة “ألو” والتي تعني “لو” قد وردت مرة واحدة، فيكون المجموع 99 مرة، وهذه بعض الآيات التي وردت فيها كلمة “لو”:
    (قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) (الأنعام: 58)
    (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) (الأنفال:63).
    (قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (يونس:6).
    (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) (هود:80)
    (قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً)(الإسراء: 95)
    (قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً) (الإسراء: 100)
    (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً ) (الكهف: 109)
    (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (الواقعة: 76)
    (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) (القلم: 9)
    (كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ) (التكاثر: 5)
    “ولو” تستعمل على وجه الحزن على الماضي والجزع من المقدور، فهذا هو الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه، كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم).
    وهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً حيث قال: (وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن – اللو – تفتح عمل الشيطان) أي تفتح عليك الحزن والجزع، وذلك يضر ولا ينفع.
    و”لو” تستعمل في الخير المحض، كمثل قوله تعالى: (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق)، وقوله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيحين عن جابر (رضي الله عنه): “لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي….”، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح البخاري عن ابن عباس (رضي الله عنهما) “لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه…”، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح البخاري “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”، ومثله قول الرجل لصاحبه (لو تعلمت العلم الشرعي لاستفدت)، فهذا كله من باب الخير المحض.
    وأن يقال (لو) لبيان علم نافع:
    كقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا).
    وأن يقال “لو” لبيان محبة الخير وإرادته:
    كقول رسول الله (ص): “وددت لو أن موسى صبر ليقص الله علينا من خبرهما”. هو من هذا الباب، كقوله تعالى: (ودوا لو تدهن فيدهنون) فإن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أحب أن يقص الله خبرهما، فذكرها لبيان محبته للصبر المترتب عليه، فعرفه ما يكون لما في ذلك من المنفعة، ولم يكن في ذلك جزع ولا حزن ولا ترك لما يجب من الصبر على المقدور..
    ومن الأمثلة ما ورد في كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) إلى عبد الله بن العباس وهو أحد عماله:
    (.. وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً، وَتَشْرَبُ حَرَاماً، وَتَبْتَاعُ الإِمَاءَ وَتَنْكِحُ النِّسَاءَ مِنْ مَالِ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ، الَّذِينَ أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِمْ هذِهِ الأَمْوَالَ، وَأَحْرَزَ بِهِمْ هذِهِ الْبِلاَدَ! فَاتَّقِ اللهَ، وَارْدُدْ إِلَى هؤُلاَءِ الْقَوْمِ أمَوَالَهُمْ، فإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْكَ لأُعْذِرَنَّ إِلَى اللهِ فِيكَ، وَلأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي الَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلاَّ دَخَلَ النَّارَ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فعَلاَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْتَ، مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ، وَلاَ ظَفِرَا مِنِّي بَإِرَادَة، حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا، وَأُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا..) (نهج البلاغة).
    فهل كان الحسن والحسين عليهما سلام الله إلا سيدا شباب الجنة وريحانتا سيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم..
    والأمثلة أكثر من أن ترد في هذا المجال..
    ومن هنا نرى أن ثمة أزمة في العقل يضخها الموروث الديني ويتغذى منها ما هو مبرمج في مناهج تفكير بعض رجال الدين، ومنها ما هو مزروع في وجدان السذج والبسطاء..
    وما بين حوار يعتمد في مرجعيته على العقل الأوسطي والمعرفة اللغوية والفقهية الصائبة، وحوار يعتمد في مرجعيته على التفسير الحرفي للنصوص اتسعت حقول الألغام في المجاهيل الدينية ليصبح مصيرنا الإنساني معلقاً في مغامرات المتكلمين باسم الدين الذي لم يكتشف بعد وشائج الوصل بين معنى الدين ومعنى الإنسان فهل من الحوار أن يتم التضحية بالإنسان على مذابح الحوار..؟!
    وفي علم اجتماع الدين، إذا كان الدين هو المحدد فإن الواقع هو المؤثر فإذا اختل التوازن بين المحدد والمؤثر سينحطم الميزان لصالح التطرف الديني والعصبيات الدينية التي تفتك فتكاً بمقاييس الحق والباطل ومعايير النور والظلام..
    وكأن لم يقرءوا العهد النبوي: «من قتل رجلاً أو أساء إلى رجل من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة.. ومن ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة..».
    فكيف لمن أساء إلى عالم من علماء الأمة دون تبين الحق واستدراكه؟!!
    سيدي سماحة المفتي أحمد بدر الدين حسون، هذه ضريبة لابد أن يتحملها كل الناس الذين يحملون فكراً إسلامياً أصيلاً باعتبار أنه من الطبيعي أن يلاقوا بعض الأوضاع السلبية من قبل أولئك الذين لا يحترمون موضوعية الفكر، أو الذين يتحركون بدوافع ذاتية وأنا أتصور أن كل أولئك الذين عاشوا تجربة الفكر الذي يختلف الناس حوله وعاشوا التحديات هم الذين خدموا الإسلام وما زالوا يخدمونه وقلبهم عامر بالمحبة والتسامح والغفران (ربي لا تؤاخذهم فهم لا يعلمون ما يفعلون).
    ومن النص الإنجيلي: «لو كانت لي النبوة وكنت أعلم جميع الأسرار والعلم كله ولو كان لي الإيمان كله حتى لأنقل الجبال ولم تكن فيَّ المحبة فلست بشيء».
    وفي النص اليهودي وفي مزامير داود:
    «جانب الشر واصفح وابتغ السلام واسع إليه.. فإن سافك الدماء يمقته الرب».
    ومن روائع سماحة العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة أقتبس سيدي سماحة المفتي وأختم:
    “سأطلع يا إلهي من بئر يوسف مخضباً بالسنبلات الخضر وتوراتي وإنجيلي وقرآني.. سأفضح الفتنة بنهر الحب والشجر الخافق وأجيئك يا إلهي حافي القدمين.. أقاوم بقميصي الأبيض ذئاب الفتنة ولا أخاف.. بيد أني خائف وخائف ومذعور من أولئك الذين يرقصون بقناع الرب ويقتلون باسم الرب ويسدون عليَّ الدرب باسم الرب ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل باسم الرب.. أنا يا إلهي قربانك فاسترني إذا جن الليل بقمر فلا عين تراني إلا في ظلموت الليل ولا يد تصل إليَّ إلا بأنداء الزنبق ونداء السلام”.
    * * *
    الثرى 24/1/2010

    إعجاب

  9. مما أحفظه من كلام النبي محمدr حينما قدمت به زوجته إلى ورقة بن نوفل، قال له ورقة: ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك…سأله عليه السلام: أو مخرجيّ هم؟!.
    بقلبه الوديع والرحمة التي أرسل بها لم يكن عليه السلام يتصور أن يبلغ الأمر بأبناء جلدته أن يطردوه وقد حمل إليهم برنامجاً في الإصلاح.
    و مما أحفظه من كلام السيد المسيح يخاطب رسله يعدّهم للكرازة: ستطردون من المجامع وسوف يأتي يوم يظن فيه من يقتلكم أنه يؤدي خدمة لله!!! و ما من نبي بلا كرامة إلا في بلدته وبين أهله.
    ما دعاني إلى كتابة هذا الذي أحفظه إيماني بالأنبياء رسل سلام ومحبة وأنهم إذ غادروا هذا الكوكب كلّ إلى حيث أراد له الله فإنهم تركوا بعدهم من يبلّغ عنهم ويقوم بمهمتهم. وأنت يا سماحة المفتي الشيخ أحمد حسون واحد من هؤلاء الذين يحملون هذه الأمانة و يؤدونها بصدق. ولا زلنا نتابع خطابك التنويري منذ اللحظة التي وقع عليك فيها الاختيار الموفق للسيد الرئيس بشار الأسد خادماً للمؤسسة الروحية في عاصمة الروح سوريا، واستطعت خلال سنوات لم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة…أن تشير إليك كل الأيادي، بالثناء على فكر يعكس وجه سوريا المشرق الذي احتضن كل رسالات السماء فما من نبي إلا هو ابن سوريا أو مرّ على سوريا.
    مما أذكره يوم كنت طفلاً، شجرتان كانتا في بستاننا، وإذ كانت إحداهن شامخة بقامتها كان عليها كلَّ عام أن تأكل نصيبها من حجارة أولاد الحارة وعصيّهم بينما الأخرى لم يكن يمسها أحد منهم بسوء.
    وكان على جدي أن يتبسم ولا يتبرم بسؤالي: يا جدّو! لماذا يضربون هذه الشجرة دون أختُها؟.
    كان آخر ما قال لي: يا جدّو: من ينتج عليه أن يتحمل الضرب!! قلت: فلماذا لا يرتقون إليها؟! قال: عندما يعجزون عن الارتقاء هذا ما يفعلونه؟.
    لقد أقنعني جدّي بجوابه السؤال، واستطاع بست كلمات أن يختصر لي ستين سنة من الحكمة، غير أنه لم يستطع ولا غيره أن يفهمني: لماذا الضاربون أولاد الحارة ولا غريب بينهم، يضربونها ثم يستظلون بظلها، بينما كان الغرباء يحملون ـ سلاّت القصب ـ ويطلبون من خيرها بكل أدب!.
    الشيخ أحمد حسون قامة سامقة شامخة، لم يستطع الآخرون أن يرتقوا إليها، وحين أتى الغرباء معهم سلات عقولهم ينهلون من خيره، طفق له من يضربونه.
    ما سمعته، هو أنه في اجتماع سماحته مع الوفد الطلابي الأمريكي، وقف سماحته يقول لهم: هؤلاء نحن، و هذه سوريا مهد الرسالات، مآذن تعانق المنارات وعمائم تلاصق الألّوسات على بساط الوطن، وراح الرجل يتحدث مع(الغرباء) بما فتح الله على عقله وقلبه من ألوان الإخاء المشاد على جدران المحبة والتسامح واحترام الآخر ونقلوا على لسان سماحة المفتي أنه قال( لو أن النبي محمداً أمرني بقتل الناس بدون ذنب لكفرت به) وعرّف القومَ أن محمداًr لم يقل أنا كل البناء وإنما قال: أنا جزء منه، وأسمعَهم كلام الله بأننا لا نفرّق بين أحد من رسله ولا أتباع هؤلاء الرسل وأبنائهم، وأن نؤمن بهم كلهم.
    وهل في هذا الكلام ما يضير ويطلق العنان للتقولات والاتهامات التي تجافي الحقيقة، فمن متِهم له بإيمانه ومشكك بولائه وداعياً لتنحيته وهو الذي لم ينطق بغير ما أراد به من حق. وهنا ألا يحق لنا أن نسأل هؤلاء بل نذكرهم:
    كم مرة قطع القرآن ببشرية الرسل؟
    كم مرة قطع القرآن بأن بشرية الرسل مماثلة لبشريتنا؟ كم معنى للكفر في اللغة؟
    كم مرّة رفض فضلاء من الصحابة أمر النبيr على خلفية بشريته وقالوا له:لا.؟
    ما هي الأمور التي طلب النبي منهم فعلها ثم رفضوا التنفيذ؟
    ما هو معنى (لو)في اللغة؟
    هي ستة أسئلة سوف أختصر الطريق لهم وأجيبهم عنها مفتتحاً بآخرها حيث يعلم أطفال الكتاتيب أن (لو) هو حرف امتناع لامتناع و لأن محمداً r لم يأمر المفتي بقتل الناس بغير حق فإنه لم يكفر به.
    ومن تطبيقات هذا المعنى ما قاله النبيr: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، فبعد أن قال هذا لم يأت صهره علي رضي الله عنه ليقول لحميه: اعتذر وهل زوجتي سارقة؟!.
    أمّا كم مرة قطع القرآن ببشرية الرسل ففي واحد وعشرين موضعاً، وفي اثني عشر منها قرّر بأنهم (مثلنا ـ مثلكم).
    وإذا كان من معاني الكفر عدم الطاعة فإنك تأسف إذ غاب هذا المعنى أو تم تغييبه، وهذا ليس ذنب اللغة! وحين أخبر القرآن بأن تارك الحج(كسلاً أو إحصاراً أو جحوداً) مع الاستطاعة كافر.. فإن عليك بمنطق هؤلاء (الأفذاذ) أن توجّه تهمة الكفر إلى مليار مسلم لم يحجّوا مع ما يستتبع ذلك من حِلّ دمائهم وأموالهم وحِلّ نسائهم لفرّيسيّي المسلمين.
    شخصياً لم ألتق بسماحة المفتي الفاضل ولم يكتب لي شرف لقاء هذا الرجل، ولا يجمعني به إلا حب الله ورسوله، غير أني أدعوهم لاستذكار عدد غير قليل من وقائع من السيرة النبوية عندما قال فيها المسلمون لنبيهم:لا!! ورفضوا تنفيذ أمره، ثم لم يقل r لواحد منهم:اعتذر فقد أسأت إليّ. وذلك لسبب واحد، و هو أن واحداً لا ثاني له لا يقال له: لا، وهذا الواحد هو الله الواحد.
    ولأن النبي محمداً r بشر فإن لكل أحد الحق في أن يقول له:لا وهذا ما فعله ـ كما رأيت ـ من هو خير مني ومن الشيخ حسون ومن هؤلاء المتجرئين عليه.
    وهؤلاء الـ ـ خير ـ منّا قرؤوا قول الله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم..)قرؤوا ذلك وقالوا له لا.
    الثرى

    إعجاب

  10. لقد تابعت وبقلق ما تقوم به بعض الدوائر المريبة من إثارة مريبة ضد سماحة مفتي الجمهورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون إثر تصريحات نسبت إليه حول وجوب الإيمان بالمسيحية واليهودية كدينين سماويين من الله، وتحريم إنكار إي منهما، وهو ما تعتبره هذه الدوائر خروجاً عن الثوابت ورفضاً لما تعودنا عليه في الخطاب التقليدي……..
    ولا شك أن سماحة مفتي الجمهورية يقدم قناعته الراسخة بأخوة الأنبياء ويؤكد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يأمر بالكفر بهذه القيم العظيمة، وأنه لو أراد أحد أن يصدنا عن الإيمان بالرسل فلن يكون نبياً ولن نؤمن به.
    وإن ليؤلمني أن يعتبر هذا الكلام الإنساني لسماحة المفتي مساساً بالثوابت رغم الاتفاق على أن الإيمان بالأنبياء جميعا وبالكتب المنزلة هو من أركان الاعتقاد في الإيمان، ووجوب دعوة الناس إليه.
    إن ما تحدث به الشيخ أحمد حسون هو امتداد طبيعي لرسالة الإخاء في سوريا، وهي الرسالة الذي تأكدت في سوريا من خلال برنامج انصرفت إليه جهود جدي سماحة الشيخ المفتي الراحل أحمد كفتارو رحمه الله.
    إن موقفي هو تأييد لرسالة الشيخ أحمد حسون التنويرية، ووضع تصريحاته في سياقها الصحيح والتنبيه من مخاطر تسييس هذه التصريحات.
    أرجو لسماحة المفتي العون والتوفيق والتأييد والنصر من الله، وأمل أن يبادر العلماء في بلادي حل الإشكالات بالتناصح والتعاون امتثالا لقوله الله تعالى:”والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر”
    الثرى 24/1/2010

    إعجاب

  11. الاخوان المسلمون: تراجع مفتي سورية عن خطئه فضيلة
    قدس برس 26/1/2010
    دعا مصدر رسمي في جماعة الإخوان المسلمين السوريين مفتي سورية إلى الاعتذار رسميا عن خطئه في التعبير بشأن التصريحات التي أدلى بها أمام الوفد الجامعي الأمريكي مؤخرا، والتي جاء فيها إنه لو أمره رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكفر بالمسيح، أو بموسى لكفر بمحمد؛ وأشار إلى أن كسب ود الآخر لا يجب أن يكون على العقيدة وثوابتها.
    ورحب الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سورية زهير سالم في تصريح صحفي مكتوب أرسل نسخة منه لـ “قدس برس”: بما أسماه بـ “التعديل” الذي أدخله مفتي سورية على تصريحاته، لكنه قال: “لاحظ المتابعون لتصريحات سماحة المفتي أمام الوفد الجامعي الأمريكي، والتي جاء فيها: إنه لو أمره رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكفر بالمسيح، أو بموسى لكفر بمحمد؛ لاحظ المتابعون أن موقع سماحة المفتي قد قام بتعديل التصريح، وصاغه بطريقة علمية لائقة، بحيث أصبح: إن محمداً لم يأمرنا بالكفر بالمسيح أو بموسى. لا شكّ أن هذا التعديل يُعتبَرُ خطوةً إيجابية، وطريقةً مناسبةً للعودة عن الخطأ، ولكنها خطوةٌ غير كافية. ونقدّر أن المسلمين في سورية والعالم، يستحقون اعتذاراً رسمياً يصدر عن سماحة المفتي، يقول فيه (عفواً لقد أخطاتُ في التعبير). واعتذارٌ مثل هذا لا يقلّل من مكانة المفتي، ولا يسيء إلى موقعه، بل إنه سيكون مبادرةً إيجابية تسجل لصاحبها”.
    وأضاف: “لقد أحدث تصريح سماحة المفتي ردودَ فعل غاضبةً في الشارعين السوري والإسلامي، ودفع الكثيرين ليقرنوا تصريحاته المثيرة المتكررة، بتصريحات شيخ الأزهر وفتاواه.. وإنه لجميلٌ أن يقصد المفتي إرسال رسائل إيجابية عن المشتركات الإسلامية- المسيحية،ولكن كسب رضا الآخرين – إن أمكن – لا يجوز أن يكون على حساب الولاء للعقيدة وثوابتها، وعلى حساب الأمة وأبنائها“، على حد تعبيره.

    إعجاب

  12. العيّنة الجزء الضئيل من الشيء، لكن الذي يدل دلالة واضحة على ماهيّة الشيء.
    هاتان عينتان حاكمتان في الفكر الشعبوي الإسلامي.
    هما مثالان عن الجزئي (المقدس بحق أو بغير حق) والذي ما إن يُتبنّى من جمهور الناس حتى يتحول إلى قوة فعلية على أرض الواقع، تمنع وتعيق وتودي إلى نتائج خطيرة.

    العيّنة السنية: كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    البدعة في اللغة هو الشيء الحديث المخترع على غير مثال سابق.
    أبدع الشيء اخترعه لا على مثال.
    سيحتج كثيرون بالقول: ولكن هذا القول يخص الدين ولا يتعداه. بينما سيتشدد البعض وينكر الفرق بين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي للحديث بالقول أن النّص يصرّح بالتعميم الشامل لكل شيء: كل بدعة ضلالة.
    أياً يكنْ، فعلى أرض الواقع يمكن التأكيد أن ما من حديث قد حفظ من قبل الناس، واستشهدوا به كهذا الحديث. وذلك ربما لقصره أولاً، ولوضوحه وجزمه ثانياً، ولأنه يريح القائل من تقييم الجديد الطارئ، فكل جديد ضال. إنه فِكْرُ النسج على المنوال المعروف، وكره أن يأتي المرء بجديد.
    المشكلة أنه صار رمزاً وعنواناً للموقف المحافظ، فقد كان ومازال السلاح الماضي ضدّ أي إصلاح أو اجتهاد أو تجديد. يكفي أن يشهره المرء حتى يحيط نفسه والآخرين بسور فولاذي من العزلة عن المستجدات. يخيل للمرء أن نص ومفهوم هذا الحديث قد شكل ويشكل الأس الأهم في التفكير الشعبي العربي، وهذا الأس محروسٌ من قبل جيش من الفقهاء الشعبيين الذين تتقوى سلطتهم على الناس بالتذكير الدائم والمستمر بمضمونه.
    والسؤال الكبير الذي يتطلب إجابة من الجميع وأولهم الفقهاء المتنورون الذي يرغبون بالإصلاح ولا يجرؤون، هو: كيف يمكن للمرء أن يخترع شيئاً جديداً، من صنع أداة صغيرة إلى صناعة مركبات الفضاء والكمبيوتر، إذا كان همه أن يقلد وأن لا يبدع؟ لأن الإبداع ضلالة ويؤدي إلى النار! أليس معروفاً أن كل إبداع أو اختراع هو خروج على المألوف وانحراف عن المجرى المتوسط الذي تسير به الغالبية. والحال أن المبدعين والمخترعين وأصحاب الأفكار الجديدة لاقوا العنت في كل الأمم، لكن الأمم في العصور الحديثة أزالت العوائق أمام أولاء، وبقينا نحن المسلمين في ذيل الأمم فيما يتعلق بالنظرة للجديد والإبداع والإصلاح، والفضل يعود لهذا الحديث وحاضنته الثقافية.
    تعالوا نستذكر المستجدات الكبرى في المائة سنة الفائتة، ولنفكر بمن وقف ضدها وحرّمها أحيانا على قاعدة البدعة: ولنبدأ بمعركة السفور والحجاب المستمرة والدائمة، ثمّ الراديو “صندوق الشيطان”، ثم السينما والتلفزيون، ثم الفضائيات، ثم الآنترنت. إلى السيارة والدراجة الهوائية “فرس الشيطان”، ثم النزول على سطح القمر. إلى الثورات والمدارس الفكرية والفلسفية الحديثة، يكفي ذِكر جزءاً يسيراً من هذا، وهو ثورة العلوم النفسية التي حوربت على أنها نتاج يهودي. أما الفلسفة أم العلوم فالموقف منها معروفٌ ويصيب المرء بالغثيان. ولا أدل على ذلك من أن يُسمى فقهاء شعبيون بالعلماء، بينما لا يعترف الناس بالعلماء الدارسين للعلوم التطبيقية. حتى طرائق اللباس وقصات الشعر جوبهت وعلى الدوام على أنها بدعة فضلالة. وآخر العنقود الوقوف ضد الثورة في علوم الإدارة والقيادة والتربية الحديثة والتنمية البشرية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل بالتحجج بأن لنا أصالتنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا.
    وصل الأمر بأحد الفقهاء الشعبيين أن يفتي بما يلي ” بعض الناس يتلفظ بقول لا يعلم معناه ولا خطره مثل قول “كل الطرق تؤدي إلى روما”، هذا القول خطأ وبدعة وضلال وهي مقولة نصرانية تبشيرية، معناه أن الإنسان من أي طريق يذهب مصيره إلى روما، أي يتنصر ويكون نصرانيا. فعلى المسلم أن يتحرز من كلامه ويتأكد منه قبل أن ينطقه ويتلفظ به ، وفقنا الله وإياكم لاتباع السنة الصحيحة وعمل الخير”. الرجل يريد أغلاق النوافذ والأبواب والشقوق وكل شيء من شأنه أن يخالط هواء اعتاده. في الحقيقة المثل يحيل فقط إلى الامبراطورية الرومانية ذات السطوة عندما كانت روما عاصمة العالم، مثلما صارت بغداد فيما بعد. إنه مجرد مثل عميق المعنى مثلما هي الأمثال. والأمر له علاقة بالطرق الحجرية المرصوفة التي أنجزتها الامبراطورية، والتي ربط أطراف الامبراطورية بالعاصمة. كل تلك الطرق كانت تنتهي بروما. هو كقول أحد الخلفاء وهو ينظر غيمة في السماء: ” شرقي غربي فأي الأماكن تمطريها سوف يأتيني خراجك “. والنصّان يحملان دلالة الغلبة والسيطرة والامتداد والاعتداد.
    &
    العينة الشيعيّة: يا لثارات الحسين!

    لا يمكن للمرء أن يعثر على شعار مُكثف للمنحى الفكري و العقيدي لجماعة كهذا: يا لثارات الحسين! فهو يصفّي عقيدة الجماعة ويبقي على الدعامة الكبرى التي تحمل البناء، حتى إذا ما انهارت انهار البناء، ولولاها لما بني البناء أصلاً. إنها الفكرة النواة وما عداها يدور في فلكها لا غير. إذْ من المعروف أن الفكر الشيعي يقوم على فكرة مظلومية آل البيت ورمزها الساطع هو مقتل الحسين.
    للتدليل جوهرياً على أن لا شيعة دون هذه البضع كلمات، على المرء أن يتذكر أن الفكر الشيعي مبني على الثأر لآل البيت، والتكفير العلني أو الباطني لمن ليسوا شيعة، وطلب الحكم لآل البيت، إنه سعيٌ دهريٌ لا يتوقّف، وهو بالتالي مشروع صراع داخلي وحروب لا أفق لنهايتها. إذ كيف ينتهي مادام أهل البيت مظلومين ودمهم سال ويسيل على مر العصور؟
    هذا ما يقوله إمامان شعبيان: ” ولما كانت هذه الدماء قد أريقت في الصراع بين الحق والباطل فالمطالًب بالدم ليس هو شخص المجرم القاتل، بل يطالب به كل من وقف معه في تلك الجبهة، وكل من يقف معه بعد ذلك على طول الزمن”
    وتر سرمدي لا ينتهي.
    “شأن كل دم يراق في أي معركة ,ولما كانت معركة كربلاء قائمة مستمرة ومتصلة الحلقات إلى اليوم فكل من يقف مع أعداء الحسين عليه السلام ويتعاطف معهم ويهواهم ويميل إليهم ويرضى بفعلهم ويحبهم يكون مطالبا بدماء الحسين عليه السلام والثلة الطاهرة من أصحابه في كل زمان ومكان”.
    لا “أبلغ” ولا أدل!
    طبعاً ليس من نفع يُرتجى من المحاججة أن الأمام عليّ ذاته رفض تسليم قتلة عثمان؛ ربما حقنا للدماء، ولأن معاوية استخدم دماء عثمان سياسياً، ولأنه أي معاوية شرعاً لا يحق له بالمطالبة، فهو ليس وريثاً لعثمان. ولا نفع يرتجى مرة أخرى وأخرى من التحجج بأن مضى على تلك “الجرائم!” أكثر ألف وثلاثمائة سنة، وأن الجرائم تموت بالتقادم، ولا الحجة ذاتها التي استخدمها الإمام عليّ من أنّ لاوريث مباشراً هنا. ربما لذلك كًثُرت العمائم السود كثرة ًتجعل من طالبي الثأر حزباً كبيراً، فاعلاً، ومقدساً بالانتماء للبيت النبوي. وأيضاً لن يفيد الإختباء خلف”ولا تزر وازرة وزر أخرى”. كله لن يثمر لأن القبول بهذ الحجج يلغي يالثارات الحسين ويلغي مظلومية آل البيت وبالتالي لا شيعة.
    العينة السنية ماضوية رجعية تكره الإصلاح والتجديد، والعيّنة الشيعية انتقامية موتورة تكره التسامح والتسويات. فإذا ما امتزجت العيّنات مخبرياً حصلنا على إعاقة تاريخية لا حل لها إلا بفصل الدين عن الدولة والسماح لخيول الدين أن ترمح في ميدانها فقط.

    الحوار المتمدن – العدد: 2860 – 2009 / 12 / 16
    محمد الحاج صالح
    كاتب سوري يقيم في النرويج
    12/12/2009

    إعجاب

  13. أحد هواة الصيد في المياه العكرة استوقفني في الشارع وأسمعني كلاماً زعم أن مفتي سورية الشيخ الجليل أحمد بدر الدين حسون قاله في لقاء مع وفد طلابي أميركي. قلت له دون تردد: هذا الكلام كذب! سألني الرجل، وقد فوجئ، هل كنت حاضراً في اللقاء؟ أجبت بالنفي، قال: فهل قرأت المقال؟ أجبت بالنفي أيضاً! عندها تمدد البياض في عيني الرجل من فرط الدهشة. قال بمزيج من الاستغراب والاستهجان: علمي أنك شخص منطقي! ابتسمت وقلت له إنني أحاول أن أكون منطقياً حينما يتيسر لي ذلك! رفع الرجل صوته قائلاً: إذا كنت منطقياً فكيف تسمح لنفسك إذاً أن تدافع عن المفتي هذا الدفاع الأعمى، وأنت لم تكن حاضراً لقاءه ولم تقرأ ما قاله؟! قلت للرجل: صحيح أنني لا أعرف حقيقة ما قاله المفتي في ذلك اللقاء، لكنني أعرف حقيقة ما قاله في مئات اللقاءات الأخرى، ما جعلني بإجماع عقلي وقلبي، أمنحه ثقتي! أنا في هذا الموقف لا أدافع عن المفتي، بل أدافع عن ثقتي به، وثقتي بسماحته ليست عمياء بأي حال، بل هي ثقة راسخة عززتها براهين البصر والبصيرة واتفقت عليها رؤية العين ورؤيا الفكر.
    أحسب أنني لست من أنصار نظرية المؤامرة، لكنني لا أملك إلا أن أنظر بارتياب لهذه «العملية» التي بدأت في إحدى الصحف التي تصدر في أوروبا، وإذا كانت العملية بريئة في مبتداها فهي ليست بريئة في مراحلها اللاحقة، بكل تأكيد، لأنها أخذت شكل عملية سياسية مشبوهة هدفها تهييج المواطنين العرب المتدينين ضد سورية ومفتيها وقيادتها. والمؤسف حقاً أن بعض الأطراف المحلية المنغلقة قد تلقفت الأكذوبة وسارت بها، غير عالمة أن المستفيد من هذا التشويش المشبوه هم الذين ينهبون ثروات الأمة ويهددون هويتها ووجودها.
    أعرف أن سماحة المفتي أحمد بدر الدين حسون ليس بحاجة لشهادتي، لكن سلفنا الصالح وصف الساكت عن الحق بأنه شيطان أخرس، لذا لا يسعني أن أسكت عن محاولة المس بهذا العالم الجليل الذي نذر حياته من أجل مصلحة الأمة وصلاحها في الدين والدنيا.
    من المعروف أن سماحة المفتي يستخدم في حديثه لغة أدبية راقية فيها المجاز والبلاغة والتشبيه، وله أسلوب أصيل في التعبير ينفض عن المفردات غبار الاعتياد، ما يكسب كلامه وقعاً جديداً يكون له أثره العميق في النفوس. لذا يقول أشياء تبدو صادمة لفقراء الخيال، على طريقة الشاعر الشعبي القديم الذي يقول: «بحب البخيل كتير وبحب اللئيم، وبعبد عديم المعرفة وبهوى الغشيم، لولا عديم المعرفة ما في زكى، ولولا البخل والَّلأْمَنِه ما في كريم».
    وما حال المتطاولين على سماحة المفتي إلا كحال من وصفهم أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله:
    حِكمَةٌ حالَ كُلُّ هَذا التَجَلّي دونَها أن تَنالَها الأَفهامُ.
    الوطن 31/1/2010

    إعجاب

  14. “مع أنني لم ألتق يوماً سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون، إلا أنني أتابع أخباره ونشاطاته ولقاءاته، وهو الذي يتمتع بقلب منفتح على الجميع ورجاحة في العقل، ويؤمن بأخيه الإنسان الأخر المختلف، ولست أجامل سماحته، بل لأني أرى فيه ذلك فعلاً، أليس هو القائل:” يجب أن نربي أطفالنا تربية سليمة على الحب لا على الحقد، وعلى الاعتراف بالشخص الآخر، الذي هو أخوه”.*
    ويسعدني اليوم تكرار تلك الكلمات التي كتبتها منذ نحو أكثر من عام على صفحات موقع “كلنا شركاء” والتأكيد عليها مجدداً على ذات الموقع، ليس لأنني أُجيد المدح، بل لأن شخصية محترمة وتحتل مركزاً مرموقاً في سوريا والعالم، كسماحة المفتي الدكتور أحمد حسون ليست بحاجة بالتأكيد إلى من يمتدحها.. أو يجاملها.. بل بحاجة إلى من يقف معها ويساندها فيما تطرحه من خطاب ديني متسامح حضاري متنور ومعتدل في مواجهة ما تتعرض له اليوم من حملات مغرضة تستهدف ذلك الخطاب من قبل بعض أولئك الذين يدّعون الإسلام ديناً لهم والإسلام منهم براء.
    فما ظهر من تصرفات لا تمت إلى تعاليم الإسلام بصلة، وما يُرتكب اليوم من إساءات باسم الإسلام، دفعت سماحته إلى التأكيد في أحاديثه ولقاءاته على سماحة الإسلام ورحمته في التعامل مع الأخر المختلف ديناً قولاً وفعلاً كما نص عليها القرآن الكريم وأكدتها الأحاديث النبوية، تلك التعاليم التي عرفها وعايشها المسيحيون العرب منذ مئات السنين، وهي التي أبقتهم بجانب أخوتهم المسلمين يتشاركون معهم الحلوة والمرة إلى اليوم، وكيف لسماحته وهو صاحب القلب الكبير والمنفتح والمتسامح، المعتدل، الرحيم، الإنساني، أن يبقى صامتاً وهو يرى كيف يجري تشويه صورة الإسلام ووصمه بالإرهاب على أيدي بعض المسلمين الذين لم يعد يعكسون في تصرفاتهم وتعاملاتهم سماحة الإسلام ورحمته؟ لا بل كيف لأي شخص عاقل أن يبقى صامتاً تجاه ما يجري أمامه أو على مقربة منه من تكفير وقتل وذبح للأخر حتى بين أناس ينتمون لفئة واحدة..؟
    مع أنني لم أكفّر أحداً يوماً، ولن أكفر بأحد، لكنني سأقول الآن كما قال سماحته عن محمداً أمام الوفد الطلابي الأمريكي : لو أن يسوع المسيح أمرني بقتل أحد من الناس لكفرت به أيضاً ولقلت له بصوت عال أنت لست ابن الله الذي قرأنا عنه في الإنجيل.وأقول لسماحته يا جبل ما تهزك ريح، رغم كل السهام التي يطلقها أولئك الذين تحجرت قلوبهم وتعطلت عقولهم، وستبقون هدفاً لتلك السهام ما دمتم تجاهدون في سبيل إعلاء روح التسامح والمحبة والإخاء والاحترام بين الناس على اختلاف مشاربهم وأديانهم ومذاهبهم، فالشجرة المثمرة دائماً تكون محط أنظار الناس، أما الشجرة العاقرة فلا أحد يهتم بها.
    فما أحوجنا اليوم إلى مثل هذا الخطاب الديني المتسامح والمعتدل ودعمه في مواجهة الخطاب الطائفي العنفي الذي يسود في مجتمعاتنا. هذا الخطاب المعتدل سيساعدنا في تحرير العلاقات الإنسانية من مشاعر الكراهية ومواعظ البغضاء ومواقف العنف، ويساعدنا في نشر ثقافة قبول الآخر واحترامه، وهذا يحتاج بلا شك إلى جهود متواصلة من المتنورين تُستخدم فيها كل الوسائل التربوية والإعلامية والثقافية المتاحة بدءاً من أسفل الدرج صعوداً إلى أعلى الدرج، أي ابتدءاً من التعليم الابتدائي الأساسي وحتى التعليم العالي وأن يترافق ذلك بقيام إعلام حقيقي يشجع التفكير النقدي وإدارة حوارات حضارية والارتقاء بالعقول وطرائق التفكير، وبما يساهم في إزالة الأحكام والتصورات المسبقة عن الآخر، والسعي للتعلم والفهم عن الآخر المختلف وقبوله، ويعزز في النهاية روح التجانس والانسجام بين أبناء الوطن الذين يتشاركون معاً في هذه الأرض بحلوها ومرّها” ويعزز الوحدة الوطنية بين بنات وأبناء سورية على قاعدة المواطنة بصرف النظر عن أي انتماء سياسي أو أديني أو عرقي. وفي أن نكون أحراراً بما نؤمن ونعتقد، وفي أن نحترم إنسانية الإنسان وإن كان مختلفاً عنا.
    * – من المقال المنُشور على موقع كلنا شركاء بتاريخ 7/12/2008 بعنوان “سماحة المفتي العام في سورية الموقر”.

    كلنا شركاء 1/2/2009

    إعجاب

  15. حملتُ على كتفيَّ رسالة العشق الكبرى لبلدي سورية وجُلتُ في صقاع الأرض أنشر رسالة الحب والسلام السورية، أدمى قلبي جرح فلسطين النازف.. أبكتني الأيام على أطفال العراق ونساء العراق ونخل العراق.. هزني في العمق موت آلاف الأبرياء تحت سحق قنابل ورصاص الاحتلال.
    ودعاني الواجب الوطني إلى ركوب الصعاب وتحمل المشاق كي أوصل صوت السلام والعدالة والحق السوري إلى شعوب العالم التي ما عرفت عن وطني السوري الكبير إلا ما عملت دولة الكيان الصهيوني على بثه في عقول الناس عبر إعلامها الذي يزيف التاريخ والجغرافيا والدين..
    ولأن بلدي هو بلد العيش المشترك، بلد المحبة والتسامح والمساواة، ارتفع صوتي عالياً عبر المنابر الدولية وعملت على استحضار العديد من الوفود للتعرف على حقيقة وطني عن قرب..
    وكنت يا سيدي المفتي أحمد بدر الدين حسون من أهم الركائز الفكرية التي استطاعت أن تقدم لهذه الوفود وجه سوري حضاري يقاوم كل وجوه الشر والعدوان في العالم.. قلت: سورية.. وقلت: الإسلام.. وقلت: الحب والإيمان..
    أبكيت العديد منهم حباً وإيماناً..قالوا: أيدينا إليكم ممدودة معاً لنصنع السلام، قالوا: لله در إسلامكم ما أعدله وما أنصفه، قالوا: أهذا هو الإسلام ويحنا كيف كنا نجهله..
    لله درك سماحة المفتي إيمانك فاق الحدود، لله درك يا سيدي كيف استطعت أن تزرع حب هذا الإسلام في قلوب سكنها الحقد على كل ما يجري من إرهاب باسم الإسلام، لله درك يا سيدي المفتي أبكيت الحاخام والقسيس إيماناً ومحبة وصدقاً، عاهدوك باسم اليهودية والمسيحية أن ينقلوا لرعيتهم حقيقة الإسلام كما عرفوها منك وبك، عاهدوك على نصرة الحق، وقدموا للشعب العربي المسلم كل الاعتذار عما اقترفته يد الشر بحق الأبرياء..
    سيدي المفتي ؛
    وأنا العربية السورية المسيحية يحملني إيماني إليك لأسمع منك في كل مرة مدى تمسكك الوثيق بإيمانك الإسلامي الإنساني العميق، وفي كل مرة يزداد معك إيماني بعظمة بلادي سورية منجبة الأبطال والقادة والعلماء..
    يسوؤني يا سيدي أن تضيق بعض القلوب عن احتمال كل هذا الحب فتغلق منافذ الرحمة والتسامح وتنقض غائبة الضمير لتنال بالكذب والبهتان رمز من رموز الخير في أمتي ألا وهو سماحتكم. ولكني تعلمت في أولى أبجدياتي أن الأنبياء والأولياء والشرفاء منذورون للعذاب.
    سيدي المفتي
    أحمل إليك حب كل من عرفك، واحترام وتقدير كل من حاورك، وإيمان كل من قابلك، وأستنجد بقرآنك وإنجيلي وتوراتهم ليبقى فجر الإنسانية ساطعاً في محياك..
    سيدي المفتي؛ إليك مني سلاماً..
    الثرى 1/2/2010

    إعجاب

  16. الحملة بدأت وفق صورة سوداوية، وما قاله مفتي سورية سماحة الشيخ أحمد حسون لا يحتوي أي موقع للتأويل إلا أن صورة الخطاب الديني على ما يبدو لم تكن قادرة على استيعاب حالة من “المبادرة”، وسواء اتفقنا في الرأي مع مفتي سورية أو اختلفنا إلا أن منطق الهجوم عليه هو الذي يدفع لقراءة الصورة التي يتم فيها رسم تصريحاته.
    عمليا فإن محتوى الحملة يتركز في معارضة السوية الواحدة التي شمل بها الشيخ أحمد حسون مسألة الدين، فلو أنه استخدم جملة مختلفة يوضح فيها أن النبي محمد أمر بالإيمان بكافة الأديان لما اعترض عليه أحد، لكنه استخدم شأنا غير مألوف في مسألة الخطاب الديني السائد، فهو جعل الإيمان حالة عقلية باستخدامه جملة شرطية مبينا أن إيمانه نابع من الاقتناع العقلي بما قدمته رسالة النبي محمد، والأمر الثاني هو الحرية التي وضعها في جملته التي يتم تناقلها إعلاميا في مسألة “الكفر” إذا لم يكتمل الشرط الأساسي. ومن المؤكد أن مفتي سورية لم يكن يتعمد فلسفة الأمور، لكنه قدم خطابا خاصا أمام أكاديميين مهما كانت انتماءاتهم، و في المقابل وضع حالة خاصة في مسألة الإسلام تبدو غير مألوفة في سياق ما نسمعه دائما عبر وسائل الإعلام، وعلى الأخص مع اختلاط مفهوم الجهاد وتداخله مع الصراع الدولي ومع وظائف السياسة، فظاهرة الخطاب الديني تقف أمام ثلاث أمور واضحة:
    الأول وهي الأكثر شيوعا تتجلى في إعادة تكرار النصوص المتوارثة من الفقهاء، والاعتماد على فتاوى ربما تعود لمراحل مبكرة من تاريخ الإسلام، وغالبا ما تكون هذه النصوص لها علاقة بإيمان الفرد الذاتي مستخدمة أشكال الترغيب والترهيب الموجود في تفسير النص القرآني، وعندما يتطور هذا الخطاب فإنه يحاول ان يفسر بعض الظواهر المستجدة كي يعيدها إلى جادة الصواب كما يفعل الشيخ راتب النابلسي على سبيل المثال.
    الثاني هي الخطاب المسلح بـ”المخيال الاجتماعي” على سياق ما قدمته نصوص “سيد قطب” و “عبد الله عزام” وصولا إلى قيادات القاعدة الحالية، حيث نشهد خطابا يتسلح بكل التاريخ ويستحضره أيضا حتى في الرسائل الموجهة، ويشكل هذا الخطاب نوعا جديدا من العزل للساحة الإسلامية عبر استخدام حالة فوقية رغم أن رجالاته متوارون عن الأنظار ومنقطعون ضمن مساحات ضيقة.
    الثالث يريد الانسجام مع حركة الزمن مع الاحتفاظ برؤيته الدينية عموما، ومثل هذا الخطاب موجود في سورية بشكل واضح، ويمثل الشيخ حسون جزءا منه، وربما يعي هذا الخطاب جغرافيته الحقيقية في منطقة تحوي الكثير من التنوع، لذلك فهو يبقى على تماس مع الجميع دون ان يميزهم كـ”آخرين” بل كجزء ضروري من وجوده.
    كلمات المفتي السوري تقنعنا أكثر بأننا نحتاج إلى إنتاج الخطاب الديني على المستوى العام، وإلى عدم الاكتفاء فقط برؤية الحملات التي تظهر كلما ظهر تصريح لأحد رجال الدين، فالمسألة ليست فقط بهذا الخطاب بل أيضا بكونه جزء من الإنتاج الثقافي العام.

    فولتير نت 1/2/2010

    إعجاب

  17. حلقة الأمس من برنامج الشريعة والحياة الذي تبثه قناة الجزيرة الفضائية مساء كل يوم الأحد، ويعاد يوم الاثنين في الساعة الواحدة ظهراً، كانت عن التسامح الديني، حيث عرض مقدم الحلقة، الذي يأخذ موقف التلميذ المؤدب الصغير في حضرة أستاذ كبير، وليس كمحاور وند للضيف، بل يكتفي بالاستماع لآراء أستاذه والثناء عليها وعلى “فضيلة” الشيخ، وهذه سقطة منهجية حوارية في هذا البرنامج، توحي للملتقي بأن الشريعة التي يمثلها فضيلة الشيخ الجليل لا تناقش، نقول عرض مقدم الحلقة تقريراً عن أحداث العنف الطائفية التي جرت في نيجيريا، ورد الشيخ عليه بما معناه أن هذا غير موجود في تاريخ الإسلام والتسامح مطلوب، والمسيحيون واليهود هم أخوة لنا، وهناك زيجات وعلاقات مصاهرة معهم….إلخ، وأنه لا إكراه في الدين، و”أفأنت تكرههم على ذلك”، كما قال الشيخ ولو شاء ريك لآمن كل من في الأرض، وإن هذا الاختلاف هو مشيئة ربانية وإلهية يجب ألا نناقشها وعلينا تقبلها، وبدا حديث الشيخ بشكل عام فضفاضاً عائماً غير محدد، سابحاً في متاهات لا يرسي بها على بر محدد ولا تأخذ منه قولاً فصلاً، وكان يستشهد بما يدعم وجهة نظره “المتسامحة”، وطبعاً هناك عشرات الآيات مما يفند كلام الشيخ، ومن القرآن نفسه، ومما لا تدعو البتة للتسامح، لتصبح قضية التسامح، مجرد إشكالية كبرى، كعشرات الإشكاليات الأخرى، التي لا يمكن، ولم يتم حسمها على الإطلاق. وحين استضاف البرنامج الدكتور ميشيل عون، من لبنان، إن لم تخني الذاكرة، بدا كلامه منطقياً وعقلانياً حين تكلم عن التسامح التي تنطوي على الصفح والتنازل من قبل طرف لصالح طرف آخر وهذا أمر مرفوض وغير مقبول؟ وتعليقاً على ما قاله الضيف فقد رفض الشيخ القرضاوي العلمانية إذا كانت ستعني انتصاراً للأقليات، ومساواة لهم بالمسلمين، ولأن ذلك سيكون في صالح الأقليات حسب زعمه وسيسحب بساط التسلط والهيمنة من تحت أقدام “الأكثرية” المتسامحة، هكذا، في حلقة عن التسامح تبث على الهواء، وما دام هذا رأيك يا شيخنا الجليل فلماذا أتيت إلى الحلقة من الأساس؟ إذن هنا رفض القرضاوي العلمانية باعتبارها تساوي بين الأقليات والأكثريات، وهذا ما يدحض الهدف الذي كانت من أجله الحلقة، أي أن الشيخ أتى، عملياً ليرفض التسامح، لا ليكرسه، (هذا إذا سلمنا جدلاً، بأخلاقية وشرعية التسامح والمتسامح)، في حلقة عن التسامح. هكذا. ومن هنا عادت حلقة التسامح لتصب في صالح تيار اللا تسامح والتطرف والغلو ورفض التسامح.

    من جهتي، أيضاً، أرفض أن يتسامح معي أي شخص إن لم أكن مرتكباً لأية جريمة، وأن أكون عرضة لأي مساومة تسامحية فلست البتة في موقع المتهم إن كان انتمائي هنا أو هناك، أو أقبل أن يصفح عني أي كان ويتنازل ويتقبل، هذا الـ”أي كان”، وجودي كإنسان وعلى مضض، ولأنه متسامح، وما شاء الله عليه، لأنني فضل قيمة “عقائدية” زائد عن الحاجة، هذه قمة العنصرية والبغاء والبهتان، ولا يمكن اعتبار الاختلاف في الرأي أو المعتقد ووجهة النظر جريمة يجب أن “يتسامح” معي أي كان من أجلها، ولا حتى الشيخ وأمثاله، لأن الله، وحسب خطاب الشيخ، نفسه، شاء أن نختلف، ولم يشء أن يخلقنا على رأي واحد، إذن التسامح، نفسه، ها هنا، يتعارض، وبعملية استدلال منطقي، مع مشيئة الله وينسف خطاب الشيخ نفسه عن التسامح، ومعه الهدف المراوغ والملتبس للحلقة من الأساس. فطالما أن الله يقر ويأمر بالاختلاف، ودائما حسب الخطاب إياه، فلا داعي لأن يكون التسامح موجوداً في علاقات الناس وعلى هذا المحور، ومن هذا المنظور بالذات. فالتسامح، وفق هذا المنطق الاستعلائي الاستبرائي الناجي من النار، ينطوي على مضامين فوقية ولا أخلاقية، تزدري مكونات عقائدية أخرى وتضع نفسها فوقها، وفي موقع الأصلح والأصوب والأفضل.

    وذروة التأزيم، والـClimax في حلقة التسامح كان في نهاية الحلقة حين بدا سماحة الشيخ المتسامح، غير متسامح، متجهماً، وغاضباً، وحانقاً بشدة، على تصريحات كان أطلقها، في وقت سابق رجل الدين السوري المتنور، ومفتي سوريا، الشيخ أحمد بدر الدين حسون، الذي قال، في تصريحات أمام وفد أكاديمي أمريكي من جامعة جورج ميسون يرأسه البروفيسور والناشط مارك غوبن رئيس المركز العالمي للأديان والدبلوماسية وفض النزاعات بواشنطن، “لو طلب مني نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، أن اكفر بالمسيحية أو باليهودية لكفرت بمحمد.( صحيفة القدس العربي اللندنية بتاريخ 20/1/2010 ).

    وتابع المفتي حسون: لو أن محمدا أمرني بقتل الناس لقلت له أنت لست نبيا، واعتبر ان الفرقة بين البشر جاءت عندما حولنا الدين إلى مذاهب سياسية ، وتابع: “لو أن محمداً صلى الله عليه وسلم أمرني أن أكفر بإبراهيم، أو بموسى، أو بعيسى عليهم السلام، لما آمنت به، ولو أن عيسى عليه السلام أمرني أن أكفر بإبراهيم، أو بموسى، أو بمحمد عليهم السلام، لما آمنت به، ولو أن موسى عليه السلام أمرني أن أكفر بإبراهيم أو بعيسى أو بمحمد عليهم السلام، لما آمنت به، ولكن أياً منهم لم يأمرني بإنكار الآخر“، وتساءل المفتي: هل كان النبي موسى اشكنا زيا او شرقياً وهل كان عيسى المسيح بروتستانتيا او كاثوليكيا، وهل كان محمد النبي شيعياً أو سنياً، مشيرا إلى أن ما يجري هو لعبة رجال السياسة في رجال الدين”، الشيخ المستنير حسون يحاول يقدم صورة عصرية مغايرة تماماً لصورة رجل الدين التي رسمها القرضاوي، من خلال تصريحاته ومواقفه الإشكالية ودعوته العلنية، وقال القرضاوي في الحلقة ورداً على تصريحا الشيخ حسون، وبالحرف مستهجناً كلام المفتي حسون، إذا دعانا الرسول للقتل فعلينا أن نمتثل لذلك.

    لا يصح في حلقة أول من أمس الأحد عن “التسامح” التي انتهت إلى “كارثة” حقيقية عن لا تسامح الشيخ لا مع الأقليات ولا مع زميل له ولا بتقبل للعلمانية كطوق نجاة من هذه الاختلاطات، إلا أن نقول وبالسوري الفصيح:”إجى ليكحلها فعماها”، وكم نتمنى أن يتعلم الشيخ القرضاوي أصول التسامح والخطاب العقلاني المستنير من االشيخ حسون، أما خطاب الشيخ الجليل القرضاوي، ومع كل الأسى والحزن، فهو لا يسعى إلى أي نوع من التسامح بقد ما يسعى للتأزيم وشحن والأجواء والتوتير.

    إعجاب

  18. الأستاذ الدكتور صالح المبارك المحترم: تحية طيبة. نرجو التكرم بالرد على مقال الدكتور طيب تيزيني، المفكر السوري الكبير المعروف، وأستاذ الفلسفة بجامعة دمشق، حول تصريحات القرضاوي المثيرة للجدل حول المسيحيين العرب أخوتنا في المواطنة والهوية السورية والإنسانية والتـأليب ضدهم ونفث الكراهية والغل بحقهم واعتبارهم مواطنين درجة ثانية. من الجدير ذكره أن الدكتور المبارك اعتبر رد نضال نعيسة على القرضاوي في وقت سابق مختلقاً وتجنياً على قضيلة شيخنا الجليل.
    حين يغيب المجتمع السياسي والمدني الديمقراطي يظهر امثال القرضاوي
    د.طيب تيزيني : (كلنا شركاء) عدد يوم: 3/2/2010
    كان لخطبة الجمعة التي قدمها الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي قبل اكثر من شهر في مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة, ودعا فيها الى تحريم الاحتفال بأعياد وطقوس الميلاد من قبل ناس يؤمنون بغير ما تؤمن به الاقلية “هنا المسيحية” والى تحريم التهنئة بذلك من طرف الاخرين, واللافت في ذلك ان الدكتور القرضاوي هو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين, وقد تدخل الشيخ في خطبته حتى في حرية شراء المواطنين لما يرغبون فيه, فحرم بيع شجرة الميلاد وشراءها واقتناءها. بل تجرأ الرجل على تحريم تبادل التهنئة بين الناس من ذوي الانتماءات الدينية المختلفة “بين المسيحيين والمسلمين مثلا” متوغلا – بذلك – في ضمائر الناس وعواطفهم بلغة ظلامية تنحدر من عهود الظلام في اوروبا وبلدان اخرى, منها عربية واسلامية, وما زالت ذيول هذه المسألة تأخذ مداها , مما استوجب الوقوف عندها..
    ولعله الاكثر اثارة ومدعاة للتساؤل في حالتنا هذه ان يقدم القرضاوي خطبته امام جموع من الناس بوضوح وبقوة, من دون تساؤل الاعلام العربي وغيره عمّا هو متاح لخطباء المساجد هنا وهناك, خصوصا حين يتجاوزون خطوط النار, التي يمكن ان تؤدي – اذا ما اندلعت – الى اغراق السفينة بمن عليها من قاطني البلد المعني, من دون تمييز هذا من ذاك, وبتعبير سياسي فان ذلك من شأنه ان يُفضي الى تفتيت الوحدة الوطنية للبلد اياه, وبتعبير ايديولوجي اعتقادي, فانه يستهدف حقوق الانسان, سواء كان مسيحيا ام مسلما, وهذا مضاد للقانون والدستور اللذين ينظمان حياة الناس, وأين في عالم عربي اسلامي مثخن بالجراح والاختراقات. وثمة وجهان اثنان آخران للمسألة واحد تاريخي وآخر ديني. اما اولهما فيتمثل في أن من يسعى الدكتور القرضاوي الى وضعهم خارج حقل المواطنة التامة, انما هم مواطنون يتحدرون من منطقتهم وتاريخهم وهم قاطنون فيها منذ عهود قديمة, وفيها “ونعني ارض العالم العربي” اسسوا وجودهم التاريخي كعرب, وتلقفوا ديانتهم المسيحية فيها ايضا كعرب كما شاركوا بعمق في انتاج الحضارة العربية ما قبل الاسلام واقاموا امارات وايلات اقتصادية. وليس مدهشا ان نعلم ان الخليفة الخطاب الكبير رفض ان يأخذ من المسيحيين في بلدان الشام ديّة “دينية” كونهم سكانا اصليين, كا هو مهم كذلك القول بانهم حاربوا مع مواطنيهم من المسلمين وغيرهم قطعان الحروب الصليبية, اضافة الى ان فلسطين التي نشأت فيها المسيحية, كانت عربية وما زالت كذلك, ولا بدان الدكتور القرضاوي يعلم ان من ضمن من يواجه المشروع الصهيوني الاسرائيلي مواطنون مسيحيون يمتلكون الهوية العربية, ويمتلكون وجودهم المجتمعي مثلهم مثل مواطنيهم المسلمين. ويبقى الوجه الديني الاعتقادي, ليعمق فكرة الجذور العربية للمسيحيين الشرقيين, اي لأولئك الذين انطلقوا من فلسطين وظهروا بوضوح خصوصا مع نشأة المسيحية الاولى, التي تمثلت وامتصت كثيرا من عناصر الحضارات التي تمددت في منطقة المشرق العربي, وما الذي سيفعله الدكتور القرضاوي حين يعلم – وهو يعلم – ان الاسلام اتى استمرارا لما سبقه دينيا وحضاريا عموما, وليس قطعا معه. وهذا عبر عنه الرسول الكريم, وثمة لحظات عميقة ظهر فيها احترامه العميق لذوي الاديان, منها هذا الذي يحجره الشيخ القرضاوي وارغب في ان اذكر الدكتور القرضاوي بالوثيقة التاريخية, التي انتجها الرسول مع من هاجروا الى المدينة واكتسبت العنوان الجدير بها وهو وثيقة “الموادعة معه” وثيقة او “دستور المدينة” ففيها تحديدا توادع الناس واسسوا – بدعوة ومبادرة منه – لبناء اجتماعي سياسي يجمع بينهم, مع ترك الشؤون الدينية لمرجعياتهم المذهبية »راجع, تاريخ الطبري«. لن يكون مقبولا من الاستاذ الدكتور القرضاوي ان يقال على لسانه ما نقل عنه ومن ثم, فان اغراق سفينة العرب لم يعد يكلف كثيرا في ظل الحطام الذي يلفهم..!.

    * أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق

    إعجاب

  19. الصديق العزيز: تحية: لا أعرف على ماذا سأعذرك أولا من ناحية النشر فإذا كان موقعكم لا يحتمل أفكاري وتخاف من شلة حسب الله الأصولية لديك فهذا أمر يخصك وغير معن به، أنا أرسل لك رسائلي لأن ك على قائمتي البريدية وأنشر في مواقع عالمية وكل يوم تأتيني دعوة للنشر هنا وهناك، ثانياً لا أدري لماذا هذا الإصرار على التفكير مثلك أو مثل غيرك ولا أفهم لماذا لا تعتبر ما أقوله نقداً. أنا أقدم وجهة نظر ورؤية فيما حصل وفي تصحيح خطاب سقيم ومريض قراءات خاطئة لما حصل في حقبة ماضية وفق رؤية شخصية جد متواضعة وبسيطة. إذا كانت ذات جدوى ومهمة ةفيها جديد وجديرة بـأن تقرأ ويرد على أسئلتها فأمر جيد وستثبت ذاتها وتبقى وإن كانت لا فمصيرها إلى الزبالة ونفايات التاريخ، ولا نتكلف نفسك بالرد عليها أو مجرد التوقف عندها إذا كانت تافهة وغير مقبولة كما يتبدى ويقرأ من بين سطور رسالتك. من حقي أن أبدي رؤيتي وفق ما أرى وأحس وأشعر وألمس وأتوقع وأستسعر واستشف ولكن إذا كنت تستكثر علي هذا وتريدني أ، أفكر وأطرح وجهة نظر تريحك وتأتي على مقاس تفكيرك ومنطقك الحيوي فتلك قضية لم تعد فكرية أيضا بل أخلاقية محضة. دعني أقول ما لدي ولا تستمع له أو ابصق عليه ودسه بقدمك ولا تلتفت له، لكن من حقي أن أقول ما أفكر به حتى لو كنت معتوها وحتى لو كان هذا لا يروق لك، فإنه يروق لي على الأقل وهذا حقي الطبيعي وأرجو ألا تنكره علي كما أنكر أسلافكم على الناس إلا أن يفكروا مثل الطليق ابن الطليق معاوية ويقرؤوا التاريخ مثل ما يريده الأشاعرة بعد أن ذبحوا المعتزلة. سأستمر قي كتابة هلوساتي وهذياناتي، وطبعا وفق توصيفاتك، لكن ثق تماماً أنها تروق لكثيرين،
    علم الجمال الإسلامي آه؟؟؟ يا أسفي على العقل البدوي
    أخوكم في العروبة والإسلام

    Best Regards
    Nedal Naisseh
    http://www.ahewar.org/m.asp?i=566

    You have recieved this e-mail, just, because you are in our favorable mailing list, if you dont wish to receive any more, please, most kindly, inform us.

    — On Sat, 2/20/10, Raiek Alnakari wrote:

    From: Raiek Alnakari
    Subject: Re: سلام

    To: “Nedal Naisseh” , “karib aldar”
    Date: Saturday, February 20, 2010, 5:07 AM

    الصديق نضال
    تحية الحياة وبعد
    يمكنك ان تنشر في الموقع ماتريده بوضعه مباشرة
    فقم بالخطوات اللازمة وستجده ينشر مباشرة وربما سيرد عليه بما يستحق
    أما غير ذلك فاعذرنا

    لديك اسلوب جيد ولكن هذا لايمنع ان يكون لديك خبرة حيدة
    ليس مكلوبا منك تذكر ماتعده الماركسية والدارونية بقانون التناقض ولصراع والبقاء للأفضل فهي مجرد اراء منافية للبرهان
    اما ان تعتقد بأن احاسيسك بكراهية وتحريم الظلم القتل والظلم
    فتحتاج الى تفسير يفسر بدوره عدم تحققها تاريخيا في اي مكان من العالم كما تشتهي
    يعني انتقل من الخطابة والانشاء الى التفكير المنطقي وارجع الى مؤلفات تفسير التاريخ او الف لنا تفسيرا يقنعك انت على الاقل ولا تصف الناس بموجبه فقط بكونهم طلمة او غير ظلمة بل أيضا واولا تفسر لماذا اختلفوا بذلكولماذل صاروا كذلك
    والى تقرأ وتتثقف وتصل الى اجابة تقنعك انت على الاقل توقف عن اي كتابة مالم تصرح باسم من يدفعك الى ذلك
    فلإن كان مبدءا وضحه رجاءا
    وان كان جهة تمولية او عصبية فئوية او عقدة شخصية فلست مضطرا
    وان لم يكن لاهذا ولاذاك فاتعب نفسك كما تحب
    فما حك جلدك مثل ظفرك
    وان رغبت بنقلة في طريقة تفكيرك
    فانتقل من الشتم الى النقد اي اذهب الى وثقيقة معينة وقل لماذا وكيف تمت وماهي قيمها وفق مرجعية توضحها
    وبالمتسبة فالصديق أبي لديه جزأين عن قرآن القرآن
    كل منهما كفيل بجعلك في حال فهمه تدرك قصور ماتقدمه
    اسكنك الله القصر الذي تريده

    تاريخ وحضارة تندى لها الجباه

    حين أقرأ بعضاً أو كلاً من هذا التاريخ الذي يستهوي البعض ويتغزل به المثقفون ووزراؤهم ويسمونه هوية وحضارة، وفي نفس هذا الوقت ينتابني شعور بالخزي والعار والشنار كلما عدت إلى تلك السيرة المؤلمة الظلماء. أود أن أتقيأ ذاتي، وتاريخي وأتخلص من كل تلك الآلام والاحتقانات، أود أن أبصق على هذا التاريخ كما أبصق على عاهرة لم تترك أحداً على قارعة الطريق إلا ونال منها وطراً وابتغاء وزرع فيها من عهره وشبقه تذكار. أود أن أبكي لكني أضحك بمهانة وانكسار. إذ لا أدري كيف يتغزل المتغزلون بتاريخ قام على السيف والدم والاستخفاف بعقل الإنسان، وبشراذم من القتلة والسفاحين والقتلة الكبار ويسمون ذلك حضارة؟ لا مبرر للقتل وسفك الدماء تحت أي اعتبار وإلا لتساوى هذا المنطق مع منطق جماعات تورا بورا ووعاظ القتل ومنطق جورج بوش وبلير وأولمرت وبيريز وأفيغدور ليبرمان، ولكل منطقه وأسبابه وتبريراته للقتل وسفك الدماء، ولكنهم جميعًاً زملاء ورفاق وأخوة في عشق القتل وتنشق رائحة الدماء. لقد افتتحت الخلافة الراشدة التي يعتبرها البعض العصر الذهبي في التاريخ “إياه” عهدها الميمون “الذهبي” بمذبحة، ومجزرة علنية وعمليات تطهير ثقافي وديني كبرى، تسمى في توصيف وعلم اليوم جرائم ضد الإنسانية وإبادات جماعية راح ضحيتها عشرات الآلاف من الناس الذين رفضوا الدين الجديد، وهذا حقهم الطبيعي حسب القرآن، ولم يقتنعوا به كثيراً لأنهم قالوا لمحمد سابقاً ما هو إلا أساطير الأولين. والله، على حد علمنا هو من ينصر دينه ولا يستقوي بأحد وليس بحاجة لأحد كي يساعده وهو القوي الجبار العظيم. نعتقد أن القضية، بهذه الأبعاد العنفية المنفلتة والخارجة عن القانون، دخلت في الإطار والحيز القانوني والقضائي والأخلاقي ولم تعد قضية لا ثقافية ولا فكرية ولا دينية ولا إيمانية ولا حيوية منطقية، فمن شاء قليؤمن ومن شاء فليكفر “أفأنت تكرههم على ذلك؟”. من حقنا الاستخفاف وازدراء قتلة وسيافين وسفاكي وسباة وغزاة بغاة زناة جفاة طغاة حلالي دماء ارتكبوا مجازر بدم بارد ومن دون أي ضمير أو أي أخلاق. من أين ليد تنهال بوحشية على رقبة بريئة أي قدسية أو احترام واعتبار؟ ممن حقي عدم احترام، وازدراء تاريخ دموي قائم على القتل والإقصاء والإخصاء، فكما ازدري وأستخف بهتلر وموسوليني وبوش وهولاكو سأزدري وأستخف بأي سفاح عربي وقاتل وسفاك دماء وأطالب بمحاكمته أمام الله والناس وفي لاهاي، إنها وحدة المعايير التي لا تقبل الجدل أو الكلام. لماذا قتل عشرات الآلاف من الناس في الغزو البدوي الذي يسمى فتوحات وتسمى تلك المجاز مواقع خالدة كحطين واليرموك والقادسية وعمورية يتغنى بها الشعراء وتدرس للطلاب وتسمم بها عقولهم الغضة والطرية وحين يكبرون يحاولون تقليدها كما فعل صدام ثم يعدم على فعلته الشنعاء ؟ وبحساب من زهقت تلك الأرواح؟ هل من اجل الله الذي يهب الناس الحياة ثم يطلب من “كم” بدوي أن يذهبوا ويستبيحوها كي تؤمن به؟ إذا كانت تلك الدماء والأرواح التي لا تعني لوزراء الثقافة العرب ويمجدون هذه الجرائم فهي تعني لنا الكثير وتدخل في خانة القداسة العمياء، فحق الحياة والروح البشرية مقدس قداسة مطلقة لا يعلمها أولئك البدو الغزاة، وهي ليست ملكاً لأي كان يتصرف بها أو يزهقها لمجرد هلوسات ومزاعم ورغبويات وعقد وأمراض نفسية وشمولية تسلطية ما أنزل الله بها من سلطان. إن تبرير القتل هو جريمة بحد ذاته؟ أنا أستنكر وأدين جريمة قتل أي إنسان، حتى ولو كان كافراً ورفض الدخول في الإسلام، وحسابه وعقابه على الله وهذه حكته في خلق الكفار والأشرار والمؤمنين والودعاء، ولأن الله يقول في كتابه العزيز ما أنت عليهم بمسيطر؟ فلماذا يتم قتلهم إذا كان اله يريد ذلك وهو الذي خلق هذا التنوع في الحياة؟ ثم يأتي من يمجد هذا بعد ذلك ويسميه بالفتوحات التي ويحتفي بها مع وزراء ثقافة الطلقاء؟

    إن جوهر وكنه أي حضارة وأي تراث هو ما يتحواه من مضامين إنسانية وأخلاقية وما يقدمه من تجارب سامية ومثل ومبادئ عليا تقدس الإنسان وتضعه في مراتب عليا لا مراتب القطيع وفكر الجماعة التي بها يتغزلون، وكانت تلك القداسة للفرد هي السبب في تفوق الحضارة الغربية بهذا الشكل الذي يشعرون أمامه بأنهم من عصر آخر لذا يحاولون تهديمها وتقويضها وشتمها ولعنها وتصغيرها والاستخفاف بها. وما تعود به تلك “الحضارة” بالنفع على بني الإنسان، وما تخلفه من خير ورفاه وازدهار ووفرة وسعادة وحرية وطفرة ووفرة في الفنون والإبداعات. فماذا عن مليار ونصف يتصدرون، عبر التاريخ، قوائم البؤس والفقر والجهل والمرض والأمية والديكتاتورية والقمع والسلب والنهب؟ “بحساب من هؤلاء؟ هل علينا شكر تلك “الحضارة” والتغزل بها، أم الواجب الأخلاقي يقتضي وضع النقاط على الحروف، وتسليط الضوء على جوانب التعتيم والظلام؟

    لم ينته مسلسل الدم والقتل عند هذه المجزرة المروعة والهولوكوست الديني الكبير الذي أطلقوا عليه حروب الردة، أي أنهم يريدون أن يدخلوا الناس في الإسلام قسراً وبالقوة، وهذا ما حصل بالفعل، مخالفين جوهر القرآن، “أفأنت تكرههم على ذلك”، و”لا إكراه في الدين”، و”لو شاء ربك لآمن من في الأرض”…إلخ، نعم استمر مسلسل الدم فنحن في مسلسل دموي طويل Soap Opera لا ينتهي حيث قتل بعد ثلاثة خلفاء ممن يسمونهم بالعصر الذهبي والعصر الراشدي قتلاً وذبحاً كالنعاج الواحد تلو الآخر. هل يحتاج هذا القول إلى برهان، وهل هو تجن على الوقائع والحقائق والفبركة؟ ألا يدرس للطلاب في المدارس منذ نعومة أظفارهم وتشوه به عقولهم الغضة إذ لا يفهم هذا الصغير سبب كل هذا الحقد والدم والخراب؟ وبعدها انتقل مسلسل الدم إلى دمشق والقاهرة وبغداد وغرناطة كما يقولون ليسرقوا حضارات الغير وينسبوها لأنفسهم؟ ألم تحصل مجازر مروعة ذهب ضحيتها زهرات آل بيت النبي نفسه، وليس أي أناس آخرين، هل هؤلاء كفار وأعاجم وروم وفرس مجوس، وكان ذلك قبل أن يستوي الطليق ابن الطليق معاوية على العرش الأموي في الشام؟ من أين لهذا البدوي الحق في غزو الشام والتربع على عرشها لولا أنها جريمة ضد الإنسانية وغزو واحتلال تتغزل به؟ ماذا يختلف احتلا هذا الطليق لدمشق عن احتلال بوش لبغداد، ونابليون لمصر، وهتلر لأوروبا؟ هل ما زلنا تعتقد أن القضية ثقافية وفكرية أم أنها محض جنائية وأخلاقية وقانونية؟

    من أين لهم بالمعمار والفن الإسلامي والرياضيات والطب وهم الذين عاشوا في الخيام وبيوت الشعر والطين وسعف الخيل، ويتداوون بالحجامة وبول البعير؟ من أين هطلت عليهم علوم الدنيا فجأة هكذا ولماذا لم تكن موجودة في ما يسمى بجزيرة العرب؟ ؟ أشعر بالعار حين يأتي الطليق ابن الطليق معاوية بن أبي سفيان ليحارب بكل صلف وعنجهية واستحقار مدينة العلم كما سماه الرسول، وكما قال عنه الرسول علي مني وأنا منه، أي أن من حارب علياً حارب محمداً أي حارب الله، ثم ينسون كل ذلك ويقولون أن أسس الدولة العربية الأولى في التاريخ على أنقاض “الشوام” المسلوبة إرادتهم والمحتلة أرضهم، والمنتهكة حقوقهم؟ لماذا لم يؤسس حضارته في ديار الإسلام؟ من يستخف بالعقل نحن أم هم؟ من يبرر الجريمة وانتهاك القانون وتأبيد الإجرام؟ أم أن عادة لي الحقائق وتزوير التاريخ والحقيقةهي عادة متأصلة كما فعل أسلافهم البدو الغزاة الجفاة الحفاة البغاة الزناة، وزوروا تاريخاً من ألفه إلى يائه وحاولوا فرضه، وفق سرديتهم على الناس والعباد؟ هل نعرج على ذبح الحسين في مسلسل الدم الذي تتباهي به، وتعتبره ثقافة وتقيمون لها المهرجانات ويتفاخر بها وزير ثقافة طالباني على الملأ ويدعو للحفاظ عليها ويسميها ثوابت وخوالد ومقدسات؟ هل تريدني أن أسكت على جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الفتك وذبح آل البيت وجرائم العباسيين وسفاحيهم الكبار؟ من المسؤول عن حرق أعظم مكتبة في التاريخ في الاسكندرية؟ ألأيست هذه جرمية ضد الإنسانية يتغزل فيها الناس بعمر بن العاص ويسمونه فاتحاً ويسمون أسماء الشوارع والمدارس باسمه ويطلبون من الصغار تقديسه والإنساد له مع تناسي تلك الجرمية والأرواح التي زهقت عند غزو مصر؟ أين المضامين الأإنسانية والأخلاقية من أطلق اسم السفاح على أبو العباس السفاح؟ وكيف يكون سفاحاً خليفة للمسلمين في “العصر العباسي” الذي يعتبرونه أوج ما يسمى بالحضارة العربية والإسلامية ؟ من قصف المدينة والكعبة بالمنجنيق، إسرائيل وأمريكا والفرس أم البدو الغزاة أنفسهم في صراعاتهم العبثية الهوجاء؟ من ارتكب مذبحة البرامكة؟ ومن أخمد ثورة الزنج أول ثورة طبقية في الإسلام قامت ضد ممارسة العبودية والظلم والعنصرية ضد “السود” واستعبادهم واسترقاقهم بشكل حيواني مهين؟ لماذا لا يوجد نصوص صريحة تدين العبودية والاسترقاق في الثقافة التي يتغنى بها وزراء الثقافة الطالبان؟ إذا كانت تروق تلك الهوية وتلك الأفعال الشنعاء فإنها بصدق مدعاة لخجلي منها والشعور بالعار والخزي والشنار، ولا يشرفني التباهي بثقافة قامت سبي عقل الإنساني واحتقاره والاستخفاف به ومسخه وقهره من أجل فرض ثقافة الطلقاء على هذه الشعوب المنكوبة عبر ألف وأربعمائة عام. لقد كان كل هذا التذرر والانحلال والتقسيم والتشرذم بسبب المحاولة المستمرة منذ 1400 عام لفرض وجهة نظر الطلقاء على هذه الشعوب التي ترفض وجهة نظرهم ولها الحق كامل الحق في تبني رؤية ووجهة نظر لما حصل في ذلك التاريخ الدموي الذي يسمى حضارة وهوية عربية وإسلامية؟

    ما يعتقده البعض مصدر زهو ومباهاة وافتخار في الغزو والقتل واستباحة الدماء واحتلال أراضي الغير وتطويعهم بالسيف البتار، ما هو، في الحقيقة، وفي نفس الوقت، إلا مصدر شعور بالحرج والخجل والعار، من قبل كل من يقدس الفرد الإنسان، ويقدس حق الحياة، ولا يمكن أن يجد أي مبرر للقتل وسفك الدماء.

    نضال نعيسة

    أخوكم في العروبة والإسلام

    Universal Commonsense Interest Square

    إعجاب

  20. الصديق نضال
    تحية الحياة وبعد
    يمكنك ان تنشر في الموقع ماتريده بوضعه مباشرة
    فقم بالخطوات اللازمة وستجده ينشر مباشرة وربما سيرد عليه بما يستحق
    أما غير ذلك فاعذرنا

    لديك اسلوب جيد ولكن هذا لايمنع ان يكون لديك خبرة حيدة
    ليس مطلوبا منك تذكر ماتعده الماركسية والدارونية بقانون التناقض والصراع والبقاء

    للأفضل فهي مجرد آراء منافية للبرهان

    ولكنها مفيدة لكونها تقدم عقلانية سبيية معاصرة لاتعود فيها الى الملائكة والشياطين بل الى الارض والتاريخ

    اما ان تعتقد بأن احاسيسك بكراهية وتحريم الظلم القتل والظلم
    فتحتاج الى تفسير يفسر بدوره عدم تحققها تاريخيا

    في اي مكان من العالم كما تشتهي

    يعني انتقل من الخطابة والانشاء الى التفكير المنطقي وارجع الى مؤلفات تعنى بتفسير التاريخ او الف لنا تفسيرا يقنعك انت على الاقل ولا يكون مقتصرا على مجرد وصف الناس – بموجبه – بكونهم ظلمة او غير ظلمة فقط !

    بل أيضا واولا تفسر لنفسك وللقارئ لماذا اختلفوا بذلك ولماذا صاروا كذلك
    والى أن تقرأ وتتثقف وتلخص وتنتقد وتعرض للتساؤل ماكنب في ذلك وتصل الى اجابة تقنعك انت على الاقل

    الرجاء ان

    توقف عن اي كتابة مالم تصرح باسم من يدفعك الى ذلك
    فإن كان مبدأ؟ وضحه رجاءا
    وان كان جهة تمولية او عصبية فئوية او عقدة شخصية ؟ فلست مضطرا

    وان لم يكن لاهذا ولاذاك فاتعب نفسك كما تحب

    فما حك جلدك مثل ظفرك

    فالإناء ينضح بمافيه

    وان رغبت بنقلة حيوية في طريقة تفكيرك
    فانتقل من الشتم الى النقد اي اذهب الى أي وثيقة معينة تاريخيا بمصادر يمكن التحقق منها واذكرها وقل لماذا وكيف تمت وماهي قيمها وفق مرجعية توضحها
    ويمكنك الطلب من الصديق أبي حسن ماتقرأه ..فلديه جزأين من قرآن القرآن
    كل منهما كفيل بجعلك في حال فهمهما تدرك قصور ماتقدمه

    وبخاصة قياس مصالح العقد الفئوي
    ففيه شرح كامل ويدعي البرهانية ويتوسل دحضك

    إعجاب

  21. الصديق العزيز: تحية: لا أعرف على ماذا سأعذرك أولا من ناحية النشر فإذا كان موقعكم لا يحتمل أفكاري وتخاف من شلة حسب الله الأصولية لديك فهذا أمر يخصك وغير معن به، أنا أرسل لك رسائلي لأن ك على قائمتي البريدية وأنشر في مواقع عالمية وكل يوم تأتيني دعوة للنشر هنا وهناك، ثانياً لا أدري لماذا هذا الإصرار على التفكير مثلك أو مثل غيرك ولا أفهم لماذا لا تعتبر ما أقوله نقداً. أنا أقدم وجهة نظر ورؤية فيما حصل وفي تصحيح خطاب سقيم ومريض قراءات خاطئة لما حصل في حقبة ماضية وفق رؤية شخصية جد متواضعة وبسيطة. إذا كانت ذات جدوى ومهمة ةفيها جديد وجديرة بـأن تقرأ ويرد على أسئلتها فأمر جيد وستثبت ذاتها وتبقى وإن كانت لا فمصيرها إلى الزبالة ونفايات التاريخ، ولا نتكلف نفسك بالرد عليها أو مجرد التوقف عندها إذا كانت تافهة وغير مقبولة كما يتبدى ويقرأ من بين سطور رسالتك. من حقي أن أبدي رؤيتي وفق ما أرى وأحس وأشعر وألمس وأتوقع وأستسعر واستشف ولكن إذا كنت تستكثر علي هذا وتريدني أ، أفكر وأطرح وجهة نظر تريحك وتأتي على مقاس تفكيرك ومنطقك الحيوي فتلك قضية لم تعد فكرية أيضا بل أخلاقية محضة. دعني أقول ما لدي ولا تستمع له أو ابصق عليه ودسه بقدمك ولا تلتفت له، لكن من حقي أن أقول ما أفكر به حتى لو كنت معتوها وحتى لو كان هذا لا يروق لك، فإنه يروق لي على الأقل وهذا حقي الطبيعي وأرجو ألا تنكره علي كما أنكر أسلافكم على الناس إلا أن يفكروا مثل الطليق ابن الطليق معاوية ويقرؤوا التاريخ مثل ما يريده الأشاعرة بعد أن ذبحوا المعتزلة. سأستمر قي كتابة هلوساتي وهذياناتي، وطبعا وفق توصيفاتك، لكن ثق تماماً أنها تروق لكثيرين،
    علم الجمال الإسلامي آه؟؟؟ يا أسفي على العقل البدوي
    أخوكم في العروبة والإسلام

    إعجاب

  22. شوف الناس اللي بتفهم وبتقدر وبتحترم الناس وبتقدر العقل والفكر والأطروحات والإبداع .
    أما مفجأتي بك فكبيرة
    ولن أقول أكثر من ذلك؟ هل أنا مرتزق يا رائق وأكتب لناس؟
    وهل لدي قصور وعي وقصور فهم؟ سأغفر لك لأنك سليل أولئك البدو ومعجب بهم.

    إعجاب

  23. تحية إلى رائق و نعيسة
    – هناك اشارات غير مفهومة ذكرها الصديق رائق ؟
    يشير فيها لكون الصديق نعيسة يكتب لجهة أو ..الخ
    هناك التباس ما؟
    و هذا لا مبرر له , و يحتاج لتوضيح من الصديق رائق؟
    ثانياً: القضية ببساطة لكل وجهة نظر , و الحوار مشروعيته من الاختلاف, و ليس ثمة ضرورة لكي يقتنع الصديق نعيسة أو غيره من المثقفين- بالعافية- بالمنطق الحيوي و يتبنوه؟
    لنقل المنطق الحيوي بضاعة – نقدمها على أنها مفيدة
    و تستطيع زيادة حساسية القارئ تجاه ازدواجية المعايير و العنصرية
    , و نحن نعرضها للحوار و الاقتناع و النقد ..الخ
    و رحم الله أهدانا عيوبنا
    و نزعم أن الله من وراء القصد
    حمزة

    إعجاب

  24. شكرااا للك ولمجهودك

    إعجاب

  25. لمشروع الإسلامي فوق طائفي ـ إنساني
    على هامش مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية المنعقد في دمشق
    زهير سالم : مركز الشرق العربي 21/3/2010
    أعتقد أن ارتكاساً طائفياً حادا قد أصاب واقع الأمة العربية والمسلمة على المستويات الثقافية والسياسية والاجتماعية، فلم يكد ينجو منه أحد منذ الثلث الأخير من القرن العشرين، وما يزال شأن هذا الارتكاس يتعاظم حتى اليوم..
    حين نعود إلى تاريخ الحركة الإسلامية وأرشيف مؤسسيها منذ الأفغاني وعبده ورضا والبنا وسيد قطب والسباعي والمبارك لا نكاد نشتم أي ريح مبددة أو مفرقة حيث سادت المشروعَ الإسلامي المعاصر سياساتُ الدمج والضم والجمع والطي والتأليف والتوحيد..
    كل الأصوات الشاذة التي كانت تنطلق مؤسِسة أو مكرسة للفرز أو التفريق كانت تلقى الصد الحكيم والاحتواء الحازم، حيث كان شعار قادة المشروع الإسلامي المعاصر:( خذ ما راق ودع ما كدر ). حراك ذاتي كان يقوم عليه من كل فرقة أحكمهم رؤية وأكثرهم سداداً..
    لإدارة الصراع على الساحة السياسية، وآخذ سورية مثلاً، لم يكن يُطرح في مناهج جماعة الإخوان المسلمين ولا في كتابات مؤسسيها موضوع الاختلاف الديني أو المذهبي خلفية للصراع والذي يمكن أن نطلق عليه بسهولة ويسر عنوان الحراك الديمقراطي. واستمر الحراك في أبعاده السياسية والوطنية سائدا حتى منتصف السبعينات تقريبا…
    كانت تتم عمليات الفرز على الساحة الإسلامية للشخصيات العامة على أساس الولاء لمشروع الأمة في إطاره الأوسع: التحرر ـ الاستقامة ـ الموقف الأخلاقي العام. وعلى الأساس نفسه كانت تقوم القوى والأحزاب على أسس سياسية وبرامجية. دون أن ننسى أن نشير إلى بعض الملابسات وسوء الفهم كانت تشترك في صنع الموقف.
    لا ينسى أحد من الإخوان المسلمين مثلاً كلمة الدكتور محمد الفاضل في تأبين زميله الدكتور مصطفى السباعي. الكلمة التي عُدت يومها من أقوى و أرصن الكلمات. وحين جاء نبأ اغتيال الدكتور محمد الفاضل في الأحداث التي ضربت سورية في أوائل الثمانينات وضع الكثيرون أيديهم على رؤوسهم حيرة ودهشة. وما تزال الجهة التي نفذت ذلك الاغتيال موضع الريبة والشك. يؤكد بعض المطلعين على الأحداث أنه كان المقصود إبعاد رجل في مثل مكانته وعقله عن طريق مشروع العنف الثوري الذي كان يملأ الرؤوس مستنسخا من التجربة الستالينية.
    في خمسينات القرن الماضي وصل إلى سورية الداعية الإيراني (نواب الصفوي)، واستقبله الدكتور مصطفى السباعي، كما استقبله ثلة من رجال الفكر والدعوة الإسلامية في سورية، وقدموه في المجامع واستمعوا إليه خطيباً ومحاضراً ومتحدثاً، وجمعوا له الكثير من الجماهير ليخطب فيها.. ودخل به الدكتور السباعي رحمه الله على الشيشكلي الذي كان رئيس الجمهورية يومها وطلب منه أن يستمع إليه..
    في الستينات والسبعينات، كان كتاب العلامة باقر الصدر (اقتصادنا) واحداً من كتب المنهج في جماعة الإخوان المسلمين، وكان كتاب (فلسفتنا) يُقرأ لدى المثقفين من أبناء الجماعة. وبالتوازي قام السيد خامنئي ( مرشد الثورة الإسلامية اليوم ) من قبل بترجمة كتاب هذا الدين لسيد قطب إلى الفارسية. يقول أحد قادة الدولة في إيران في جمع حاشد نحن تربينا على كتب جماعة الإخوان المسلمين: البنا وقطب والسباعي..
    عندما انتصرت الثورة (الإسلامية) في إيران، وأعلم الآن أنني عندما أقول (الإسلامية) سأواجه بالاعتراض من قاعدة عريضة من المسلمين!! كان موقف جماعة الإخوان الإخوان المسلمين في التنظيم العام كما في التنظيم القطري في سورية موقفاً مؤيداً وداعماً، وعُد انتصار الخميني انتصاراً للمشروع الإسلامي في إطاره العام..
    كل هذه الحقائق تاريخ لا يستطيع أن يجادل فيه أحد. الجدال يقع فيما وقع بعد. في المأزق الطائفي الذي تعيشه الأمة اليوم، وهو مأزق حاد وخانق ومدمر، مأزق لا يمكن الخروج منه بمؤتمرات خطابية للتقريب، ولا يمكن الخروج منه بأن يلقي كل فريق العبء على الآخر بطريقة اتهامية أو استعلائية..
    وهذا المأزق كما هو خانق ومدمر لمشروع الأمة أجمع فهو أكثر تدميراً ونقضاً لمشروع (الحركة الإسلامية) في إطاريه الخاص والعام. وأشد المتضررين من هذا المشروع الطائفي، هو المشروع الإسلامي وحملته، المشروع الإسلامي هو حامل الرسالة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) يجدون أنفسهم فجأة في خندق مترب يحاصرهم فقهه وأفقه وكلاهما في الضيق سواء.
    بسذاجة بالغة يتساءل صاحب المشروع الطائفي على لسان شيطان: هل يستطيع ربك أن يحشر الدنيا في البندقة؟! هذا أخو ذاك، سذاجةً وشيطنةً على السواء. وحين أؤكد أن الإسلام ومشروعه هو فوق طائفي بالمطلق فإن هذه الحقيقة إنما توازي قول القائل كرة الأرض أكبر من حبة البندق، ومثل هذه الحقائق لا يمكن أن تكون موضع نزاع إلا عند السذج والشياطين. حقيقة واقعة لا يلغيها ما بدأنا الحديث به من ارتكاس عام في خنادق الطائفية المتربة تصيب مجموع أبناء الأمة بلا تمييز.
    ولقد تبدى هذا الحصار للمشروع الإسلامي واضحا في التجربة العراقية القريبة منا في الزمان والمكان.
    اضطرارا وجد العديد من القيادات الإسلامية في العراق مخرجهم في الانضواء في سياق علماني يفرج عنهم بعض أسوار الحصار الخانق الذي فرضته عليهم الحالة الطائفية التي لم يكونوا من جناتها ولكنهم كانوا من حطامها ووقودها.
    في مواجهة حالة مثل الحالة العراقية تسمع العديد يصرحون أو يؤكدون: العلمانية هي الحل. يردف بعض قادة المقاومة العراقية: نريد نظاماً يحترم الإسلام. لا نعتقد أن هذه النتائج لولا المقدمات الخاطئة موضع رضى أو تسليم. ولم يضرب حملة المشروع الإسلامي بجذورهم في الأرض، ولم يدفعوا التضحيات الجسام لينتهوا إلى نهاية مثل التي نتحدث عنها. ولا أعتقد أن الدعوة إلى المراجعة التي نتوجه بها إلى الجميع تأتي متأخرة..
    ـ دعوة إلى العودة بالمشروع الإسلامي إلى منطلقه الأول مشروع: للضم والجمع والتوحيد. ونحن نعتقد أن علماء الإسلام على مر العصور هم حملة المشروع الإسلامي الحق لم تكن تنقصهم المعرفة بأحوال المخالفين والمختلفين.
    افتح كتاب (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) للإمام أبي الحسن الأشعري المتوفي سنة 324، وهو الإمام في العقيدة لأكثر من نصف المسلمين، تجده يقول في مقدمة كتابه ذاك: (اختلف الناس بعد نبيهم، صلى الله عليه وسلم، في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم بعضاً، وبَرِئ بعضهم من بعض فصاروا فرقاً متباينين وأحزاباً متشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم..) ثم يورد رحمه الله من أقاويل أهل الفرق ما تشيب لبعضه نواصي الولدان..
    إذاً لم يؤت حملة مشروع الأمة المستوعِب والمنفتح، كما يزين البعض اليوم من نقص معرفي، وإنما قام مشروعهم في الأصل على الاحتواء والدمج والطي وعلى أن البحر الأعظم يذوب فيه ما يُحمل إليه. تقمصُ روحية البحر اللجي هي حال نفسي إذا فارقت تحول البحر إلى بركة لزجة موحلة وربما منتنة أيضا..
    وروح التعصب التي قد تظهر وتنتشر وتسود لا تقابل بمثلها. فأنت لا تطفئ النار بإمدادها بالمزيد من الوقود. وكما اعتمد علماء الأمة في أصول فقهها أصلا لسد الذرائع، نجدنا اليوم نحتاج إلى اصل إضافي في إسقاطها. نريد لحملة المشروع الإسلامي أن يسقطوا من حساباتهم أنهم مدعوون للتعصب ما دام كل من حولهم متعصبا، فما هكذا تورد يا سعد الإبل، و يظل الشرب من نهر الجنون على طريقة توفيق الحكيم هي الجنون بعينه.
    تتجسد الحالة فوق الطائفية أولا في نفسية فوق طائفية: الأصل الذي تتبعه الفروع، والمعصم الذي يحتوي الكف والأصابع، وهارون الرشيد يقول للسحابة أمطري حيث شئت، والنفسية فوق الطائفية تنتج تفكيرا فوق طائفي، ومشروعاً فوق طائفي، وممارسة فوق طائفية. والحالة فوق طائفية على المستوى الآخر هو شعور الفرع بالانتماء إلى الأصل، وتجاوز دواعي النقمة إن وجدت، والبناء على حقيقة الشراكة التاريخية الجبرية إن صح التعبير.
    وإنه لمن المؤسف أنه بينما كانت الحركة الإسلامية في مطلع القرن العشرين ترود لمشروعها الإسلامي الحضاري آفاقه الإنسانية الحضارية العليا وبينما كان سيد قطب رحمه الله تعالى يكتب ( السلام العالمي والإسلام )، وكان الدكتور محمد المبارك في جامعة دمشق يدرس كتابه ( نحو إنسانية سعيدة )؛ تجد الأمة نفسها محاصرة في قوس مشروع طائفي بغيض يفتت صفها، ويقزم رسالتها، ويضرب عليها الذلة والمسكنة أفانين.
    أسهل شيء فيما نحن فيه أن نتقاذف الكرة، أو أن نستمتع بنعومة خيوط الشرنقة الحريرية، لعلها تبرد بعض الحرور عن جلودنا، أو أن يصر بعضنا على ادعاء البراءة والتسامي، أو أن يصر البعض على أن هذه اليد شلاء، وأن اليد الشلاء ليست منا..
    المستنقع آسن، ورائحته تزكم الأنوف، تسوء الصديق وترضي العدا، والحل في المراجعة الأولية للموقف النفسي وللمعطى الفكري، وللمشروع السياسي، والخيار: نخرج من هذا أو نختنق، وأول ما يواجه بهذه الحقيقة حملة المشروع الإسلامي ليس لأنهم، كما يزعم البعض الأكثر انغماسا في المشروع الطائفي، بل لأنهم الأليق بقوله تعالى (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا).

    إعجاب

  26. الصديق زهير يعبر عن موقف ومصالح حيوية واضحة في مداخلته أعلاه
    ولكن السؤال سيبقى هو كيف يمكن ان يستمع اليه احد من ضحايا العنف الدموي الذي ابتلي به الاخوان المسلمون ..في سوريا وغيرها ولانقصد بهم – فقط – من قتل على يد الاخوان وبدعم اردني عراقي موثق .. لاناس ليسوا في موقع السلطة..؟ بل لمجرد امكانية تكفيرهم بصفهم : علويين او نصيريين او بعثيين ..؟
    ولكن نقصد أيضا أولئك الضحايا ممن وين لهم ان قتل الناس على الهوية الطائفية هو طريق الجنة أي ان الضحايا تشمل حتى من المشاركين في هذا العنف وبعضهم قتل أو سجن او نفي هو احد من اسرته بسببه وكثير منهم مايزال يعاني الأمرين ..؟
    ترى أليس من حق هؤلاء الضحايا على الحركان التي ورطتهم ان يساألوها اتشرح لهم : ا لماذا كانت المصالح الحيوية التي يعرضها – أعلاه – الصديق زهير سالم مغيبة ؟
    ولماذا لم يدخل الصديق زهير نفسه – الى الآن – في اي حوار شفاف حول تلك المرجلة ورفض ذلك بحجة كونه نميمة ؟؟

    مدرسة دمشق المنطق الحيوي لم تشارك في هذا المؤتمر لتقيريب المذاهب الذي عقد في سوريا .؟ ولا في غيره مم ايعقد في الدوحة وطهران .. لسبب يتعدى كونها لم تدعى اليه وهو ان مثل هذه المؤتمرات هي حغلات تنكرية للمجاملة والتكاذب الموجه لغايات وآفاق أقل مايقال فيها كونها متخلفة عن البداهة الكونية للمصالح المشتركة
    ومالم يكن الحوار على أساس منطقي بدهي برهاني كوني فان النتائج مجرد زبد لايمكث في الآرض

    المطلوب ليس تقريب المذاهب بل تقريب المنطق الحيوي للحوار ومذاكرته والتذكير به قولا وعملا ..
    فما رأيكم دام فضلكم ؟

    إعجاب

أضف تعليق